نظرت إلى أخر شعاع ألقته شمس المغيب على أمواج البحر الهادئة ، تلاحقت دقات قلبها ، وارتجفت خصلات شعرها، ثم ما لبثت أن وقفت مستديرة إلى حيث أحلامها وآمالها ، كم تؤلم نفسها تلك اللحظات الوداعية ، فهي تكره كلمة تدعى الوداع ، تمقتها لا تحتمل ان تعيش لحظاتها ، وضعت يدها على قلبها ومضت تشق طريقها في هذه الحياة ، رجعت إلى أوراقها وأقلامها لتداعب ما تبقى من مرح الطفولة بداخلها إن كان قد تبقى منه شيء ، لن تعلن هذه المرة أنها تعيسة أو أن لا حظ لها في هذه الحياة ، وإنما ستكتفي أن تهمس في نفسها :
"هيا لا تستسلمي ، انهضي ودافعي عن كبريائك لا تتركيه يقتل ذاك الطفل البريء فيك لا تتركيه يكسر هيجان نفسك الطموح صحيح أنني أخطأت لكن هل يا ترى سيحاكمني لأجل هذا الخطأ طيلة حياتي ؟! وسيقلب أحلامي إلى كوابيس ؟! وآمالي إلى آلام وهموم ، هل سيعيرني به ما تبقى من عمري ؟!.. لا ...لا أحتمل أن أعيش في هذا الجحيم لحظة واحدة يكفي ما جرى ".
ألقت بقلمها المسكين على تلك الورقة البريئة التي احتملت كلماتها وآهاتها مرارا بعد أن أغرقتها بفيض دموعها..
" آه إنها ضعيفة هذه التي تسكن جوارحي " رددت في نفسها ، ثم أخذت قصاصة ورقة بالية كتب عليها رقم هاتفه ودون وعي منها ضغطت على الأرقام ... أخذت نفساً عميقاً
" ألو .. خلاص أرجو أن تنهي هذه العلاقة ".
أتاها الصوت مستغربا لكن لماذا ؟!!
ردت : "أرجوك احترم قراري "
ثم وضعت السماعة وبالجانب الآخر لا تزال علامات الإستغراب تغزو ملامح وجهه وصدى كلماتها الأخيرة لم تبارح أذنه !.
لماذا تريد أن تنهي كل شيء ؟! ماذا فعلت ؟! وماالذي جرى ؟! أسئلة كثيرة تولدت في ذهنه لا يدري أي إجابة تشفيها فهو يظن أنه لم يفعل ما يغضبها أو يمس كبرياءها !
"ترى هل سيحترم هذه المرة قراري"
سؤال أخير دار في مخيلتها ، وهي تراقب الإحمرار الداكن الذي احتضن السماء لتعانق هدوء البحر والشفق القادم من الغرب .

_________________