السلام عليكم تابعو معنا:
الحلقة الثالثةعشر
------------------------------------------------------------------------------------
فوجئتياسمين بجرأة فارس وثقته العالية بنزعه الخمار عن وجهها واخذت ترمقه بنظرات ثابتةسارحة لا يستطيع احد ان يفسرها ...صمت ياسمين جعل فارس يتمادى اكثر.. واقترب اكثرواخذ يداعب شعرها وعلى شفاهه ارتسمت ابتسامة خبيثة واثقة ومد يديه الى العباءةوفكها دون أي اعتراض من ياسمين وسقطت العباءة على الارض ولم يبق يغطي جسد ياسمينالفاتن الا ثوب حريري ناعم قصير ، تعلق بخيطين من كتفيها ...وياسمين واقفة بجانبالسيارة كالصنم لا تتحرك وما زالت عينيها ثابتة ثاقبة تنظر الى فارس دون حراك .
شعر فارس بالنصر الكبير الذي ما حلم ان يحققه ومد يديه وامسك بعنق ياسمينوشدها ليقبلها وباقل من جزء من الثانية ...
رفعت ياسمين يدها اليمنى وصفعت فارسعلى وجهه صفعة كادت تلقيه على الارض لولا انه حافظ على توازنه في اللحظة الاخيرةقبل السقوط .
رفع فارس يده ثائرا لرجولته التي اهينت ..وصفع ياسمين بيده علىوجهها بقوة حركتها براكين الغضب التي كانت بداخله.. وزادتها قوة وشراسة ..لتسقطياسمين على الارض بعد ان صرخت من الم تلك الصفعة ...لترمق فارس بنظرة مليئة بالحقدوتمسح بيدها اليسرى قطرات دم سقطت من انفها وفمها من شدة اللطمة ...وتقول لفارس وهيمازالت على الارض :
فارس يا ابن الدهريملعون القلب اللي حبكوملعونة انا ان رحمتكلازم تعرف قذارة اصلكروح اسأل امك كيف حملت فيكواسالها مين ابوكوفي أي بلاد اختك واخوكوذكرها بربيحة الملعونةليش اختفت بليلة قمروقلها انو القدر ما منو مفرولعنة جورجيت حتطاردكل ذكروعلشان تصدق شو بقول ..افتح الصندوق اللي طلعته من قبرربيحة بايديك وشوف شو فيه ...
واسرع فارس الى الصندوق ليفتحه ويرى ما بداخلهوقلبه يدق وفكره يقول ان اللعبة ابتدات حيث انتهت ... فتح فارس الصندوق وذهل مماراى ..فقد وجد بداخل الصندوق حقيبة جلدية داخلها قطعة من قماش ملفوفة بعناية.... فتح فارس قطعة القماش ليجد فيها قطع ذهبية ومجوهرات من اساور وسناسيل واحجار كريمةتدل على ان صاحبها على درجة عالية من الثراء ، كما وجد مجموعة من الاوراق والصورالقديمة...نظر فارس نظرة فاحصة وسريعة الى الصور ليذهل مما رأى كانت تجمع مجموعة منالشباب والفتيات وعجوز وعجوزة... وبشكل بديهي تبين ان الصورة جمعت في محتواها عائلةمكونة من اب وام وابناء ، وصعق فارس "ليس من الصورة وحدها ولا المجوهرات والاحجارالكريمة وقيمتها " انما من وجود احد الاشخاص الظاهرين في الصورة ... وهو فارس نفسهبطوله وعرضه ووجهه وعيونه وشعره وانفه حتى الندبة الظاهرة في ذقنه واضحة في الصورةوجميع الظاهرين في الصورة فيهم تشابه واضح وكبير يرى لاي ناظر بانه تشابه عائلي ،تمعن فارس بالصورة مرة ومرات وهو بحالة ذهول يتسائل عن كيفية وجوده ضمن الصورة التيتم تصويرها قبل عشرات السنين!!! كان فارس للوهلة الاولى سيشك بنفسه بانه قد تصورهامع هذه العائلة قبل سنوات ونسي ذلك مع الايام لولا ان الملابس التي يرتديها فيالصورة كانت لأجيال سابقة ولا يمكن ان يكون قد ارتداها يوما ما .. تساءل بينه وبيننفسه ان هذه التشابه الكبير لا يمكن ان يكون الا لاخ توأم !! ولكن قدم الصورةوالملابس وعمر فارس الحالي وعمره في الصورة يجعل الفكرة غير معقولة ، حار فارسوتساءل: لمن هذه الصورة...؟!! لست انا وليس توأمي ؟!! ليست صورتي ولكن انا من فيالصورة؟!! لست انا!! ولكن انا هو!! ايعقل ان يخلق الله تشابها الى هذا الحد.وصرخفارس باعلى صوته بعد ان غلبته الحيرة:... من انا ؟؟؟ من الذي في الصورة!!؟؟ ملتفتاالى حيث سقطت ياسمين بعد ان صفعها .. ولكن اين ياسمين...! استدار وبحث عنها حولهاختفت ياسمين ولم يعد لها اثر وكأن الارض انشقت وابتلعتها او انها قد استغلت انشغالفارس بمحتويات الصندوق وذهبت لتتركه في حيرته .. كلمات ياسمين الاخيرة اخذت تدور فيرأس فارس وترن بأذنيه بشكل متلاحق ..
روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ روحاسال امك كيف حملت فيك ؟ واسألها مين ابوك وفي أي بلاد اختك واخوك؟ركض فارس باتجاه السيارة وفتح الباب وجلس خلف المقود وانطلق وهويتمنى لو ان السيارة تطير وتوصله سريعا الى امه لعله يجد عندها بعض التفسيرات..اخذفارس يشق طريقه بسرعة وكأنه يسابق الوقت او يهرب من كلمات ياسمين ليطرد من مخيلتهأي فكرة تقوده للشك بوالدته التي هي اغلى واعز الناس على قلبه .. ولكن هيهات انينجح في ايجاد فكرة معقولة ومقبولة تبعد امه عن هذه القصة الغريبة.. اقترب فارس بعدوقت من البيت وما زالت تدور في داخله خواطر مجنونة يجيب عليها ويسألها ويرفضهاويؤكد وينفي.. اوقف فارس السيارة بجانب البيت وحمل الصندوق ودخل مسرعا الى البيت ،اسرع الى غرفته ووضع الصندوق الذي بيده على سريره وخرج يبحث عن والدته في ارجاءالبيت ولكن لا اثر لها...غيابها زاد من قلقه واشعل النار بداخله.. النار التي لنيطفئها غير أمه بجوابها ..!!؟اسئلة تحاصر مخيلة فارس عن سر غيابها عن البيت !!! لابد انها ذهبت الى السوق او ربما عند الجيران.. ربما.. وربما.
جلس فارس واستسلملأمر واحد فليس بيده ما يعمله سوى ان ينتظرها الى ان تعود .. مرت دقائق كانها سنواتلم يستطع خلالها الصبر فقفز مسرعا الى الجيران لعله يجدها هناك ولكن حظه لم يسعفهاذ انها لم تكن هناك واقنع نفسه مجددا بالانتظار حتى تعود .. مرت الدقائق ببطءوانتهت الساعة والنصف وفارس يجلس شارد الذهن ينظم ويرتب افكاره .. كيف سيسأل امهوكيف ستكون طريقة الحوار ...؟خرخشة مفاتيح تقترب من الباب الرئيسي ترافقهاخطوات متلاحقة وصرير الباب سبق دخول امه الى البيت انتفض مسرعا باتجاه البابلاستقبالها .. كانت الام تحمل في يدها مجموعة من الاكياس المليئة ساعدها فارس وحملعنها الاكياس وتوجه بها الى المطبخ ، جلس فارس على الكرسي وطلب من امه ان تجلسليحدثها ... ولكنها قالت له : ان يتكلم على راحته حيث ستقوم هي بترتيب الاغراض ،فقام وساعدها وهو يعلم انها لن تصغي اليه ما دامت تشعر بأن هناك شيئا ليس في مكانه .. وبعد الانتهاء من الترتيب جلستوقالت :خير شو قصتك .. وشو اللي ذكرك انه ألكام تعطيها من وقتك؟
- امسك فارس يدها بكلتا يديه .....وقال: امي حبيبتي.. فهمينيانا شاعر انه في سر كبير في حياتك ؛ في قصة ؛ في اشي؟ احكيلي عنه .؟
-وبنظرةدافئة من عينيها قالت : سر شو يمّا اللي بتحكي عنه...؟
-فرد متلعثما : سر بيتعلقفيّ انا ؟!!
-فقالت : يمّا شو هالكلام مالك انت الله يهديك ؟
-حار فارس اكثرولم يملك الشجاعة ليتحدث بصراحه ، صمت قليلا ليفكر وبسرعة قال : اسمعت قبل هالمرةبأسم الدهري؟لم تجب عن السؤال وبدت على وجهها علامات الاضطراب والقلق والارتباك .. اعاد فارس السؤال مرة اخرى فاجابته متلعثمة :
لا ما سمعت في ها الاسم شو فّي؟ شو القصة ؟ مين هذا وانت شو خصك فيهم ؟ انا ما بعرفهم ولا عمري اسمعت عنهم ، ومينحكالك عنهم ؟ واحنا شو خصنا فيهم وليش بتسأل عن ناس ما بنعرفهم ؟!! بلاش كلام فاضيوبكفي اني متحمليتك ومتحملة عمايلك يوم بتناملي في الدار وعشرة ما حدا بعرف الكطريق بكفي لهان بكفيك انا مش راح اظل ساكته ..
بقي فارس صامتا وقد اتكأ علىالطاولة منتظرا ان تفرغ امه من كلامها .. وما ان انهت كلامها حتى قال لها فارسبهدوء : انت ليش معصبة يمّا .. انا بس سألتك ان كنت اسمعتي قبل هالمرة في اسمالدهري انا ما حكيت اشي .. شو القصة يمّا شو فيّ .. ردت امه غاضبة: ارجعنا لنفسالموضوع انا قلتلك ما في اشي وما بعرفهم واذا بتحكي كمان مرة في هالموضوع ما راحاحكي معك طول عمري ...
وبحركة لا شعورية مد فارس يده الى جيبه واخرج الصورةوالقاها على الطاولة امام والدته دون ان يتكلم بكلمة واحدة .. امسكت امه بالصورةويداها ترتجفان وقد اصفر وجهها واغرورقت عيناها بالدموع ..
اشفق فارس على حالهافهي اغلى الناس على قلبه ولا تستحق ان تذرف دمعة واحدة من عينيها فانتقل الى جانبهاوضمها اليه وقال : شو القصة يمّا ؟ احكيلي من شأن الله احكي وريحيني.
وزاد بكاءام فارس واخذت تقول: ما بدي تضيع مني.. انا خايفة عليك ، خايفة عليك يمّا.
-هدأفارس من روعها وقال : لا تخافي يمّا لا تخافي.
-فقالت باكية : كيف ما اخاف كيف ..؟ انا شو عملت يا ربي تيصير فّي كل هذا يا ريتني مت وارتحت .
-فقال فارس : بعيد الشر .. لا تخافي واحكي شو الموضوع ؟
-ردت غاضبة : شو احكيلك هو في اشيبينحكى انت من وين جبت هالصورة ومين اللّي اعطاك اياها.
-فقال : مش مهم ميناعطاني اياها المهم شو قصتها...؟
-فقالت : لا هلأ بدك تقول لي مين اعطاك اياهاومن وينجبتها؟
__________________
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالرابعةعشر
-----------------------------------------------------------------------------------
-فقال : طيب اذا مهم عندك انك تعرفي راح اقولك اعطتني اياهم وحدة حلوة زي القمر
-اخذتام فارس تلطم على وجهها وتبكي وتصرخ وتقول: يا خراب بيتي .. يا ويلي عليك يمّا هيلحقتك لهون وين بدي اهرب فيك وين بدي اخبيك وبتقول يما حلوة مثل القمر..؟! ضعت منييا فارس وانت قدامي والله قلبي كان حاسس راح ييجي اليوم الّلي يوخذنك مني.
عبثاحاول فارس ان يهديء من روعها حتى انه شعر بندم كبير لتهوره بفتح هذا الموضوع معهاوادخلها في هذه المتاهة ونبش لها ماضيا كان واضحا انه انتهى بالنسبة لها ولكن حدثما حدث ولم يكن امام فارس فرصة للتراجع ، ويجب ان يفهم ما حدث وما يحدث لعله يجدمخرجا وخاصة ان شعوره قد تأكد بأن الذي يواجهه لم يعد مجرد لعبة او تسلية.. ومغامرة ... وان خلف ياسمين ام الجماجم قصة حقيقية عمل فارس كل جهده ليهدىء من روع وخوفامه.. ضحك ومزح وابتسم واظهر لها انه لا يوجد هناك ما يستحق ، ولكن كان من العبث انيعيد الاطمئنان الى قلب امه بعد ان فجر بداخلها خوف المستقبل وألم الماضي معا.. وبلهجة صارمة قال فارس : اسمعي يمّا ما بصير الا اللّي الله كاتبه والبكا مش راحيفيد .. انا بعرف في القصة واذا انت بدك تساعديني بلاش تظلي تبكي وتندبي حظك احكيليعن القصة .
-قالت امه : يمّا القصة طويلة وشو بدي احكيلك تحكيلك !!
-قال : احكي يمّا انا بدي اسمع وبدي افهم احكي لي مين اللي في الصورة ومين عيلة الدهري .
-قالت : اللي في الصورة يمّا ابوك واعمامك وعماتك وجدتك وجدك وهذه الصورة قبلما انت تخلق على الدنيا بكثير وهي يمّا عيلة الدهري الي بتسأل انت عنهم .
-فقال : يعني المرحوم ابوي اللي رباني مش ابوي .
-فقالت : لا يمّا ابوك الحقيقي منعيلة الدهري واللي رباك الله يرحمه مش ابوك .
-فقال : كيف يمّا .. كيف اشرحي لي ... كيف وانا عايش اكثر من ثلاثين سنة ولا عمري حسيت انو ابوي وعمامي وكل هالعيلةانهم مش عيلتي الاصلية
-فقالت : ما حدا يمّا بعرف انك ابن الدهري وكلهم بفكرواانك منهم وابنهم .
-فقال : شو افهم من هالحكي انو المرحوم كمان ما بعرف اني مشابنو..!؟
-فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط المرحوم رباك وهو بعرف انك مش ابنوا .. هو الوحيد اللي بعرف قصتك .. المرحوم اتجوزني لما كان مسافر ولما رجع وجابني معهقال لهم انك ابنو
-فقال فارس : وابن الدهري اللي هو ابوي .. كيف يمّا..؟
-فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط كان جوزي على سنة الله ورسوله ..
وبداالارتياح على وجه فارس وكانه منذ البداية كان يريد ان يحصل على هذه الاجابة بانهابن شرعي ولم يأت بطريقة اخرى .
-وقال : طيب شو قصة اللعنة اللي بتطارد هالعيلة "عيلة الدهري والشامي" ومين هاي "جورجيت" وما ان سمعت ام فارس بأسم جورجيت حتى تغيرلونها واخذت تردد : باسم الله.. بسم الله.. الله يحفظنا الله يحفظنا لا تحكي اسمهايمّا وصمتت قليلا وقالت جورجيت يمّا احلى بنات الشام لا احلى بنات الدنيا كلهاظلموها ودفنوها وهي حبلى جوى قبر وهي .. وهي .. وتلعثمت ام فارس واخذت تستعيذ بالله ..وفارس يلح عليها ان تكمل حديثها ويصر على ذلك ..وتجيبه :يمه والله انا مانيمتذكرة .. هاي قصة صارت زمان قبل ما انخلق على وجه الدنيا .. وما صارت على جيليوسمعت فيها ، وكانوا يحكو ...
-فقال فارس : احكي يمّه القصة اللي انتِ بتعرفيها .. احكيلي قصة جورجيت ولعنتها ..وكيف تعرفتي على ابوي وتجوزتيه.. احكيلي .
وتحتضغط فارس والحاحه على والدته وفشلها بالتهرب من الحديث في هذا الموضوع .. الا انهارضخت لطلبه واخذت تروي قصتها منذ البداية ، وقالت: حينما تعرفت على ابوك "منيرالدهري" كان يعمل في التجارة ويتنقل بين المدن وكان كريماً الى ابعد الحدود ..ربطتهبوالدي علاقة وثيقة بحكم عملهم في نفس المجال .. تقدم ابوك وطلب يدي من والدي وكانعمري وقتها 17 عاما ... وافق والدي على زواجي منه ولم يكن بحاجة للأخذ برأيي وانالم استطع ان اعارض .. تزوجت والدك وانتقلت للسكن معه في "الشام"...وفر لي كل سبلالعيش والراحة وكان لطيفاً معي الى ابعد الحدود بل انه كان زوجاً مثالياً .. كانيرفض دائماً ان يعرفني على عائلته "عائلة الدهري" بحجة ان هناك خلافات قائمة بينهماوكنت اعلم بأن ما يقوله غير صحيح وكان هو يعرف ان كلامه غير مقنع لي ولكن لم يكنامامي ما افعله سوى ان ارضى بالامر الواقع وابقى في عزلتي التي وضعوني بها .
سارت الامور طبيعية حتى جاء ذلك اليوم الذي انتظرت فيه عودته الى البيت لأبشرهبأنني حامل وانه سيرزق بطفل...لكن الخبر وقع عليه كأنه مصيبة فبدلاً من ان يفرح .. حزن حزناً شديداً.. ومنذ تلك اللحظة تحولت حياتنا الى قلق وتعاسة ولم اكن افهموقتها لماذا كل هذا واكثر ما كان يحزنني انه كان دائماً يردد :مصيبة اذا جبتِ ولد.. واخذ الغموض الذي يحيط بوالدك يزداد يوماً بعد يوم وهذا الغموض حول حياتي الى جحيموقررت وقتها ان اتمرد على والدك واخرج من سجني وعزلتي ..وسألت عن عائلة ابوك وتوجهتاليهم وعرفتهم بنفسي وبأني زوجة ابنهم وعلمت وقتها بأن والدك كان متزوجاً من امرأةاخرى وقد انجب منها "طفلة" وبعدها جن جنون ابوك وبدأ يعاملني اسوأ معاملة ..نقلنيللعيش وسط عائلة الدهري ..اثرى عائلات الشام في ذلك الوقت .. وبالرغم من انني زوجةابنهم الا ان الغموض كان يحيط بكل تصرفاتهم فهم لا يثقون بأحد ولا يحبون احداً .. لست انا لوحدي وايضاً زوجة والدك وكذلك زوجات اعمامك وحتى عماتك لم يكونوا يعاملوهنمعاملة حسنة .. فجدك كان مستبداً وقاسيا بشكل كبير وكذلك والدك ... وبعد ذلك قامبتطليقي واراد ان اعود الى اهلي ...ولكن جدك رفض ان يسمح لي بالرحيل وقد خيرني ..اناردت العودة الى اهلي ان اعود لوحدي ..واتركك .. او ان ابقى وسط العائلة واقومبتربيتك ..فلم يكن امامي الا ان ابقى معك .. وجدك هو الذي سماك "فارس" وقد كان يحبككثيراً .. وكان جدك كبير العائلة ...واعمامك كانوا يتعاملون مع الجميع بإحتقار وكانالناس يخافون منهم ولا يحبواهم ولم يكونوا يسمحوا لنا بالاختلاط بأي شخص غريب منخارج العائلة...وحينما انجبتك وعلم والدك بأني وضعت "ذكرا" اخذ يشتمني ويلعنني .. ولم تكن عائلة الدهري صغيرة وبالرغم من كبرها الا انها كانت متماسكة وكان جدك يتحكمبالصغيرة والكبيرة من شؤون العائلة ...لم يكن اي من اعمامك او اعمام ابوك يستطيعالقيام بشيء دون اذن من جدك..وكون جدك احبك فهذا يعني انك تميزت وسط هذه العائلة ..وللحقيقة بالرغم منقسوة جدك الا انه كان يعاملنا معاملة خاصة مقارنة بباقي نساءعائلة الدهري ، الا انه كان يغضب لو اني قمت بالسؤال عن اي شيء من الامور الغريبةاللي كانوا يقيمونها في الليل بسرية تامة .. والخوف الدائم الذي يعيشون به .
مرتاشهر واصبح عمرك يقارب السنة وانا لا افهم ماذا يحدث حتى اختفى احد اعمامك ولميعدالى البيت ، فخيم على العائلة جو من الحزن والقلق واكثرهم حزناً على غيابه كانتعمتك "ربيحة" التي ربطتني بها علاقة مميزة وقوية ..كنت اهدىء من روعها واخفف منحزنها واحاول ان اطمأنها بأنه سيعود بمشيئة الله ..وان الغائب حجته معاه .. ولاداعي للخوف.. فأجابتني وهي تبكي :انت مش عارفة يا ام فارس اشي.. هو في مرة "ابنالدهري " اختفى ورجع .. ولاد الدهري مصيرهم معروف .. الله يحميلك فارس وما يجيهالدور.
اقشعر بدني من كلام عمتك "ربيحة" وضممتك الى صدري وانتابني شعور بالخوفعليك واستحلفتها ان تخبرني بالقصة...
في البداية رفضت ان تخبرني بشيء ولكنهازادت من فضولي وخوفي .. بقولها .. بقتلوني لو حكيت.. انتِ ما بتعرفيهم .. واللهبقتلوني وما برحموني .. لأنهم ما بعرفو الله وقلوبهم ما فيها رحمة.
وخوفي عليكيا فارس ..جعلني الح واتحايل عليها بكل الطرق وليتني لم افعل ذلك :
- بدأتربيحة تروي لي القصة التي تقشعر لها الابدان قصة "جورجيت" التي اقسمت على ان تنتقممن كل "ذكر" يحمل دم عائلة الدهري.. وروت لي كيف ان ابناء عائلة الدهري يختفونالواحد تلو الآخر منذ عشرات السنين .. وكيف ان ستة من اعمامها .. منذ كانت صغيرة ..اختفوا الواحد تلو الآخر وان هذا ثالث اخ يختفي ولا يعود وانهم قد وجدوا واحداًمنهم بالصدفة داخل احد القبور ... وكل الجهود التي بذلوها وبالرغم من استعانتهمبعشرات الشيوخ والسحرة من مختلف البلدان لم يستطيعوا ان يمنعوا جورجيت من الانتقامومطاردتهم في كل مكان.. وروت لي كيف انها رأت وهي صغيرة جدك واعمامها يقتلون زوجةعمها ويدفنونها عقاباً لأنها اخبرت شخصا بهذا الموضوع الذي يعتبرونه سراً ممنوعالبوح به على اعتبار انه يشكل "اهانة كبيرة" لعائلة الدهري وخاصة ان عدوها مجرد "امرأة".
وبعد سماعي لما روته ربيحة انتابني خوف شديد عليك وعلى نفسي من جورجيتومن هذه العائلة واقسمت لعمتك ربيحة ان لا اخبر احداً بما عرفت وان لا اتصرف بأيةطريقة تشير بأني عرفت شيئاً وفعلاً هكذا تصرفت .. ومرت الايام واصبح عمرك سنةبالتمام .. وفي يوم عيد ميلادك الاول وانا في البيت دخلت بيتي امرأة ترتدي الخماروكلمتني بإسمي وكأنها تعرفني منذ مدة طويلة .. رفعت الخمار عن وجهها ليهل من خلفه "البدر" بجماله وقالت :لو انك خلفتي بنت كنت ارتحتي .. بس انتِ خلفتي "دهري جديد" وعيلة الدهري حتنقص ومش حتزيد.. والقدر ما منو مفر .. ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر .. غطت وجهها بالخمار .. ولا اذكر ما حدث .. فقد اغمي عليّ وحينما صحوت كان جدكواعمامك يحيطون بي .
سألني جدك عما حدث .. لم استطع وقتها النطق بكلمة وكان جدكواعمامك ينظرون اليّ بنظرة غريبة تثير الخوف .
تركوني وشأني وذهبوا .. اخذت صحتيتتدهور وتسوء مع الوقت ولم اكن اتكلم مع احد.. حبست نفسي في البيت وكنت ارفض الخروج ... وجاءت بعد ايام زوجة والدك لزيارتي وكانت حامل.. وحينما رأيتها وبطريقة تلقائيةودون تفكير قلت : يا ربي تخلفي بنت وما تخلفي ولد..
ولم انتبه لوجود جدك معهاولم اعرف ان كان جدك قد سمعني .. ام لم يسمعني... فهو لم يعلق على شيء... الا انهطلب مني ان اخرج من البيت وان لا اعزل نفسي عن العائلة وانني ان لم افعل ذلكفسيغضب...خوفي من جدك جعلني افعل ذلك واعود من جديد الى سابق عهدي للاختلاطبالعائلة وبزوجات اعمامك واقاربك من عائلة الدهري ...وزادت مصيبتي اكثر حينما اختفتعمتك "ربيحة" ليجن جنون جدك ويقوم بالتحقيق مع معظم نساء العائلة ان كان هناك منيعرف اين ذهبت ولكن دون جدوى...خرج جدك واعمامك ووالدك يبحثون عنها واختفوا عدةايام ثم عادوا من جديد وكانوا يغضبون لو ان احدنا سأل او نطق بإسم "ربيحة" وشعرتبإن مكروهاً ما قد اصاب عمتك "ربيحة" ودب الخوف بقلبي وعلمت بأن الدور سيأتي عليّلا محالة وقررت الهرب متى سنحت لي الفرصة.
هربت الى والدي في حلب ورويت له القصةبالكامل ..وكان والدي ينوي السفر الى الاردن لغرض التجارة فأصطحبني معه واقمت معههناك.
وفي الاردن اكتملت مصيبتي حينما توفي والدي بحادث سير في الاردن ومرت اسوأواصعب ايام حياتي بعدها حتى تعرفت على شاب من فلسطين وتزوجته وقد كانت طبيعة عملهتجعله ينتقل من بلد الى آخر .. سافرت معه الى المغرب ومن ثم الى اليمن وبعدها الىمصر واستمر تنقلنا اربع سنوات..حتى عدنا الى فلسطين واستقر بنا المطاف في الجليل.. وقد اخبر اهله والجميع بأنك ابنه ولم يكن ليشك احد بذلك فقد احبك اكثر من اي شيءآخر .. حتى بعد ان انجبت اخاك "علاء" كان يحبك انت يا فارس اكثر منه ..ومع مرورالسنوات نسيت عائلة الدهري وجورجيت وكل هذه القصة ، حتى انها لم تعد تخطر على باليمنذ سنوات...وهذه هي قصتي مع عائلة الدهري ، التي طواها الزمن قد فُتحت من جديد..
-كان فارس يصغي بتأثر شديد لقصة والدته المأساوية وما تحملته من عذاب شديد والم ..وقال لها وهو يمسك بيدها :يمّه يا حبيبتي .. انا آسف اللي ذكرتك ورجّعتِك للماضي .. لو كنت بعرف ما فتحت الموضوع .. سامحيني يمه.
-فردت عليه :الذنب مش ذنبك يمّه .. هيك القدر بدو .. والله يستر من الايام الجاية عليك .. وهي بعد ثلاثين سنة الدوراجاك يا فارس .
-فقال فارس:انا فهمت يمّه قصتك وقصة ابوي وعمتي ربيحة .. بسلهلأ..ما فهمت قصة "جورجيت" ولعنة الانتقام اللي عندها .. وقصة جورجيت اذا كانت علىزمن جد جدي .. يعني الها اكثر من "مية سنة" وانا مش فاهم جورجيت طيبة ولاميتة؟
-فقالت : يمّه .. يا فارس جورجيت ماتت وما ماتت ، جورجيت بتقدر تكونموجودة من خلال بنتها.
-فقال فارس:مش فاهم يمّه شو بتقصدي ؟
-فقالت : جورجيتيمّه كانت حامل لما دفنوها .. وخلفت بنت "جوا" القبر وبنتها كبرت و... يمّه من شأنالله ما بدي احكي بسيرة جورجيت ..، والله سنين وانا ما بعرف انام وما صدقت واناانساها .. بترجاك سكّر على الموضوع .
-فقال فارس: انا بعرف انو صعب عليك تحكيفي هالموضوع ، بس يمّة لازم نواجه الامور ، مش نهرب منها .. علشان هيك يمّه لازمتتحملي وتفهميني سيرة هالمجنونة جورجيت ..
- فقالت: لا يمّه .. لا ياحبيبي .. لاتحكي هيك ! جورجيت مش مجنونة .. جورجيت مظلومة .. لا تحكي يمّه مثل عيلةالدهري.
-فقال : والله يمّه هالقصة قصة مجانين ، ما الها اول من اخر .. لا اناقادر اصدقها ، ولا انا قادر اكذبها.. بسمع كلام ما بصدقه مجنون ، وشفت اشي اللّي مابدخل العقل .. قصة بدايتها جنون وما بتنتهي إلا بجنون.
-فقالت ام فارس والدموعفي عينيها متوسلة : بترجاك يمّه ما تجيب سيرة جورجيت .. روح يمّه سافر لبعيد ، بلكيالله نجاك .. جورجيت اقسمت ومش راح تتراجع عن قسمها.
-فقال فارس بإستغراب : وانتشو اللي بخليك متأكدة القصة ما صارت على زمنكو انتِ سمعتِ فيها مثل غيرك وما بتقدريتعرفي اذا كانت صحيحة ولا مش صحيحة.
-فقالت : يمّه مشان الله ما بدي اكذب عليكولا تخليني احكي اشي ما بدي احكيه ولا تفكر حالك انت الوحيد اللي بتفهم .. يمّه انتبعدك صغير .. اسمع كلامي وروح سافر..
-فقال فارس : انا مش حسافر ومش حروح ولازمافهم كل شي واذا بدك تساعديني لازم تحكيلي اللي ما حكتيه .. ولازم تفهمي انو الزمنتغير واليوم مش مثل زمان والخرافات اللي بتخوفكم ما بتخوفنا ..ومش راح اهرب من شانخرافة وهبل جورجيت.
-فقالت : صحيح يمّه انو اصل الانسان بردَّ ..انت ما عرفتعيلة الدهري وما تربيت عندهم ..بس تصرفاتك وطباعك دهري...
-اسمع يمّه : انا قعدتسنين وانا بضوي شمع يوم ..يوم على روح جورجيت وبترجاها تبعد عنك وما تجيك لما تكبروبقلها انك عمرك ما راح تحمل اسم الدهري ...افهم يمّه كل نسوان وبنات الدهري والليحملوا اسم الدهري بعرفوا قصة جورجيت وضوّوا الشمع على روحها وبكوا على قصتها ،علشان هيك عيلة الدهري كانت بتشوف في كل النسوان عدو الها ... ويا ويل اللي كانتتغلط .. كانوا يقتلوها وما يرحموها .. عيلة الدهري كانوا بشوفوا في كل مرة "جورجيت"...جورجيت يمّه كانت تطلع لكل واحدة من عيلة الدهري متزوجة او بنت .. انكانت بنت عيلة الدهري كانت تقولها : لا تتجوزي حدا من عيلتك علشان ما تخلفي ابنيحمل دم الدهري علشان راح يصله الدور ومن قبله ابوه ..وكانت تشرح قصتها وكيفظلموها...وان كانت مثلي مش من عيلة الدهري ومتجوزة مع حدا من عيلة الدهري كانتتقولها : ان خلفت بنت حنحبها وربنا يحميها .. وان خلفتي ولد وحمل دم الدهري ..مصيرهمصير ابوه وجده ..حيجي اليوم اللي نوخذه .. لا تلوميني وسامحيني.
