ام الجماجم وحب في المقابر( الحلقه الثانيه والثالثه)

    • ام الجماجم وحب في المقابر( الحلقه الثانيه والثالثه)


      ---------------------------------(
      الحلقة الثّانية )-----------------



      وعندما عاد الىالناصرة رأى نفس المراة تجلس على احد مواقف الباصات...اقترب منها واراد ان يحدثهالكنه كان خائفا من ان تكون هذه المحجبة التي يراها امرأة اخرى ...فكيف يميز ان كانتهي ام شبيهه بها ...وبحركة غير متوقعة اقتربت ذات الخمار الاسود من شباكالسيارة..
      -
      وقالت: ليش اتاخرت يا فارس ...انا بستناك من ساعة ونص...؟صعدتالى السيارة واغلقت الباب ...وهي ما زالت تعاتبه على تاخره وكانها على موعد مسبقمعه...بقي فارس صامتا وعلامات الاندهاش والتعجب تظهر على وجهه والحيرة تعتصره لانهلم يفهم شيئا مما يدور حوله.

      -
      فقالت له :وصلني لحيفا .

      -
      ضحك فارسوقال :بتؤمري بوصلك لحيفا ولوين ما بدك ..بس قولي لي يا....

      -
      قاطعته وقالت : ياسمين اسمي ياسمين ، ناديني ياسمين .

      -
      فقال : ياسمين قولي لي عن جد كنتبتستنيني ولا بتمزحي؟

      -
      فقالت: آه انا كنت بستناك ...انت شو مفكرني كنت بسويهون.. بستنا واحد تاني ...على العموم اذا ما بدك تشوفني بنزل هون.

      فتحتالباب وهمت بالنزول ، لولا انه اعتذر لها

      -
      وقال : انا بدي اشوفك..بس مششايف اشي منك غير هالسواد !؟

      -
      فردت عليه غاضبة وقالت: مش مصدقني ...؟ قلتالّك انا حلوة.. اقسم بحيات ستي اني حلوة وراح تشوفني في الوقت المناسب.

      -
      رد عليها فارس بصوت غلب عليه الحزن واليأس وقال: ياسمين قولي لي ..هل انت انسانةانا بعرفها وحابة تمزح معي من ورا هالخمار ولأ فيّ حدا مسلطك عليّ علشانتجنينيني.

      -
      قالت: لا..انا ما بعرفك وما في حدا سلطّني عليك ..بس من اللحظةالاولى الّي شفتك فيها صرت قدرك..وبعدها عرفت عنك كل اشي.

      -
      وقال لها : شوقصدك ...؟!

      -
      قاطعته وقالت له :لقد وصلت وعليّ ان اذهب.

      غادرت "ياسمين " الغامضة وبدات تسير بالشارع حتى اختفت بين الزحام.. وعيون فارس لم تعدتستطيع ملاحقتها فاخذ بالضحك مستسخفا مما يحدث وقد اتخذ قرارا ان لا يفكر في هذهالمرأة الغامضة التي تود فقط ان تثير فضوله في لعبة ذكية ..فلا بد ان يكون منورائها احد ..وعاد الى عمله ليشغل نفسه ولكنه فشل في ان يطرد خيالها من مخيلته واخذيسأل نفسه: ما الذي يشدني الى هذه المقنعة السوداء؟ هل هو الفضول ام ان اسلوبهاالمثير قد اثر بي؟شقت السيارة طريقها من جديد الى الناصرة وما ان وصل فارسحتى بدإ يقوم باتصالاته لترتيب عدة مواعيد لعمله ...بدل التفكير بسخافة هذه المرأةوما ان مرت عدة ساعات واقترب الوقت من منتصف الليل وقرر العودة الى البيت حتى فوجىءبالمرأة "صاحبة الخمار الاسود " تشير بيدها له ليتوقف ...دق قلب فارس بسرعة واصابهشعور غريب لم يعرفه من قبل ...شعور ممزوج بخوف رهيب من المستقبل ...وسعادة لرؤيتها ..توقف واقتربت المرأة من السيارة وفتحت الباب ورمت بجسدها الملفوف بالسواد علىالكرسيوقالت :فارس ممكن توصلني لبئر السبع ؟لم يستطع فارس الاجابةبل وجد نفسه يسير في الطريق المؤدية الى بئر السبع دون ان يجادل او يأبه اذ كانعليه العودة الى البيت اواذا كان احدهم بانتظاره ...خيم الصمت لدقائق طويلة عليهماكانت كانها سنوات ...لم يتكلم احدهما.. نظر فارس الى المرأة بعد ان استجمع جملةواحدة بعد الذهول الذي اصابه وقال
      -:
      ياسمين انا في حياتي كلها ما عرفت شو هوالحب ...ومش مهم مين بتكوني او مين انتِ ...انا بصراحة حبيتك من اول مرة سمعت صوتكفيها ..ما شفتك وبعرفش مين بتكوني...بس لاول مرة في حياتي بشعر اني مهزوم ، ايوهانا مهزوم بحبك .

