هل نملك العزيمة مثلها ؟؟

    • هل نملك العزيمة مثلها ؟؟

      نعم كانت من اللواتي يشار إليهن بالبنان من شدة تمسكها بدينها وأخلاقها الرفيعة فلم تكن تـُعرف بين قريناتها في المدرسة إلا بــ ( رابعة ) إشارة إلى رابعة العدوية وقبل الاختبارات النهائية بمدرستها الثانوية التي لم يتبقى عليها إلا اسبوعاً واحد قال القدر كلمته وخطف ريب المنون منها الأب الحنون الذي كانت تبكي على صدره كلما ألم بها ضيق وتمتد تلك الأيادي الطاهرة لتمسح عنها دمعتها ولكن دوام الحال من المحال مخلفاً وراءه أرملة وثلاث بنات هي أكبرهما .
      كان من عادته أن يودعهن إلى خارج الباب كل صباح ويقبّلن يده ويد والدتهن قبل ان يغادرن البيت وذلك من شدة تعلقهم ببعضهم البعض ومن حسن التربية وبر الوالدين .
      لم تمضي إلا ثلاث حصص عندما جاء أحد أقربائهن يأخذهن من المدرسة بحجة أن والدهن مريض وطلب أن يراهن ، وما أن وصلت إلى البيت وعرفت الحقيقة المـُرة حتى سقطت مغشي عليها ودخلت في غيبوبة من قوة الصدمة بعدما عرفت أنه فارق الحياة إثر سكته قلبية داهمته بعدما ان خرجت هي وأختيها إلى المدرسة وبعد ان عادت إلى وعيها تذكرت والدها وهو يردد قوله حينما كانوا جلوس في الدهليز أمام غرفتي البيت اللتان يكادا يضيقان بمحتوياتهم وكانت الظلمة تلف المكان الذي لا يصل إليه ضوء ذلك السراج التقليدي المصنوع من علبة عصير فارغة وفي بطنه حبل يخيل إليك إنه الحبل السري ومعمم بتلك العمامة المصنوعة من التمر وكأنه قاضي جلس على كرسي القضاء يرفع الظلم عمن وقع عليه وهو يقول لبناته وأمهن زهرة سوف تتفوق في دراستها وتحمل عني هم المعيشة وسوف تخرجكم من وحل الفقر ونصبح مدينين لها بهذا الفضل .
      جمعت شتاتها وانضوت إلى إحدى زوايا البيت وكان يعتصرها همان هم الفراق وهم تحقيق الأمنية ، قلبّت كتبها وكراساتها واسترجعت ما تبقى في ذاكرتها من معلومات وكانت كل يوم تكون أشد حزن من التي سبقتها من شدة خوفها من النتيجة برغم ثقتها من إجابتها ، ومعتمدة على ربها وتردد (( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)) .
      أخذت الأيام تتسارع وخفقان قلبها يتسارع متزامناً مع سرعة تلك الأيام وفجأة تقرا في إحدى الصحف إعلان يشير إلى أن ظهور النتائج سوف يكون يوم غد ، شعرت وكأنها تصّعد في السماء من كثر ما ضاق صدرها وأحست بأن قلبها سوف يكسر أضلعها وبالليل حاولت أن تنام ولكن هيهات هيهات فقد عاد مشهد والدها يتكرر لها كلما أطبقت أجفانها وما هي إلا سويعات حتى نادى المؤذن لصلاة الفجر توضأت وصّلت وكعادتها دبر كل صلاة ترفع كفيها إلى السماء سائلة الغفار أن يغفر لوالدها مستذكره قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلى من ثلاث علماً يُنتفع به أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له )) ولا تنسى أبداً ان تدعو القادر قبل ان تغادر مقامها أن يوفقها بالنجاح وهي واثقة من الإجابة استناداً لقوله تعالى (( قل أدعوني استجب لكم )) .
      خرجت من البيت برفقة إحدى أخواتها إلى المكتبة المتواضعة القريبة من البيت وجلست تترقب وصول الجريدة لعلها تحصل على نسخة قبل نفاد الكمية لكثرة طالبيها تلك اليوم وكانت أعين الجميع ترقب الشارع وكأنهم لجنة ثبوت هلال شهر رمضان ولاح في الأفق السيارة المتعارف عليها التي تحمل الجرائد إلى تلك المكتبة وما ان وصلت السيارة حتى تكالب الناس عليها كما تتكالب الأكلة على قصعتها وكانت لا تفتر عن الدعاء وفي مخيلتها قصة موسى عليه السلام مع ابنتي شعيب عليه السلام وتسأل الله أن يسخر لها من يخدمها كما فعل موسى .
      عمل صاحب المكتبة المستحيل لكي يحصل على نسخة واحدة وبتوفيق من الله حصل عليها واتجه إلى زهرة ليسلمها نسختها إكراما لحيائها . طارت من شدة الفرحة عندما حصلت على نسختها واشتدت فرحتها عندما رأت اسمها من ضمن مرتبة الأوائل فهرعت مسرعة إلى البيت لتبشر أمها وقد أنستها فرحتها وقارها ورزانتها ولم تشعر إلا وهي داخل البيت تصرخ بأعلى صوتها منادية أمها لكي تبشرها بنجاحها وتفوقها و افترشت تلك الجريدة وأعين الجميع تتحدر منها دموع الفرح وأحست بأن حلم والدها سوف يتحقق .
    • اخي الكاتب .. رااائع جداً وتستحق منا كل التحية ..


      النص .. يحتاج إلى قراءة أكثر .. ونرجو من الأخوة ، أن يطوف بين أسطر هذه القصة ، لنعلم ماهي الحقيقة فيها .. علّنا نتعلّم منها الكثيرة .. وهل هي تصلح كنص قصصي أم أنها مجرد جُمل من المواعظ والارشادات ، يجب اتباعها في سبيل الحياة والأمان .

      وتحياتي .
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!