-لا تسألنييمّه كيف كانت تطلع وتحكي معنا .. كيف كانت تيجي وتروح ان كانت ميتة ولا طيبة .. الله وحده بعلم .. بس كلنا شفناها وحكينا معها ...الله يرحمك يا جورجيت واللهيسامحك على اللي بتسويه فينا .. اسمع يا فارس : والله العظيم والله العظيم ان فتحتسيرة جورجيت مرة ثانية ، لا انت ابني ولا بعرفك.
وخرجت ام فارس تاركة فارس خلفهاحائراً مذهولاً لا يدري ماذا يفعل .. لا يدري ايصدق ام يكذب.
وجد نفسه انه سيصبحضحية لقصة حدثت قبل اكثر من مائة عام بكثير .. لا يدري ماهي تفاصيلها .. كانت امهفرصته الاخيرة ليفهم القصة ولكن امه اقسمت......
الحلقة الخامسةعشر
-----------------------------------------------------------------------------------
ولكنامه اقسمت اليمين واغلقت الطريق امامه وهو لا يجرؤ على ان يفتح الموضوع معها منجديد ...لمعت في رأس فارس فكرة بأنه لو وجد ام الجماجم "ياسمين" فسيدفعها لتحكي لههذه القصة الغريبة ولكن اين يجد ياسمين وهو لايعرف لها عنوانا.
فكر ان يذهبويبحث عنها في المقابر حيث كانت تصطحبه ..لم يتردد فارس في ان ينفذ ما دار برأسه .. بدأ رحلة البحث عن ياسمين ام الجماجم في المقابر .. ايام مرت وهو يبحث في مقابرحيفا وطبريا وبئر السبع لم يترك مقبرة الا ودخلها..كان يدخلها كالمجنون ويناديبأعلى صوته
: يا ياسمين .. يا ام الجماجم .. اين انت؟كل محاولات فارس باءتبالفشل حتى يأس وعاد الى البيت وهو على يقين من انها ستظهر في ساعة ما .. او في يومما ، حتماً ستظهر ...وفي طريق عودته الى البيت توقف امام احد مطاعم الناصرة ودخللتناول الطعام الذي لم يذقه منذ ايام ..جلس وطلب الطعام وما هي الا لحظات حتى رأىذات الخمار الاسود التي لايرى منها اصبعا ولا عينا تقترب حيث كان يجلس وتسحب احدالكراسي وتجلس امام فارس وتقول له : بلاش تطلع مثل الاهبل وتلفت نظر الناسالموجودين في المطعم .. ابتسم وخليك طبيعي .. شو هذه اول مرة بتشوفني فيها ..؟
-تصرف فارس بشكل طبيعي وابتسم وبصوت منخفض حتي لايسمعه احد قال :بصراحة ماتوقعت اشوفك هون يا ياسمين .. انا هلكت وانا بدور عليك .
-فقالت: ما حدا قلكدوّر في المقابر .. كان ممكن تيجي على بيتي وهناك بتلقاني ..
-فقال: وين بيتكهذا يا ياسمين ؟
-فقالت : اذا انت ما بتعرف ، بكرة حتعرف .. في هذه اللحظاتاقترب من الطاولة حيث يجلس فارس وياسمين ذات الخمار شابان من اصدقاء فارس .. احمروجه فارس وتمنى لو انهم لم يروه ويبتعدوا عنه حتي لا يسألوه عن علاقته بهذه المقنعة ..ولكن حدث العكس وجلسا على الطاولة الملاصقة لطاولة فارس وقال احدهم :مرحبا يافارس .. وين مش مبين .. وين غاطس يا فارس وما حدا بشوفك ، وادار وجهه ناحية ياسمينوابتسم وقال مرحبا .."يا شيخة".
-تدخل فارس على الفور وهو يبتسم ابتسامة مصطنعةواشار بيده الى ياسمين وقال:ياسمين..! واشار بيده نحوهم وقال :اصدقاء لي منحيفا...!
هزت ياسمين رأسها وقالت : تشرفنا يا اصدقاء فارس ..وعلى فكرة انا مششيخة ..بس شو اعمل فارس بدو البس هيك علشان بغار كثير وانا ما برضى ازعّله ..خطيبيوحبيبي وما برفضلو طلب.
احمر وجه فارس اكثر واكثر لهذا الاحراج الذي وضعته فيهياسمين امام اصدقائه وفضل الصمت على ان يعلق على كلامها وبحركة سريعة وظريفة ارادتياسمين ان تخرجه من هذه الورطة او قصدت ان لا تعطيه المجال ليرد على اي سؤال.. وقفتوامسكت بيد فارس وقالت : فارس يالله .. تأخرنا كثير عن الحفلة وسحبته بقوة وسارت .. والتفتت الى اصدقائه واشارت بيدها قائلة ..باي باي يا اصدقاء خطيبي... ولا تنسواتدفعوا الحساب عنا علشان فارس مش حامل فلوس ..باي .
وسحبت فارس من يده وقبل انتخرج من باب المطعم التفتت الى الجرسون وقالت له :الحساب عند الشباب الحلوين علىالطاولة..باي.
وخرجت الي الشارع وفارس وكل من في المطعم مذهول ويبتسم لظرافةياسمين ..
ركبت ياسمين بجانب فارس في السيارة واخذت تضحك وقالت :كيف وانا اوفرعليك الحساب .. سار فارس وهو لايدري ايضحك ام يغضب ولكن ما حصل اضحك فارس.
اخذتياسمين ترشد فارس كعادتها الى اين يذهب من هنا وهناك ثم طلبت منه ان يتوقف بجانبالطريق السريع ما بين شفاعمرو والناصرة ..
-اوقف فارس السيارة وابتسم وقاللياسمين :انتِ بتعرفي من ورا هالمقلب اللي عملتيه شو حيصير ، راح اصحابي .. قاطعتهياسمين ولم تتركه يكمل حديثه وبلهجة جادة قالت :بلاش كلام فاضي يافارس .. لا انتولا اصحابك بتهموني وفش عندي وقت للكلام الفاضي انت بدك تعرف قصة جورجيت اللي امكما رضت تحكيلك اياها بالرغم من انها تعرفها مليح مليح...وقبل ما اجيب اجلك وافتحلكقبر .. راح احكيلك اياها يا ابن الدهري علشان تفهمها مليح مليح .. القصة بدت منزمان قبل (مية وخمس سنين) .. جورجيت كان عمرها 14 سنة وحيدة امها وابوها .. والدها "عيسى الشامي" كان فقيراً في وسط عائلة فاحشة الثراء كان يعمل لدى عمه سائساً للخيلوفي احد الايام واثناء قيامه بالاعتناء بالخيل تعرض لرفسة من احد الخيول الجامحة ..لم تكن الضربة بسيطة بل ادت الى اصابته بشلل تام وعدم قدرته على تلقي العلاجاللازم ساعد في زيادة الشلل عنده...عاشت اسرة جورجيت في ظروف مأساوية وصلت الى حدانهم لم يجدوا ما يأكلونه .. اخوة عيسى الشامي "والد جورجيت" واقاربه لم يكترثواللوضع السيء الذي تمر به عائلة عيسى الشامي وخاصة ان اقرباءه كانوا من اثرياء الشاموما كانوا يبذرونه ويصرفونه على خيولهم كان يكفي ليسد حاجة عائلة عيسى الشامي لعامكامل...اصرت والدة جورجيت على ان تعمل خادمة في بيوت اقارب زوجها ..تحملت شتىالاهانات لتعيل اسرتها وتعالج زوجها وكانت وبسبب جمالها المميز وعجز زوجها تتعرضلمضايقات لا حدود لها وتنتهي بإهانات تمس بكرامتها ..كان كبرياء والدة جورجيت لايسمح لها بقبول صدقة او احسان من احد ...ازداد الوضع الصحي لوالد جورجيت سوءاً مماتطلب توفير مبالغ كبيرة من المال لعلاجه ...ابنتة جورجيت لم تحتمل الوضع والحت علىوالدتها ان تخرج من البيت للعمل لمساعدتها من اجل توفير المال الكافي للعلاج ولكنوالدة جورجيت رفضت وبشدة خروج جورجيت من البيت للعمل تحت اي ظرف من الظروف وكانتحجتها ان جورجيت يجب ان تبقى في البيت للاعتناء بوالدها ..لم تكن هذه الحجة هيالسبب الحقيقي وراء رفض والدة جورجيت السماح لها بالخروج وانما السبب الحقيقي كانيكمن بإدراك والدة جورجيت ان خروجها من البيت سيسبب مشاكل لا اول لها ولا اخر... وسيعرض جورجيت للخطر وذلك كون جمالها من الجمال النادر الوجود الذي لا تتمتع به ايةفتاة اخرى في زمنها ، وكانت والدة جورجيت حريصة على ان تبعد جورجيت عن الانظاروساعدها في ذلك انزواء العائلة حتى ان والدة جورجيت كانت تعمل على اظهارها كأيةفتاة اخرى من خلال انتقاء اسوأ الملابس وتسريح شعرها بطريقة غريبة وبالرغم من كلهذا لم يكن ليخفى جمال جورجيت الاسطوري ....جورجيت ابنة الرابعة عشرة لم تدركلجهلها ان جمالها نقمة وسيحول حياتها الى جحيم ..جهلها هذا دفعها الى الخروج منالبيت دون علم والدتها وبطفولة وبراءة بدأت تبحث عن عمل .. فرآها احد الاشخاص وذُهللجمالها وسألها : ابنة من انتِ؟
-فقالت : ابنة عيسى الشامي ..
-فصُعق وقال : لا يمكن لسايس الخيل ان ينجب مثلك.
لم تفهم جورجيت ماذا قصد وماذا حدث ولكنبأسرع من البرق انتشر الخبر ودفع الفضول الكثير لرؤية ابنة سايس الخيل وأولهماقاربها واعمامها وابناؤهم.
انتشر الخبر واصبح اسم جورجيت حكاية الشام كلهاوانتقل الخبر من مكان الى آخر ووالدة جورجيت ادركت الخطر وتوافد الى بيتها العشراتمن العرسان واستعد الكثير لعلاج عيسى الشامي ولكن والدة جورجيت رفضت بشدة ان تقبلاي شيء من اي واحد منهم وهي تعلم ان الثمن المطلوب بالمقابل هو ابنتها جورجيت .. وهنا ازدادت الامور سوءاً .. فبدأت تُرسَم الخطط لاذلال والدة جورجيت .. لم تعدتستطيع الخروج من البيت للعمل حتى لا تترك جورجيت في البيت لوحدها خوفاً عليها.. ولم تكن تستطيع الرحيل لظروف عجز زوجها ..جورجيت ابنتها اصبحت حكاية البلاد باسرهاووصلت الامور الى حد التهديدات من قبل اقاربها بأنهم سيأخذون جورجيت بالقوة اذ لميكن بالتفاهم .
وفي هذه الاجواء العاصفة التي تحمل قصة جورجيت من اذن الى اخرى .. هبت عاصفة اخرى لتنسي الناس قصة جورجيت وجمالها ..ولينشغلوا بمصيبة كبيرة وقعتعلى عائلة الشامي بالذات حينما قام احد ابناء عائلة الشامي بقتل احد ابناء عائلةالدهري التي خرجت للثأر من عائلة الشامي وتدخل الوجهاء ليمنعوا حرباً كبرى بين كبرىعائلات الشام في ذلك الوقت والتي ان حدثت ستحصد ارواح الكثيرين من كلا العائلتينعرضت عائلة الشامي اموالاً طائلة واراض واملاك على عائلة الدهري (دية) لمقتل ابنهم ..فرفضت عائلة الدهري (الدية) واقسمت ان يكون مقابل حياة ابنهم خيرة شباب عائلةالشامي واستمرت المفاوضات وقال سالم الدهري اخ القتيل انه سيقبل (بالدية) ولكنسيكون اضافة اليها ان تُحمل "جورجيت الشامي" وتعطى له .
فوجدت عائلة الشامينفسها في موقف محرج ومهين امام العائلات الاخري فجورجيت تحمل اسم الشامي وان اعطوهالدهري فهم بذلك لن يسلموها فقط بل يطلبو منها ان تتحول من ديانة الشامي الى ديانةالدهري.
اجتمعت عائلة الشامي بكبارها وصغارها ودار الحديث بينهم ..على انه لامفر فإما ان يسلموا قاتل ابن الدهري او ان يقوم الدهري بقتل احد شباب الشامي ثأراًلابنهم...ولا احد على استعداد ان يضحي بإبنه والنتيجة ان الحرب لن تنتهي الا بمقتلالكثيرين من كلا العائلتين فأتفق الجميع بدون معارضة على ان جورجيت ابنة سايس الخيلارخص ما يقدم لدهري ..ولنعلن اننا كنا قد تبرأنا من عيسى الشامي منذ زمن بعيد وانجورجيت لا تعتبر من عائلة الشامي ولا يهم ان تزوجها ابن الدهري او غيره .
نقلالوجهاء لعائلة الدهري ان سالم يستطيع ان يتزوج جورجيت متى شاء وان هذا الامرلايعني عائلة الشامي بشيء...فردت عائلة الدهري وقالت: ومن قال ان "سالم" سيتزوجها .. اننا طلبنا جورجيت كجارية نفعل بها ما نشاء وليست كزوجة لإبننا .
فوجىءالوجهاء والوسطاء برد عائلة الدهري وفوجئوا اكثر حينما ردت عائلة الشامي بأن هذاالامر لا يعنيهم بشيء .. فجورجيت لا تعني عائلة الشامي بشيء .
الوسطاء والوجهاءمن العائلات الاخرى اعتبروا ان احضار جورجيت مع الجاهة ستكون اهانة للوجهاء اذا لمتكن زوجة.
استمرت المفاوضات اياما اخرى واستطاع احد الوجهاء ان يقنع سالم الدهريبعمل عقد زواج مجرد كلام على ورق للخروج من هذا المأزق ووافق الدهري على ذلك وحُددموعد الصلحة بين عائلتي الشامي والدهري .
__________________
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالسادسة عشر
========================
ووصل الخبر الى ام جورجيت التيكاد ان يطير عقلها .. وبدأت تفكر اين تهرب لتخبىء ابنتها ولكن لم يكن هناك وقتللتفكير فقد حضر شبان وكبار عائلة الشامي لأخذ جورجيت وارسالها الى عائلة الدهري ..امسكت ام جورجيت بإبنتها ..واخذت تبكي وتبكي معها ابنتها ..امسكوا ام جورجيت منشعرها والقوها ارضاً وهي تصرخ وسحبوا جورجيت معهم وهي تصرخ وهم يشتموا والدتهاوينعتوها بالداعرة وان ابنتها ابنة حرام .
تعالى صوت الصراخ والبكاء والنحيبوتلقت ام جورجيت وجورجيت عشرات الصفعات والركلات .
فسقطت ام جورجيت على الارضمغشياً عليها ليتبين فيما بعد انها ماتت بنوبة قلبية من القهر والغيظ وحُملت جورجيتواُرسلت الى عائلة الدهري وهي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر .
وتم الصلح بينالعائلتين وعادت المياه الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث.
جورجيت التي ما زالتتبكي وهي لاتدري ماذا يحدث حولها .. لماذا وكيف وماذا فعلت ؟ .. لم تعلم انهاوعائلتها كبش الفداء للشامي والدهري ..ارُسلت جورجيت الى بيت سالم الدهري حيث تسكنزوجته الثانية وطلب منها ان تُبقي جورجيت عندها حتى يفرغ سالم الدهري من العزاء فياخيه وحتى تلك اللحظة لم يرى سالم الدهري جورجيت بل سمع عنها مثله مثلالآخرين.
جورجيت امضت ايام في بيت زوجة سالم الثانية وكانت تبكي ليل نهار وترجوزوجة سالم ان تعيدها الى امها قائلة :..." منشان الله يا خالتي رجعيني علي امي .. انا ما عملت اشي .. منشان الله انا لازم اروح واطعم ابوي علشان ما بقدر يوكل لوحدو" ..
ولم يكن بيد زوجة سالم شيء لتفعله لهذه المسكينة سوى ان تحضنها وتبكي لبكائهاوتقول :يا ريت يا بنتي بايدي شيء اعمله ..ويا ريت بقدر ارجعك لاهلك .. انت اليومزوجة سالم الدهري الثالثة وعلى ذمته ، وين ما حتروحي راح يلحقك ويجيبك ...
وفيساعات ما بعد منتصف الليل وبعد ان انتهى سالم الدهري من اخذ العزاء بأخيه الذي قُتلوودع ضيوفه عاد الى البيت وما ان فتح الباب حتى رأى ما لم يصدقه عقله..ووقف مذهولا، جمال جورجيت الاخاذ اذهل سالم الدهري وهو الذي سمع بها ولم يراها من قبل لم يصدقسالم الدهري ولم يكن ليصل خياله وتصوره بأن على هذه الارض مثل هذا الجمال ...وقفكالصنم وعيونه تتفحص جورجيت من اخمص قدمها الى رأسها وقال لها: لقد كذبوا جميعا فيوصفك فأنت اجمل مئات المرات من الوصف الذي ذكروه .
جورجيت جالسة في زاوية الغرفةبعد ان انهكها التعب والارهاق وما زالت اثار الدموع في عينيها ، لم تفهم ما قصدهسالم الدهري ولم تعرف من يكون هذا الشخص الغريب ...
اقترب سالم من جورجيت وجلسبجانبها واخذ يتحسس جدائل شعرها الطويل واتقدت في عينيه نار الشهوة كذئب جائعاستفرد بحمل وديع وبأصابعه اخذ يفك الجدائل وبكل عفوية وبراءه سحبت جورجيت جدائلشعرها من يد سالم وقالت : لا تفكها يا عمو ...ماما بتزعل مني بعدين ، ابتسم سالمالدهري ابتسامة صفراء خبيثة ممزوجة بالشهوة ...وقال : لا تخافي ماما مش راح تزعلوانت كبرت على الجدايل ولازم تفردي شعرك علشأن تصيري عروسه .
-فقالت : لا انا مابدي ماما بتزعل مني الله يخليك عمو رجعني عند ماما .
-فقال سالم وهو يكتم غيظه: خليكي شاطره واسمعي الكلام وبكره بوخذك على الماماصمتت جورجيت واحنت رأسهاواطرقت بعينيها الى الارض وضمت يدها على الاخرى ظنا منها انها بهذه الطريقة ترضيسالم وتكون "شاطرة" ليعيدها الى امها ولم يكن سالم الدهري من الانسانية ليشعر انهامام فتاة بريئة لا تفقه من امور الحياة شيئا وانها عاشت حياتها منذ ولادتها معزولةعن الدنيا بحكم ظروفعائلتها ولم تعرف الا والدتها ووالدها اللذين كانا مشغولين عنهاليلا ونهارا في العمل الشاق من اجل توفير لقمة العيش لهم.. ولم يكن لها اخ او اختولا صديق او صديقة ولم تكن تسنح لها الفرصة الا كل عدة اشهر لساعات معدودة للعب معمجموعة من الاطفال القادمين مع عائلاتهم لتتنزه بالقرب من المزرعة التي سكنتها مععائلتها وهذه الظروف جعلت من جورجيت تبدو في تصرفاتها كطفلة لم تبلغ العاشرة منالعمر بالرغم من انها بلغت الخامسة عشرة ذات جسد ممشوق وجمال يبهر الابصار ... استمر سالم الدهري يفك جدائل شعرها ..ولم يكن ليستطيع ان يتمالك نفسه ويجمح نارالشهوة المشتعلة بداخله والتي كانت تزيد التهابا كلما لامست يداه كتفي جورجيت وهويفك جدائلها وبشراسة حيوان مفترس مزق فستانها البالي بكلتا يديه ؛ وبعنف وبدون رحمهوجورجيت تصرخ من الالم وتقفز من جانبه مشدوهه مذهولة ؛ مصدومة لا تدري ماذا يحدث .. وتصرخ "حرام تضربني يا عمو منشأن الله انا ما عملت شيء" وتبكي ويلاحقها سالم الدهريويطاردها في ارجاء الغرفة ويشدها من شعرها ويمزق ما تبقى عليها من ثياب ..... تسقطجورجيت على الارض ويلقي بجسده الثقيل عليها ، يغشى على جورجيت لتصحو بعد عدة ساعات ... تفتح عيونها ومن اثر الصدمة لا تدري ان كان ما حدث كابوسا ام حقيقة.. ترى امامعينيها زوجة سالم الثانية والدموع في عينيها ... تضمد جروحها وتحاول ان تحرك جسدهالكنها لم تستطيع من شدة الألم تحرك رأسها ولو قليلا فقد كانت تشعر بألم وجروح علىرقبتها وكتفيها وصدرها ... وتعي فورا انها لم تكن في حلم ولا في كابوس ، تبكيبحرارة وتقول لزوجة سالم الثانية التي ما زالت تضمد جروحها "ليش يا خالتو انا شوعملت .. ليش يا خالتو " اخذت زوجة سالم رأس جورجيت ووضعتها في حضنها بحنان ولمتتمالك نفسها بأن تعتقل دمعتها التي خرت على خدها من جراء ما حصل لهذه المسكينةوقالت لها : معلش يا بنتي بكره بتنسي .. واخذت جورجيت وهي تبكي تسأل زوجة سالماسئلة كثيرة واحتارت زوجة سالم كيف ترد عليها وهي تدرك ان براءه جورجيت لن تستوعبماحدث ... مرت ايام وجورجيت ما زالت طريحة الفراش تعتني بها زوجة سالم ليل نهارورغم الحظر الكبير الذي فرضه سالم الدهري بمنع أي من كان من رؤية جورجيت الا ان بعضالنساء والصبايا من عائلة الدهري حضرن خلسة لزيارة جورجيت ومواساتها والعناية بها ... وكان لذلك الاثر الكبير في ان تحسن حالة جورجيت وتستعيد قوتها من جديد وبعدمرور عشرة ايام وفي ساعات الليل دخل سالم الدهري الى الغرفة حيث ترقد جورجيتوبجانبها زوجته الثانية دون سابق انذار وطلب من زوجته الثانية ان تخرج وتغلق البابخلفها وأخذت....
الحلقة الحادية عشرةوسارت ياسمين المقنعة تصعد الجبلولكن فارس امسك بها من كتفها وقال لها :يا مجنونة وين رايحة في هالليل .؟
-قالت :انا ذاهبة لاريك قبر عمتك ...
-قال فارس :اي انسانة انت ...الا تخافي ...الاتعرفي الخوف ...كيف سنصعد الجبل في مثل هذه الساعة المتاخرة وهذا الظلام الدامس ...؟ الا تخافي من الوحوش والضباع ؟...تعالي نذهب الان وان كنت مصرة على هذه اللعبةفسنعود غدا ونكملها في النهار ...تعالي الان نذهب من هنا ...
-قالت ياسمين :الوحوش والضباع لا تخيف احدا ، كما ان قلوبها لا تخلوا من الرحمة التي لو كانت عنداجدادك لما كنت انت هنا اليوم ، وعمتك قتلت في الظلام وماتت في الظلام ودفنت فيالظلام والحقيقة التي تدفن في الظلام ، لا تخرج الا في الظلام ..وانت يا فارس ياابن عائلة الدهري يا ابن عائلة الظلام تعال ولاتكن جبانا ، ففي مثل هذه الساعة وهذااليوم سار اجدادك وابوك واعمامك من هذه الطريق ليتركوا فيها بصماتهم القذرة .
وقف فارس مذهولا فهو لا يدري ماذا يجيبها ...؟ وماذا يقول لها ..؟ وكيفيقنعها..انه ليس من عائلة الدهري وان عمته ما زالت حية ..! واحتار فارس ماذا يفعلمعها وكيف يقنعها انه لا دخل له بجنونها...هل يهرب ويتركها ام يصعد معها الجبلالموحش المرعب الذي لا يسمع فيه الا العواء والنباح ، ولكن ياسمين كانت اسرع منافكار فارس واقتربت منه وامسكت بيده واخذت تقوده باتجاه الجبل وفارس منقاد خلفها لاينبس بحرف واحد كطفل صغير امسكت امه بيده واخذت تسير امامه وهو خائف ...وحينما وصلتياسمين منتصف الجبل تركت يد فارس وسارت ورفعت يدها لفوق واخذت تصرخ بصوت عال ترددصداه في انحاء الجبل والجبال المجاورة لهيا ربيحة ...يا ربيحةياابنة واخت القتلةيا ابنة العائلة الملعونةيا ابنة الدهري ...
يا لعنةالجبل ..اخرجي من قبركواسمعينا صوتك واستقبلي قريبكملعون اخر جاء ليزوركيحمل اسمك ودمك ويحمل لعنة عائلتكاخرجي يا ربيحة ...اخرجي يا ربيحةوما ان اكملت ياسمين كلامها حتى بدأ يسمع صوت امرأة يقشعر لهالابدان ويصدر من كل الانحاء ...امرأة تصرخ وتستغيث وصراخها يعلو اكثر واكثروبكاؤها يقطع القلوب من الحزن ...تصرخ :من شأن الله ارحموني ...من شأن الله اتركوني ...انا ما عملت شيء ...انا مظلومة ...انا مظلومة لا تقتلوني ...من شان الله يا بابا ...من شان الله يا بابا لا تموتوني ...لا تموتوني ...
وصرخة آلم عالية تلتهاصرخة اخرى واخرى حتى توقف الصراخ وكان المرأة التي كانت تصرخ ما عادت قادرة علىالصراخ ...واخذ يسمع صوت حفر في الارض ولهث مجموعة من الرجال ومن ثم صوت خطواتتتلاشى وكانها تغادر المكان ...في هذه الاثناء كان فارس قد امسك بيد ياسمين بقوةوكأنه يحتمي بها ...وتلفت في جميع الاتجاهات باحثا عن مصدر الصوت وياسمين ما زالتواقفة حتى حل السكون والهدوء على الجبل والتفتت ياسمين الى فارس وقالت له وهو مازال مستمرا مجمدا يرتجف من الخوف:
فارس لماذا انت خائف ؟...ومما انت خائف ...منالوحوش والضباع ام من عائلتك ...في مثل هذه الساعة وهذا اليوم قبل سنين طويلة قتلتعمتك ، والذي قتلها هو ابوك وجدك واعمامك ...حتى الوحوش والضباع هربت من الجبلحينما قدموا واحضروها معهم ...حتى الوحوش والضباع كانت سترحمها ...اما لماذا قتلت ...؟ فان اردت ان تعرف عليك ان تفتح قبرها..!
واصل فارس الاستماع الى ياسمينبدون ان يتكلم وما زال يرتجف من الخوف ...وياسمين تقول له :
لا تخف يا فارس ...لا تخف ...لا يوجد شيء في هذا الجبل يؤذيك ...لا تخف انها مجرد اصوات الموتى لاتخيف ولا تؤذي ...انها اصوات ستبقى ساكنة لهذا الجبل لتشهد على جريمة لم يكشف عنهااحد وسيسمع هذه الاصوات...كل من يقترب من هذا الجبل ...في مثل هذه الساعة وهذااليوم ...هذا جبل ربيحة الملعون.
- ونطق فارس وقال :ارجوك يا ياسمين ...دعينانذهب من هنا ...ارجوك اخرجيني من هذا المكان لا اريد ان اعرف شيئا ...ارجوك ...
-فقالت ياسمين :لماذا انت خائف ...؟ لا تكن جبانا ...أي رجل انت ...؟ هذهفرصتك لتعرف الحقيقة ...حقيقة عائلتك ... ان ذهبت من هنا وان اشرقت الشمس ستضطر انتنتظر عاما كاملا لتستطيع معرفة الحقيقة ...هيا كن شجاعا ولا تضيع الفرصة بخوفك ...هيا اطرد الخوف من قلبك ...لا داعي لان يقتلك الفضول وانت تنتظر عاما كاملالتعرف عن عائلتك ...
-فقال فارس :ياسمين انا بعرف عائلتي جيدا ...ارجوك انا لستمن عائلة الدهري ولا اريد ان اعرف عنهم شيئا ولا دخل لي بهم ...صدقيني لا اريد اناعرف عنهم شيئا ...انا اعرف من هو والدي ومن هو جدي ومن هم اعمامي ولا احد منهميحمل اسم الدهري ...فكفاك عبثا بي ...لا اريد ان اصاب بالجنون بقصة مجنونة لا دخللي بها .
-فاقتربت ياسمين من فارس وامسكت بيدها يده ووضعت اليد الاخرى على خدهوقالت:
فارس حبيبي انا لازم اتجوزك ...ولا انت نسيت انو احنا لازم نتجوز ...مشانا اخترتك زوجا لي وانت وافقت يا حبيبي؟؟... فارس مش انت بتحبني وبدك تتجوزني ،علشان هيك يا حبيبي لازم تعرف القصة وتعرف حقيقتك وحقيقة عيلتك الوسخة يا حبيبي ...ما تخاف انا جنبك ...انا صحيح وعدتك انو رايح افتحلك قبر ...بس انا يا حبيبي مابدي أأذيك ولا تنسى انو انت راح تكون جوزي وابو بناتي ...اسمع كلامي علشان اقدراحميك من لعنة ابوك واجدادك ...هاي انا بنت ومش خايفة ...وانت زلمة ومش لازم تخاف ...
-فقال فارس :ياسمين انا مش مقتنع انك انسانة ومش ممكن تكوني انسانة ...انتسر غامض ..انت مش من البشر ...انت ام الجماجم ...جنية ...شيطانة...ساحرة ...روح ميتمن الفضاء ما بعرف ...بس انتي مش من البشر...من يوم ما عرفتك وانا ما بعرف الاالجماجم والاموات والقبور وطول وقتك لابسة اسود باسود ...ما بدك حد يشوف حتىاصبعك...صحيح انا خايف وكل انسان لازم يخاف ...بس انت ما بتخافي لانك مش من الانس .
-فقالت ياسمين :حبيبي فارس بس هبل ...انا قبل هالمرة حكيتلك اني انسانة ومنالبشر واكثر من هيك ، انا بحمل دمك واصلي من اصلك ...وانت قبل هالمرة شفتني ولأّنسيت يا روحي ؟
-فقال فارس : صحيح انا شفتك بس هذا ما بعني انك مثل كل البنات ...