      -
      وقالت له ساخرة :بعدك ما شفتني وحبيتني ..الله يساعدكلما تشوفني شو راح يصير فيك...

      -
      فقال فارس: راح احبك اكثر ..

      -
      فقالت: بصراحة انا كمان مفكرة اني أحبك ..وخاصة اني قدرك يا ...

      -
      قاطعها فارس وقال : ياسمين عن جد انت مصدقة شو بحكي ؟

      -
      فقالت: آه يا فارس مصدقتك .. ما اناقلت لك من اللحظة الاولى اني انا قدرك .

      -
      فقال :ياسمين مين انت ؟

      -
      فقالت : ما تسال راح تعرف لحالك مين بكون ...

      وفي هذه الاثناء مرت السيارةمن امام حاجز للشرطة كان بجانب الشارع السريع بين تل ابيب وبئر السبع واشار الشرطيالى سيارة فارس بالتوقف لتجاوزه السرعة...استجاب فارس للنداء وتوقف بجانب الطريقواقترب من النافذة شرطي وطلب من فارس اوراقه الخاصة "الرخصة والتامين ورخصة السيارة " وهّم فارس في اعطاء الاوراق الى الشرطي ..وفي تلك الاثناء طلبت منه ياسمين ان لايستجيب لطلب الشرطي وان يسير بسرعة ...سار فارس وهو لا يأبه بعواقب ما فعل معالشرطة ...واخذت ياسمين تضحك ولكن ما هي الا لحظات حتى كانت عدة سيارات شرطة تطاردسيارة فارس وتنادي عليه بان يتوقف على يمين الطريق ...وجد فارس نفسه في ورطة كبيرةوتوقف رغم ان ياسمين طلبت منه ان لا يهتم بهم .. ونعتها بالجنون وقال لها :انتمجنونة فعلا ..مجنونة وبدك تقتلينا .

      احاطت الشرطة بالسيارة بعد ان توقفتواقترب الضابط منها وعلى وجهه علامات الغضب ...وما ان اقترب حتى بادرته ياسمينقائلة :ماذا تريد؟بدت علامات الذهول على وجه الشرطي وقال :لا شيء ...لا شيء ..!

      -
      فقالت له :اذن ابتعد من هنا !!

      ابتعد الشرطي وصعد الى السيارةالعسكرية دون ان يكلم احدا ...ويبدو ان احد افراد الشرطة اصابه الفضول فاقترب منالسيارة هو الاخر ...ولكن ما ان راى ياسمين حتى ابتعد هو الآخر مسرعا وكأن كل منهماقد راى "رئيس دولة" او شيئا مهما او شيئا غريبا ...وبسرعة ادار فارس راسه باتجاهياسمين وراها تحمل بيدها "جمجمة " وراى شعاعا احمر باهتا سرعان ما اختفى ، فحركفارس عينيه من تاثير الشعاع واخذ يفحص بعينيه من اين مصدره ، وهو متاكد من انه رآهينبعث من تحت النقاب الاسود ...اكمل فارس سيره مذهولا وهو يفكر بما حدث ، وهل انمنظر النقاب هو ما اخاف الشرطة ؟ ام ان الجمجمة ؟ ام ان هناك شيئا اخر ؟ لم يخف علىالمرأة ذات النقاب خوف وذهول فارس فقد كان ذلك باديا على وجهه وعلى حركات يديه وعلىاشعاله السيجارة تلو الاخرى بنهم .

