الحقيقة

    • هاهيه ارويها لكم على لسان الشابهذه القصه هي قصه حقيقيهالقصة التيسأرويها لكم حقيقة و انتهت أحداثها منذ أيام معدود. منذ حوالي بضع و ثلاثين يوما،حاولت بنت أن تتقرب مني و تتصل بي، فصددتها. حاولت مرارا و تكرارا، و لكنها لم تلقىمني سوى الصد و الدفع. و بعد شهر من محاولاتها البائسة البائدة بالفشل، اتصل بي رجل ....في الأربعينيات من العمر، و قال لي أنه يعتذر عما بدر منه و أنه هو الذي كانيتصل من قبل و يحاول أن ...ينتحل شخصية فتاة، و قال لي أنه واقع في مشكلة و بحاجةللمساعدة.

      فوعدته بأن أساعده و أن أستمع لمشكلته، لكن عليه أن يجيب علىسؤالين أولا. السؤال الأول، لماذا حاولبداية أن ينتحل شخصية فتاة؟ فقال أنهكان يظن أنه سيستدرجني لمساعدته باعتباره فتاة و أني سأصده إن علمت أنه رجل. عندهاسألته السؤال الثاني، فقلت له : لماذا اخترتني أنا لأساعدك و أنا أصلا لا أعرفك ولا ..أنت تعرفني! ؟ قال، سمعتك تتكلم في محافل عدة من قبل و أعجبني فيك إخلاصك وصدقك و علمك و فهمك.
      تعجبت من هذه الإجابة، لأني أعرف نفسي، و أعرف أن بضاعتي منالعلم الشرعي قليلة جدا، و أعرف أن هناك الكثير ممن هم خير مني لتقديم النصح، ولكني لم أشأ أن أخوض معه في مسائل جانبية، فقررت أن أستمع لمشكلته و إن كان بوسعيأن أساعده ساعدته، و إن لم يكن وجهته لحيث يستطيعون مساعدته. وقلت له، هات ما عندك.

      فقال . . . أنا رجل انتكست في ديني من بعد هداية، و ابتليت في خلقي من بعدرشاد، فانحدر مستواي الخلقي لأن انغمست في ممارسة أمور شائنة مع بنت ما. . . (لمتصل هذه الأمور لحد الزنى على حد علمي ) ، و بدأتحياتي تتدهور، و فقدتديني شيئا فشيئا، بعد أن كنت طالبا للشهادة، أصبحت طالبا للمتعة الرخيصة التي لاتدوم سوى سويعات... بل دقائق. و الآن أحاول التوبة، و البنت التي كانتالسبب في ضياعي تهددني بأنتفضحني و تنشر صوري في وضعيات مشينة، ستنشرها فيالإنترنت و تهدم حياتي و تشوه صورتي فيبلدي و عندي أهلي و عشيرتي، بل وهددتني بأن ترسل علي من يؤذيني أو يؤذي أهلي إن لم أستمر معهافي الرذيلة. فماذا أفعل ؟ أريد منك النصيحة فقط.

      ففكرت في قصته... و تدبرتها قليلاقلت : هل ستؤذيك بشيء لم يكتبه الله لك ؟قال : لا.

      قلت : هل تخاف شيئا أو إنسا أو جنا و الله معك ؟قال : لا.

      قلت : هل اللهيخذل التائب؟قال : لا.

      قلت : هل تخاف في الله لومة لائم ؟قال : لا.

      قلت : إذا فتب لربك و ما عليك من وعيدها، فوعيد الله لمنلا يتوب أكبر، و ما من أذى يقع عليك منها إلا وقد كتبه الله عليك، فإن لميكتبه الله عليك، فلن تستطيع هي أن تغير حرفا مما كتب في قدرك، و إن قدر الله لكأن تؤذى على يدها فاصبر و احتسب و لا تخف في الله لومة لائم. و لعل ما قدتلقاه من الأذى كفارة لما بدرعنك، فياليتني أجد وسيلة أدفع بها ثمن ذنوبيفي حياتي، فذلك أسهل من دفع ثمن الذنوب في نار جهنم.

      فتوكل على الله و احسمأمرك و تب إليه و اتركها تنبح كما تشاء.

      فبكى ، و قال بارك الله فيك، هذاما كنت أبحث عنه.

      بالأمس جاءني خبر وفاة ذلك الرجل، توفي بعد توبته بيوم فيحادث سيارة. بكيت حين سمعت الخبر. لم أبكلأني حزنت على صديق، فلم أكن أعرفالرجل أصلا. بكيت على حال الإنسان، يهرب من غفران ربه إلىمعصيته، و اللهيمهله و يرأف بحاله و يعطيه فرصا لا تعد للتوبة، فلا يستأثر بهذه الفرص إلى ذو حظعظيم.

      هذا الرجل الذي تاب كان يحاول الاتصال بي لمدة شهر، لكن نيته لم تكنصافية، و كان يلتف و يحاولانتحال شخصية فتاة ظنا منه أن ذلك سيقربه منالعثور على حل للمشكلة فباءت محاولاته بالفشل لأن نيته لمتكن صافية، ثمقرر أن يصفي نيته و يعترف بأنه رجل يطلب المساعدة، عندها حصل الكلام بيني و بينه، وبعدها بأيام، رفع ملك الموت روح الرجل من الأرض إلى بارئ تلك النفس. و كأنالله شاء له أن تمتد حياتهحتى يجد من يعينه على التوبة و يشد من أزره. امتدت حياة ذلك الرجل لبضع و أربعين عام، كانت خواتيمهاضلال في ضلال، و ماتاب إلا قبل الموت بسويعات. كم منا تمر به فرص التوبة... و يعرض عنها؟ كم منايسهل الله له طريق الهداية، فيختار هو طريق الضلال؟علمتني هذهالقصة الكثير الكثير. علمتني عبر لها صلة بالمتوفى – رحمة الله عليه – و عبر لهاصلة بي. ما كنت لأظن أن نصيحتي له ستنقذه من الموت و هو في بحور الرذيلة. عندما كنتأكلمه و أنصحه، كنت أظنأنه ساذج لأنه يطلب العون من شخص مثلي لا علم شرعي لديهو لا مكانة و لا صفة رسمية. و بعد أن علمت ..وقع أثر نصيحتي له على حياته و مماته،أدركت معنى كلمة "لا تحقرن من المعروف شيئا".

      في الحقيقة، الأفكار تتزاحم وتتصادم في مخيخي، و ليس بوسعي أن أمتلك صفاء الذهن الكافي لأستخلص ...
      كل العبرالتي في هذه القصة و أخطها لكم. لعل العبر في ذهني، لكن الوضع النفسي يحجبني عنصياغتها.. في جمل. لذلك، استخدمت اللحيظات القليلة من الهدوء العاطفي التي أتمتعبها من حين لحين لكي أسرد عليكم هذه القصة...

      و أترك صياغة العبر لكمأحبتي