-فقاطعته ياسمين وقالت : مزبوط كلامك ...انا مش مثل كل البنات ...انا احلىمنهم كلهم...انا قلت لك قبل هالمرة انو اذا الله خلق وحدة حلوة فهي انا يا حبيبي ،وعلى فكرة ممكن هلق تشوفني للمرة الثانية يا فارس.
وبرغم من اشتياق فارس لرؤيةياسمين ذات الخمار مرة اخرى ، الا ان خوفه من الجبل واصوات الموتى كان اقوى مناشتياقه ...
-فقال لها :ما بدي اشوفك ...انا بدي اخلص من لعبة الاموات والقبورهاي .
-فابتسمت ياسمين وبكلمات هادئة وواثقة وقالت له : لا يا حبيبي انت حابتشوفني وحابب تلمس ايدي بدون ما اكون لابسة الكفوف وحابب تحضني وكمان حابب تبوسني ...واشياء اكثر من هيك كمان ...
فصمت فارس ولم يتكلم وكأنه بصمته يؤكد على ماقالته ...بل ان بريق عينيه يؤكد كل كلمة قالتها ويدعوها ان تفعل ذلك ...وبدأتياسمين بنزع الخمار وكأنها تلبي طلب عيون فارس ...وبان وجه ياسمين وكانه البدر ...وحركت راسها بدلال يمينا وشمالا ليتناثر شعرها الاسود الطويل الممزوج بظلامالجبل ...ورفعت يدها اليمنى وباسنانها امسكت طرف القفاز وسحبته من يدها بدلال لتخرجاصابعها من القفاز ...لتظهر كفة يدها الناعمة الملساء..وفعلت كذلك بيدها اليسرى ..والقت بالقفازين في الهواء ليهبطا على الارض على بعد عدة امتار الى جانبها ...وباطراف اصابعها وعيون فارس تراقبها ..اخذت بفك خيوط العباءة التي تحجب جسدهامتعمدة الابطاء ..وكانها تسعى لتزيد نار الشوق في قلب فارس ...فكت الخيط الاول الذيكان يشد العباءة حول العنق ليظهر قليلا ، وفكت الخيط الثاني بدلالليظهر ما حجب منعنقها ، وفكت الخيط الثالث لتميل العباءة قليلا ..وتظهر اطراف كتفيها...وباطرافاصابعها بدات بفك الخيط الذي يشد العباءة حول الصدر ، ولكنها لم تنجح او تعمدت انلا تنجح ...وبنظرة ملتهبة رمقتها لفارس وقالت :فارس حبيبي تعال وساعدني وفك الخيط،,فانا لا استطيعاقترب فارس مرتبكا وقد نسي خوفه ومد يداه المرتبكتين وباصابعهالتي لامست الخيط ..ليحاول فك عقدته فابتسمت ياسمينوقالت:اقترب اكثر يا فارسلا تخف .
واقترب فارس ولم يفصله عن ياسمين الا اصابعه التي تعبث بعقدة الخيطليفكها متشوقا بجنون ..لتنزاح هذه العباءة وتكشف عن بقية الجسد ..ولكن اصابع فارسفشلت بحل عقد الخيط وكان في داخله يتمنى ان يمزقه بكلتا يديه ...وتمد ياسمين يديهاوتبدا بمداعبة شعر فارس باصابعها وتحيط بعنقه بكلتا يديها وهي تقول له
:حاولباسنانك فربما تنجح اكثر..
وتشد راسه اليها وهي ما زالت تداعب شعره بكفتي يديها ...بدأ فارس محاولة اخرى لفك الخيط باسنانه وهي تشده اكثر اليها وراسها يميل الىالخلف...تحثه على ان يسرع اكثر..
طوق فارس ياسمين بيديه وبدأ بقضم الخيطباسنانه بعد ان فشل بحله ، وتحثه هي على ان يسرع قبل ان تشرق الشمس ...وتلقي ياسمينبجسدها فوق التراب وكانها تود ان تتمرغ فيه ..وتشد فارس معها الى الارض وهو ما زاليقضم الخيط بفمه واسنانه ..حتى لم يبق من الخيط شيئا ، وينتقل الى الخيط الذي يليه ...وكان قضم خيط العباءة يزيد من جنون فارس ويشعل الجنون بداخله ويزيده اكثر صوتياسمين وهي تحثه على ان يسرع ويسرع ...
يرفع فارس رأسه ..ولكنها وبحركة خفيفةناعمة بطيئة تقف على قدميها ، وفارس ما زال مستلقيا على الارض يرمقها بعينيهالمتقدتين بالرغبة والجنون .
تقف ياسمين منتصبة وترفع العباءة التي سقطت عنكتفيها وصدرها ، وترمق فارس بنظرة غريبة مرعبة...
-وقالت بنبرة صوت هادئة واثقةمجنونة شهوانية :فارس ...فارس ...فارس ...اتريدني يا فارس الان ...اتريدني فوق هذاالتراب حيث تستلقي وحيث اقف ...اتريدني الان يا فارس ...؟ انا ايضا اريدك ...؟
الحلقة الثانية عشرولكن اريدك ان تعرف الحقيقة اكثر...هناحيث تستلقي دفنت عمتك ...احفر التراب وازحه لتعرف الحقيقة ان كنت تريدني... اعرفالحقيقةلم يخف فارس حينما علم انه يستلقي فوق قبر المرأه التي كانت تصرخ والتيتقول له ياسمين انها عمته ...فقد كانت نار الاشتياق لياسمين اقوى من خوفه ومن رهبةالموت والقبر ...وبدأ بحفر التراب بكلتا يديه ..بجنون وعيونه متسمرة نحو ياسمين ...حفر اكثر واكثر وبقوة وعلى ضوء القمرالتفت باتجاه يديه التي حملت شيئا ، ما انراه حتى توقف مذعورا خائفا ...كان فارس قد راى بين يديه راس امراة مقطوعا ..وقدتاكل من العفن الا الشعر الحريري الاسود الذي ما زال كما هو يغطي الراس المتعفنودون ان يصاب بأي تلف وكأنه لفتاة مدللة تعتني به كل لحظة ...
اصفر فارس وارتعشولم يحتمل بشاعة ما راى ، وبدأ يتقيأ بشدة ودون توقف وسقط على الارض مغشيا عليه منهول الصدمة ومن هول ما راى
...وما ان فتح فارس عينيه حتى كانتالشمس قد اشرقت ...وجد نفسه في سيارته مستلقيا وبجانبه ياسمين تداعب شعره وجبينهبرقة وحنان وفارس ينظر اليها ولا ينبس بحرف واحد ..وقد بدا الارهاق والتعب والقلقعلى وجهه واضحا جليا وعيونه تائهة حائرة مما يحدث معه ..وقال فارس وقد اغرورقتعيناه بالدموع :ياسمين ارحميني لم اعد احتمل ..ارجوك ...ارجوك ...واغلق عينيهمستسلما .
وبدا على ياسمين التاثر لحال فارس المنهار وادركت ان فارس لم يعد يقوىويحتمل اكثر من ذلك ..فقالت بنبرة حزينة
: فارس هيا لاعيدك الى البيت لتنامقليلا وترتاح .
-فقال فارس :وهل ساعرف طعما للنوم او الراحة وانا غارق في بحر منالالغاز لا اول ولا اخر له ... ماذا حدث معي يا ياسمين وكيف وصلت الى هنا ...المنكن في الجبل ؟؟
-فقالت ياسمين :نعم يا حبيبي كنا في الجبل ولكن اغمي عليك فجاةوبدون سبب ، وبعد ذلك ايقظتك وعدنا الى السيارة وكنت متعبا فتركتك لتنام قليلا .
ارتسمت على شفاه فارس ابتسامة ساخرة حزينة ومهمومة وقال :اغمي علي دون سبب ؟ ...تقولين دون سبب!!! وهل وجودنا في هذا المكان الرهيب في منتصف الليل ...نسمع صراخوبكاء الاموات واحفر قبرا لاخرج راسا مقطوعا ...هل كل هذا لا يكفي ليكون سببا؟؟؟
-قالت :فارس حبيبي ، لا ادري ما الذي تخيلته انت ...ولكن كل ما في الامر انكحفرت القبر واخرجت هذا (الصندوق الصغير ) ولم يكن هناك راس ولا عظام ولكن ان تخيلترأسا فذلك مجرد اوهام ...انظر الى الصندوق الذي اخرجته لعلك تجد بداخله شيئا يساعدكعلى معرفة حقيقتك وحقيقة عائلتك القذرة .
..وانت بمحض ارادتكحفرت لتخرج الحقيقة المدفونة ولم يجبرك احد على ذلك ...حركت ياسمين السيارة واخذتتقودها بسرعة جنونية وهي تقول لفارس :الان ساوصلك الى البيت لتذهب وتنام قليلا وبعدذلك ، افتح الصندوق وسترى ما يساعدك على معرفة جزء اخر من الحقيقة الملعونة .
انهت ياسمين كلماتها وقادت السيارة بسرعة جنونية وكانها تسابق الريح ...طريقةقيادتها الجنونية للسيارة اربكت فارس واستفزته ليصرخ فيها :اوقفي السيارة ايتهاالمجنونة !!! وتبتسم ياسمين ولا تبالي وينفجر فارس غاضبا ويصرخ بها:اوقفي السيارة ...لكنها لم تبال بل زادت من السرعة اكثر واكثر .مد فارس يده الى مقود السيارة وهويصرخ بها وكادت ياسمين تفقد السيطرة على السيارة التي اخذت تتمايل في وسط الشارعولكنها ببراعة سيطرت على السيارة واوقفتها ...فارس قد اصفر لونه من الخوف وخاصة فياللحظات الاخيرة التي كادت السيارة تهوي بهما نحو واد سحيق .اوقفت ياسمين السيارةوقالت لفارس :مالك يا حبيبي ...في شيء زعلك ؟ومد فارس يده الى مفاتيحالسيارة وسحبها ووضعها في جيبه خوفا من ان تعيد ياسمين الكرة مرة اخرى وخرج منالسيارة وقال لها :انت مجنونة والله العظيم انك مجنونةوانا مجنون اللي ماشيورا وحدة مجنونة ...ملعون ابو الحب وابو الفضول اللي معلقني فيك واللي مخليني امشيوراك مثل الكلب من مقبرة لمقبرة ومن جنون لجنون ...بفكر انه وصلنا لاخر محطة فيهالقصة وبفكر انه اللعبة انتهت ولازم تنتهي الآن.
-فقالت ياسمين ساخرة :مش حتقدرتنهي شيء ...كل شيء بينتهي في وقته يا حبيبي.
-فرد فارس :لا يا ام الجماجم ...انا اللي بقرر ان انهيه او ما انهيه .
-قالت :قدر ومكتوب يا حبيب قلبي ومثلما بحكو "المكتوب ما منو هروب "
-قال :قدر ومكتوب لك ماهو لي ...
-قالت :طيبقل لي كيف حتنهيه يا شاطر ؟
-قال :بسيطة كثير ..ما ودي اشوف وجهك مرة ثانية لامنبعيد ولا من قريب وكذا كل شيء انتهى .
-قالت :تقدر ما تشتاق لي وما تفكر فيّ؟
-قال :بقدر والايام حتثبت لك يا سيدة القبور .
-قالت :بس انت بتحبني ومشحتقدر تعيش من دوني ولأ أنسيت اني قدرك يا فارس ؟
-قال :بس يا ياسمين كلامكالغامض ما عاد يؤثر في ...والحقيقة انني احببت اسلوبك الغامض واحببت طريقة كلامكوعلشان ما كنت بقدر اشوفك وانت متخفية ورا الخمار...دفعني الفضول اطارد وراك ، مثلكمثل لغز صعب بحب الواحد يفكر فيه حتى يحله...ولو كنت مش لابسة هالخمار ومتخفية كنتمثل أي وحدة ثانية.. والغمامة السوداء اللي انت لابستيها ..واللي كانت مسكرة علىعقلي انزاحت .
-قالت :يا فارس بلاش كذب ...انت عمرك شفت وحدة مثلي ...؟
-قال :بصراحة مجنونة مثلك ما شفت .
-قالت :وحلوة مثلي شفت ؟ ولا باحلامك حتشوف ...
-قال :الجمال مش كل شيء في الحياة !!
-قالت ساخرة :يعني انت بطلت تحبنيوزعلان مني يا حبيبي ؟؟؟
-قال :بدون مسخرة اللعبة انتهت ودوري على اسلوب ثاني ...
-قالت :طيب ...بس بفكر انه بهمك تعرف حقيقتك وحقيقة عائلتك وقصة عمتك ربيحةوليش ابوك واعمامك قتلوها ..!
-فضحك فارس من اعماق قلبه بصوت عال ...وقال :ياسمين يا مجنونة ..انت فكرك انا مصدق الهبل اللي انت بتحكيلي اياه ...صحيح اناكنت ماشي وراك خطوة بخطوة ...صحيح انه عندك قدرات غريبة جدا ومش طبيعية ومع اني ماكنت اؤمن بالسحر بس بشهدلك انك ساحرة وعلى مستوى كمان وانا ما كنت ماشي وراك علشانالكلام الفاضي اللي بتحكيه عن عيلة الدهري وعن عيلة الشامي وعن وحده اسمها ربيحة ...انا كنت ماشي وراك انت وعلشانك انت ...وما كان مهم القصة اللي انت بتحكيها ،المهم اني اقدر اشوفك واكلمك و....عرفتت يا ياسمين ؟
-قالت ياسمين :شاطر يا فارس ...شاطر بس لا تنسى اني لعنة ابوك وابو ابوك واجدادك ...ومش حتقدر تهرب من اللعنة .
-فضحك فارس وقال :طيب اسحريني قرد وتجوزيني... واخذ يضحك ...!!
-استفزتياسمين وقالت :قلتلك انا ماني ساحرة يا فارس ...انا انسانة مثلك ...
-ابتسم فارسوازدادت ثقته بنفسه للنصر الذي حققه على ياسمين وقال :طيب بما انك انسانة مثلي وشرايك تخلعي هالعباية والخمار ونطلع انا وانت نسهر سهرة حلوة وننسى هالكلام الفاضي،انا اعرف محل حلو ...
-قاطعته ياسمين وقالت :انا ماني رخيصة مثل الناس الليتعرفها ...
-قال :بس الليلة الماضية في الجبل ما كنت ممانعة ...او انت بتحبي كذاسهرات بين القبور...
-قالت وقد استشاطت غضبا : صدقت امي وستي ...دم "الدهري" وسخوكلكم واحد وش يخلف ابن الدهري؟؟ الا كلب جديد يحمل اسمه .
وفرح فارس وهو يرىياسمين ام الجماجم مرتبكة مستفزة ..وشعر بنصر اخر على هذه المخلوقة الجبارة العجيبة ..ازداد غروره بنفسه واراد ان يراها ضعيفة اكثر واكثر...اقترب منها مبتسما وبثقةعالية ومد يده الى الخمار الذي يغطي وجهها وسحبه من فوق راسها والقاه على الارضليظهر وجه ياسمين وشعرها الذي تعجز الكلماتوالاوصاف عن وصف ذلك الابداع الالهيالمتناسق الجمال الذي يفوق كل جمال او صورة او خيال .
-قالت :انا ذاهبة لاريك قبر عمتك ...
-قال فارس :اي انسانة انت ...الا تخافي ...الاتعرفي الخوف ...كيف سنصعد الجبل في مثل هذه الساعة المتاخرة وهذا الظلام الدامس ...؟ الا تخافي من الوحوش والضباع ؟...تعالي نذهب الان وان كنت مصرة على هذه اللعبةفسنعود غدا ونكملها في النهار ...تعالي الان نذهب من هنا ...
-قالت ياسمين :الوحوش والضباع لا تخيف احدا ، كما ان قلوبها لا تخلوا من الرحمة التي لو كانت عنداجدادك لما كنت انت هنا اليوم ، وعمتك قتلت في الظلام وماتت في الظلام ودفنت فيالظلام والحقيقة التي تدفن في الظلام ، لا تخرج الا في الظلام ..وانت يا فارس ياابن عائلة الدهري يا ابن عائلة الظلام تعال ولاتكن جبانا ، ففي مثل هذه الساعة وهذااليوم سار اجدادك وابوك واعمامك من هذه الطريق ليتركوا فيها بصماتهم القذرة .
وقف فارس مذهولا فهو لا يدري ماذا يجيبها ...؟ وماذا يقول لها ..؟ وكيفيقنعها..انه ليس من عائلة الدهري وان عمته ما زالت حية ..! واحتار فارس ماذا يفعلمعها وكيف يقنعها انه لا دخل له بجنونها...هل يهرب ويتركها ام يصعد معها الجبلالموحش المرعب الذي لا يسمع فيه الا العواء والنباح ، ولكن ياسمين كانت اسرع منافكار فارس واقتربت منه وامسكت بيده واخذت تقوده باتجاه الجبل وفارس منقاد خلفها لاينبس بحرف واحد كطفل صغير امسكت امه بيده واخذت تسير امامه وهو خائف ...وحينما وصلتياسمين منتصف الجبل تركت يد فارس وسارت ورفعت يدها لفوق واخذت تصرخ بصوت عال ترددصداه في انحاء الجبل والجبال المجاورة لهيا ربيحة ...يا ربيحةياابنة واخت القتلةيا ابنة العائلة الملعونةيا ابنة الدهري ...
يا لعنةالجبل ..اخرجي من قبركواسمعينا صوتك واستقبلي قريبكملعون اخر جاء ليزوركيحمل اسمك ودمك ويحمل لعنة عائلتكاخرجي يا ربيحة ...اخرجي يا ربيحةوما ان اكملت ياسمين كلامها حتى بدأ يسمع صوت امرأة يقشعر لهالابدان ويصدر من كل الانحاء ...امرأة تصرخ وتستغيث وصراخها يعلو اكثر واكثروبكاؤها يقطع القلوب من الحزن ...تصرخ :من شأن الله ارحموني ...من شأن الله اتركوني ...انا ما عملت شيء ...انا مظلومة ...انا مظلومة لا تقتلوني ...من شان الله يا بابا ...من شان الله يا بابا لا تموتوني ...لا تموتوني ...
وصرخة آلم عالية تلتهاصرخة اخرى واخرى حتى توقف الصراخ وكان المرأة التي كانت تصرخ ما عادت قادرة علىالصراخ ...واخذ يسمع صوت حفر في الارض ولهث مجموعة من الرجال ومن ثم صوت خطواتتتلاشى وكانها تغادر المكان ...في هذه الاثناء كان فارس قد امسك بيد ياسمين بقوةوكأنه يحتمي بها ...وتلفت في جميع الاتجاهات باحثا عن مصدر الصوت وياسمين ما زالتواقفة حتى حل السكون والهدوء على الجبل والتفتت ياسمين الى فارس وقالت له وهو مازال مستمرا مجمدا يرتجف من الخوف:
فارس لماذا انت خائف ؟...ومما انت خائف ...منالوحوش والضباع ام من عائلتك ...في مثل هذه الساعة وهذا اليوم قبل سنين طويلة قتلتعمتك ، والذي قتلها هو ابوك وجدك واعمامك ...حتى الوحوش والضباع هربت من الجبلحينما قدموا واحضروها معهم ...حتى الوحوش والضباع كانت سترحمها ...اما لماذا قتلت ...؟ فان اردت ان تعرف عليك ان تفتح قبرها..!
واصل فارس الاستماع الى ياسمينبدون ان يتكلم وما زال يرتجف من الخوف ...وياسمين تقول له :
لا تخف يا فارس ...لا تخف ...لا يوجد شيء في هذا الجبل يؤذيك ...لا تخف انها مجرد اصوات الموتى لاتخيف ولا تؤذي ...انها اصوات ستبقى ساكنة لهذا الجبل لتشهد على جريمة لم يكشف عنهااحد وسيسمع هذه الاصوات...كل من يقترب من هذا الجبل ...في مثل هذه الساعة وهذااليوم ...هذا جبل ربيحة الملعون.
- ونطق فارس وقال :ارجوك يا ياسمين ...دعينانذهب من هنا ...ارجوك اخرجيني من هذا المكان لا اريد ان اعرف شيئا ...ارجوك ...
-فقالت ياسمين :لماذا انت خائف ...؟ لا تكن جبانا ...أي رجل انت ...؟ هذهفرصتك لتعرف الحقيقة ...حقيقة عائلتك ... ان ذهبت من هنا وان اشرقت الشمس ستضطر انتنتظر عاما كاملا لتستطيع معرفة الحقيقة ...هيا كن شجاعا ولا تضيع الفرصة بخوفك ...هيا اطرد الخوف من قلبك ...لا داعي لان يقتلك الفضول وانت تنتظر عاما كاملالتعرف عن عائلتك ...
-فقال فارس :ياسمين انا بعرف عائلتي جيدا ...ارجوك انا لستمن عائلة الدهري ولا اريد ان اعرف عنهم شيئا ولا دخل لي بهم ...صدقيني لا اريد اناعرف عنهم شيئا ...انا اعرف من هو والدي ومن هو جدي ومن هم اعمامي ولا احد منهميحمل اسم الدهري ...فكفاك عبثا بي ...لا اريد ان اصاب بالجنون بقصة مجنونة لا دخللي بها .
-فاقتربت ياسمين من فارس وامسكت بيدها يده ووضعت اليد الاخرى على خدهوقالت:
فارس حبيبي انا لازم اتجوزك ...ولا انت نسيت انو احنا لازم نتجوز ...مشانا اخترتك زوجا لي وانت وافقت يا حبيبي؟؟... فارس مش انت بتحبني وبدك تتجوزني ،علشان هيك يا حبيبي لازم تعرف القصة وتعرف حقيقتك وحقيقة عيلتك الوسخة يا حبيبي ...ما تخاف انا جنبك ...انا صحيح وعدتك انو رايح افتحلك قبر ...بس انا يا حبيبي مابدي أأذيك ولا تنسى انو انت راح تكون جوزي وابو بناتي ...اسمع كلامي علشان اقدراحميك من لعنة ابوك واجدادك ...هاي انا بنت ومش خايفة ...وانت زلمة ومش لازم تخاف ...
-فقال فارس :ياسمين انا مش مقتنع انك انسانة ومش ممكن تكوني انسانة ...انتسر غامض ..انت مش من البشر ...انت ام الجماجم ...جنية ...شيطانة...ساحرة ...روح ميتمن الفضاء ما بعرف ...بس انتي مش من البشر...من يوم ما عرفتك وانا ما بعرف الاالجماجم والاموات والقبور وطول وقتك لابسة اسود باسود ...ما بدك حد يشوف حتىاصبعك...صحيح انا خايف وكل انسان لازم يخاف ...بس انت ما بتخافي لانك مش من الانس .
-فقالت ياسمين :حبيبي فارس بس هبل ...انا قبل هالمرة حكيتلك اني انسانة ومنالبشر واكثر من هيك ، انا بحمل دمك واصلي من اصلك ...وانت قبل هالمرة شفتني ولأّنسيت يا روحي ؟
-فقال فارس : صحيح انا شفتك بس هذا ما بعني انك مثل كل البنات ...
-فقاطعته ياسمين وقالت : مزبوط كلامك ...انا مش مثل كل البنات ...انا احلىمنهم كلهم...انا قلت لك قبل هالمرة انو اذا الله خلق وحدة حلوة فهي انا يا حبيبي ،وعلى فكرة ممكن هلق تشوفني للمرة الثانية يا فارس.
وبرغم من اشتياق فارس لرؤيةياسمين ذات الخمار مرة اخرى ، الا ان خوفه من الجبل واصوات الموتى كان اقوى مناشتياقه ...
-فقال لها :ما بدي اشوفك ...انا بدي اخلص من لعبة الاموات والقبورهاي .
-فابتسمت ياسمين وبكلمات هادئة وواثقة وقالت له : لا يا حبيبي انت حابتشوفني وحابب تلمس ايدي بدون ما اكون لابسة الكفوف وحابب تحضني وكمان حابب تبوسني ...واشياء اكثر من هيك كمان ...
فصمت فارس ولم يتكلم وكأنه بصمته يؤكد على ماقالته ...بل ان بريق عينيه يؤكد كل كلمة قالتها ويدعوها ان تفعل ذلك ...وبدأتياسمين بنزع الخمار وكأنها تلبي طلب عيون فارس ...وبان وجه ياسمين وكانه البدر ...وحركت راسها بدلال يمينا وشمالا ليتناثر شعرها الاسود الطويل الممزوج بظلامالجبل ...ورفعت يدها اليمنى وباسنانها امسكت طرف القفاز وسحبته من يدها بدلال لتخرجاصابعها من القفاز ...لتظهر كفة يدها الناعمة الملساء..وفعلت كذلك بيدها اليسرى ..والقت بالقفازين في الهواء ليهبطا على الارض على بعد عدة امتار الى جانبها ...وباطراف اصابعها وعيون فارس تراقبها ..اخذت بفك خيوط العباءة التي تحجب جسدهامتعمدة الابطاء ..وكانها تسعى لتزيد نار الشوق في قلب فارس ...فكت الخيط الاول الذيكان يشد العباءة حول العنق ليظهر قليلا ، وفكت الخيط الثاني بدلالليظهر ما حجب منعنقها ، وفكت الخيط الثالث لتميل العباءة قليلا ..وتظهر اطراف كتفيها...وباطرافاصابعها بدات بفك الخيط الذي يشد العباءة حول الصدر ، ولكنها لم تنجح او تعمدت انلا تنجح ...وبنظرة ملتهبة رمقتها لفارس وقالت :فارس حبيبي تعال وساعدني وفك الخيط،,فانا لا استطيعاقترب فارس مرتبكا وقد نسي خوفه ومد يداه المرتبكتين وباصابعهالتي لامست الخيط ..ليحاول فك عقدته فابتسمت ياسمينوقالت:اقترب اكثر يا فارسلا تخف .
واقترب فارس ولم يفصله عن ياسمين الا اصابعه التي تعبث بعقدة الخيطليفكها متشوقا بجنون ..لتنزاح هذه العباءة وتكشف عن بقية الجسد ..ولكن اصابع فارسفشلت بحل عقد الخيط وكان في داخله يتمنى ان يمزقه بكلتا يديه ...وتمد ياسمين يديهاوتبدا بمداعبة شعر فارس باصابعها وتحيط بعنقه بكلتا يديها وهي تقول له
:حاولباسنانك فربما تنجح اكثر..
وتشد راسه اليها وهي ما زالت تداعب شعره بكفتي يديها ...بدأ فارس محاولة اخرى لفك الخيط باسنانه وهي تشده اكثر اليها وراسها يميل الىالخلف...تحثه على ان يسرع اكثر..
طوق فارس ياسمين بيديه وبدأ بقضم الخيطباسنانه بعد ان فشل بحله ، وتحثه هي على ان يسرع قبل ان تشرق الشمس ...وتلقي ياسمينبجسدها فوق التراب وكانها تود ان تتمرغ فيه ..وتشد فارس معها الى الارض وهو ما زاليقضم الخيط بفمه واسنانه ..حتى لم يبق من الخيط شيئا ، وينتقل الى الخيط الذي يليه ...وكان قضم خيط العباءة يزيد من جنون فارس ويشعل الجنون بداخله ويزيده اكثر صوتياسمين وهي تحثه على ان يسرع ويسرع ...
يرفع فارس رأسه ..ولكنها وبحركة خفيفةناعمة بطيئة تقف على قدميها ، وفارس ما زال مستلقيا على الارض يرمقها بعينيهالمتقدتين بالرغبة والجنون .
تقف ياسمين منتصبة وترفع العباءة التي سقطت عنكتفيها وصدرها ، وترمق فارس بنظرة غريبة مرعبة...
-وقالت بنبرة صوت هادئة واثقةمجنونة شهوانية :فارس ...فارس ...فارس ...اتريدني يا فارس الان ...اتريدني فوق هذاالتراب حيث تستلقي وحيث اقف ...اتريدني الان يا فارس ...؟ انا ايضا اريدك ...؟
الحلقة الثانية عشرولكن اريدك ان تعرف الحقيقة اكثر...هناحيث تستلقي دفنت عمتك ...احفر التراب وازحه لتعرف الحقيقة ان كنت تريدني... اعرفالحقيقةلم يخف فارس حينما علم انه يستلقي فوق قبر المرأه التي كانت تصرخ والتيتقول له ياسمين انها عمته ...فقد كانت نار الاشتياق لياسمين اقوى من خوفه ومن رهبةالموت والقبر ...وبدأ بحفر التراب بكلتا يديه ..بجنون وعيونه متسمرة نحو ياسمين ...حفر اكثر واكثر وبقوة وعلى ضوء القمرالتفت باتجاه يديه التي حملت شيئا ، ما انراه حتى توقف مذعورا خائفا ...كان فارس قد راى بين يديه راس امراة مقطوعا ..وقدتاكل من العفن الا الشعر الحريري الاسود الذي ما زال كما هو يغطي الراس المتعفنودون ان يصاب بأي تلف وكأنه لفتاة مدللة تعتني به كل لحظة ...
اصفر فارس وارتعشولم يحتمل بشاعة ما راى ، وبدأ يتقيأ بشدة ودون توقف وسقط على الارض مغشيا عليه منهول الصدمة ومن هول ما راى
...وما ان فتح فارس عينيه حتى كانتالشمس قد اشرقت ...وجد نفسه في سيارته مستلقيا وبجانبه ياسمين تداعب شعره وجبينهبرقة وحنان وفارس ينظر اليها ولا ينبس بحرف واحد ..وقد بدا الارهاق والتعب والقلقعلى وجهه واضحا جليا وعيونه تائهة حائرة مما يحدث معه ..وقال فارس وقد اغرورقتعيناه بالدموع :ياسمين ارحميني لم اعد احتمل ..ارجوك ...ارجوك ...واغلق عينيهمستسلما .
وبدا على ياسمين التاثر لحال فارس المنهار وادركت ان فارس لم يعد يقوىويحتمل اكثر من ذلك ..فقالت بنبرة حزينة
: فارس هيا لاعيدك الى البيت لتنامقليلا وترتاح .
-فقال فارس :وهل ساعرف طعما للنوم او الراحة وانا غارق في بحر منالالغاز لا اول ولا اخر له ... ماذا حدث معي يا ياسمين وكيف وصلت الى هنا ...المنكن في الجبل ؟؟
-فقالت ياسمين :نعم يا حبيبي كنا في الجبل ولكن اغمي عليك فجاةوبدون سبب ، وبعد ذلك ايقظتك وعدنا الى السيارة وكنت متعبا فتركتك لتنام قليلا .
ارتسمت على شفاه فارس ابتسامة ساخرة حزينة ومهمومة وقال :اغمي علي دون سبب ؟ ...تقولين دون سبب!!! وهل وجودنا في هذا المكان الرهيب في منتصف الليل ...نسمع صراخوبكاء الاموات واحفر قبرا لاخرج راسا مقطوعا ...هل كل هذا لا يكفي ليكون سببا؟؟؟
-قالت :فارس حبيبي ، لا ادري ما الذي تخيلته انت ...ولكن كل ما في الامر انكحفرت القبر واخرجت هذا (الصندوق الصغير ) ولم يكن هناك راس ولا عظام ولكن ان تخيلترأسا فذلك مجرد اوهام ...انظر الى الصندوق الذي اخرجته لعلك تجد بداخله شيئا يساعدكعلى معرفة حقيقتك وحقيقة عائلتك القذرة .