      -
      قالت له :شو فيّ يا فارس ..فّي اشي؟

      -
      فقال: اللي صارمع الشرطة غريب..؟

      -
      فقالت :وما هو الغريب فيالامر ان تسال الشرطي ماذا يريد ...فيقولون لك لا شيء ..هذا يحدث مئة مرة في اليومولكن انت مرهق وانا السبب في ذلك ...اسفة ، اسفة يا حبيبي ما كان يجب ان اجعلك تقودهذه المسافة الطويلة ...

      وصلت السيارة مدينة بئر السبع وهناك طلبت منه السيرفي طريق جانبية ، سار بها فارس اكثر من ساعة ليدب الرعب في قلبه ويزداد الخوف اكثرواكثر كلما اوغل في الطريق وكان هذا الطريق في عزلة عن العالم فلا شيء امامه او علىجنبات السيارة سوى الصحراء المظلمة والكتلة السوداء التي تجلس بجانبه واصوات عواءالذئاب يملأ المكان وتزيده رهبة ...تنهدت المراة الغامضةوقالت : اوقفالسيارة ..ها قد وصلنا .

      اوقف فارس السيارة وهو لا يرى شيئا يدل على عنوان .

      -
      فقال فارس وعلامات الذهول بادية على وجهه :الى اين اني لا ارى سوىالصحراء المظلمة؟ الى اين هل تمزحين ؟

      -
      قالت :كلا انا لا امزح سنسير علىالاقدام وبعد دقائق سنصل ...

      -
      قال :على الاقدام هل انت مجنونة ؟

      -
      قالت :هل انت خائف ؟

      -
      قال :نعم انا خائف ، وهل يوجد عاقل يوافق على السيرفي هذه الاماكن ولو عدة امتار ؟

      -
      قالت :لا مكان للحب والخوف معا اما انيقضي الحب على الخوف واما العكس فان اردت ان ازيل الخمار لتراني فتعال معي ، واعدكبانك ستسعد طوال حياتك .

      -
      قال :وما ادراني ماذا سيكون تحت هذا الخمار؟

      -
      قالت :تعال وستعرف بنفسك ...!!

      -
      قال :اني خائف ...

      -
      قالت :اني ذاهبة وانت عد من حيث اتيت ان استطعت او الحق بي ، ولكن بسرعة ولا تتأخرحتى لا تتوه في هذه الصحراء طوال حياتك .

      ]----------------( الحلقة الثالثة )----------------




      وسارت تشقطريقها في الظلام وفي عتمة الصحراء ، وكلما سارت خطوة شعر فارس بان روحه تبتعد عنجسده ...واختفت ياسمين المرأة الغامضة ...ود فارس لو انه يقفز من السيارة ليلحق بهاولكن الخوف كان يمنعه ...فهو لا يعي حقيقة ما يجري وسرعان ما افاق فارس من ذهولهليشعر بخوف كبير ممزوج بالحزن والآسى والاحباط خوفا من هذه المرأة الغامضة التيتعلقت روحه بها بصورة غريبة وبقوة لم يعهده من قبل ...وخوفه ان لا تعود من جديد وانلا يراها على الرغم من انه لم يرها فعلا ...لم يعرف الا صوتها الآتي من خلف الخمارالاسود ..كأن خوف فارس الاكبر من المجهول الذي تقوده اليه هذه المرأة الغامضةالمسماة "ياسمين"...

      وفي وسط تردده وخوفه من ان يلحق بها او لا يلحق ، بدأيسمع عواء ذئاب آت من بعيد، تعالى صوت العواء اكثر واكثر ، ازداد صوت العواء وتكاثرواخذ الصوت يقترب ...ادار فارس محرك السيارة ليهرب من المكان بسرعة لشعور بالخطرالذي يترقبه ...وصوت الذئاب يحيط به من كل جانب ...

      ابت السيارة انتتحرك..وحاول مرة اخرى ولكن دون جدوى فمحرك السيارة لا يعمل وكأن خللا قد حل بها ،وبحركة لاشعورية وسريعة اغلق فارس نوافذ السيارة واحكم اغلاق الابواب واخذ يترقبوصول الذئاب اليه وهو يتساءل : هل تستطيع الذئاب كسر الزجاج والدخول الى السيارة ؟وهل سأتحول الى وجبة عشاء لذيذة للذئاب ؟!!وماذا سأفعل ؟؟ وكيف سأتصدى لها ؟؟ كميبلغ عددها ؟؟ لا بد انها عشرات الذئابالصوت يدل على ذلك ...الصوت قريبجدا وعلى بعد مترين او ثلاثة امتار على الاكثر ...ولكن لماذا لم تقترب منالسيارة...؟ لا بد انها تعلم بانه من الصعب اقتحام السيارة فهي ستنتظر خروجي منالسيارة لأصبح لها هدفا سهلا ...يا لغباء الذئاب ...هل تتوقع ان اخرج من السيارةواقدم نفسي لها بهذه السهولة... واخذ فارس يلتفت تارة الى الخلف وتارة الى الامام ...شمالا ويمينا ليرى ان كانت الذئاب قد هجمت ...وفي وسط هذا الخوف الرهيب من الموتالشنيع الذي يحيط به من كل جانب تذكر (ياسمين الغامضة ) وتمتم وقال :لعنه الله على ............."الله يسامحك يا ياسمين على ما فعلت" .

      فرك فارس عينيه واخذيحملق في الافق لتعود الطمأنينةالى قلبه بعد ان راى خيوط النور تشق طريقها وسطالظلام معلنة عن بدء شروق الشمس وعن الفرج القريب لخلاص فارس من "الموت "ومع انتشارالنور تلاشى صوت الذئاب التي لم يرها .. نظر فارس حوله ليرى نفسه وسط صحراء جرداءقاحلة ...وعلى مدى نظره لا يرى أي اثر يدل على وجود حياة او بشر ...ازداد فضول فارسحول المكان الذي ذهبت اليه ياسمين

      ...
      فتح باب السيارة واخذ يسير في نفسالاتجاه الذي سارت فيه ياسمين ، وبدأ يحدث نفسه ويقول :لا بد انها قريبة من هنا ،فهي قالت ان المكان الذي سنذهب اليه على بعد عدة دقائق فقط.. نظر فارس حوله بكلالاتجاهات وايقن انه لو سار عدة ساعات فلن يصل الى أي مكان ...فنظر الى الارض وراىاثار خطواته على الرمال ، فاخذ يبحث عن أي اثر لخطوات ياسمين الغامضة ولكنه لم يرأي اثر ، فقرر ان يعود الى السيارة ليصلحها ويعود ادراجه الى الناصرة بعد ان يأس منوجود أي امل يدله على ياسمين ذات الخمار ، وفي طريقه الى السيارة لمح عن بعد شيئايثير الانتباه في وسط الرمال فسار نحوه لدقائق وما ان وصله واقترب حتى دبتالقشعريرة في جسمه فقد راى قبرا قديما يدل شكله على انه موجود منذ مئات السنواتوكان لون حجارته عبارة عن مزيج من الاسود والبني ولون الغبار المتراكم عليه ...

      فتساءل فارس بينه وبين نفسه :يا ترى ما هي حكاية هذا القبر؟؟ولمن هو ؟لماذا هو في هذا المكان بالذات ؟..لا بد ان من بناه احتاج الى وقت طويل ..حتى يبنيهبهذه الطريقة البارعة ؟...ولكن لماذا؟.. وبدأت عشرات الاسئلة تدور في ذهن فارس ولكندون اجوبة ...وبالرغم من الخوف الذي كان يراوده الا انه وضع يده على القبر ليتحسسه، ورفع يده التي التصق الغبار بها ، وشعر فارس ان على القبر كتابة معينة فاخذ يزيلالغبار عن القبر لعله يستطيع قراءة الكلمات المكتوبة ، فدبت بجسمه قشعريرة الموتوالخوف...حينما قرأ

      ..
      افتح القبر لا مكان للحب والشك معا .. اما ان يقضيالحب على الشك واما ان يقضي الشك على الحب (افتح القبر وسترى ما يسعدك ) وما ان قرأفارس الكلمات المكتوبة على القبر حتى اخذ يهرول مسرعا الى السيارة وهو يتمتم : ياالهي...ماذا يوجد داخل هذا القبر ومن هو الشخص الذي دفن فيه ..ومن يكون صاحبه ؟!