..وانت بمحض ارادتكحفرت لتخرج الحقيقة المدفونة ولم يجبرك احد على ذلك ...حركت ياسمين السيارة واخذتتقودها بسرعة جنونية وهي تقول لفارس :الان ساوصلك الى البيت لتذهب وتنام قليلا وبعدذلك ، افتح الصندوق وسترى ما يساعدك على معرفة جزء اخر من الحقيقة الملعونة .
انهت ياسمين كلماتها وقادت السيارة بسرعة جنونية وكانها تسابق الريح ...طريقةقيادتها الجنونية للسيارة اربكت فارس واستفزته ليصرخ فيها :اوقفي السيارة ايتهاالمجنونة !!! وتبتسم ياسمين ولا تبالي وينفجر فارس غاضبا ويصرخ بها:اوقفي السيارة ...لكنها لم تبال بل زادت من السرعة اكثر واكثر .مد فارس يده الى مقود السيارة وهويصرخ بها وكادت ياسمين تفقد السيطرة على السيارة التي اخذت تتمايل في وسط الشارعولكنها ببراعة سيطرت على السيارة واوقفتها ...فارس قد اصفر لونه من الخوف وخاصة فياللحظات الاخيرة التي كادت السيارة تهوي بهما نحو واد سحيق .اوقفت ياسمين السيارةوقالت لفارس :مالك يا حبيبي ...في شيء زعلك ؟ومد فارس يده الى مفاتيحالسيارة وسحبها ووضعها في جيبه خوفا من ان تعيد ياسمين الكرة مرة اخرى وخرج منالسيارة وقال لها :انت مجنونة والله العظيم انك مجنونةوانا مجنون اللي ماشيورا وحدة مجنونة ...ملعون ابو الحب وابو الفضول اللي معلقني فيك واللي مخليني امشيوراك مثل الكلب من مقبرة لمقبرة ومن جنون لجنون ...بفكر انه وصلنا لاخر محطة فيهالقصة وبفكر انه اللعبة انتهت ولازم تنتهي الآن.
-فقالت ياسمين ساخرة :مش حتقدرتنهي شيء ...كل شيء بينتهي في وقته يا حبيبي.
-فرد فارس :لا يا ام الجماجم ...انا اللي بقرر ان انهيه او ما انهيه .
-قالت :قدر ومكتوب يا حبيب قلبي ومثلما بحكو "المكتوب ما منو هروب "
-قال :قدر ومكتوب لك ماهو لي ...
-قالت :طيبقل لي كيف حتنهيه يا شاطر ؟
-قال :بسيطة كثير ..ما ودي اشوف وجهك مرة ثانية لامنبعيد ولا من قريب وكذا كل شيء انتهى .
-قالت :تقدر ما تشتاق لي وما تفكر فيّ؟
-قال :بقدر والايام حتثبت لك يا سيدة القبور .
-قالت :بس انت بتحبني ومشحتقدر تعيش من دوني ولأ أنسيت اني قدرك يا فارس ؟
-قال :بس يا ياسمين كلامكالغامض ما عاد يؤثر في ...والحقيقة انني احببت اسلوبك الغامض واحببت طريقة كلامكوعلشان ما كنت بقدر اشوفك وانت متخفية ورا الخمار...دفعني الفضول اطارد وراك ، مثلكمثل لغز صعب بحب الواحد يفكر فيه حتى يحله...ولو كنت مش لابسة هالخمار ومتخفية كنتمثل أي وحدة ثانية.. والغمامة السوداء اللي انت لابستيها ..واللي كانت مسكرة علىعقلي انزاحت .
-قالت :يا فارس بلاش كذب ...انت عمرك شفت وحدة مثلي ...؟
-قال :بصراحة مجنونة مثلك ما شفت .
-قالت :وحلوة مثلي شفت ؟ ولا باحلامك حتشوف ...
-قال :الجمال مش كل شيء في الحياة !!
-قالت ساخرة :يعني انت بطلت تحبنيوزعلان مني يا حبيبي ؟؟؟
-قال :بدون مسخرة اللعبة انتهت ودوري على اسلوب ثاني ...
-قالت :طيب ...بس بفكر انه بهمك تعرف حقيقتك وحقيقة عائلتك وقصة عمتك ربيحةوليش ابوك واعمامك قتلوها ..!
-فضحك فارس من اعماق قلبه بصوت عال ...وقال :ياسمين يا مجنونة ..انت فكرك انا مصدق الهبل اللي انت بتحكيلي اياه ...صحيح اناكنت ماشي وراك خطوة بخطوة ...صحيح انه عندك قدرات غريبة جدا ومش طبيعية ومع اني ماكنت اؤمن بالسحر بس بشهدلك انك ساحرة وعلى مستوى كمان وانا ما كنت ماشي وراك علشانالكلام الفاضي اللي بتحكيه عن عيلة الدهري وعن عيلة الشامي وعن وحده اسمها ربيحة ...انا كنت ماشي وراك انت وعلشانك انت ...وما كان مهم القصة اللي انت بتحكيها ،المهم اني اقدر اشوفك واكلمك و....عرفتت يا ياسمين ؟
-قالت ياسمين :شاطر يا فارس ...شاطر بس لا تنسى اني لعنة ابوك وابو ابوك واجدادك ...ومش حتقدر تهرب من اللعنة .
-فضحك فارس وقال :طيب اسحريني قرد وتجوزيني... واخذ يضحك ...!!
-استفزتياسمين وقالت :قلتلك انا ماني ساحرة يا فارس ...انا انسانة مثلك ...
-ابتسم فارسوازدادت ثقته بنفسه للنصر الذي حققه على ياسمين وقال :طيب بما انك انسانة مثلي وشرايك تخلعي هالعباية والخمار ونطلع انا وانت نسهر سهرة حلوة وننسى هالكلام الفاضي،انا اعرف محل حلو ...
-قاطعته ياسمين وقالت :انا ماني رخيصة مثل الناس الليتعرفها ...
-قال :بس الليلة الماضية في الجبل ما كنت ممانعة ...او انت بتحبي كذاسهرات بين القبور...
-قالت وقد استشاطت غضبا : صدقت امي وستي ...دم "الدهري" وسخوكلكم واحد وش يخلف ابن الدهري؟؟ الا كلب جديد يحمل اسمه .
وفرح فارس وهو يرىياسمين ام الجماجم مرتبكة مستفزة ..وشعر بنصر اخر على هذه المخلوقة الجبارة العجيبة ..ازداد غروره بنفسه واراد ان يراها ضعيفة اكثر واكثر...اقترب منها مبتسما وبثقةعالية ومد يده الى الخمار الذي يغطي وجهها وسحبه من فوق راسها والقاه على الارضليظهر وجه ياسمين وشعرها الذي تعجز الكلماتوالاوصاف عن وصف ذلك الابداع الالهيالمتناسق الجمال الذي يفوق كل جمال او صورة او خيال .
الحلقة الثالثةعشر
------------------------------------------------------------------------------------
فوجئتياسمين بجرأة فارس وثقته العالية بنزعه الخمار عن وجهها واخذت ترمقه بنظرات ثابتةسارحة لا يستطيع احد ان يفسرها ...صمت ياسمين جعل فارس يتمادى اكثر.. واقترب اكثرواخذ يداعب شعرها وعلى شفاهه ارتسمت ابتسامة خبيثة واثقة ومد يديه الى العباءةوفكها دون أي اعتراض من ياسمين وسقطت العباءة على الارض ولم يبق يغطي جسد ياسمينالفاتن الا ثوب حريري ناعم قصير ، تعلق بخيطين من كتفيها ...وياسمين واقفة بجانبالسيارة كالصنم لا تتحرك وما زالت عينيها ثابتة ثاقبة تنظر الى فارس دون حراك .
شعر فارس بالنصر الكبير الذي ما حلم ان يحققه ومد يديه وامسك بعنق ياسمينوشدها ليقبلها وباقل من جزء من الثانية ...
رفعت ياسمين يدها اليمنى وصفعت فارسعلى وجهه صفعة كادت تلقيه على الارض لولا انه حافظ على توازنه في اللحظة الاخيرةقبل السقوط .
رفع فارس يده ثائرا لرجولته التي اهينت ..وصفع ياسمين بيده علىوجهها بقوة حركتها براكين الغضب التي كانت بداخله.. وزادتها قوة وشراسة ..لتسقطياسمين على الارض بعد ان صرخت من الم تلك الصفعة ...لترمق فارس بنظرة مليئة بالحقدوتمسح بيدها اليسرى قطرات دم سقطت من انفها وفمها من شدة اللطمة ...وتقول لفارس وهيمازالت على الارض :
فارس يا ابن الدهريملعون القلب اللي حبكوملعونة انا ان رحمتكلازم تعرف قذارة اصلكروح اسأل امك كيف حملت فيكواسالها مين ابوكوفي أي بلاد اختك واخوكوذكرها بربيحة الملعونةليش اختفت بليلة قمروقلها انو القدر ما منو مفرولعنة جورجيت حتطاردكل ذكروعلشان تصدق شو بقول ..افتح الصندوق اللي طلعته من قبرربيحة بايديك وشوف شو فيه ...
واسرع فارس الى الصندوق ليفتحه ويرى ما بداخلهوقلبه يدق وفكره يقول ان اللعبة ابتدات حيث انتهت ... فتح فارس الصندوق وذهل مماراى ..فقد وجد بداخل الصندوق حقيبة جلدية داخلها قطعة من قماش ملفوفة بعناية.... فتح فارس قطعة القماش ليجد فيها قطع ذهبية ومجوهرات من اساور وسناسيل واحجار كريمةتدل على ان صاحبها على درجة عالية من الثراء ، كما وجد مجموعة من الاوراق والصورالقديمة...نظر فارس نظرة فاحصة وسريعة الى الصور ليذهل مما رأى كانت تجمع مجموعة منالشباب والفتيات وعجوز وعجوزة... وبشكل بديهي تبين ان الصورة جمعت في محتواها عائلةمكونة من اب وام وابناء ، وصعق فارس "ليس من الصورة وحدها ولا المجوهرات والاحجارالكريمة وقيمتها " انما من وجود احد الاشخاص الظاهرين في الصورة ... وهو فارس نفسهبطوله وعرضه ووجهه وعيونه وشعره وانفه حتى الندبة الظاهرة في ذقنه واضحة في الصورةوجميع الظاهرين في الصورة فيهم تشابه واضح وكبير يرى لاي ناظر بانه تشابه عائلي ،تمعن فارس بالصورة مرة ومرات وهو بحالة ذهول يتسائل عن كيفية وجوده ضمن الصورة التيتم تصويرها قبل عشرات السنين!!! كان فارس للوهلة الاولى سيشك بنفسه بانه قد تصورهامع هذه العائلة قبل سنوات ونسي ذلك مع الايام لولا ان الملابس التي يرتديها فيالصورة كانت لأجيال سابقة ولا يمكن ان يكون قد ارتداها يوما ما .. تساءل بينه وبيننفسه ان هذه التشابه الكبير لا يمكن ان يكون الا لاخ توأم !! ولكن قدم الصورةوالملابس وعمر فارس الحالي وعمره في الصورة يجعل الفكرة غير معقولة ، حار فارسوتساءل: لمن هذه الصورة...؟!! لست انا وليس توأمي ؟!! ليست صورتي ولكن انا من فيالصورة؟!! لست انا!! ولكن انا هو!! ايعقل ان يخلق الله تشابها الى هذا الحد.وصرخفارس باعلى صوته بعد ان غلبته الحيرة:... من انا ؟؟؟ من الذي في الصورة!!؟؟ ملتفتاالى حيث سقطت ياسمين بعد ان صفعها .. ولكن اين ياسمين...! استدار وبحث عنها حولهاختفت ياسمين ولم يعد لها اثر وكأن الارض انشقت وابتلعتها او انها قد استغلت انشغالفارس بمحتويات الصندوق وذهبت لتتركه في حيرته .. كلمات ياسمين الاخيرة اخذت تدور فيرأس فارس وترن بأذنيه بشكل متلاحق ..
روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ روحاسال امك كيف حملت فيك ؟ واسألها مين ابوك وفي أي بلاد اختك واخوك؟ركض فارس باتجاه السيارة وفتح الباب وجلس خلف المقود وانطلق وهويتمنى لو ان السيارة تطير وتوصله سريعا الى امه لعله يجد عندها بعض التفسيرات..اخذفارس يشق طريقه بسرعة وكأنه يسابق الوقت او يهرب من كلمات ياسمين ليطرد من مخيلتهأي فكرة تقوده للشك بوالدته التي هي اغلى واعز الناس على قلبه .. ولكن هيهات انينجح في ايجاد فكرة معقولة ومقبولة تبعد امه عن هذه القصة الغريبة.. اقترب فارس بعدوقت من البيت وما زالت تدور في داخله خواطر مجنونة يجيب عليها ويسألها ويرفضهاويؤكد وينفي.. اوقف فارس السيارة بجانب البيت وحمل الصندوق ودخل مسرعا الى البيت ،اسرع الى غرفته ووضع الصندوق الذي بيده على سريره وخرج يبحث عن والدته في ارجاءالبيت ولكن لا اثر لها...غيابها زاد من قلقه واشعل النار بداخله.. النار التي لنيطفئها غير أمه بجوابها ..!!؟اسئلة تحاصر مخيلة فارس عن سر غيابها عن البيت !!! لابد انها ذهبت الى السوق او ربما عند الجيران.. ربما.. وربما.
جلس فارس واستسلملأمر واحد فليس بيده ما يعمله سوى ان ينتظرها الى ان تعود .. مرت دقائق كانها سنواتلم يستطع خلالها الصبر فقفز مسرعا الى الجيران لعله يجدها هناك ولكن حظه لم يسعفهاذ انها لم تكن هناك واقنع نفسه مجددا بالانتظار حتى تعود .. مرت الدقائق ببطءوانتهت الساعة والنصف وفارس يجلس شارد الذهن ينظم ويرتب افكاره .. كيف سيسأل امهوكيف ستكون طريقة الحوار ...؟خرخشة مفاتيح تقترب من الباب الرئيسي ترافقهاخطوات متلاحقة وصرير الباب سبق دخول امه الى البيت انتفض مسرعا باتجاه البابلاستقبالها .. كانت الام تحمل في يدها مجموعة من الاكياس المليئة ساعدها فارس وحملعنها الاكياس وتوجه بها الى المطبخ ، جلس فارس على الكرسي وطلب من امه ان تجلسليحدثها ... ولكنها قالت له : ان يتكلم على راحته حيث ستقوم هي بترتيب الاغراض ،فقام وساعدها وهو يعلم انها لن تصغي اليه ما دامت تشعر بأن هناك شيئا ليس في مكانه .. وبعد الانتهاء من الترتيب جلستوقالت :خير شو قصتك .. وشو اللي ذكرك انه ألكام تعطيها من وقتك؟
- امسك فارس يدها بكلتا يديه .....وقال: امي حبيبتي.. فهمينيانا شاعر انه في سر كبير في حياتك ؛ في قصة ؛ في اشي؟ احكيلي عنه .؟
-وبنظرةدافئة من عينيها قالت : سر شو يمّا اللي بتحكي عنه...؟
-فرد متلعثما : سر بيتعلقفيّ انا ؟!!
-فقالت : يمّا شو هالكلام مالك انت الله يهديك ؟
-حار فارس اكثرولم يملك الشجاعة ليتحدث بصراحه ، صمت قليلا ليفكر وبسرعة قال : اسمعت قبل هالمرةبأسم الدهري؟لم تجب عن السؤال وبدت على وجهها علامات الاضطراب والقلق والارتباك .. اعاد فارس السؤال مرة اخرى فاجابته متلعثمة :
لا ما سمعت في ها الاسم شو فّي؟ شو القصة ؟ مين هذا وانت شو خصك فيهم ؟ انا ما بعرفهم ولا عمري اسمعت عنهم ، ومينحكالك عنهم ؟ واحنا شو خصنا فيهم وليش بتسأل عن ناس ما بنعرفهم ؟!! بلاش كلام فاضيوبكفي اني متحمليتك ومتحملة عمايلك يوم بتناملي في الدار وعشرة ما حدا بعرف الكطريق بكفي لهان بكفيك انا مش راح اظل ساكته ..
بقي فارس صامتا وقد اتكأ علىالطاولة منتظرا ان تفرغ امه من كلامها .. وما ان انهت كلامها حتى قال لها فارسبهدوء : انت ليش معصبة يمّا .. انا بس سألتك ان كنت اسمعتي قبل هالمرة في اسمالدهري انا ما حكيت اشي .. شو القصة يمّا شو فيّ .. ردت امه غاضبة: ارجعنا لنفسالموضوع انا قلتلك ما في اشي وما بعرفهم واذا بتحكي كمان مرة في هالموضوع ما راحاحكي معك طول عمري ...
وبحركة لا شعورية مد فارس يده الى جيبه واخرج الصورةوالقاها على الطاولة امام والدته دون ان يتكلم بكلمة واحدة .. امسكت امه بالصورةويداها ترتجفان وقد اصفر وجهها واغرورقت عيناها بالدموع ..
اشفق فارس على حالهافهي اغلى الناس على قلبه ولا تستحق ان تذرف دمعة واحدة من عينيها فانتقل الى جانبهاوضمها اليه وقال : شو القصة يمّا ؟ احكيلي من شأن الله احكي وريحيني.
وزاد بكاءام فارس واخذت تقول: ما بدي تضيع مني.. انا خايفة عليك ، خايفة عليك يمّا.
-هدأفارس من روعها وقال : لا تخافي يمّا لا تخافي.
-فقالت باكية : كيف ما اخاف كيف ..؟ انا شو عملت يا ربي تيصير فّي كل هذا يا ريتني مت وارتحت .
-فقال فارس : بعيد الشر .. لا تخافي واحكي شو الموضوع ؟
-ردت غاضبة : شو احكيلك هو في اشيبينحكى انت من وين جبت هالصورة ومين اللّي اعطاك اياها.
-فقال : مش مهم ميناعطاني اياها المهم شو قصتها...؟
-فقالت : لا هلأ بدك تقول لي مين اعطاك اياهاومن وينجبتها؟
__________________
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالرابعةعشر
-----------------------------------------------------------------------------------
-فقال : طيب اذا مهم عندك انك تعرفي راح اقولك اعطتني اياهم وحدة حلوة زي القمر
-اخذتام فارس تلطم على وجهها وتبكي وتصرخ وتقول: يا خراب بيتي .. يا ويلي عليك يمّا هيلحقتك لهون وين بدي اهرب فيك وين بدي اخبيك وبتقول يما حلوة مثل القمر..؟! ضعت منييا فارس وانت قدامي والله قلبي كان حاسس راح ييجي اليوم الّلي يوخذنك مني.
عبثاحاول فارس ان يهديء من روعها حتى انه شعر بندم كبير لتهوره بفتح هذا الموضوع معهاوادخلها في هذه المتاهة ونبش لها ماضيا كان واضحا انه انتهى بالنسبة لها ولكن حدثما حدث ولم يكن امام فارس فرصة للتراجع ، ويجب ان يفهم ما حدث وما يحدث لعله يجدمخرجا وخاصة ان شعوره قد تأكد بأن الذي يواجهه لم يعد مجرد لعبة او تسلية.. ومغامرة ... وان خلف ياسمين ام الجماجم قصة حقيقية عمل فارس كل جهده ليهدىء من روع وخوفامه.. ضحك ومزح وابتسم واظهر لها انه لا يوجد هناك ما يستحق ، ولكن كان من العبث انيعيد الاطمئنان الى قلب امه بعد ان فجر بداخلها خوف المستقبل وألم الماضي معا.. وبلهجة صارمة قال فارس : اسمعي يمّا ما بصير الا اللّي الله كاتبه والبكا مش راحيفيد .. انا بعرف في القصة واذا انت بدك تساعديني بلاش تظلي تبكي وتندبي حظك احكيليعن القصة .
-قالت امه : يمّا القصة طويلة وشو بدي احكيلك تحكيلك !!
-قال : احكي يمّا انا بدي اسمع وبدي افهم احكي لي مين اللي في الصورة ومين عيلة الدهري .
-قالت : اللي في الصورة يمّا ابوك واعمامك وعماتك وجدتك وجدك وهذه الصورة قبلما انت تخلق على الدنيا بكثير وهي يمّا عيلة الدهري الي بتسأل انت عنهم .
-فقال : يعني المرحوم ابوي اللي رباني مش ابوي .
-فقالت : لا يمّا ابوك الحقيقي منعيلة الدهري واللي رباك الله يرحمه مش ابوك .
-فقال : كيف يمّا .. كيف اشرحي لي ... كيف وانا عايش اكثر من ثلاثين سنة ولا عمري حسيت انو ابوي وعمامي وكل هالعيلةانهم مش عيلتي الاصلية
-فقالت : ما حدا يمّا بعرف انك ابن الدهري وكلهم بفكرواانك منهم وابنهم .
-فقال : شو افهم من هالحكي انو المرحوم كمان ما بعرف اني مشابنو..!؟
-فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط المرحوم رباك وهو بعرف انك مش ابنوا .. هو الوحيد اللي بعرف قصتك .. المرحوم اتجوزني لما كان مسافر ولما رجع وجابني معهقال لهم انك ابنو
-فقال فارس : وابن الدهري اللي هو ابوي .. كيف يمّا..؟
-فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط كان جوزي على سنة الله ورسوله ..
وبداالارتياح على وجه فارس وكانه منذ البداية كان يريد ان يحصل على هذه الاجابة بانهابن شرعي ولم يأت بطريقة اخرى .
-وقال : طيب شو قصة اللعنة اللي بتطارد هالعيلة "عيلة الدهري والشامي" ومين هاي "جورجيت" وما ان سمعت ام فارس بأسم جورجيت حتى تغيرلونها واخذت تردد : باسم الله.. بسم الله.. الله يحفظنا الله يحفظنا لا تحكي اسمهايمّا وصمتت قليلا وقالت جورجيت يمّا احلى بنات الشام لا احلى بنات الدنيا كلهاظلموها ودفنوها وهي حبلى جوى قبر وهي .. وهي .. وتلعثمت ام فارس واخذت تستعيذ بالله ..وفارس يلح عليها ان تكمل حديثها ويصر على ذلك ..وتجيبه :يمه والله انا مانيمتذكرة .. هاي قصة صارت زمان قبل ما انخلق على وجه الدنيا .. وما صارت على جيليوسمعت فيها ، وكانوا يحكو ...
-فقال فارس : احكي يمّه القصة اللي انتِ بتعرفيها .. احكيلي قصة جورجيت ولعنتها ..وكيف تعرفتي على ابوي وتجوزتيه.. احكيلي .
وتحتضغط فارس والحاحه على والدته وفشلها بالتهرب من الحديث في هذا الموضوع .. الا انهارضخت لطلبه واخذت تروي قصتها منذ البداية ، وقالت: حينما تعرفت على ابوك "منيرالدهري" كان يعمل في التجارة ويتنقل بين المدن وكان كريماً الى ابعد الحدود ..ربطتهبوالدي علاقة وثيقة بحكم عملهم في نفس المجال .. تقدم ابوك وطلب يدي من والدي وكانعمري وقتها 17 عاما ... وافق والدي على زواجي منه ولم يكن بحاجة للأخذ برأيي وانالم استطع ان اعارض .. تزوجت والدك وانتقلت للسكن معه في "الشام"...وفر لي كل سبلالعيش والراحة وكان لطيفاً معي الى ابعد الحدود بل انه كان زوجاً مثالياً .. كانيرفض دائماً ان يعرفني على عائلته "عائلة الدهري" بحجة ان هناك خلافات قائمة بينهماوكنت اعلم بأن ما يقوله غير صحيح وكان هو يعرف ان كلامه غير مقنع لي ولكن لم يكنامامي ما افعله سوى ان ارضى بالامر الواقع وابقى في عزلتي التي وضعوني بها .
سارت الامور طبيعية حتى جاء ذلك اليوم الذي انتظرت فيه عودته الى البيت لأبشرهبأنني حامل وانه سيرزق بطفل...لكن الخبر وقع عليه كأنه مصيبة فبدلاً من ان يفرح .. حزن حزناً شديداً.. ومنذ تلك اللحظة تحولت حياتنا الى قلق وتعاسة ولم اكن افهموقتها لماذا كل هذا واكثر ما كان يحزنني انه كان دائماً يردد :مصيبة اذا جبتِ ولد.. واخذ الغموض الذي يحيط بوالدك يزداد يوماً بعد يوم وهذا الغموض حول حياتي الى جحيموقررت وقتها ان اتمرد على والدك واخرج من سجني وعزلتي ..وسألت عن عائلة ابوك وتوجهتاليهم وعرفتهم بنفسي وبأني زوجة ابنهم وعلمت وقتها بأن والدك كان متزوجاً من امرأةاخرى وقد انجب منها "طفلة" وبعدها جن جنون ابوك وبدأ يعاملني اسوأ معاملة ..نقلنيللعيش وسط عائلة الدهري ..اثرى عائلات الشام في ذلك الوقت .. وبالرغم من انني زوجةابنهم الا ان الغموض كان يحيط بكل تصرفاتهم فهم لا يثقون بأحد ولا يحبون احداً .. لست انا لوحدي وايضاً زوجة والدك وكذلك زوجات اعمامك وحتى عماتك لم يكونوا يعاملوهنمعاملة حسنة .. فجدك كان مستبداً وقاسيا بشكل كبير وكذلك والدك ... وبعد ذلك قامبتطليقي واراد ان اعود الى اهلي ...ولكن جدك رفض ان يسمح لي بالرحيل وقد خيرني ..اناردت العودة الى اهلي ان اعود لوحدي ..واتركك .. او ان ابقى وسط العائلة واقومبتربيتك ..فلم يكن امامي الا ان ابقى معك .. وجدك هو الذي سماك "فارس" وقد كان يحبككثيراً .. وكان جدك كبير العائلة ...واعمامك كانوا يتعاملون مع الجميع بإحتقار وكانالناس يخافون منهم ولا يحبواهم ولم يكونوا يسمحوا لنا بالاختلاط بأي شخص غريب منخارج العائلة...وحينما انجبتك وعلم والدك بأني وضعت "ذكرا" اخذ يشتمني ويلعنني .. ولم تكن عائلة الدهري صغيرة وبالرغم من كبرها الا انها كانت متماسكة وكان جدك يتحكمبالصغيرة والكبيرة من شؤون العائلة ...لم يكن اي من اعمامك او اعمام ابوك يستطيعالقيام بشيء دون اذن من جدك..وكون جدك احبك فهذا يعني انك تميزت وسط هذه العائلة ..وللحقيقة بالرغم منقسوة جدك الا انه كان يعاملنا معاملة خاصة مقارنة بباقي نساءعائلة الدهري ، الا انه كان يغضب لو اني قمت بالسؤال عن اي شيء من الامور الغريبةاللي كانوا يقيمونها في الليل بسرية تامة .. والخوف الدائم الذي يعيشون به .
مرتاشهر واصبح عمرك يقارب السنة وانا لا افهم ماذا يحدث حتى اختفى احد اعمامك ولميعدالى البيت ، فخيم على العائلة جو من الحزن والقلق واكثرهم حزناً على غيابه كانتعمتك "ربيحة" التي ربطتني بها علاقة مميزة وقوية ..كنت اهدىء من روعها واخفف منحزنها واحاول ان اطمأنها بأنه سيعود بمشيئة الله ..وان الغائب حجته معاه .. ولاداعي للخوف.. فأجابتني وهي تبكي :انت مش عارفة يا ام فارس اشي.. هو في مرة "ابنالدهري " اختفى ورجع .. ولاد الدهري مصيرهم معروف .. الله يحميلك فارس وما يجيهالدور.
اقشعر بدني من كلام عمتك "ربيحة" وضممتك الى صدري وانتابني شعور بالخوفعليك واستحلفتها ان تخبرني بالقصة...
في البداية رفضت ان تخبرني بشيء ولكنهازادت من فضولي وخوفي .. بقولها .. بقتلوني لو حكيت.. انتِ ما بتعرفيهم .. واللهبقتلوني وما برحموني .. لأنهم ما بعرفو الله وقلوبهم ما فيها رحمة.
وخوفي عليكيا فارس ..جعلني الح واتحايل عليها بكل الطرق وليتني لم افعل ذلك :
- بدأتربيحة تروي لي القصة التي تقشعر لها الابدان قصة "جورجيت" التي اقسمت على ان تنتقممن كل "ذكر" يحمل دم عائلة الدهري.. وروت لي كيف ان ابناء عائلة الدهري يختفونالواحد تلو الآخر منذ عشرات السنين .. وكيف ان ستة من اعمامها .. منذ كانت صغيرة ..اختفوا الواحد تلو الآخر وان هذا ثالث اخ يختفي ولا يعود وانهم قد وجدوا واحداًمنهم بالصدفة داخل احد القبور ... وكل الجهود التي بذلوها وبالرغم من استعانتهمبعشرات الشيوخ والسحرة من مختلف البلدان لم يستطيعوا ان يمنعوا جورجيت من الانتقامومطاردتهم في كل مكان.. وروت لي كيف انها رأت وهي صغيرة جدك واعمامها يقتلون زوجةعمها ويدفنونها عقاباً لأنها اخبرت شخصا بهذا الموضوع الذي يعتبرونه سراً ممنوعالبوح به على اعتبار انه يشكل "اهانة كبيرة" لعائلة الدهري وخاصة ان عدوها مجرد "امرأة".
وبعد سماعي لما روته ربيحة انتابني خوف شديد عليك وعلى نفسي من جورجيتومن هذه العائلة واقسمت لعمتك ربيحة ان لا اخبر احداً بما عرفت وان لا اتصرف بأيةطريقة تشير بأني عرفت شيئاً وفعلاً هكذا تصرفت .. ومرت الايام واصبح عمرك سنةبالتمام .. وفي يوم عيد ميلادك الاول وانا في البيت دخلت بيتي امرأة ترتدي الخماروكلمتني بإسمي وكأنها تعرفني منذ مدة طويلة .. رفعت الخمار عن وجهها ليهل من خلفه "البدر" بجماله وقالت :لو انك خلفتي بنت كنت ارتحتي .. بس انتِ خلفتي "دهري جديد" وعيلة الدهري حتنقص ومش حتزيد.. والقدر ما منو مفر .. ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر .. غطت وجهها بالخمار .. ولا اذكر ما حدث .. فقد اغمي عليّ وحينما صحوت كان جدكواعمامك يحيطون بي .