      فتح فارس بوابة السيارة وادار المفتاح وتحرك بسرعة وهو ما زال يتمتم : ياالهي من يكون صاحب القبر ...من يكون ؟ وتذكر فارس ان السيارة التي كانت معطلةبالامس اشتغلت الان ...واخذت السيارة تشق طريقها بسرعة جنونية الى الناصرة ...هدأروع فارس فابطءالسرعة واخذ يكلم نفسه بصوت مسموع : لن ادع هذه المراة تلعب في حياتي ..انا لم ارها ولم اسمع سوى صوتها ولا ادري من تكون ...لماذا اوهمت نفسي باني احبهاولماذا اتركها تتلاعب في مصيري ...اقسم بالله وبكل شيء عزيز باني لا اريدها ولهذالن افكر فيها حتى لو جاءت ولتكن من تكون ، فهي لا شيء ...لا شيء ..ولن ادع خيالييصنع منها شيئا.

      عادت الثقة لنفس فارس وعاد الى حياته الطبيعية ليمارسالعمل والنجاح بعيدا عن الاوهام وبالرغم من نجاح فارس في قدرته على طرد (ياسمينالمرأة ذات الخمار) من عقله وافكاره ، الا انه ادرك ان الحياة لم تعد مثل السابقوانه غير قادر على الخلاص من شعور الآسى والحزن لفقدانه شيئا مهما فيحياتهوأخذ يحدث نفسه قائلا: يا رب ...ما الذي يربطني بهذه المرأة الغريبة ؟هل هو الحب ؟ فانا لا اؤمن بالحب... ولن اؤمن به ...وان كان هناك حب فلماذا لماعرفه من قبل...؟ لماذا هي ؟ فانا اعرف عشرات الفتيات الجميلات ، لماذا هي وانا لمارها ولا اعرف ما هو شكلها ؟ سوداء ، بيضاء ، شقراء ، قبيحة او جميلة ...

      لماذا اربط نفسي بامرأة الخمار والقبور والجماجم والذئاب والصحراء،والخوف والجنون ..؟ لماذا؟ وما الذي يجبرني على ذلك ، اي حب هذا ، لا بد انه الفضول، ولكن منذ اللحظة الاولى اشعر بهذا الشعور ...يا الهي هل هو الحب؟! هل الحب مجنونلهذه الدرجة ، ام انها لعنة علقت بها لتدمر حياتي ، كلا لن ادعها ...لن افكر فيها ...كفاني جنونا وغباءا وضعفا ...كفى ! سار فارس في شوارع الناصرة ، مرة يشعر بالفرحوالثقة لخلاصه منها وتارة يشعر بالحزن والاحباط لفقدانه اياها ...

      وفجاة لمحفارس في اخر الشارع عن بعد امرأة ترتدي السواد والخمار وتسير في الشارع مبتعدة ...خفق قلب فارس بقوة ولم يتمالك نفسه فاخذ يسير خلفها بسرعة ليلحق بها وكأن هناكقوة تسيره نحوها دون ارادته...اقترب فارس ولم تعد تفصله عنها سوى عشرة امتار او اقل، ودخلت ذات الخمار الى احد المحلات التجارية في الشارع ووقف فارس ينتظر خروجها ..

      وبنفس اللحظة كانت هناك يد تربت على كتفه وبصوت جميل هادىء يقول له :اثقليا مجنون ...

      فتلفت فارس الى الخلف نحو مصدر الصوت فرأى (ياسمين ذات الخمارالاسود ) واقفة تضحك .

      -
      فقال فارس :ياسمين حبيبتي ، اين كنت ؟ اين اختفيت ...؟ اين ذهبت ..؟ لماذا لم تأت ...؟ انا احبك ولا حياة لي بدونك ...لا استطيع اناحيا بدون سماع صوتك او ان أراك ...مع انني لا ارى سوى الخمار ...ارجوك ارحميني .

      -
      قالت ياسمين ذات الخمار : فارس لماذا تسير خلف هذه المرأة ... من اينتعرفها ، وماذا تريد منها؟..انت كاذب انت لا تحبني ...وان كنت تحبني فلماذا تسيرخلف امرأة اخرى... -

      قال فارس :ياسمين ، حبيبتي اعتقدت انها انت ، خاصةوانها تشبهك في الاسود والخمار. -

      قالت ياسمين :لا يا حبيبي ، انا احلىمنها بكثير ، وشو جاب لجاب ، انا يا حبيبي ما في واحدة احلى مني.