سألني جدك عما حدث .. لم استطع وقتها النطق بكلمة وكان جدكواعمامك ينظرون اليّ بنظرة غريبة تثير الخوف .
تركوني وشأني وذهبوا .. اخذت صحتيتتدهور وتسوء مع الوقت ولم اكن اتكلم مع احد.. حبست نفسي في البيت وكنت ارفض الخروج ... وجاءت بعد ايام زوجة والدك لزيارتي وكانت حامل.. وحينما رأيتها وبطريقة تلقائيةودون تفكير قلت : يا ربي تخلفي بنت وما تخلفي ولد..
ولم انتبه لوجود جدك معهاولم اعرف ان كان جدك قد سمعني .. ام لم يسمعني... فهو لم يعلق على شيء... الا انهطلب مني ان اخرج من البيت وان لا اعزل نفسي عن العائلة وانني ان لم افعل ذلكفسيغضب...خوفي من جدك جعلني افعل ذلك واعود من جديد الى سابق عهدي للاختلاطبالعائلة وبزوجات اعمامك واقاربك من عائلة الدهري ...وزادت مصيبتي اكثر حينما اختفتعمتك "ربيحة" ليجن جنون جدك ويقوم بالتحقيق مع معظم نساء العائلة ان كان هناك منيعرف اين ذهبت ولكن دون جدوى...خرج جدك واعمامك ووالدك يبحثون عنها واختفوا عدةايام ثم عادوا من جديد وكانوا يغضبون لو ان احدنا سأل او نطق بإسم "ربيحة" وشعرتبإن مكروهاً ما قد اصاب عمتك "ربيحة" ودب الخوف بقلبي وعلمت بأن الدور سيأتي عليّلا محالة وقررت الهرب متى سنحت لي الفرصة.
هربت الى والدي في حلب ورويت له القصةبالكامل ..وكان والدي ينوي السفر الى الاردن لغرض التجارة فأصطحبني معه واقمت معههناك.
وفي الاردن اكتملت مصيبتي حينما توفي والدي بحادث سير في الاردن ومرت اسوأواصعب ايام حياتي بعدها حتى تعرفت على شاب من فلسطين وتزوجته وقد كانت طبيعة عملهتجعله ينتقل من بلد الى آخر .. سافرت معه الى المغرب ومن ثم الى اليمن وبعدها الىمصر واستمر تنقلنا اربع سنوات..حتى عدنا الى فلسطين واستقر بنا المطاف في الجليل.. وقد اخبر اهله والجميع بأنك ابنه ولم يكن ليشك احد بذلك فقد احبك اكثر من اي شيءآخر .. حتى بعد ان انجبت اخاك "علاء" كان يحبك انت يا فارس اكثر منه ..ومع مرورالسنوات نسيت عائلة الدهري وجورجيت وكل هذه القصة ، حتى انها لم تعد تخطر على باليمنذ سنوات...وهذه هي قصتي مع عائلة الدهري ، التي طواها الزمن قد فُتحت من جديد..
-كان فارس يصغي بتأثر شديد لقصة والدته المأساوية وما تحملته من عذاب شديد والم ..وقال لها وهو يمسك بيدها :يمّه يا حبيبتي .. انا آسف اللي ذكرتك ورجّعتِك للماضي .. لو كنت بعرف ما فتحت الموضوع .. سامحيني يمه.
-فردت عليه :الذنب مش ذنبك يمّه .. هيك القدر بدو .. والله يستر من الايام الجاية عليك .. وهي بعد ثلاثين سنة الدوراجاك يا فارس .
-فقال فارس:انا فهمت يمّه قصتك وقصة ابوي وعمتي ربيحة .. بسلهلأ..ما فهمت قصة "جورجيت" ولعنة الانتقام اللي عندها .. وقصة جورجيت اذا كانت علىزمن جد جدي .. يعني الها اكثر من "مية سنة" وانا مش فاهم جورجيت طيبة ولاميتة؟
-فقالت : يمّه .. يا فارس جورجيت ماتت وما ماتت ، جورجيت بتقدر تكونموجودة من خلال بنتها.
-فقال فارس:مش فاهم يمّه شو بتقصدي ؟
-فقالت : جورجيتيمّه كانت حامل لما دفنوها .. وخلفت بنت "جوا" القبر وبنتها كبرت و... يمّه من شأنالله ما بدي احكي بسيرة جورجيت ..، والله سنين وانا ما بعرف انام وما صدقت واناانساها .. بترجاك سكّر على الموضوع .
-فقال فارس: انا بعرف انو صعب عليك تحكيفي هالموضوع ، بس يمّة لازم نواجه الامور ، مش نهرب منها .. علشان هيك يمّه لازمتتحملي وتفهميني سيرة هالمجنونة جورجيت ..
- فقالت: لا يمّه .. لا ياحبيبي .. لاتحكي هيك ! جورجيت مش مجنونة .. جورجيت مظلومة .. لا تحكي يمّه مثل عيلةالدهري.
-فقال : والله يمّه هالقصة قصة مجانين ، ما الها اول من اخر .. لا اناقادر اصدقها ، ولا انا قادر اكذبها.. بسمع كلام ما بصدقه مجنون ، وشفت اشي اللّي مابدخل العقل .. قصة بدايتها جنون وما بتنتهي إلا بجنون.
-فقالت ام فارس والدموعفي عينيها متوسلة : بترجاك يمّه ما تجيب سيرة جورجيت .. روح يمّه سافر لبعيد ، بلكيالله نجاك .. جورجيت اقسمت ومش راح تتراجع عن قسمها.
-فقال فارس بإستغراب : وانتشو اللي بخليك متأكدة القصة ما صارت على زمنكو انتِ سمعتِ فيها مثل غيرك وما بتقدريتعرفي اذا كانت صحيحة ولا مش صحيحة.
-فقالت : يمّه مشان الله ما بدي اكذب عليكولا تخليني احكي اشي ما بدي احكيه ولا تفكر حالك انت الوحيد اللي بتفهم .. يمّه انتبعدك صغير .. اسمع كلامي وروح سافر..
-فقال فارس : انا مش حسافر ومش حروح ولازمافهم كل شي واذا بدك تساعديني لازم تحكيلي اللي ما حكتيه .. ولازم تفهمي انو الزمنتغير واليوم مش مثل زمان والخرافات اللي بتخوفكم ما بتخوفنا ..ومش راح اهرب من شانخرافة وهبل جورجيت.
-فقالت : صحيح يمّه انو اصل الانسان بردَّ ..انت ما عرفتعيلة الدهري وما تربيت عندهم ..بس تصرفاتك وطباعك دهري...
-اسمع يمّه : انا قعدتسنين وانا بضوي شمع يوم ..يوم على روح جورجيت وبترجاها تبعد عنك وما تجيك لما تكبروبقلها انك عمرك ما راح تحمل اسم الدهري ...افهم يمّه كل نسوان وبنات الدهري والليحملوا اسم الدهري بعرفوا قصة جورجيت وضوّوا الشمع على روحها وبكوا على قصتها ،علشان هيك عيلة الدهري كانت بتشوف في كل النسوان عدو الها ... ويا ويل اللي كانتتغلط .. كانوا يقتلوها وما يرحموها .. عيلة الدهري كانوا بشوفوا في كل مرة "جورجيت"...جورجيت يمّه كانت تطلع لكل واحدة من عيلة الدهري متزوجة او بنت .. انكانت بنت عيلة الدهري كانت تقولها : لا تتجوزي حدا من عيلتك علشان ما تخلفي ابنيحمل دم الدهري علشان راح يصله الدور ومن قبله ابوه ..وكانت تشرح قصتها وكيفظلموها...وان كانت مثلي مش من عيلة الدهري ومتجوزة مع حدا من عيلة الدهري كانتتقولها : ان خلفت بنت حنحبها وربنا يحميها .. وان خلفتي ولد وحمل دم الدهري ..مصيرهمصير ابوه وجده ..حيجي اليوم اللي نوخذه .. لا تلوميني وسامحيني.
-لا تسألنييمّه كيف كانت تطلع وتحكي معنا .. كيف كانت تيجي وتروح ان كانت ميتة ولا طيبة .. الله وحده بعلم .. بس كلنا شفناها وحكينا معها ...الله يرحمك يا جورجيت واللهيسامحك على اللي بتسويه فينا .. اسمع يا فارس : والله العظيم والله العظيم ان فتحتسيرة جورجيت مرة ثانية ، لا انت ابني ولا بعرفك.
وخرجت ام فارس تاركة فارس خلفهاحائراً مذهولاً لا يدري ماذا يفعل .. لا يدري ايصدق ام يكذب.
وجد نفسه انه سيصبحضحية لقصة حدثت قبل اكثر من مائة عام بكثير .. لا يدري ماهي تفاصيلها .. كانت امهفرصته الاخيرة ليفهم القصة ولكن امه اقسمت......
الحلقة الخامسةعشر
-----------------------------------------------------------------------------------
ولكنامه اقسمت اليمين واغلقت الطريق امامه وهو لا يجرؤ على ان يفتح الموضوع معها منجديد ...لمعت في رأس فارس فكرة بأنه لو وجد ام الجماجم "ياسمين" فسيدفعها لتحكي لههذه القصة الغريبة ولكن اين يجد ياسمين وهو لايعرف لها عنوانا.
فكر ان يذهبويبحث عنها في المقابر حيث كانت تصطحبه ..لم يتردد فارس في ان ينفذ ما دار برأسه .. بدأ رحلة البحث عن ياسمين ام الجماجم في المقابر .. ايام مرت وهو يبحث في مقابرحيفا وطبريا وبئر السبع لم يترك مقبرة الا ودخلها..كان يدخلها كالمجنون ويناديبأعلى صوته
: يا ياسمين .. يا ام الجماجم .. اين انت؟كل محاولات فارس باءتبالفشل حتى يأس وعاد الى البيت وهو على يقين من انها ستظهر في ساعة ما .. او في يومما ، حتماً ستظهر ...وفي طريق عودته الى البيت توقف امام احد مطاعم الناصرة ودخللتناول الطعام الذي لم يذقه منذ ايام ..جلس وطلب الطعام وما هي الا لحظات حتى رأىذات الخمار الاسود التي لايرى منها اصبعا ولا عينا تقترب حيث كان يجلس وتسحب احدالكراسي وتجلس امام فارس وتقول له : بلاش تطلع مثل الاهبل وتلفت نظر الناسالموجودين في المطعم .. ابتسم وخليك طبيعي .. شو هذه اول مرة بتشوفني فيها ..؟
-تصرف فارس بشكل طبيعي وابتسم وبصوت منخفض حتي لايسمعه احد قال :بصراحة ماتوقعت اشوفك هون يا ياسمين .. انا هلكت وانا بدور عليك .
-فقالت: ما حدا قلكدوّر في المقابر .. كان ممكن تيجي على بيتي وهناك بتلقاني ..
-فقال: وين بيتكهذا يا ياسمين ؟
-فقالت : اذا انت ما بتعرف ، بكرة حتعرف .. في هذه اللحظاتاقترب من الطاولة حيث يجلس فارس وياسمين ذات الخمار شابان من اصدقاء فارس .. احمروجه فارس وتمنى لو انهم لم يروه ويبتعدوا عنه حتي لا يسألوه عن علاقته بهذه المقنعة ..ولكن حدث العكس وجلسا على الطاولة الملاصقة لطاولة فارس وقال احدهم :مرحبا يافارس .. وين مش مبين .. وين غاطس يا فارس وما حدا بشوفك ، وادار وجهه ناحية ياسمينوابتسم وقال مرحبا .."يا شيخة".
-تدخل فارس على الفور وهو يبتسم ابتسامة مصطنعةواشار بيده الى ياسمين وقال:ياسمين..! واشار بيده نحوهم وقال :اصدقاء لي منحيفا...!
هزت ياسمين رأسها وقالت : تشرفنا يا اصدقاء فارس ..وعلى فكرة انا مششيخة ..بس شو اعمل فارس بدو البس هيك علشان بغار كثير وانا ما برضى ازعّله ..خطيبيوحبيبي وما برفضلو طلب.
احمر وجه فارس اكثر واكثر لهذا الاحراج الذي وضعته فيهياسمين امام اصدقائه وفضل الصمت على ان يعلق على كلامها وبحركة سريعة وظريفة ارادتياسمين ان تخرجه من هذه الورطة او قصدت ان لا تعطيه المجال ليرد على اي سؤال.. وقفتوامسكت بيد فارس وقالت : فارس يالله .. تأخرنا كثير عن الحفلة وسحبته بقوة وسارت .. والتفتت الى اصدقائه واشارت بيدها قائلة ..باي باي يا اصدقاء خطيبي... ولا تنسواتدفعوا الحساب عنا علشان فارس مش حامل فلوس ..باي .
وسحبت فارس من يده وقبل انتخرج من باب المطعم التفتت الى الجرسون وقالت له :الحساب عند الشباب الحلوين علىالطاولة..باي.
وخرجت الي الشارع وفارس وكل من في المطعم مذهول ويبتسم لظرافةياسمين ..
ركبت ياسمين بجانب فارس في السيارة واخذت تضحك وقالت :كيف وانا اوفرعليك الحساب .. سار فارس وهو لايدري ايضحك ام يغضب ولكن ما حصل اضحك فارس.
اخذتياسمين ترشد فارس كعادتها الى اين يذهب من هنا وهناك ثم طلبت منه ان يتوقف بجانبالطريق السريع ما بين شفاعمرو والناصرة ..
-اوقف فارس السيارة وابتسم وقاللياسمين :انتِ بتعرفي من ورا هالمقلب اللي عملتيه شو حيصير ، راح اصحابي .. قاطعتهياسمين ولم تتركه يكمل حديثه وبلهجة جادة قالت :بلاش كلام فاضي يافارس .. لا انتولا اصحابك بتهموني وفش عندي وقت للكلام الفاضي انت بدك تعرف قصة جورجيت اللي امكما رضت تحكيلك اياها بالرغم من انها تعرفها مليح مليح...وقبل ما اجيب اجلك وافتحلكقبر .. راح احكيلك اياها يا ابن الدهري علشان تفهمها مليح مليح .. القصة بدت منزمان قبل (مية وخمس سنين) .. جورجيت كان عمرها 14 سنة وحيدة امها وابوها .. والدها "عيسى الشامي" كان فقيراً في وسط عائلة فاحشة الثراء كان يعمل لدى عمه سائساً للخيلوفي احد الايام واثناء قيامه بالاعتناء بالخيل تعرض لرفسة من احد الخيول الجامحة ..لم تكن الضربة بسيطة بل ادت الى اصابته بشلل تام وعدم قدرته على تلقي العلاجاللازم ساعد في زيادة الشلل عنده...عاشت اسرة جورجيت في ظروف مأساوية وصلت الى حدانهم لم يجدوا ما يأكلونه .. اخوة عيسى الشامي "والد جورجيت" واقاربه لم يكترثواللوضع السيء الذي تمر به عائلة عيسى الشامي وخاصة ان اقرباءه كانوا من اثرياء الشاموما كانوا يبذرونه ويصرفونه على خيولهم كان يكفي ليسد حاجة عائلة عيسى الشامي لعامكامل...اصرت والدة جورجيت على ان تعمل خادمة في بيوت اقارب زوجها ..تحملت شتىالاهانات لتعيل اسرتها وتعالج زوجها وكانت وبسبب جمالها المميز وعجز زوجها تتعرضلمضايقات لا حدود لها وتنتهي بإهانات تمس بكرامتها ..كان كبرياء والدة جورجيت لايسمح لها بقبول صدقة او احسان من احد ...ازداد الوضع الصحي لوالد جورجيت سوءاً مماتطلب توفير مبالغ كبيرة من المال لعلاجه ...ابنتة جورجيت لم تحتمل الوضع والحت علىوالدتها ان تخرج من البيت للعمل لمساعدتها من اجل توفير المال الكافي للعلاج ولكنوالدة جورجيت رفضت وبشدة خروج جورجيت من البيت للعمل تحت اي ظرف من الظروف وكانتحجتها ان جورجيت يجب ان تبقى في البيت للاعتناء بوالدها ..لم تكن هذه الحجة هيالسبب الحقيقي وراء رفض والدة جورجيت السماح لها بالخروج وانما السبب الحقيقي كانيكمن بإدراك والدة جورجيت ان خروجها من البيت سيسبب مشاكل لا اول لها ولا اخر... وسيعرض جورجيت للخطر وذلك كون جمالها من الجمال النادر الوجود الذي لا تتمتع به ايةفتاة اخرى في زمنها ، وكانت والدة جورجيت حريصة على ان تبعد جورجيت عن الانظاروساعدها في ذلك انزواء العائلة حتى ان والدة جورجيت كانت تعمل على اظهارها كأيةفتاة اخرى من خلال انتقاء اسوأ الملابس وتسريح شعرها بطريقة غريبة وبالرغم من كلهذا لم يكن ليخفى جمال جورجيت الاسطوري ....جورجيت ابنة الرابعة عشرة لم تدركلجهلها ان جمالها نقمة وسيحول حياتها الى جحيم ..جهلها هذا دفعها الى الخروج منالبيت دون علم والدتها وبطفولة وبراءة بدأت تبحث عن عمل .. فرآها احد الاشخاص وذُهللجمالها وسألها : ابنة من انتِ؟
-فقالت : ابنة عيسى الشامي ..
-فصُعق وقال : لا يمكن لسايس الخيل ان ينجب مثلك.
لم تفهم جورجيت ماذا قصد وماذا حدث ولكنبأسرع من البرق انتشر الخبر ودفع الفضول الكثير لرؤية ابنة سايس الخيل وأولهماقاربها واعمامها وابناؤهم.
انتشر الخبر واصبح اسم جورجيت حكاية الشام كلهاوانتقل الخبر من مكان الى آخر ووالدة جورجيت ادركت الخطر وتوافد الى بيتها العشراتمن العرسان واستعد الكثير لعلاج عيسى الشامي ولكن والدة جورجيت رفضت بشدة ان تقبلاي شيء من اي واحد منهم وهي تعلم ان الثمن المطلوب بالمقابل هو ابنتها جورجيت .. وهنا ازدادت الامور سوءاً .. فبدأت تُرسَم الخطط لاذلال والدة جورجيت .. لم تعدتستطيع الخروج من البيت للعمل حتى لا تترك جورجيت في البيت لوحدها خوفاً عليها.. ولم تكن تستطيع الرحيل لظروف عجز زوجها ..جورجيت ابنتها اصبحت حكاية البلاد باسرهاووصلت الامور الى حد التهديدات من قبل اقاربها بأنهم سيأخذون جورجيت بالقوة اذ لميكن بالتفاهم .
وفي هذه الاجواء العاصفة التي تحمل قصة جورجيت من اذن الى اخرى .. هبت عاصفة اخرى لتنسي الناس قصة جورجيت وجمالها ..ولينشغلوا بمصيبة كبيرة وقعتعلى عائلة الشامي بالذات حينما قام احد ابناء عائلة الشامي بقتل احد ابناء عائلةالدهري التي خرجت للثأر من عائلة الشامي وتدخل الوجهاء ليمنعوا حرباً كبرى بين كبرىعائلات الشام في ذلك الوقت والتي ان حدثت ستحصد ارواح الكثيرين من كلا العائلتينعرضت عائلة الشامي اموالاً طائلة واراض واملاك على عائلة الدهري (دية) لمقتل ابنهم ..فرفضت عائلة الدهري (الدية) واقسمت ان يكون مقابل حياة ابنهم خيرة شباب عائلةالشامي واستمرت المفاوضات وقال سالم الدهري اخ القتيل انه سيقبل (بالدية) ولكنسيكون اضافة اليها ان تُحمل "جورجيت الشامي" وتعطى له .
فوجدت عائلة الشامينفسها في موقف محرج ومهين امام العائلات الاخري فجورجيت تحمل اسم الشامي وان اعطوهالدهري فهم بذلك لن يسلموها فقط بل يطلبو منها ان تتحول من ديانة الشامي الى ديانةالدهري.
اجتمعت عائلة الشامي بكبارها وصغارها ودار الحديث بينهم ..على انه لامفر فإما ان يسلموا قاتل ابن الدهري او ان يقوم الدهري بقتل احد شباب الشامي ثأراًلابنهم...ولا احد على استعداد ان يضحي بإبنه والنتيجة ان الحرب لن تنتهي الا بمقتلالكثيرين من كلا العائلتين فأتفق الجميع بدون معارضة على ان جورجيت ابنة سايس الخيلارخص ما يقدم لدهري ..ولنعلن اننا كنا قد تبرأنا من عيسى الشامي منذ زمن بعيد وانجورجيت لا تعتبر من عائلة الشامي ولا يهم ان تزوجها ابن الدهري او غيره .
نقلالوجهاء لعائلة الدهري ان سالم يستطيع ان يتزوج جورجيت متى شاء وان هذا الامرلايعني عائلة الشامي بشيء...فردت عائلة الدهري وقالت: ومن قال ان "سالم" سيتزوجها .. اننا طلبنا جورجيت كجارية نفعل بها ما نشاء وليست كزوجة لإبننا .
فوجىءالوجهاء والوسطاء برد عائلة الدهري وفوجئوا اكثر حينما ردت عائلة الشامي بأن هذاالامر لا يعنيهم بشيء .. فجورجيت لا تعني عائلة الشامي بشيء .
الوسطاء والوجهاءمن العائلات الاخرى اعتبروا ان احضار جورجيت مع الجاهة ستكون اهانة للوجهاء اذا لمتكن زوجة.
استمرت المفاوضات اياما اخرى واستطاع احد الوجهاء ان يقنع سالم الدهريبعمل عقد زواج مجرد كلام على ورق للخروج من هذا المأزق ووافق الدهري على ذلك وحُددموعد الصلحة بين عائلتي الشامي والدهري .
__________________
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالسادسة عشر
========================
ووصل الخبر الى ام جورجيت التيكاد ان يطير عقلها .. وبدأت تفكر اين تهرب لتخبىء ابنتها ولكن لم يكن هناك وقتللتفكير فقد حضر شبان وكبار عائلة الشامي لأخذ جورجيت وارسالها الى عائلة الدهري ..امسكت ام جورجيت بإبنتها ..واخذت تبكي وتبكي معها ابنتها ..امسكوا ام جورجيت منشعرها والقوها ارضاً وهي تصرخ وسحبوا جورجيت معهم وهي تصرخ وهم يشتموا والدتهاوينعتوها بالداعرة وان ابنتها ابنة حرام .
تعالى صوت الصراخ والبكاء والنحيبوتلقت ام جورجيت وجورجيت عشرات الصفعات والركلات .
فسقطت ام جورجيت على الارضمغشياً عليها ليتبين فيما بعد انها ماتت بنوبة قلبية من القهر والغيظ وحُملت جورجيتواُرسلت الى عائلة الدهري وهي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر .
وتم الصلح بينالعائلتين وعادت المياه الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث.
جورجيت التي ما زالتتبكي وهي لاتدري ماذا يحدث حولها .. لماذا وكيف وماذا فعلت ؟ .. لم تعلم انهاوعائلتها كبش الفداء للشامي والدهري ..ارُسلت جورجيت الى بيت سالم الدهري حيث تسكنزوجته الثانية وطلب منها ان تُبقي جورجيت عندها حتى يفرغ سالم الدهري من العزاء فياخيه وحتى تلك اللحظة لم يرى سالم الدهري جورجيت بل سمع عنها مثله مثلالآخرين.
جورجيت امضت ايام في بيت زوجة سالم الثانية وكانت تبكي ليل نهار وترجوزوجة سالم ان تعيدها الى امها قائلة :..." منشان الله يا خالتي رجعيني علي امي .. انا ما عملت اشي .. منشان الله انا لازم اروح واطعم ابوي علشان ما بقدر يوكل لوحدو" ..
ولم يكن بيد زوجة سالم شيء لتفعله لهذه المسكينة سوى ان تحضنها وتبكي لبكائهاوتقول :يا ريت يا بنتي بايدي شيء اعمله ..ويا ريت بقدر ارجعك لاهلك .. انت اليومزوجة سالم الدهري الثالثة وعلى ذمته ، وين ما حتروحي راح يلحقك ويجيبك ...
وفيساعات ما بعد منتصف الليل وبعد ان انتهى سالم الدهري من اخذ العزاء بأخيه الذي قُتلوودع ضيوفه عاد الى البيت وما ان فتح الباب حتى رأى ما لم يصدقه عقله..ووقف مذهولا، جمال جورجيت الاخاذ اذهل سالم الدهري وهو الذي سمع بها ولم يراها من قبل لم يصدقسالم الدهري ولم يكن ليصل خياله وتصوره بأن على هذه الارض مثل هذا الجمال ...وقفكالصنم وعيونه تتفحص جورجيت من اخمص قدمها الى رأسها وقال لها: لقد كذبوا جميعا فيوصفك فأنت اجمل مئات المرات من الوصف الذي ذكروه .
جورجيت جالسة في زاوية الغرفةبعد ان انهكها التعب والارهاق وما زالت اثار الدموع في عينيها ، لم تفهم ما قصدهسالم الدهري ولم تعرف من يكون هذا الشخص الغريب ...
اقترب سالم من جورجيت وجلسبجانبها واخذ يتحسس جدائل شعرها الطويل واتقدت في عينيه نار الشهوة كذئب جائعاستفرد بحمل وديع وبأصابعه اخذ يفك الجدائل وبكل عفوية وبراءه سحبت جورجيت جدائلشعرها من يد سالم وقالت : لا تفكها يا عمو ...ماما بتزعل مني بعدين ، ابتسم سالمالدهري ابتسامة صفراء خبيثة ممزوجة بالشهوة ...وقال : لا تخافي ماما مش راح تزعلوانت كبرت على الجدايل ولازم تفردي شعرك علشأن تصيري عروسه .
-فقالت : لا انا مابدي ماما بتزعل مني الله يخليك عمو رجعني عند ماما .
-فقال سالم وهو يكتم غيظه: خليكي شاطره واسمعي الكلام وبكره بوخذك على الماماصمتت جورجيت واحنت رأسهاواطرقت بعينيها الى الارض وضمت يدها على الاخرى ظنا منها انها بهذه الطريقة ترضيسالم وتكون "شاطرة" ليعيدها الى امها ولم يكن سالم الدهري من الانسانية ليشعر انهامام فتاة بريئة لا تفقه من امور الحياة شيئا وانها عاشت حياتها منذ ولادتها معزولةعن الدنيا بحكم ظروفعائلتها ولم تعرف الا والدتها ووالدها اللذين كانا مشغولين عنهاليلا ونهارا في العمل الشاق من اجل توفير لقمة العيش لهم.. ولم يكن لها اخ او اختولا صديق او صديقة ولم تكن تسنح لها الفرصة الا كل عدة اشهر لساعات معدودة للعب معمجموعة من الاطفال القادمين مع عائلاتهم لتتنزه بالقرب من المزرعة التي سكنتها مععائلتها وهذه الظروف جعلت من جورجيت تبدو في تصرفاتها كطفلة لم تبلغ العاشرة منالعمر بالرغم من انها بلغت الخامسة عشرة ذات جسد ممشوق وجمال يبهر الابصار ... استمر سالم الدهري يفك جدائل شعرها ..ولم يكن ليستطيع ان يتمالك نفسه ويجمح نارالشهوة المشتعلة بداخله والتي كانت تزيد التهابا كلما لامست يداه كتفي جورجيت وهويفك جدائلها وبشراسة حيوان مفترس مزق فستانها البالي بكلتا يديه ؛ وبعنف وبدون رحمهوجورجيت تصرخ من الالم وتقفز من جانبه مشدوهه مذهولة ؛ مصدومة لا تدري ماذا يحدث .. وتصرخ "حرام تضربني يا عمو منشأن الله انا ما عملت شيء" وتبكي ويلاحقها سالم الدهريويطاردها في ارجاء الغرفة ويشدها من شعرها ويمزق ما تبقى عليها من ثياب ..... تسقطجورجيت على الارض ويلقي بجسده الثقيل عليها ، يغشى على جورجيت لتصحو بعد عدة ساعات ... تفتح عيونها ومن اثر الصدمة لا تدري ان كان ما حدث كابوسا ام حقيقة.. ترى امامعينيها زوجة سالم الثانية والدموع في عينيها ... تضمد جروحها وتحاول ان تحرك جسدهالكنها لم تستطيع من شدة الألم تحرك رأسها ولو قليلا فقد كانت تشعر بألم وجروح علىرقبتها وكتفيها وصدرها ... وتعي فورا انها لم تكن في حلم ولا في كابوس ، تبكيبحرارة وتقول لزوجة سالم الثانية التي ما زالت تضمد جروحها "ليش يا خالتو انا شوعملت .. ليش يا خالتو " اخذت زوجة سالم رأس جورجيت ووضعتها في حضنها بحنان ولمتتمالك نفسها بأن تعتقل دمعتها التي خرت على خدها من جراء ما حصل لهذه المسكينةوقالت لها : معلش يا بنتي بكره بتنسي .. واخذت جورجيت وهي تبكي تسأل زوجة سالماسئلة كثيرة واحتارت زوجة سالم كيف ترد عليها وهي تدرك ان براءه جورجيت لن تستوعبماحدث ... مرت ايام وجورجيت ما زالت طريحة الفراش تعتني بها زوجة سالم ليل نهارورغم الحظر الكبير الذي فرضه سالم الدهري بمنع أي من كان من رؤية جورجيت الا ان بعضالنساء والصبايا من عائلة الدهري حضرن خلسة لزيارة جورجيت ومواساتها والعناية بها ... وكان لذلك الاثر الكبير في ان تحسن حالة جورجيت وتستعيد قوتها من جديد وبعدمرور عشرة ايام وفي ساعات الليل دخل سالم الدهري الى الغرفة حيث ترقد جورجيتوبجانبها زوجته الثانية دون سابق انذار وطلب من زوجته الثانية ان تخرج وتغلق البابخلفها وأخذت....
الحلقة السابعة عشرواخذت جورجيت تصرخ وتبكي وتمسكبرداء زوجته وتتوسل اليها بأن تأخذها معها ولا تتركها معه ، الا ان سالم صرخ بها انتخرج فورا وتوسلت له ان يتركها فهي ما زالت مريضة ولكن سالم شدها من شعرها والقاهاخارج الباب واغلقه وجورجيت نائمة على السرير تبكي وتغطي وجهها بكلتا كفيها .... لمتقاوم هذه المرة ولم تدافع عن نفسها بل اكتفت بأغماض عينيها واخفاء وجهها بيديها .
مرت الاسابيع والاشهر وجورجيت حبيسة الغرفة لا يسمح لها بالخروج او لقاء احدواعتادت جورجيت على الشر الذي لا بد منه بأن يزورها سالم كل عدة ايام لتغمض عينيهاوتغطي وجهها.
توقفت جورجيت عن البكاء وبدأت تفهم ما يدور حولها ....ومر عامكامل على هذا الحال وهي لم تر الشمس لمرة واحدة خلال كل هذه المده وما تعلمته خلالهذا العام كان اكثر مما كان يمكن ان تتعلمه خلال عشرات الاعوام ... فزوجة سالم كانتبمثابة الام الحنون لجورجيت ، الا ان جورجيت كانت دائمة السؤال عن والدها ووالدتهافكانت الاجابة تأتيها دائما من زوجة سالم الاولى انهم بخير .
وفي احدى الزياراتالسرية التي كانت تقوم بها نساء وصبايا عائلة الدهري لجورجيت لتسليتها والحديث معهاواطلاعها على اخر القصص والاحداث ... سألت جورجيت ان كان هناك اخبار جديدة عن ابيهاوامها ... فاجابتها احدى النسوة :بأن اخر الاخبار التي وصلتهن بأنهما بخير وقد بعثابسلاماتهم الحارة مع احد النسوة لك ووعدا بانهما حينما تسمح الظروف سيأتيان لزيارتك .
احدى الصبايا الجالسات والتي كانت تستمع للحديث لم تتمالك اعصابها واخذت تبكيلتخرجها احدى النسوة بطريقة اثارت الشكوك عند جورجيت .
تغير لون جورجيت وقالتبنبرة حزينة والدموع تترقرق في عينيها "كل مرة بسألكن عن اخبار اهلي بتقولن لي انهمبخير ، وعيونكن بتقول غير هيك ...انا مش مصدقة اللي بتحكوه قولن الحقيقة وما تخافنشانا كبرت كثير وراح اتحمل أي خبر .. ما تخلوني اتعذب .. ريحوني واحكن لي شو الليصار"
كلام جورجيت جعل كل الجالسات معها يبكين ولم يعد هناك جدوى من اخفاءالحقيقة عنها اكثر من ذلك وبدأت احداهن تروي الحقيقة وقالت : ان والدتك قد ماتت فينفس اليوم الذي احضروك فيه الى هنا ولم ينتبه لموتها احد وبقيت ملقاة على الارضلعدة ايام فتوفي والدك بعد ايام ...ليلحق بوالدتك ، لم تستطع المرأة ان تكمل حديثهاواخذت تبكي وجورجيت فاجأت الجميع بأنها لم تسقطمن عينيها دمعه واحدة وكأنالدمع قد جف من عيونها وبهدوء وثقة وحزم وجبروت قالت "لا تبكي اللي مات .....مات بسقولن لي مين دفنهم ... ووين دفنوهم "ونظرة النسوة باستغراب لتماسك جورجيت واهتمامهابمكان دفنهما وقالت احداهن : لقد سمعنا انه لم ينتبه لموتهما احد لعدة ايام حتى مراحد الاشخاص بالصدفة من جانب المزرعة وعلم بموتهما وذهب واخبر الناس وتطوع بعضالاشخاص وقاموا بدفنهم ..
-وقالت جورجيت :وين دفنوهم بالضبط ..هل دفنوهم بمقبرةعائلة الشامي ؟خيم جو من الصمت على المكان لسؤال جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما ...فقطعت احداهن الصمت الذي خيم على المكان وقالت : كلا لقد تم دفنهما بجوارالمزرعة ولم يدفنا بمقبرة الشامي .
وقالت احدى الجالسات : الله كبير يا بنتي ... ادعيلهم الله يرحمهم .
-ابتسمت جورجيت وقالت : الله هو الله وينو ..اللي مات ... مات ، خلينا نسكر على هالموضوع .
وقالت اخرى : البقية في حياتك يا جورجيت واللهيرحمهم .
ابتسمت جورجيت من جديد وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات سكروا علىهالموضوع.
وقالت احدى الصبايا غاضبة ... :الله ينتقم من اللي كان السبب وراحندعي معك ليل نهار انه الله ينتقم منهم.
ابتسمت جورجيت ووضعت يدها على كتفالصبية وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات وخلينا نحكي بموضوع ثاني .
وقالت زوجةسالم يا جورجيت لا تحشري بقلبك .. :ابكي يا بنتي ابكي وخلي ايمانك بالله كبير .
صمتت جورجيت لبرهة ثم قالت : يا خالتي بكفي ..اللي مات .. مات وسكروا علىهالموضوع .
وقالت احدى الصبايا والتي عمرها من عمر جورجيت والدموع تنهمر منعينيها: والله يا جورجيت لو بدهم يذبحوني الا اروح وادور على قبر امك وابوك واضويعليهم الشمع ... وامسكتها جورجيت وحضنتها واخذت تمسح دموعها عن خدها وتقول لها : لاتبكي يا حبيبتي ولا تغلبي حالك .. اللي مات .. مات .
ارادت اخرى ان تتحدث ولكنجورجيت قاطعتها قائلة : ارجوكم بكفي حكي في هالموضوع اللي مات ... مات.
خيم علىالمكان بعد كلمات جورجيت جو من الحزن والكآبة والوجوه المكفهرة ... والمفاجئةوالذهول والاستغراب من تماسك جورجيت واللامبالاة التي ابدتها حيال الموضوع ... وماهي الى لحظات معدودة حتى انقلب الجو الى خوف وذعر ... انتشر بين النسوة والصباياالجالسات ترافق مع سماعهن...!!!!
اصواتا اتية من خارج البيت ....لحظات ويظهرسالم الدهري مع مجموعة من رجال العائلة حاملين بايديهم العصي والسياط وينهالونبالضرب على كل النساء ، وهم يشتمون وسالم الدهري انهال على زوجته (بالسوط )وهو يصرخبها: يا كلبة يا زانية ...حذرتك الف مرة انو محدش يحكي مع جورجيت وانت لامه كلالنسوان عندها.
امسك بشعرها وركلها بقوة ..سقطت على الارض والدماء تنزف من وجههابغزارة ، واخذ يضرب بالسوط جورجيت على جميع انحاء جسدها ....حتى تعبت يداه وجورجيتواقفة لا تصد الضرب ولا تحنيراسها ولا تصرخ ولا تبكي ، وكانها فقدت الاحساسبالالم.
هربت النسوة من البيت ولم يبق في البيت الا سالم الدهري وزوجته الملقاهعلى الارض ، وجورجيت الواقفة على قدميها وضربات السوط قد مزقت ملابسها وتركت ندوباًوعلامات على وجهها وجسدها ....انحنت جورجيت واقتربت من زوجة سالم لترفعها عن الارض، فصرخ بها اتركيها تموت مثل الكلبة ....لم تكترث جورجيت ورفعت زوجته ..فركلها سالمببطنها ركله القت بها لعدة امتار ..زحفت جورجيت مرة ثانية لتسعف زوجة سالم الا انهبدأ بركلها بقدميه على وجهها وجسدها حتى اغمى عليها من شدة الضرب.....افاقت بعد عدةساعات لتجد نفسها مقيدة في حظيرة الاغنام ، لياتي سالم وهو يضحك ويقول لها: هذامكانك الصحيح الذي يجب ان تكوني فيه ، ولا تنسي انك ثمن دم اخي !!!
__________________
الحلقة الثامنة عشر
============
منظرجورجيت المقيدة والملقاه على الارض .. وثيابها التي مزقها السوط كاشفة عن الجزءالاكبر من جسدها اثار في سالم نار الشهوة فهجم عليها بسادية لا مثيل لها .
مزقملابسها وفك قيودها حتى لا يبقى ما يمنعه من اشباع شهوته الحيوانية.. وما ان انتهىحتى اخذ يضحك بهستيريا.. وبحركة سريعة لا شعورية امسكت جورجيت بوتد كان بجانبها خصصلربط الابقار وضربت سالم ضربة على وجهه تسببت في فقء عينه اليمنى .
صرخ سالم منالآلم وخرج من غير وعي والدم ينزف من وجهه حتى انه لم يصحو على نفسه عندما خرج منالحظيرة عاريا ...
مرت ساعات طويلة على جورجيت وكانها الدهر وهي تنتظر عودة سالمالدهري لينتقم منها ، حتى حدث هذا وعاد سالم مضمداً وجهه وعينه ...وقال لجورجيت :عيني راحت يا جورجيت وانا شايفك بعين واحدة مش ثنتين ، وانا لو اخذت روحك بدل عينيمش حرتاح ، وحترتاحي انت ...انت حلوة كثير يا جورجيت ، والله ما خلق احلى منك ،وانا قررت اني ما اكون اناني واخبيك عن عيون الناس...وضحك بأعلى صوته واخذ يناديباسماء اشخاص موجودين خارج الحظيرة ...دخلت مجموعة من رجال الدهري الذي تمنوا انيروا حتى ولو من بعيد جورجيت صاحبة الجمال الخارق ...قال لهم سالم :خذوا نصيبكممنها ، انها مجرد جارية ولم يكن هؤلاء اقل قذارة من سالم ، واخذوا يعتدون عليهاالواحد تلو الاخر وهي صامته خائرة القوى ، لا تقوى على ابداء أي نوع من المقاومة .
توالت الايام وسالم في كل يوم يحضر معه مجموعة جديدة من اقاربه ، ويجد متعتهوهو يراقب كيف يعتدون عليها الواحد تلو الاخر !!!
وكان يجبرها على ان تاكل منالفضلات التي وضعت للخرفان في الحظيرة ...لم يكتف سالم بهذا بل اتاها يوما وقال : انت اجمل مره على وجه الارض والله لخليك ابشع مره ، كل رجل اتمناك حتى ولو لحظةليشوف جمالك ، راح اخليه لما يشوفك يشمئز ....ويتمنى لو انه ما شافك..
قيد يديهاوقدميها ، ولم يكن بحاجة لذلك ، فهي لم تعد تقوى على الحراك وامسك بشعرها وقال :انهذا الشعر الجميل لم يعد يناسبك يا جورجيت ..واخذ مقصا وبدأ يقصه بجنون ومتعه حتىأتى عليه جميعه ...ابتعد عنها لعدة خطوات ونظر اليها وقال :ما زلت جميلة يا جورجيتواخذ سكين وبدأ يشوه وجهها وجسدها بوحشية... ولم يتوقف الا حين ظن انها ماتت بينيديه.. ليهزها بيديه وهو يصرخ : ما تموتيش !!! انا ما بدي تموتي ..
وحينما شعرانها ما زالت تتنفس القاها على الارض وخرج ...وفي اليوم التالي عاد ومعه مجموعةاخرى من الرجال ، وقال لهم سالم :ها هي جورجيت الجميلة ..من يريدها منكم فليأخذها !!!
اشاح معظمهم بوجوههم عنها تفاديا لرؤيتها ..حتى ان احدهم قد تقيأ من المنظرالتي اصبحت عليه ..وهنا ضحك سالم وقال :يا جورجيت الكل اشتهاك وتمناك ..والان لااحد يريد حتى النظر اليك ، كنت اجمل مخلوقة في الوجود واصبحت اقبح من في الوجود ...فاختاري ان تمضي حياتك بين الخراف او اخرجي ليراك الناس واكون قد صنعت لهم مثلابالقباحة ..ليقولوا اقبح من جورجيت ان ارادوا وصف احد في القبح ...خرج سالم وتركهاولم يهتم حتى باغلاق باب الحظيرة ....
ومرت الايام وجورجيت تشارك الاغنام الطعاموالشراب وفي احدى الليالي سمعت صوتاً يناديها همسا ...جورجيت جورجيت التفتت الىمصدر الصوت واذ بها صديقتها الصغيرة ..وقد أتت خلسة لرؤيتها ...اختبات جورجيت خلفالاغنام وقالت لها :ارجوك لا تنظري الي !!
فبكت الصبية وقالت لها :لا يا جورجيتلا تتخبي ..واقتربت منها الصبية وحضنتها وقالت لها:شو ما عملوا فيك حتظلك احلى بنتفي الدنيا كلها ...
ومرت ايام اخرى وبدأت جورجيت تعتاد على شكلها الجديد ،واحضرن لها صديقاتها من بنات عائلة الدهري واللواتي كن يحضرن ليلا لزيارتها خشية انيراهن احد عباءة وخمارا وكفوفا لتخفي جسدها المشوه ...وبعد ان ارتدتها جورجيت واخفتجسدها بالكامل ليصبح من المستحيل ان يرى من وجهها او اي جزء من جسدها قررت الخروجمن الحظيرة التي امضت اشهراً فيها ، ولكن مصائب جورجيت لم تتوقف عند هذا الحد بلاكتشف انها (حامل) ووصل الخبر مسامع سالم الدهري والذي كان قد بدأ ينسى امرها.. جنجنونه وجمع اقاربه من عائلة الدهري وقال لهم :ان تلك العاهرة حامل والذي تحمله فيبطنها ابن احدنا ، وأتفق الجميع بانه من المحال معرفة ابن من سيكون وعليه فقد قررواان يدفنوها ويريحوا انفسهم من هذه القضية ...فحملوها وخرجوا بها الى احدى المقابر ،وفتحوا احد القبور ووضعوها فيه ..وتركوها لتموت داخل القبر هي والجنين الذي تحملهفي احشائها وعادوا الى بيوتهم سعداء بعد ان تخلصوا من هذه القضية التي اقضت مضاجعهم .
وفي داخل القبر الضيق المظلم والذي تفوح منه رائحة الاموات والعفن ..ايقنتجورجيت انها ستموت لا محالة ...ان لم تكن قد ماتت .
اغمضت عينيها مستسلمة للموتالذي تنتظره ...ومن عتمة القبر المغلق ....سمعت صوتاً خافتاً بالكاد يكون همسا ..يناديها : جورجيت جورجيت ...جورجيت ....
ارتجفت اوصالها ...وايقنت ان هذاالصوت ما هو الا صوت ملاك الموت الذي سمعت عنه...وقد جاء ليقبض روحها والصوت الهامسما زال يناديها : جورجيت ...لا تخافي يا جورجيت ...لا تخافي..
في عتمة القبرالضيق حاولت جورجيت ان ترى من اين يأتي الصوت ...ولكنهالم تستطع ان ترى شيئا ...عادالصوت يناديها من جديد ...: جورجيت لاتخافي ...انا اناديك من تحت القبر ...ادفعيبقدمك اليمنى الحجر وسيفتح لك باب ...فتعالي عندي ...واخذت جورجيت تدفع بقدمهااليمنى الحجر حتى سقط ...ليكشف عن فتحة صغيرة جدا بالكاد تستطيع ان تمر منهازحفا.
فزحفت جورجيت على بطنها حتى أخرجت جسدها من الفتحة الضيقة ....وسقطت فيمغارة كبيرة جدا ومظلمة تقع تحت القبر ...
عاد الصوت الهامس يناديها من جديد ...: جورجيت ....جورجيت ...سيري نحو الامام ولا تتوقفي حتى اقول لك .
سارتجورجيت في العتمة عشرات الامتار ليعود الصوت الهامس ويقول لها :جورجيت ...جورجيت ...ادخلي على يمينك يا جورجيت ...
ففعلت جورجيت هذا، ووجدت نفسها في مغارة مضاءةبضوء خافت مصدره شمعة مشتعلة من بعيد ، وفي داخل المغارة أسرَّة ...وملابس ...واشياء كثيرة...
عاد الصوت الهامس من جديد يناديها : جورجيت ...جورجيت ...لاتخافي انت في امان ، اجعلي من هذا منزلك ، استحمي واستريحي وكلي وافعلي ما شئت ..فستجدين كل ما ينقصك وكل ما تريدين ..ولكن لا تخرجي من هنا ولا تفكري في الخروجحتى تنجبي طفلك ...
التفتت جورجيت الى مصدر الصوت ولكنها لم ترى شيئا بسببالعتمة.. وقالت جورجيت للصوت الهامس:اين انا ...ومن يكلمني ؟؟فرد الصوت الهامس : انت في امان ، انت في بيتك يا جورجيت ...وانا لن تريني حتى تنجبي طفلك ..
فقالت جورجيت للصوت الهامس :هل انا حية ام ميتة ؟؟فرد الصوت الهامس :لايا جورجيت انت حية ولم تموتي ...والان يا جورجيت ارتاحي ولا تفكري بشيء..وان احتجتشيئا ولم تجديه ...فقط اطلبيه وسيحضر لك بالحال ...واختفى الصوت الهامس ..وتلاشىالخوف وحلت مكانه الطمأنينة في قلب جورجيت وتكيفت مع الحياه في داخل هذا المكانالمظلم ، المضاء بنور خافت ، وكانت جورجيت كلما احتاجت شيئا تتكلم وتطلبه لتجده بعدوقت قصير في مدخل المغارة وكأن احدا يذهب ويحضره بسرعة.
مرت الايام والاشهرواكتمل حمل جورجيت...وحان موعد ولادتها وانجبت بعد عناء وآلم وتعب ...طفلة كأنهاالبدر في بهائها ...ومع مولدها ازداد النور في المكان ليصبح كل شيء يرى بوضوح اكثروكأن القمر اطل على المكان ...احتفالاً بميلادها غسلتها وارضعتها ...ولفتها ...وضمتها الى صدرها وبعد ثلاثة ايام عاد الصوت الهامس ليقول من جديد : جورجيت ...جورجيت ..مبارك ما جئت به يا جورجيت ...
ابتسمت جورجيت لعودة الصوت الهامسوهي التي الفته ...وقالت : لقد وعدتني بأنني ساراك بعد ان انجب!!!
-فقال الصوتالهامس :نعم سيحدث هذا ولكن اصبري حتى تكتمل الايام السبعة لمولودك وسترينني ياجورجيت .
اختفى الصوت الهامس من جديد ...ومرت الايام السبعة وجورجيت تعتنيبابنتها ...وقد انستها ابنتها كل الذي حدث معها ...وفي اليوم الثامن عاد الصوتالهامس من جديد واخذ ينادي على جورجيت:
- جورجيت ...جورجيت ..ها قد عدت ياجورجيت وسترينني الآن ...
ومن حيث مصدر الصوت الآتي من العتمة ، بدأت جورجيت ترىشخصاً يشق الظلام ويتقدم نحوها ..يرتدي الابيض بالابيض ...اقترب منها وامعنت النظرووجدت امامها امرأة عجوز شعرها ابيض ...وعلى شفتيها ابتسامة وبعيونها حنان املابنتها ...شعرت جورجيت بالطمانينة ...وتمنت لو تقفز وتحضنها....اقتربت منها العجوزصاحبة الصوت الهامس ....وحضنتها وقبلتها
-وقالت لها :كيفك يا بنتي ..!؟وابتسمت جورجيت وبدا السرور والفرح على وجهها ...وخاصة ان صاحبة الصوتالهامس ..امرأة فهذا زاد من اطمانينتها وراحتها .....
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالتاسعة عشر
============
-وقالت جورجيت لها :من تكونين يا خالة؟؟؟
-فردت العجوز عليها :ستعلمين يا جورجيت ستعلمين ...!!
-فقالت جورجيت :متىاستطيع الخروج من هنا يا خالة ..؟
-فردت العجوز في أي وقت تريديه يا جورجيتتستطيعين ان تخرجي !!!
-فسالت جورجيت :اين انا الان يا خالة ؟؟
-فردت العجوز :انت يا ابنتي في مكان تحت القبور ، الخروج منه من القبور والدخول اليه من القبوروقالت لها :ولكن لماذا تخفي وجهك يا جورجيت ..!؟ اخلعي الخمار ..فهنا لن يراك احد ...
-فقالت جورجيت :ما بدي تقرفي مني يا خالة ..
-فردت العجوز :لا تخافي ياجورجيت .. ربما الدهري استطاع ان ياخذ جمال جسدك ..ولكن جمال روحك لا احد يستطيع انيأخذه ..لا تخافي يا جورجيت وايضا بامكانك ان تعودي جميلة كما كنت يا جورجيت ..
-فقالت جورجيت :كيف يا خالة كيف ، ما ظل شيء فيّ ممكن يرجع مثل اول .
-فقالت العجوز :كل اشي ممكن يا بنتي كل اشي ممكن ...
-فقالت جورجيت :ياخالة انا طيبة ولا ميتة ..انا بذكر انهم دفنوني وما بدفنو الأ اللي بموت .
-فقالت العجوز :لا يا ابنتي فالقبور مليئة بالاحياء الذين لم يموتوا ، وليس كلمن يدفن يكون قد مات ، وانت لم تموتي يا جورجيت ، ولكن الظروف قد حكمت عليك ان تبقيميتة وانت حية ....والان يا جورجيت يجب ان تعاهديني عهد لا فكاك منه ...
-فقالتجورجيت :اعاهدك يا خالة اعاهدك ...
-فقالت العجوز :ساحكي لك ما هو العهد وعلىماذا ستعاهديني .
واخذت العجوز تعلم جورجيت وتشرح لها عن العهد واسبابه ...مرتاشهر وكانت عائلة الدهري قد نسيت قصة جورجيت ولم يبق يذكرها احد ...وفي ليلة شتاءعاصفة ومعتمة كان يجلس سالم الدهري في بيته ...وسمع طرقا على الباب تكرر الصوت ...وقام سالم الدهري وفتح الباب ...ليرى امرأة مقنعة بالاسود من اخمص قدمها الىراسها ...وفي ثوان ...ودون استئذان ..دخلت المرأة البيت ...وقف سالم الدهري ينظراليها مستغربا وقال :
- من انت وماذا تريدين ؟؟؟
-قالت المقنعة :لهلأ ماعرفتني يا سالم ؟!
فرد سالم الدهري الذي ما كان ليخاف او يرتعش من شيء فقلبهاقسى من الحجر:
- الصوت بذكرني بواحدة بشعة كثير ، ماتت من زمان ، شو انت شبحهاولأ انت طيبة وما مت.. يالله شيلي هالخمار علشأن اشوف ابشع مخلوقة صنعها الدهري ...
-فقالت :سالم يا دهري... انا ما مت ولا راح اموت ، ما دام كلب من دم الدهريفوق الارض .
رفع سالم الدهري يده ليضربها كما اعتاد بالسابق ، الا انها امسكتيده وادارتها بسرعة البرق ليصرخ سالم من الم كسر العظم ...ويصرخ بذهول :انت لستجورجيت ...من تكوني ...؟؟؟؟
-وضحكت وقالت :انا لعنتك يا سالم ، انا لعنة الدهريوالشامي ، من دمكم ولحمكم ، خلفت بنت مين ابوها يا سالم ، انت ولأ اخوك ولأ عمك ولأخالك ، ولأ ولادهم مين ابوها من رجال الدهري يا سالم ..؟بنتي حتخلف بنت وبنتهاحتخلف بنت وكل بنت حتخلف بنت وانا وبناتي حنظل لعنة حتطاردكم وتطارد كل ذكر مندمكم... وبدل القبر اللي دفنتوني فيه ، حنفتحلكم الف قبر وقبر.
وبحركة سريعة منيدها ازاحت الخمار عن وجهها والعباءة عن جسدها ليطل من خلف العباءة والخمار ..اجملجسد ووجه في الدنيا......ظهرت علامات الذهول والصدمة على وجه سالم الدهري فجورجيتعادت اجمل مما كانت عليه بعشرات المراتوقالت جورجيت :- يا سالم يا ابن الدهري ,انا جورجيت احلى بنات الشام واحلى بنات الدنيا كلها وكل بنت حتحمل دمي،حتكون احلىبنات الدنيا ومش حيكون احلى من بنات جورجيت في الدنيا كلها ...وكل ذكر حيشوف وجهجورجيت او بنت من بناتها .حينفتحلو قبر وحيفتح قبر وحيعيش بقبر .
وخرجت جورجيتتاركه سالم الدهري مذهولا لا يصدق ما حدث امامه ...
صدمة قوية اصابت سالم الدهري ... لف يده وخرج وجمع اقاربه وتوجهوا معاً رغم الجو العاصف والامطار التي كانتتنهمر بغزارة الى المقبرة التي دفنت فيها جورجيت.
احتاروا واختلفوا مع بعضهم حولالقبر الذي دفنوها فيه...واستقروا اخيراً على احد القبور، وبدأوا برفع التراب عنالقبر ليفتحوه ويروا ان كانت جورجيت حية ام ميتة ، وحينما فتحوا القبر شاهدواشموعاً مضاءة ، ورائحة زكية تنبعث من داخل القبر .. أخذ رجال الدهري ينظرون بوجوهبعضهم البعض ونفس السؤال يدور في رؤسهم جميعا ... اين اختفت جثة جورجيت ؟ من فتحالقبر واضاء الشموع ..؟ كيف يمكن للشموع ان تبقى مشتعلة داخل قبر مغلق ... وبدأسالم الدهري يصرخ بمن حوله قائلا : هل انتم متأكدون بأن هذا القبر هو القبر الذيدفناها فيه ...؟!
اكد بعضهم وشكك آخرون .. واصر سالم ان يقوموا بفتح عدة قبوراخرى لقطع الشك باليقين وقام اقارب سالم بفتح عدة قبور اخرى مرغمين تحت الحاح سالموكل منهم يحاول اخفاء الخوف الذي اعتراه عن اعين البقية... وقال احدهم لسالم والجمعالموجود : هيا نعود الى بيوتنا .. لا يوجد شيء يستحق ان نضيع من وقتنا لأجله ..فأنكانت جورجيت حيه فهي ليست الا امرأة ولن تستطيع ان تضرنا بشيء وان كانت ميته فمنالمخجل ان نبدأ بالخوف من اشباح الاموات.
ايده الاخرون بما قال وقد لاموا سالمالدهري على اهتمامه بهذا الموضوع وبدأوا بالخروج من المقبرة لتستوقفهم ضحكة امرأة ...
التفتوا الى مصدر الصوت ولم يستطيعوا ان يحددوا المكان الصادر منه .. تكررتالضحكة كلما هموا بالخروج من المقبرة وتتوقف كلما توقفوا .
ويقول لهم سالم : انها ضحكة جورجيت .. هيا لنبحث عنها .. ؟!!
لم يوافقه احد على هذا الرأي واجمعوابأنهم يجب ان يعودوا ولا يأبهون بما يحدث .. ولكن الصوت هذه المرة يناديهم قائلا :وين يا اولاد الدهري ، وين رايحين ؟!! انا "مره" يا اولاد الدهري... و"مره" مابتخوفكم، بنتكم بتستناكم وبدها تعرف مين ابوها والقبر الّي فتحتوه لازم واحد فيكميسكن فيه ؛ مين فيكم حيسكن فيه يا اولاد الدهري .. مين فيكم حيسكن فيه ...؟!!
انا جورجيت الّلي خلقت منكم لعنة وابوها كل رجال الدهري .. انا جورجيت "المره" اللي ما حتخلي في عيلتكم الا كل "مره" .. واللي بدوا لعنتي ما تصيبوا يعلنعن نفسه "مره"... واخذت جورجيت تضحك بصوت عالٍ ومتواصل ...وسارعوا الخطى وابتعدواعن المقبرة حتى تلاشى صوت جورجيت ، واخذ كل واحد منهم يتساءل بينه وبين نفسه هل هذامعقول ؟ هل تملك جورجيت القوة لتحقق ما قالته ..!! هل هي ميته امحيه..؟!!
واخذوا في سرهم يلعنون سالم الدهري على هذه الورطة التي اوقعهم بها .. وبعد ذلك دار بينهم حوار حول ما حدث وكل واحد منهم يقوي عزيمة الاخر ويظهر بأنه ليسخائفاً ... سالم الوحيد من بينهم الذي لم يتكلم وصمت طوال الطريق وهو اكثرهم قناعةبأن جورجيت قادره على تنفيذ ما قالته وخاصة انه جربها حينما كسرت له يده في اقل منلحظة ... سالم لم يحكي لاقربائه عما فعلت به جورجيت بأنها هي التي كسرت له يده .. مرت تلك الليلة ثقيلة وطويلة على رجال الدهري لم يذوقوا خلالها النوم ، ومرت ثلاثةايام اخرى واختفى ابن عم سالم الدهري وبدأوا بالبحث عنه ولكن عبثا كان بحثهم ... مراسبوع على اختفائه وجميعهم شكوا بينهم وبين انفسهم بان جورجيت ربما تقف خلف اختفائه ..ولكن لم يجرؤ احد ان يذكر ذلك امام الآخرين ، حتى تجرأ احدهم وذكر ذلك ، وذكرّهمبأن جورجيت قد وعدت بأن تدخل "احدنا" القبر الذي تم فتحه ... ويجب علينا ان نذهبلنتأكد ان كان هذا صحيحاً .. في البداية ترددوا في التوجه الى قبر جورجيت ولكن بعدذلك ذهبوا الى القبر .. ليجدوه مغلقا ، وقد نقشت عليه كلمات تقول ...:
هنا يسكن الميت الحيان كان حيا اخرجوهوان كان ميتا دعوهاذهبوا والقبر لا تفتحوهان فعلتم فلا بد ان تسكنوهفتحواالقبر ولم يجدوا بداخله الا الشموع المضاءة ، وخيل لبعضهم انهم سمعوا بكاء طفله ،ورأوا بداخل القبر كتابة منقوشة على حجر " لقد فتحتم قبراً جديداً ترى من فيكمسيسكنه لا تحيروني ..وتحتاروا، ان لم تختاروا سأختار منكم ابـاً لابنتي يؤنس وحدتها ..
وقف رجال الدهري محتارون .. منهم من يصدق ومنهم من يكذب ، وحل على العائلةكابوس اسمه جورجيت ومر شهر واختفى شخص جديد من عائلة الدهري ، وشهر اخر واختفى اخروهكذا كلما مرت عدة شهور يختفي احدهم ولا يعود ..واجتمعت عائلة الدهري في جو منالخوف والغضب يتشاورون فيما بينهم عن طريقة للخلاص من هذه الورطه ومرت الأشهروعائلة الدهري تحفر القبور بحثا عن جورجيت وعن ابنائهم الذين اختفوا ولكن دون جدوىفلا اثر لجورجيت ولا للذين اختفوا ، ولم يجدوا الا كتابات جديدة تزيدهم حيرة وتثيرجنونهم اكثر واكثر.. بدأوا يشكون في كل شيء، حتى انهم بدأوا يشكون في بعضهم البعضووصل شكهم الى عائلة الشامي عائلة جورجيت فربما هي التي تساعد جورجيت في خطف ابناءالدهري ، وارسلوا وفدا الى عائلة الشامي للبحث عن طرف خيط يساعدهم في الخلاص ومعرفةالحقيقة فلا يمكن ان تكون جورجيت لوحدها تقف وراء كل ما يحدث وكانت المفاجأة حينماعلموا بأن عائلة الشامي هي ايضا تحفر القبور بحثا عن ابنائها وان لعنة جورجيت قداصابتهم هم ايضا وعاد الوفد وابلغ عائلة الدهري بما حدث لعائلة الشامي وانقسمتعائلة الدهري الى قسمين منهم من ايد البحث عن طريقة لاصلاح جورجيت وارضائها ومنهممن اعلن رفضه لهذه الفكرة وانه يجب البحث عنها وقتلها بدلاً من الاعتذار لها فما هيالا امرأة ...ومرت سنوات وعائلة الدهري تحيا كابوسا اسمه جورجيت وفي كل فترة يختفيشخص جديد حتى ان عائلة الدهري اعتادت على هذا الوضع ولم يعد رجال الدهري يجرؤون علىالخروج ليلاً خوفا من لعنة جورجيت .