      -
      قال فارس :ياسمين بدك تجننيني ، هوانا شايفك ولأ شايفها ، هو في حد بقدر يشوف من تحتهالعبايه والخمار ...فانا يا دوب سامع صوتك ...كيف بدي اعرف ان كنت احلى منها واللىهي احلى منك ...يالله ان كنت واثقة من جمالك ارفعي الخمار علشان اشوفك . -

      ضحكت ياسمين وقالت :انا موافقة على رفع الخمار ، وهلأ بتشوف اني احلى منكل بنات الناصرة ...واحلى من البنت اللي انت لاحقها كمان ...بس بشرط اول بتناديعليها وبتخليها ترفع الخمار وبتشوفها، تفضل ادخل المحل وراها وشوفها ...

      -
      قال فارس :شو القصة بهذه البساطة ...بدك ادخل واقول لواحدة متدينة باللهارفعي الخمار ، علشان اشوف وجهك ...شو المناسبة ...ولأ بدك اتبهدل ؟

      -
      فقالتياسمين :شو هي احسن مني ، شو بتفكرني ...ولأ بس بدك ...

      -
      فقال :حبيبتي انابحبك ومن حقي اشوفك وأما هي ما بتهمني ، ليش اشوفها .

      -
      فقالت :لقد قلت لكاني جميلة جدا ...والله العظيم انا حلوة كثير ..بدك اوصفلك نفسي ...انا شعري طويلوناعم ، وعيوني وساع ، وبشرتي ...

      قاطعها فارس وقال :ياسمين انا ما بيهمنيان كنت جميلة ولا لأ ، وعلى فكرة ما فّي واحدة بتقول عن حالها مش حلوة.

      -
      فقالت :انا حلوة، صدقني وما تستعجل الامور ، وستفخر بي فانا عندما رايتكلاول مرة قررت ان اختار نفسي زوجة لك ..."ولأ انت مش واثق بذوقي ".

      -
      ضحكفارس بصوت عال وقال ساخرا :انت اخترت نفسك زوجة لي ، جميل انا موافق ...هيا بنا اذننتزوج...

      -
      فقالت :لكن يجب ان تصبر بضعة اسابيع حتى انهي بعض المشاكلالعائلية ومن ثم نتزوج فورا ان وافق اهلي او لم يوافقوا ولكن الاهم من ذلك يجب اناتاكد بانك تحبني فعلا ...والان هيا تعال اوصلني ...

      -
      فقال فارس ساخرا : والى اين هذه المرة تريدين ان اوصلك ...الى صحراء سيناء ام الى جنوب لبنان ؟

      -
      فقالت ياسمين بنبرة حزينة :اسفة ...انا اسفة اللي طلبت منك توصلني. وسارتمسرعة واختفت وسط الزحام وفارس خلفها يناديها ولكنه لم يستطع اللحاق بها ...

      عاد فارس سائرا الى سيارته وهو حزين وخائف من ان تكون ياسمين قد غضبتوان لا تعود من جديد ...جلس فارس في سيارته وهو لا يدري ماذا يفعل وفي لحظة رأىياسمين ذات الخمار تقترب من السيارة -

      وتقول له :انا اسفة اللي دخلت فيحياتك ...خلص هذه اخر مرة بتشوفني فيها . وهمت ياسمين بالذهاب لولا ان فارس امسكبها واصر على ان تركب السيارة، وقال لها : حبيبتي انا بمزح معك لا اكثر ، والله لوطلبت مني اوصلك الى اخر نقطة في العالم لفعلت ، فلا تكوني مزاجية لهذه الدرجة ...والان اين تريدين ان اوصلك ؟فهزت المرأة الغامضة راسها وقالت :اوصلنيالى طبريا .

      فتحرك فارس باتجاه طبريا وقال لها :ياسمين ما حكاية تحركك منمكان الى اخر وفي اوقات مختلفة وما حكاية القبور والجماجم؟ -
      فقالت غاضبة :ايةقبور ...وما دخلي انا بالقبور ، وعن اية جماجم تتكلم ، اين هي الجماجم ؟فمدفارس يده الى جيب السيارة وفتحه واخرج منه الجمجمة الصغيرة !!!!!!!


      ~!@@ad~!@@ad