ورغم كل ذلك استطاعت عائلة الدهري ان تخفيعن الجميع ما حدث لها وتبقى الامر سرا فمن العار ان يعلم احد بان امرأه فعلت بهم كلهذا والويل كل الويل ان علمت احدى نساء او بنات الدهري بهذا الموضوع وتحدثت به معاي كان ولكن معظم نساء الدهري وبناتها ...علمن في الموضوع من خلال تصنتهن علىاجتماعات رجال الدهري المغلة .
مرت الاسابيع والاشهر وجورجيت حبيسة الغرفة لا يسمح لها بالخروج او لقاء احدواعتادت جورجيت على الشر الذي لا بد منه بأن يزورها سالم كل عدة ايام لتغمض عينيهاوتغطي وجهها.
توقفت جورجيت عن البكاء وبدأت تفهم ما يدور حولها ....ومر عامكامل على هذا الحال وهي لم تر الشمس لمرة واحدة خلال كل هذه المده وما تعلمته خلالهذا العام كان اكثر مما كان يمكن ان تتعلمه خلال عشرات الاعوام ... فزوجة سالم كانتبمثابة الام الحنون لجورجيت ، الا ان جورجيت كانت دائمة السؤال عن والدها ووالدتهافكانت الاجابة تأتيها دائما من زوجة سالم الاولى انهم بخير .
وفي احدى الزياراتالسرية التي كانت تقوم بها نساء وصبايا عائلة الدهري لجورجيت لتسليتها والحديث معهاواطلاعها على اخر القصص والاحداث ... سألت جورجيت ان كان هناك اخبار جديدة عن ابيهاوامها ... فاجابتها احدى النسوة :بأن اخر الاخبار التي وصلتهن بأنهما بخير وقد بعثابسلاماتهم الحارة مع احد النسوة لك ووعدا بانهما حينما تسمح الظروف سيأتيان لزيارتك .
احدى الصبايا الجالسات والتي كانت تستمع للحديث لم تتمالك اعصابها واخذت تبكيلتخرجها احدى النسوة بطريقة اثارت الشكوك عند جورجيت .
تغير لون جورجيت وقالتبنبرة حزينة والدموع تترقرق في عينيها "كل مرة بسألكن عن اخبار اهلي بتقولن لي انهمبخير ، وعيونكن بتقول غير هيك ...انا مش مصدقة اللي بتحكوه قولن الحقيقة وما تخافنشانا كبرت كثير وراح اتحمل أي خبر .. ما تخلوني اتعذب .. ريحوني واحكن لي شو الليصار"
كلام جورجيت جعل كل الجالسات معها يبكين ولم يعد هناك جدوى من اخفاءالحقيقة عنها اكثر من ذلك وبدأت احداهن تروي الحقيقة وقالت : ان والدتك قد ماتت فينفس اليوم الذي احضروك فيه الى هنا ولم ينتبه لموتها احد وبقيت ملقاة على الارضلعدة ايام فتوفي والدك بعد ايام ...ليلحق بوالدتك ، لم تستطع المرأة ان تكمل حديثهاواخذت تبكي وجورجيت فاجأت الجميع بأنها لم تسقطمن عينيها دمعه واحدة وكأنالدمع قد جف من عيونها وبهدوء وثقة وحزم وجبروت قالت "لا تبكي اللي مات .....مات بسقولن لي مين دفنهم ... ووين دفنوهم "ونظرة النسوة باستغراب لتماسك جورجيت واهتمامهابمكان دفنهما وقالت احداهن : لقد سمعنا انه لم ينتبه لموتهما احد لعدة ايام حتى مراحد الاشخاص بالصدفة من جانب المزرعة وعلم بموتهما وذهب واخبر الناس وتطوع بعضالاشخاص وقاموا بدفنهم ..
-وقالت جورجيت :وين دفنوهم بالضبط ..هل دفنوهم بمقبرةعائلة الشامي ؟خيم جو من الصمت على المكان لسؤال جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما ...فقطعت احداهن الصمت الذي خيم على المكان وقالت : كلا لقد تم دفنهما بجوارالمزرعة ولم يدفنا بمقبرة الشامي .
وقالت احدى الجالسات : الله كبير يا بنتي ... ادعيلهم الله يرحمهم .
-ابتسمت جورجيت وقالت : الله هو الله وينو ..اللي مات ... مات ، خلينا نسكر على هالموضوع .
وقالت اخرى : البقية في حياتك يا جورجيت واللهيرحمهم .
ابتسمت جورجيت من جديد وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات سكروا علىهالموضوع.
وقالت احدى الصبايا غاضبة ... :الله ينتقم من اللي كان السبب وراحندعي معك ليل نهار انه الله ينتقم منهم.
ابتسمت جورجيت ووضعت يدها على كتفالصبية وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات وخلينا نحكي بموضوع ثاني .
وقالت زوجةسالم يا جورجيت لا تحشري بقلبك .. :ابكي يا بنتي ابكي وخلي ايمانك بالله كبير .
صمتت جورجيت لبرهة ثم قالت : يا خالتي بكفي ..اللي مات .. مات وسكروا علىهالموضوع .
وقالت احدى الصبايا والتي عمرها من عمر جورجيت والدموع تنهمر منعينيها: والله يا جورجيت لو بدهم يذبحوني الا اروح وادور على قبر امك وابوك واضويعليهم الشمع ... وامسكتها جورجيت وحضنتها واخذت تمسح دموعها عن خدها وتقول لها : لاتبكي يا حبيبتي ولا تغلبي حالك .. اللي مات .. مات .
ارادت اخرى ان تتحدث ولكنجورجيت قاطعتها قائلة : ارجوكم بكفي حكي في هالموضوع اللي مات ... مات.
خيم علىالمكان بعد كلمات جورجيت جو من الحزن والكآبة والوجوه المكفهرة ... والمفاجئةوالذهول والاستغراب من تماسك جورجيت واللامبالاة التي ابدتها حيال الموضوع ... وماهي الى لحظات معدودة حتى انقلب الجو الى خوف وذعر ... انتشر بين النسوة والصباياالجالسات ترافق مع سماعهن...!!!!
اصواتا اتية من خارج البيت ....لحظات ويظهرسالم الدهري مع مجموعة من رجال العائلة حاملين بايديهم العصي والسياط وينهالونبالضرب على كل النساء ، وهم يشتمون وسالم الدهري انهال على زوجته (بالسوط )وهو يصرخبها: يا كلبة يا زانية ...حذرتك الف مرة انو محدش يحكي مع جورجيت وانت لامه كلالنسوان عندها.
امسك بشعرها وركلها بقوة ..سقطت على الارض والدماء تنزف من وجههابغزارة ، واخذ يضرب بالسوط جورجيت على جميع انحاء جسدها ....حتى تعبت يداه وجورجيتواقفة لا تصد الضرب ولا تحنيراسها ولا تصرخ ولا تبكي ، وكانها فقدت الاحساسبالالم.
هربت النسوة من البيت ولم يبق في البيت الا سالم الدهري وزوجته الملقاهعلى الارض ، وجورجيت الواقفة على قدميها وضربات السوط قد مزقت ملابسها وتركت ندوباًوعلامات على وجهها وجسدها ....انحنت جورجيت واقتربت من زوجة سالم لترفعها عن الارض، فصرخ بها اتركيها تموت مثل الكلبة ....لم تكترث جورجيت ورفعت زوجته ..فركلها سالمببطنها ركله القت بها لعدة امتار ..زحفت جورجيت مرة ثانية لتسعف زوجة سالم الا انهبدأ بركلها بقدميه على وجهها وجسدها حتى اغمى عليها من شدة الضرب.....افاقت بعد عدةساعات لتجد نفسها مقيدة في حظيرة الاغنام ، لياتي سالم وهو يضحك ويقول لها: هذامكانك الصحيح الذي يجب ان تكوني فيه ، ولا تنسي انك ثمن دم اخي !!!
__________________
الحلقة الثامنة عشر
============
منظرجورجيت المقيدة والملقاه على الارض .. وثيابها التي مزقها السوط كاشفة عن الجزءالاكبر من جسدها اثار في سالم نار الشهوة فهجم عليها بسادية لا مثيل لها .
مزقملابسها وفك قيودها حتى لا يبقى ما يمنعه من اشباع شهوته الحيوانية.. وما ان انتهىحتى اخذ يضحك بهستيريا.. وبحركة سريعة لا شعورية امسكت جورجيت بوتد كان بجانبها خصصلربط الابقار وضربت سالم ضربة على وجهه تسببت في فقء عينه اليمنى .
صرخ سالم منالآلم وخرج من غير وعي والدم ينزف من وجهه حتى انه لم يصحو على نفسه عندما خرج منالحظيرة عاريا ...
مرت ساعات طويلة على جورجيت وكانها الدهر وهي تنتظر عودة سالمالدهري لينتقم منها ، حتى حدث هذا وعاد سالم مضمداً وجهه وعينه ...وقال لجورجيت :عيني راحت يا جورجيت وانا شايفك بعين واحدة مش ثنتين ، وانا لو اخذت روحك بدل عينيمش حرتاح ، وحترتاحي انت ...انت حلوة كثير يا جورجيت ، والله ما خلق احلى منك ،وانا قررت اني ما اكون اناني واخبيك عن عيون الناس...وضحك بأعلى صوته واخذ يناديباسماء اشخاص موجودين خارج الحظيرة ...دخلت مجموعة من رجال الدهري الذي تمنوا انيروا حتى ولو من بعيد جورجيت صاحبة الجمال الخارق ...قال لهم سالم :خذوا نصيبكممنها ، انها مجرد جارية ولم يكن هؤلاء اقل قذارة من سالم ، واخذوا يعتدون عليهاالواحد تلو الاخر وهي صامته خائرة القوى ، لا تقوى على ابداء أي نوع من المقاومة .
توالت الايام وسالم في كل يوم يحضر معه مجموعة جديدة من اقاربه ، ويجد متعتهوهو يراقب كيف يعتدون عليها الواحد تلو الاخر !!!
وكان يجبرها على ان تاكل منالفضلات التي وضعت للخرفان في الحظيرة ...لم يكتف سالم بهذا بل اتاها يوما وقال : انت اجمل مره على وجه الارض والله لخليك ابشع مره ، كل رجل اتمناك حتى ولو لحظةليشوف جمالك ، راح اخليه لما يشوفك يشمئز ....ويتمنى لو انه ما شافك..
قيد يديهاوقدميها ، ولم يكن بحاجة لذلك ، فهي لم تعد تقوى على الحراك وامسك بشعرها وقال :انهذا الشعر الجميل لم يعد يناسبك يا جورجيت ..واخذ مقصا وبدأ يقصه بجنون ومتعه حتىأتى عليه جميعه ...ابتعد عنها لعدة خطوات ونظر اليها وقال :ما زلت جميلة يا جورجيتواخذ سكين وبدأ يشوه وجهها وجسدها بوحشية... ولم يتوقف الا حين ظن انها ماتت بينيديه.. ليهزها بيديه وهو يصرخ : ما تموتيش !!! انا ما بدي تموتي ..
وحينما شعرانها ما زالت تتنفس القاها على الارض وخرج ...وفي اليوم التالي عاد ومعه مجموعةاخرى من الرجال ، وقال لهم سالم :ها هي جورجيت الجميلة ..من يريدها منكم فليأخذها !!!
اشاح معظمهم بوجوههم عنها تفاديا لرؤيتها ..حتى ان احدهم قد تقيأ من المنظرالتي اصبحت عليه ..وهنا ضحك سالم وقال :يا جورجيت الكل اشتهاك وتمناك ..والان لااحد يريد حتى النظر اليك ، كنت اجمل مخلوقة في الوجود واصبحت اقبح من في الوجود ...فاختاري ان تمضي حياتك بين الخراف او اخرجي ليراك الناس واكون قد صنعت لهم مثلابالقباحة ..ليقولوا اقبح من جورجيت ان ارادوا وصف احد في القبح ...خرج سالم وتركهاولم يهتم حتى باغلاق باب الحظيرة ....
ومرت الايام وجورجيت تشارك الاغنام الطعاموالشراب وفي احدى الليالي سمعت صوتاً يناديها همسا ...جورجيت جورجيت التفتت الىمصدر الصوت واذ بها صديقتها الصغيرة ..وقد أتت خلسة لرؤيتها ...اختبات جورجيت خلفالاغنام وقالت لها :ارجوك لا تنظري الي !!
فبكت الصبية وقالت لها :لا يا جورجيتلا تتخبي ..واقتربت منها الصبية وحضنتها وقالت لها:شو ما عملوا فيك حتظلك احلى بنتفي الدنيا كلها ...
ومرت ايام اخرى وبدأت جورجيت تعتاد على شكلها الجديد ،واحضرن لها صديقاتها من بنات عائلة الدهري واللواتي كن يحضرن ليلا لزيارتها خشية انيراهن احد عباءة وخمارا وكفوفا لتخفي جسدها المشوه ...وبعد ان ارتدتها جورجيت واخفتجسدها بالكامل ليصبح من المستحيل ان يرى من وجهها او اي جزء من جسدها قررت الخروجمن الحظيرة التي امضت اشهراً فيها ، ولكن مصائب جورجيت لم تتوقف عند هذا الحد بلاكتشف انها (حامل) ووصل الخبر مسامع سالم الدهري والذي كان قد بدأ ينسى امرها.. جنجنونه وجمع اقاربه من عائلة الدهري وقال لهم :ان تلك العاهرة حامل والذي تحمله فيبطنها ابن احدنا ، وأتفق الجميع بانه من المحال معرفة ابن من سيكون وعليه فقد قررواان يدفنوها ويريحوا انفسهم من هذه القضية ...فحملوها وخرجوا بها الى احدى المقابر ،وفتحوا احد القبور ووضعوها فيه ..وتركوها لتموت داخل القبر هي والجنين الذي تحملهفي احشائها وعادوا الى بيوتهم سعداء بعد ان تخلصوا من هذه القضية التي اقضت مضاجعهم .
وفي داخل القبر الضيق المظلم والذي تفوح منه رائحة الاموات والعفن ..ايقنتجورجيت انها ستموت لا محالة ...ان لم تكن قد ماتت .
اغمضت عينيها مستسلمة للموتالذي تنتظره ...ومن عتمة القبر المغلق ....سمعت صوتاً خافتاً بالكاد يكون همسا ..يناديها : جورجيت جورجيت ...جورجيت ....
ارتجفت اوصالها ...وايقنت ان هذاالصوت ما هو الا صوت ملاك الموت الذي سمعت عنه...وقد جاء ليقبض روحها والصوت الهامسما زال يناديها : جورجيت ...لا تخافي يا جورجيت ...لا تخافي..
في عتمة القبرالضيق حاولت جورجيت ان ترى من اين يأتي الصوت ...ولكنهالم تستطع ان ترى شيئا ...عادالصوت يناديها من جديد ...: جورجيت لاتخافي ...انا اناديك من تحت القبر ...ادفعيبقدمك اليمنى الحجر وسيفتح لك باب ...فتعالي عندي ...واخذت جورجيت تدفع بقدمهااليمنى الحجر حتى سقط ...ليكشف عن فتحة صغيرة جدا بالكاد تستطيع ان تمر منهازحفا.
فزحفت جورجيت على بطنها حتى أخرجت جسدها من الفتحة الضيقة ....وسقطت فيمغارة كبيرة جدا ومظلمة تقع تحت القبر ...
عاد الصوت الهامس يناديها من جديد ...: جورجيت ....جورجيت ...سيري نحو الامام ولا تتوقفي حتى اقول لك .
سارتجورجيت في العتمة عشرات الامتار ليعود الصوت الهامس ويقول لها :جورجيت ...جورجيت ...ادخلي على يمينك يا جورجيت ...
ففعلت جورجيت هذا، ووجدت نفسها في مغارة مضاءةبضوء خافت مصدره شمعة مشتعلة من بعيد ، وفي داخل المغارة أسرَّة ...وملابس ...واشياء كثيرة...
عاد الصوت الهامس من جديد يناديها : جورجيت ...جورجيت ...لاتخافي انت في امان ، اجعلي من هذا منزلك ، استحمي واستريحي وكلي وافعلي ما شئت ..فستجدين كل ما ينقصك وكل ما تريدين ..ولكن لا تخرجي من هنا ولا تفكري في الخروجحتى تنجبي طفلك ...
التفتت جورجيت الى مصدر الصوت ولكنها لم ترى شيئا بسببالعتمة.. وقالت جورجيت للصوت الهامس:اين انا ...ومن يكلمني ؟؟فرد الصوت الهامس : انت في امان ، انت في بيتك يا جورجيت ...وانا لن تريني حتى تنجبي طفلك ..
فقالت جورجيت للصوت الهامس :هل انا حية ام ميتة ؟؟فرد الصوت الهامس :لايا جورجيت انت حية ولم تموتي ...والان يا جورجيت ارتاحي ولا تفكري بشيء..وان احتجتشيئا ولم تجديه ...فقط اطلبيه وسيحضر لك بالحال ...واختفى الصوت الهامس ..وتلاشىالخوف وحلت مكانه الطمأنينة في قلب جورجيت وتكيفت مع الحياه في داخل هذا المكانالمظلم ، المضاء بنور خافت ، وكانت جورجيت كلما احتاجت شيئا تتكلم وتطلبه لتجده بعدوقت قصير في مدخل المغارة وكأن احدا يذهب ويحضره بسرعة.
مرت الايام والاشهرواكتمل حمل جورجيت...وحان موعد ولادتها وانجبت بعد عناء وآلم وتعب ...طفلة كأنهاالبدر في بهائها ...ومع مولدها ازداد النور في المكان ليصبح كل شيء يرى بوضوح اكثروكأن القمر اطل على المكان ...احتفالاً بميلادها غسلتها وارضعتها ...ولفتها ...وضمتها الى صدرها وبعد ثلاثة ايام عاد الصوت الهامس ليقول من جديد : جورجيت ...جورجيت ..مبارك ما جئت به يا جورجيت ...
ابتسمت جورجيت لعودة الصوت الهامسوهي التي الفته ...وقالت : لقد وعدتني بأنني ساراك بعد ان انجب!!!
-فقال الصوتالهامس :نعم سيحدث هذا ولكن اصبري حتى تكتمل الايام السبعة لمولودك وسترينني ياجورجيت .
اختفى الصوت الهامس من جديد ...ومرت الايام السبعة وجورجيت تعتنيبابنتها ...وقد انستها ابنتها كل الذي حدث معها ...وفي اليوم الثامن عاد الصوتالهامس من جديد واخذ ينادي على جورجيت:
- جورجيت ...جورجيت ..ها قد عدت ياجورجيت وسترينني الآن ...
ومن حيث مصدر الصوت الآتي من العتمة ، بدأت جورجيت ترىشخصاً يشق الظلام ويتقدم نحوها ..يرتدي الابيض بالابيض ...اقترب منها وامعنت النظرووجدت امامها امرأة عجوز شعرها ابيض ...وعلى شفتيها ابتسامة وبعيونها حنان املابنتها ...شعرت جورجيت بالطمانينة ...وتمنت لو تقفز وتحضنها....اقتربت منها العجوزصاحبة الصوت الهامس ....وحضنتها وقبلتها
-وقالت لها :كيفك يا بنتي ..!؟وابتسمت جورجيت وبدا السرور والفرح على وجهها ...وخاصة ان صاحبة الصوتالهامس ..امرأة فهذا زاد من اطمانينتها وراحتها .....
--------------------------------------------------------------------------------
الحلقةالتاسعة عشر
============
-وقالت جورجيت لها :من تكونين يا خالة؟؟؟
-فردت العجوز عليها :ستعلمين يا جورجيت ستعلمين ...!!
-فقالت جورجيت :متىاستطيع الخروج من هنا يا خالة ..؟
-فردت العجوز في أي وقت تريديه يا جورجيتتستطيعين ان تخرجي !!!
-فسالت جورجيت :اين انا الان يا خالة ؟؟
-فردت العجوز :انت يا ابنتي في مكان تحت القبور ، الخروج منه من القبور والدخول اليه من القبوروقالت لها :ولكن لماذا تخفي وجهك يا جورجيت ..!؟ اخلعي الخمار ..فهنا لن يراك احد ...
-فقالت جورجيت :ما بدي تقرفي مني يا خالة ..
-فردت العجوز :لا تخافي ياجورجيت .. ربما الدهري استطاع ان ياخذ جمال جسدك ..ولكن جمال روحك لا احد يستطيع انيأخذه ..لا تخافي يا جورجيت وايضا بامكانك ان تعودي جميلة كما كنت يا جورجيت ..
-فقالت جورجيت :كيف يا خالة كيف ، ما ظل شيء فيّ ممكن يرجع مثل اول .
-فقالت العجوز :كل اشي ممكن يا بنتي كل اشي ممكن ...
-فقالت جورجيت :ياخالة انا طيبة ولا ميتة ..انا بذكر انهم دفنوني وما بدفنو الأ اللي بموت .
-فقالت العجوز :لا يا ابنتي فالقبور مليئة بالاحياء الذين لم يموتوا ، وليس كلمن يدفن يكون قد مات ، وانت لم تموتي يا جورجيت ، ولكن الظروف قد حكمت عليك ان تبقيميتة وانت حية ....والان يا جورجيت يجب ان تعاهديني عهد لا فكاك منه ...
-فقالتجورجيت :اعاهدك يا خالة اعاهدك ...
-فقالت العجوز :ساحكي لك ما هو العهد وعلىماذا ستعاهديني .
واخذت العجوز تعلم جورجيت وتشرح لها عن العهد واسبابه ...مرتاشهر وكانت عائلة الدهري قد نسيت قصة جورجيت ولم يبق يذكرها احد ...وفي ليلة شتاءعاصفة ومعتمة كان يجلس سالم الدهري في بيته ...وسمع طرقا على الباب تكرر الصوت ...وقام سالم الدهري وفتح الباب ...ليرى امرأة مقنعة بالاسود من اخمص قدمها الىراسها ...وفي ثوان ...ودون استئذان ..دخلت المرأة البيت ...وقف سالم الدهري ينظراليها مستغربا وقال :
- من انت وماذا تريدين ؟؟؟
-قالت المقنعة :لهلأ ماعرفتني يا سالم ؟!
فرد سالم الدهري الذي ما كان ليخاف او يرتعش من شيء فقلبهاقسى من الحجر:
- الصوت بذكرني بواحدة بشعة كثير ، ماتت من زمان ، شو انت شبحهاولأ انت طيبة وما مت.. يالله شيلي هالخمار علشأن اشوف ابشع مخلوقة صنعها الدهري ...
-فقالت :سالم يا دهري... انا ما مت ولا راح اموت ، ما دام كلب من دم الدهريفوق الارض .
رفع سالم الدهري يده ليضربها كما اعتاد بالسابق ، الا انها امسكتيده وادارتها بسرعة البرق ليصرخ سالم من الم كسر العظم ...ويصرخ بذهول :انت لستجورجيت ...من تكوني ...؟؟؟؟
-وضحكت وقالت :انا لعنتك يا سالم ، انا لعنة الدهريوالشامي ، من دمكم ولحمكم ، خلفت بنت مين ابوها يا سالم ، انت ولأ اخوك ولأ عمك ولأخالك ، ولأ ولادهم مين ابوها من رجال الدهري يا سالم ..؟بنتي حتخلف بنت وبنتهاحتخلف بنت وكل بنت حتخلف بنت وانا وبناتي حنظل لعنة حتطاردكم وتطارد كل ذكر مندمكم... وبدل القبر اللي دفنتوني فيه ، حنفتحلكم الف قبر وقبر.
وبحركة سريعة منيدها ازاحت الخمار عن وجهها والعباءة عن جسدها ليطل من خلف العباءة والخمار ..اجملجسد ووجه في الدنيا......ظهرت علامات الذهول والصدمة على وجه سالم الدهري فجورجيتعادت اجمل مما كانت عليه بعشرات المراتوقالت جورجيت :- يا سالم يا ابن الدهري ,انا جورجيت احلى بنات الشام واحلى بنات الدنيا كلها وكل بنت حتحمل دمي،حتكون احلىبنات الدنيا ومش حيكون احلى من بنات جورجيت في الدنيا كلها ...وكل ذكر حيشوف وجهجورجيت او بنت من بناتها .حينفتحلو قبر وحيفتح قبر وحيعيش بقبر .
وخرجت جورجيتتاركه سالم الدهري مذهولا لا يصدق ما حدث امامه ...
صدمة قوية اصابت سالم الدهري ... لف يده وخرج وجمع اقاربه وتوجهوا معاً رغم الجو العاصف والامطار التي كانتتنهمر بغزارة الى المقبرة التي دفنت فيها جورجيت.
احتاروا واختلفوا مع بعضهم حولالقبر الذي دفنوها فيه...واستقروا اخيراً على احد القبور، وبدأوا برفع التراب عنالقبر ليفتحوه ويروا ان كانت جورجيت حية ام ميتة ، وحينما فتحوا القبر شاهدواشموعاً مضاءة ، ورائحة زكية تنبعث من داخل القبر .. أخذ رجال الدهري ينظرون بوجوهبعضهم البعض ونفس السؤال يدور في رؤسهم جميعا ... اين اختفت جثة جورجيت ؟ من فتحالقبر واضاء الشموع ..؟ كيف يمكن للشموع ان تبقى مشتعلة داخل قبر مغلق ... وبدأسالم الدهري يصرخ بمن حوله قائلا : هل انتم متأكدون بأن هذا القبر هو القبر الذيدفناها فيه ...؟!
اكد بعضهم وشكك آخرون .. واصر سالم ان يقوموا بفتح عدة قبوراخرى لقطع الشك باليقين وقام اقارب سالم بفتح عدة قبور اخرى مرغمين تحت الحاح سالموكل منهم يحاول اخفاء الخوف الذي اعتراه عن اعين البقية... وقال احدهم لسالم والجمعالموجود : هيا نعود الى بيوتنا .. لا يوجد شيء يستحق ان نضيع من وقتنا لأجله ..فأنكانت جورجيت حيه فهي ليست الا امرأة ولن تستطيع ان تضرنا بشيء وان كانت ميته فمنالمخجل ان نبدأ بالخوف من اشباح الاموات.
ايده الاخرون بما قال وقد لاموا سالمالدهري على اهتمامه بهذا الموضوع وبدأوا بالخروج من المقبرة لتستوقفهم ضحكة امرأة ...
التفتوا الى مصدر الصوت ولم يستطيعوا ان يحددوا المكان الصادر منه .. تكررتالضحكة كلما هموا بالخروج من المقبرة وتتوقف كلما توقفوا .
ويقول لهم سالم : انها ضحكة جورجيت .. هيا لنبحث عنها .. ؟!!
لم يوافقه احد على هذا الرأي واجمعوابأنهم يجب ان يعودوا ولا يأبهون بما يحدث .. ولكن الصوت هذه المرة يناديهم قائلا :وين يا اولاد الدهري ، وين رايحين ؟!! انا "مره" يا اولاد الدهري... و"مره" مابتخوفكم، بنتكم بتستناكم وبدها تعرف مين ابوها والقبر الّي فتحتوه لازم واحد فيكميسكن فيه ؛ مين فيكم حيسكن فيه يا اولاد الدهري .. مين فيكم حيسكن فيه ...؟!!
انا جورجيت الّلي خلقت منكم لعنة وابوها كل رجال الدهري .. انا جورجيت "المره" اللي ما حتخلي في عيلتكم الا كل "مره" .. واللي بدوا لعنتي ما تصيبوا يعلنعن نفسه "مره"... واخذت جورجيت تضحك بصوت عالٍ ومتواصل ...وسارعوا الخطى وابتعدواعن المقبرة حتى تلاشى صوت جورجيت ، واخذ كل واحد منهم يتساءل بينه وبين نفسه هل هذامعقول ؟ هل تملك جورجيت القوة لتحقق ما قالته ..!! هل هي ميته امحيه..؟!!
واخذوا في سرهم يلعنون سالم الدهري على هذه الورطة التي اوقعهم بها .. وبعد ذلك دار بينهم حوار حول ما حدث وكل واحد منهم يقوي عزيمة الاخر ويظهر بأنه ليسخائفاً ... سالم الوحيد من بينهم الذي لم يتكلم وصمت طوال الطريق وهو اكثرهم قناعةبأن جورجيت قادره على تنفيذ ما قالته وخاصة انه جربها حينما كسرت له يده في اقل منلحظة ... سالم لم يحكي لاقربائه عما فعلت به جورجيت بأنها هي التي كسرت له يده .. مرت تلك الليلة ثقيلة وطويلة على رجال الدهري لم يذوقوا خلالها النوم ، ومرت ثلاثةايام اخرى واختفى ابن عم سالم الدهري وبدأوا بالبحث عنه ولكن عبثا كان بحثهم ... مراسبوع على اختفائه وجميعهم شكوا بينهم وبين انفسهم بان جورجيت ربما تقف خلف اختفائه ..ولكن لم يجرؤ احد ان يذكر ذلك امام الآخرين ، حتى تجرأ احدهم وذكر ذلك ، وذكرّهمبأن جورجيت قد وعدت بأن تدخل "احدنا" القبر الذي تم فتحه ... ويجب علينا ان نذهبلنتأكد ان كان هذا صحيحاً .. في البداية ترددوا في التوجه الى قبر جورجيت ولكن بعدذلك ذهبوا الى القبر .. ليجدوه مغلقا ، وقد نقشت عليه كلمات تقول ...:
هنا يسكن الميت الحيان كان حيا اخرجوهوان كان ميتا دعوهاذهبوا والقبر لا تفتحوهان فعلتم فلا بد ان تسكنوهفتحواالقبر ولم يجدوا بداخله الا الشموع المضاءة ، وخيل لبعضهم انهم سمعوا بكاء طفله ،ورأوا بداخل القبر كتابة منقوشة على حجر " لقد فتحتم قبراً جديداً ترى من فيكمسيسكنه لا تحيروني ..وتحتاروا، ان لم تختاروا سأختار منكم ابـاً لابنتي يؤنس وحدتها ..
وقف رجال الدهري محتارون .. منهم من يصدق ومنهم من يكذب ، وحل على العائلةكابوس اسمه جورجيت ومر شهر واختفى شخص جديد من عائلة الدهري ، وشهر اخر واختفى اخروهكذا كلما مرت عدة شهور يختفي احدهم ولا يعود ..واجتمعت عائلة الدهري في جو منالخوف والغضب يتشاورون فيما بينهم عن طريقة للخلاص من هذه الورطه ومرت الأشهروعائلة الدهري تحفر القبور بحثا عن جورجيت وعن ابنائهم الذين اختفوا ولكن دون جدوىفلا اثر لجورجيت ولا للذين اختفوا ، ولم يجدوا الا كتابات جديدة تزيدهم حيرة وتثيرجنونهم اكثر واكثر.. بدأوا يشكون في كل شيء، حتى انهم بدأوا يشكون في بعضهم البعضووصل شكهم الى عائلة الشامي عائلة جورجيت فربما هي التي تساعد جورجيت في خطف ابناءالدهري ، وارسلوا وفدا الى عائلة الشامي للبحث عن طرف خيط يساعدهم في الخلاص ومعرفةالحقيقة فلا يمكن ان تكون جورجيت لوحدها تقف وراء كل ما يحدث وكانت المفاجأة حينماعلموا بأن عائلة الشامي هي ايضا تحفر القبور بحثا عن ابنائها وان لعنة جورجيت قداصابتهم هم ايضا وعاد الوفد وابلغ عائلة الدهري بما حدث لعائلة الشامي وانقسمتعائلة الدهري الى قسمين منهم من ايد البحث عن طريقة لاصلاح جورجيت وارضائها ومنهممن اعلن رفضه لهذه الفكرة وانه يجب البحث عنها وقتلها بدلاً من الاعتذار لها فما هيالا امرأة ...ومرت سنوات وعائلة الدهري تحيا كابوسا اسمه جورجيت وفي كل فترة يختفيشخص جديد حتى ان عائلة الدهري اعتادت على هذا الوضع ولم يعد رجال الدهري يجرؤون علىالخروج ليلاً خوفا من لعنة جورجيت .
ورغم كل ذلك استطاعت عائلة الدهري ان تخفيعن الجميع ما حدث لها وتبقى الامر سرا فمن العار ان يعلم احد بان امرأه فعلت بهم كلهذا والويل كل الويل ان علمت احدى نساء او بنات الدهري بهذا الموضوع وتحدثت به معاي كان ولكن معظم نساء الدهري وبناتها ...علمن في الموضوع من خلال تصنتهن علىاجتماعات رجال الدهري المغلة .
الحلقةالعشرون
==========
وفي احدى الليالي توجهت مجموعة منهن الى حيثدفنت جورجيت ..واخذن ينادين بأعلى صوتهن على جورجيت ...ولكن عبثا فلم تظهر جورجيتوقامت احداهن باشعال شموع على قبرها قبل ان يغادرن ...وما ان تم اشعال الشموع حتىظهرت جورجيت قادمة من بعيد ببطء وكانها تعمدت ان لا تفاجئهن حتى لا يخفن منها ...اقتربت منهن وعانقتهن وجلست معهن وسألتها احدى الفتياتقائلة :يا جورجيت ..انت طيبة ولا ميتة ..؟
-ابتسمت جورجيت وقالت :لا يا حبيبتي انا طيبة ومش ميتة ..
-وسالت اخرى : صحيح يا جورجيت الي بحكوه انك انت اللي بتخطفي الرجالوبتقتليهم ...
صمتت جورجيت ولم تجب على السؤال ...واعادت الفتاة السؤال من جديد ...
-تنهدت جورجيت وقالت :انا ما بقتل وما بخطف ....
-فقالت اخرى :طيب وينبروحوا وين بختفوا ليش بحكوا عنك انك انت الي بتوخذيهم ...
لم تجب جورجيت علىالسؤال ....والحت النساء على جورجيت ان تجيبهم ولكن جورجيت رفضتالاجابة...
-فقالت اخرى :سامحيهم يا جورجيت علشانا احنا سامحيهم ، ولا تنسي ياجورجيت انهم اخوتنا وابوتنا وولادنا.. سامحيهم يا جورجيت علشانا ..
- بكت جورجيتوقالت :قلن لي انتن ، وانا شو ذنبي اعيش في القبور وانا طيبة.. وليش حكموا علي مااشوف الشمس شو ذنبي انا ..شو ذنب بنتي ، في حد منكن يقول لي مين ابو بنتي ...احكن.. ليش ساكتات ..بنتي انا مين " ابوها" ??!!...بدكن اسامحهم علشانهم ابوتكم واخوتكموولادكم ...حاضر علشانكم راح اسامحهم ..انا مسامحتهم في كل اللي عملوا فيّ ، بسبنتي لما تكبر حتقدر تسامحهم ...
صمتت النساء ولم يستطعن الرد على جورجيت وصمتتجورجيت ومرت دقائق من الصمت لا احد ينبس بحرف واحد ...ووقفت جورجيت وقالت :
-يابنات الدهري كلكن خواتي.. وبناتكن بناتي.. بحبكن وحظل احبكن وراح اعلم بنتي تحبكن ...
وانا بقلكن انا ما بخطف وما بقتل حدا ....رجال الدهري بفتحوا القبور بخاطرهموبسكنوها بخاطرهم والحال مش حيتغير ، انا وبنتي حنظل ساكنين القبور وما دام في ذكرمن دم الدهري بتجرأ وبفتح قبر بخاطره حيسكنه بخاطره ...ما تلومنّي وسامحنّي وقولنلرجالكن ما يفتحوا قبور ...علشان ما يسكنوها .....وادارت جورجيت ظهرها وسارت مبتعدةعنهن حتى توارت عن الانظار ومرت اشهر وعائلة الدهري على حالها ..حتى وصل اليهم نبأبان هناك عجوز في بيت المقدس ذات قدرات كبيرة ارسلوا في طلبها لتساعدهم في الخلاصمن هذه اللعنة التي اصابتهم ..
رفضت العجوز الذهاب الى الشام وارسلوا وفدالمقابلتها وحكوا لها مصيبتهم وما يحدث معهم ...
-فقالت العجوز :لقد اصابتكم لعنةالقبور ان لم توقفوها الان فستستمر الى ولد الولد -فقالوا :وكيف نوقفها؟؟
-فقالت :كم قبرا فتحتم ؟؟
-فقالوا :عشرين قبرا ...
-فقالت :وكم شخصاًاختفى منكم ؟؟؟
-فقالوا :سبعة عشر شخصا ...
-فقالت: اختاروا من بينكم ثلاثةاشخاص ليذهبوا ويسكنوا داخل القبور لمدة سبعة ايام ، فمن استطاع منهم ان يحافظ علىعقله خلال الايام السبعة سيخرج ولن تصيبه اللعنة ...وبعدها احذروا ان تفتحوا ايقبراً جديداً لان كل قبر ستفتحوه يجب ان يسكنه احدكم ..وبعد ذلك اضيئوا الشموع فيبيوتكم ليل نهار حتى تكبر ابنة جورجيت ..ومن ثم ابحثوا عنها واعرضوا عليها شبابكمفان احبت احدهم واحبها ..تتزوجه وتخرج من الظلام وتنتهي اللعنة ...لا تنسوا ان لمتبحثوا عنها انتم ستبحث هي عنكم.. اما بخصوص اقاربكم الذين اختفوا فمن بقي منهم علىقيد الحياة ستجدوه هائماً على وجهه في البراري ..
__________________الحلقة :
21
================================================== ==
انهتالعجوز كلامها مكرره تحذيرها لهم وعادوا الى الشام ورووا لبقية العائلة ما قالتهالعجوز.
وسخر سالم ومن معه مما قالته العجوز وقال لهم :هيا يا رجال الدهرياضيئوا الشموع في بيوتكم خوفا من امرأة وانتظروا حتى تكبر ابنتها ابنه الحراموزوجوها من احد ابنائكم لتحتفل عائلة الدهري بزواج ابنها من عاهرة وانا اقولها لكممن سيضيء شمعة واحدة في بيته من اجل جورجيت فساتبرأ منه والافضل له ان يرحل لانه لنيكون منا ولا نحن منه ..عائلة الدهري لن تركع لامراة حتى لو لم يتبق منااحد.
لم يكمل سالم الدهري كلامه حتى ظهرت جورجيت بطريقة مفاجئة امامالجميع تسير نحوهم بخطى واثقة تنظر اليهم من تحت الخمار نظرات دبت الرعب في قلوبهموقالت : .... العاهرة اللي بتحكوا عنها هي بنتكم واللى نسيتوا يا رجال الدهري ، اذانسيتوا بذكركم ...
ابتسم سالم الدهري ساخرا من كلامها وبرقت في عيونهفكرة شيطانية للقضاء على جورجيت وخاصة ان وجودها بينهم فرصة لا تعوض ...اقترب منهاوفطنت جورجيت لما يخطط له سالم والتفتت اليه وقالت
:- شو يا سالم يا كبير الدهريما تعلمت من المرة الاولى وبعدك عامل حالك زلمة بنصحك لا تنفذ اللي بتفكر فيه اناجيت اودعكم ..ولم يتركها سالم لتكمل كلامها بل انقض عليها ومعه اثنان اخران من رجالالدهري ..امسكا بها بقوة وهي لم تبد ادنى مقاومة بل وقفت صامتة تهز براسها مستهزئةمنهم وعلت ملامح النصر على وجه سالم الدهري من جديد وقال :يا جورجيت الناس بتموتمرة وانت حتموتي مرتين ...
-ضحكت جورجيت وقالت :يا سالم انا حخليك تتمنىتموت مرة واحدة ...بس انت اخر واحد بفكر فيك ومش حتعرف ايمتا الدور راح يجيك ...
ضحك سالم بصوت عال وامسك جورجيت من وجهها بكلتا يديه ولكن سرعان مابدأت يداه ترتجفان واخذ يصرخ من الالم وكانه امسك بجمرة من نار ووقع على الارضيصرخ..اقترب احد اقاربه ليساعده ويرى ما حصل ولكنه تراجع حينما راى لون يدي سالم قدتحولتا الى اللون الرمادي ليغزو جسده وعلى وجهه اثار مرض اشبه بمرض الجدري وكذلكحصل للشابين الاخرين اللذان ساعدا سالم في الامساك بجورجيت ..
وصعقالجميع مما حدث ولم يجرؤ احد على التحرك لمساعدة سالم والشابين او الاقتراب منجورجيت بل فضل الجميع الصمت خوفا من النتائج التي ستترتب على اية خطوة سيقوموا بها ....
رفعت جورجيت اصبعها واشارت اليهم غاضبة وقالت : اسمعوا يا اولاد الدهريانتوا اللي بتزرعوا وانتوا اللي حتحصدوا انا اليوم جيت ابلغكم واودعكم ...جيتابلغكم انه بنتكم عم تكبر وما دامت ما بتشوف النور ولا ذكر من دمكم حيشوف النوروهلأ حودعكم وملعونة بنتي ان رحمتكم...
وخرجت جورجيت من الباب ولا احديجرؤ على اللحاق بها او معرفة الى أي اتجاه ستذهب واخذوا ينظرون بوجوه بعضهم البعضوالى سالم الملقى على الارض وقد اصابه مرض جلدي غريب ودب الخلاف في عائلة الدهريواخذ كل واحد يلقي باللوم على الاخرين وعلى سالم وبعضهم اعلنها بصراحة بان لا دخللهم بما حدث مع جورجيت وان الذين اعتدوا عليها هم الذين يجب ان يتحملوا مسؤولية مايحدث واخرون اعلنوا انهم سيرحلوا بعيدا حتى لو اتهموا بالجبن وقالوا انه لا شجاعةامام السحر والسحرة وهكذا تشتت عائلة الدهري ولم يبق حول سالم الدهري الا ابناؤهواخوته والقليل من اقاربه ومرت السنوات وسالم الدهري يتجول من طبيب الى اخر ساعياوراء العلاج من المرض الذي اصابه بعدما لمس جورجيت وازداد حقد ما تبقى من رجالالدهري على كل امرأة وعلى كل من يذكر اسم جورجيت امامهم وبرغم مرور السنين الا انخوف الدهري بقي قائما وكانوا على يقين بان اللعنة ستبقى تطاردهم وتطارد ابناءهموعليه كلما ولد لهم ذكر كانوا على يقين بان يوما ما سيصله الدور وتصيبه اللعنةوخاصة ان كان هذا الذكر من نسل سالم الدهري .....
--------------------------------------------------------------------------------
الـــــحـــلـــقــــة
22
================================
جورجيت وابنتهاوفي المغارة تحت القبور حيث تسكن جورجيت وابنتها التي بلغت الثالثةوالعشرين من العمر ...تقدمت جورجيت تحمل بيدها عباءة وخمارا ووضعتهم امام ابنتهاوقالت لها :
يا ابنتي اليوم جاء دورك وقد بلغت السن الذي يسمح لك بالخروج منالظلام والبحث عن النور... اليوم انت اجمل بنات الدنيا ؛ جمالا حُرم من النور هذاقدري وقدرك لم نسعى اليه بل هو سعى الينا جمالك هذا لن يراه الا زوجك ..ابو بناتكوملعون من يراه غيره يا ابنتي لن يخرجك من عتمة القبور الى النور ، الا من احبكواحببته وقدرك ان لا يكون هذا الا من نسل العائلة الملعونة واما ان يخرجك او تدخليهانت يا ابنتي هذا قدرك واتمنى ان لا يكون قدر ابنتك من بعدك اتمنى ان تنجحي بالعودةالى النور وتخرجي من عتمة القبور يا ابنتي.. ظلمونا ولم نظلمهم وكتب عليك انتطارديهم ما دمت تريدين النور فيجب عليك ان تطارديهم اينما ذهبوا ..لن تستطيعيالعودة الى النور الا اذا اخرجك احدهم او ان لا يبقى ذكر من نسلهم يرى النور عندهافقط تستطيعي الخروج من عتمة القبور الى النور ....
يا ابنتي قبل سنين عاهدتالعجوز "عهد القبور " عهدا.. حولنا الى لعنة واليوم بعد ان كبرت اصبح العهد بيدكاوصيك ان تحافظي عليه وتصونيه ليحافظ عليك ويصونك ، مع العهد لا تخافي لن يظلمك احدولن يؤذيك احد وملعون من تجرأ وفكر ، يا ابنتي العهد يعطيك كل شيء الا النور ولهذالم اسمح لك بالخروج من القبور حتى لا تعتاديه وانتظرت حتى تكبري لاسلمك العهدوتاخذي فرصتك بالعودة الى حياة النور وان نجحت واستطعت العودة الى النور فاياك ياابنتي ان تكشفي ما عرفتيه وشاهدتيه تحت القبور لاي كان فوق القبور...والان يا ابنتياخرجي واكملي طريقي لا تخافي فلن تكوني وحيدة كلنا معك حتى تنجحي ..ان سألوك عناسمك فقولي لهم اسمي لعنة وان نجحت بالخروج الى النورفاستبدليه....
خروج لعنة ابنة جورجيتخرجت لعنةابنة جورجيت للمرة الاولى من عتمة القبور للعالم الذي لم تره او تعرفه منذ طفولتهاوفهمت ما قصدته امها بعالم النور ...اخذت تسير فكل شيء تراه جديدا لم تعهده ولم ترهمن قبل ، تجولت لعنة اياما واياما وكانت مع نهاية كل يوم تعود الى امها جورجيتوتروي لها ما حدث معها ...وبدأت لعنة تتعرف على عائلتها عائلة الدهري من بعيد دونان تقترب منهم او تحدثهم واستمرت على هذه الحال اكثر من عام.
وبدأت لعنة تبحث عنمن يخرجها الى النور الى الابد وعاد كابوس القبور معها ليحل على عائلة الدهري منجديد ومرت سنوات حتى احبت لعنة ابنة جورجيت احد شباب الدهري واحبها هو ووافقت علىالزواج منه بشروطها وتم الزواج وعاش معها تحت القبور لا يخرج ولا يرى نورا وما مرتعدة اشهر حتى حملت لعنة وفرحت لعنة وفرح زوجها ، فان شاءت الاقدار وانجبت لعنة "بنتا " فبعد مولدها باربعين يوما يستطيعون الخروج من تحت القبور الى الابد وتنتهياللعنة وان انجبت ذكرا فيجب ان يبقوا تحت القبور ، حتى تنجب انثى وخلال هذه الفترةلا يسمح لهم برؤية النور وبدأت الايام تسير ولعنة وزوجها بسعادة بالغة وكلهم امل انينجبا بنتا.
زوج لعنة كان اسمه نعيم الدهري بدأ يعتريه الوسواس ويصيبه المللبرغم وجود كل ما يريد وما يحتاج ويسال نفسه ماذا لو لم تنجب لعنة انثى وانجبت ذكرافهذا يعني انه يجب ان يبقى معها لا يرى النور حتى تنجب انثى ليخرج ويخرجها ولكنماذا سيحدث لو لم تنجب لعنة انثى الى الابد فهذا يعني انه سيبقى معها تحت القبوروالى الابد.
الخوف من المستقبل حول حياة نعيم زوج لعنة الى جحيم ودفعه ليأخذقرارا بالخروج دون ان يأبه أنه بهذه الطريقة سيقضي على الأمل بخروج زوجته الى النوروالحياة الطبيعية ، انانية نعيم جعلته لا يطيق ان ينتظر عدة اسابيع حتى تنجب "لعنة" وخرج وتركها وحيدة وحينما علمت لعنة صدمت وحزنت وبكت وعلمت ان قدرها قد كتب لها انتبقى تحت القبور وتذكرت قول امها جورجيت بأن ابناء الدهري كلهم واحد ولن يتغيروا ،مرت اسابيع وانجبت " لعنة" توأم "طفلتين" متشابهتين كأنهما القمر وقد قسما قسمين،حزنت لعنة اكثر على حظهما فلو انتظر زوجها عدة اسابيع لانتهى كل شيء.
ودار الزمنمن جديد وعادت القبور تفتح ورجال الدهري يختفون وكابوس اللعنة يطارد الصغيروالكبير، وكبرت ابنتا "لعنة" وقد سمتهما الاولى ياسمين والثانية وردة وحينما اصبحتافي الثالثة والعشرين جلست معهما امهما لعنة واتفقت معهما على ان تسلم العهد لكلواحدة منهما لمدة ثلاث سنوات تخرج فيها الاولى وان لم تنجح تسلم العهدلاختها.
وهكذا تم الاتفاق وكانت المرة الاولى من نصيب وردة وخرجت ، وانتهتالثلاث سنوات وعادت وسلمت العهد لأختها التوأم ياسمين .
مرت ساعات طويلة ..وفارسما زال يستمع من ياسمين ام الجماجم الى القصة التي رفضت امه ان تحكيها له ، قصةجورجيت ..
لم يستطع فارس ان يخفي تأثره من قصة جورجيت ولم يكن باستطاعته ان يوقفدمعة تسقط من عينيه بين الفينة والاخرى فهو لم يكن يتوقع ان تكون قصة جورجيت بهذهالمأساوية وان على وجه الارض اناس بهذه القسوة والبشاعة ولا سيما اذ كان هؤلاء اهلهوعائلته...انهت ياسمين قصتها لفارس وقالت له: انها واختها التوأم وردة لم تخرجا منحيث تسكنان تحت القبور الا بعد بلوغهما سن الثالثة والعشرين وتسلمت اختها وردةالعهد وخرجت وبعد ذلك عادت وقامت امها لعنة بتسليم العهد "لياسمين" ...صمتت ياسمينقليلا ونظرت الى فارس لترى اثار الدموع في عينيه وقالت له: شو يا فارس بتبكي علىحالك وعلى اللي حيصير فيك ولا بتبكي علينا وعلى قدرنا؟ .
رد فارس: كل اللي صارمعي ولا شيء مقارنة مع اللي صار معكم وهلأ يا ياسمين كيف ممكن اساعدكم؟..
فقالتياسمين: ساعد حالك احنا مش محتاجين حد يساعدنا ..!!
فقال: كيف يا ياسمينكيف؟؟؟فقالت: انت عارف كيف يا فارس...!!
فرد: كيف يا ياسمين تفتحي لي قبروادخل فيه وانا طيب ..؟!
فقالت: طبعا لا انا ما بدي افتحلك قبر ...عارف ليش؟لانك فتحت بدل القبر قبور ، روح اختار واحد وادخل فيه وان شاء الله تظلكبعقلك.
فرد: انا مش خايف من القبور ..انا بحبك ويهمني ننهي هاللعنة وتطلعي تعيشيبالنورردت ياسمين:انت يا فارس دهري... وامي وستي علمونا انو الدهري ما بحب الاحاله.
فقال: انا ما دخلني بعيله الدهري انا ما تربيت عندهم ومالي ذنب في الليعملوه مع ستك وامك ...وانا ما عرفت اني من هالعيلة الا منك انت يا ياسمين... اناضحية مثلك وليش نحمل ذنب شيء صار قبل ما نيجي على الدنيا.
فردت ياسمين: اللعنةيا فارس بتظل لعنة كلنا ورطنا بلعنة القبور وهلأ ما في حل ..انا ترجيتك ما تحاولتشوف وجهي وقلت لك انو ما حد بشوف وجه بنات جورجيت الا وبشوف عتمة القبور وانت ماصبرت وما صدقت!!
فقال فارس:ياسمين انا ما كنت اعرف انو وراك كل هالقصة وهلأ لازمنلاقي حل ان كان الحل انو ادخل قبر واسكن فيه لسبع ايام انا جاهز وما يهمني شوحيصير فيّ...وان كان الحل انو اتجوزك واسكن معك تحت القبور تتخلفي بنت انا جاهز منهلأ بس هاللعنة تنتهي وتطلعي انت للنور.
ضحكت ياسمين وقالت: هذا الكلام قالواابوي لأمي ...واكثر من هيك كمان ، بس ما صبر وهرب وحكم علينا ننولد في العتمة ونعيشفي عتمة القبور ...ما فيّ حل يا فارس "لعنة القبور ما في منها هروب.
ما في شيءما الو حل يا ياسمين كل شيء الو نهاية .
فردت ياسمين:الا لعنة القبور ما الهانهاية...
فتنهد فارس ورد باستياء :ما الها نهاية لانه انتن ما بدكنتنتهي.
فقالت ياسمين:هذا اللي كتبوه علينا عيلة الدهري...
طيب يا ياسمين عيلةالدهري السبب ، عيلة الدهري عذبت ستك جورجيت ودفنتها طيبة وبسببها عشت انت وامكواختك تحت القبور بس مية سنة مروا .... مية سنة وانتوا بتقتلوا برجال الدهري الليالو ذنب ولّي ما الو ذنب ...كل هذا الانتقام ما بكفيغضبت ياسمين وقالت:احنا ماقتلنا وما اذينا حد...رجال الدهري فتحوا القبور وسكنوها بخاطرهم وما حدااجبرهم...!!!
يا ياسمين في حد بحفر قبره بيده وبيدفن حالو فيه وبخاطروا ...فيمجنون في الدنيا بيعمل هيك؟؟!!
رفعت ياسمين حاجبيها ورمقت فارس بنظرة غريبةمليئة بالغموض والثقة وقالت:آه يا فارس فيّ ناس كثير وخاصة اذا كانوا من ذكورالدهري بفتحوا القبور وبسكنوها بخاطرهم وبدون ما حد يجبرهم...ما انت يا فارس كمانفتحت قبور وما حدا جبرك وحتسكن القبر بخاطرك مثلك مثل كل رجال الدهري.
فقال: صحيح كلامك بس انت اللي دفعتيني اعمل هيك ...وانت اللي سحرتيني........
فردت: شويا فارس ارجعنا للكلام الفاضي ..سحرتيني وسحرتك مليح اذا صرت بتأمن بالسحر وبالكلامالفاضي على اخر ايامك...
فقال بصراحة: فيّ اشياء احسن للانسان ما يفهمها واذاانا بدي افهم قصة ستك جورجيت وامك واختك واهلي وكيف بفتحو القبور وكيف بيسكنوها وشوهالقوة الغريبة اللي عندكن ما بعرف ..اصدق ولا ما اصدق بكفيني اللي شفتوا والليعرفتوا ...وما بدي افهم الا كيف هالقصة بدها تنتهي..وما بدي افهم ولا شيءثاني؟؟؟فقالت ياسمين: انا ما عندي مشكلة اذا بدك تفهم أي شيء انا جاهزة افهمك ..انا اصلا ما في شيء وراي غيرك.
فقال فارس: شغلة وحدة اللي بدي افهمها وبس ...اللي كانوا بدخلوا القبور من رجال الدهري كانوا بموتوا ولا شو اللي كان بصيرفيهم؟؟!!
فقالت ياسمين ساخرة:هلأ قلت انك ما بدك تفهم اشي ..شو غيرت رأيك...؟على العموم اللي كان بيطلع منهم بعقله كان يتعلم انو عمرو ما يئذي حدا وعمروه مايتباهى انو من عيلة الدهري واغلبية رجال الدهري كانوا بطلعوا مجانين لانه اصلهممجانين.
فقال فارس مازحا: طيب هو ما ظل حدا من عيلة الدهري غيري!
فقالت: لاظل أكم واحد هون وهون بس انا تاركتهم لاختي وردة تتسلى فيهم.
اقترب فارس منياسمين وامسك بيدها دون ممانعة من طرفها وقال لها: بحبك ...بحبك وما بدي الاهالكابوس ينتهي..
رفعت ياسمين رأسها وقالت بلهجة حزينة: لو هالموضوع بأيدي كنتتركتك بحالك وما بدي كل هاللعبة .
فقال فارس: طيب شو راح تعملي هلأ ..؟!
بكتياسمين وقالت: مش عارفة؟؟!!
انا تعبت وانا لازم ارجع لامي واختي واسلم العهدلاختي من جديد بلكي هي عرفت تعمل اشي..
وسحبت ياسمين يدها من يد فارس وتركتهوسارت بين الاشجار ..لحق بها فارس وحاول ان يستوقفها..فنظرت اليه وسارت من جديد ..لم يستطع اللحاق بها وكأن هناك قوة ما تمنعه من فعل ذلك...جلس فارس على صخرة واخذيفكر ويفكر ومن ثم قاد سيارته وعاد الى منزله في الناصرة.
اما ياسمين التي لمتستطع ان تخفي حبها لفارس ...فقد سارت عبر طرقها السرية الغامضة حتى وصلت الى احدىالمقابر وجلست على حافة احد القبور القديمة شاردة الذهن تبكي لا تأبه بشيء ومن ثممسحت دموعها واستعدت وكأنها تتهيأ لمقابلة احد... ارادت ان لا يشعر بأنها تبكي ...ازاحت حجرا من طرف القبر ليفتح من خلاله باب صغير يكشف عن درج قديم نزلت منه الىسرداب طويل يضيئه نور خافت منبعث من فتحات صغيرة تظهر بالكاد من جوانب .....
==========
وفي احدى الليالي توجهت مجموعة منهن الى حيثدفنت جورجيت ..واخذن ينادين بأعلى صوتهن على جورجيت ...ولكن عبثا فلم تظهر جورجيتوقامت احداهن باشعال شموع على قبرها قبل ان يغادرن ...وما ان تم اشعال الشموع حتىظهرت جورجيت قادمة من بعيد ببطء وكانها تعمدت ان لا تفاجئهن حتى لا يخفن منها ...اقتربت منهن وعانقتهن وجلست معهن وسألتها احدى الفتياتقائلة :يا جورجيت ..انت طيبة ولا ميتة ..؟
-ابتسمت جورجيت وقالت :لا يا حبيبتي انا طيبة ومش ميتة ..
-وسالت اخرى : صحيح يا جورجيت الي بحكوه انك انت اللي بتخطفي الرجالوبتقتليهم ...
صمتت جورجيت ولم تجب على السؤال ...واعادت الفتاة السؤال من جديد ...
-تنهدت جورجيت وقالت :انا ما بقتل وما بخطف ....
-فقالت اخرى :طيب وينبروحوا وين بختفوا ليش بحكوا عنك انك انت الي بتوخذيهم ...
لم تجب جورجيت علىالسؤال ....والحت النساء على جورجيت ان تجيبهم ولكن جورجيت رفضتالاجابة...
-فقالت اخرى :سامحيهم يا جورجيت علشانا احنا سامحيهم ، ولا تنسي ياجورجيت انهم اخوتنا وابوتنا وولادنا.. سامحيهم يا جورجيت علشانا ..
- بكت جورجيتوقالت :قلن لي انتن ، وانا شو ذنبي اعيش في القبور وانا طيبة.. وليش حكموا علي مااشوف الشمس شو ذنبي انا ..شو ذنب بنتي ، في حد منكن يقول لي مين ابو بنتي ...احكن.. ليش ساكتات ..بنتي انا مين " ابوها" ??!!...بدكن اسامحهم علشانهم ابوتكم واخوتكموولادكم ...حاضر علشانكم راح اسامحهم ..انا مسامحتهم في كل اللي عملوا فيّ ، بسبنتي لما تكبر حتقدر تسامحهم ...
صمتت النساء ولم يستطعن الرد على جورجيت وصمتتجورجيت ومرت دقائق من الصمت لا احد ينبس بحرف واحد ...ووقفت جورجيت وقالت :
-يابنات الدهري كلكن خواتي.. وبناتكن بناتي.. بحبكن وحظل احبكن وراح اعلم بنتي تحبكن ...
وانا بقلكن انا ما بخطف وما بقتل حدا ....رجال الدهري بفتحوا القبور بخاطرهموبسكنوها بخاطرهم والحال مش حيتغير ، انا وبنتي حنظل ساكنين القبور وما دام في ذكرمن دم الدهري بتجرأ وبفتح قبر بخاطره حيسكنه بخاطره ...ما تلومنّي وسامحنّي وقولنلرجالكن ما يفتحوا قبور ...علشان ما يسكنوها .....وادارت جورجيت ظهرها وسارت مبتعدةعنهن حتى توارت عن الانظار ومرت اشهر وعائلة الدهري على حالها ..حتى وصل اليهم نبأبان هناك عجوز في بيت المقدس ذات قدرات كبيرة ارسلوا في طلبها لتساعدهم في الخلاصمن هذه اللعنة التي اصابتهم ..
رفضت العجوز الذهاب الى الشام وارسلوا وفدالمقابلتها وحكوا لها مصيبتهم وما يحدث معهم ...
-فقالت العجوز :لقد اصابتكم لعنةالقبور ان لم توقفوها الان فستستمر الى ولد الولد -فقالوا :وكيف نوقفها؟؟
-فقالت :كم قبرا فتحتم ؟؟
-فقالوا :عشرين قبرا ...
-فقالت :وكم شخصاًاختفى منكم ؟؟؟
-فقالوا :سبعة عشر شخصا ...
-فقالت: اختاروا من بينكم ثلاثةاشخاص ليذهبوا ويسكنوا داخل القبور لمدة سبعة ايام ، فمن استطاع منهم ان يحافظ علىعقله خلال الايام السبعة سيخرج ولن تصيبه اللعنة ...وبعدها احذروا ان تفتحوا ايقبراً جديداً لان كل قبر ستفتحوه يجب ان يسكنه احدكم ..وبعد ذلك اضيئوا الشموع فيبيوتكم ليل نهار حتى تكبر ابنة جورجيت ..ومن ثم ابحثوا عنها واعرضوا عليها شبابكمفان احبت احدهم واحبها ..تتزوجه وتخرج من الظلام وتنتهي اللعنة ...لا تنسوا ان لمتبحثوا عنها انتم ستبحث هي عنكم.. اما بخصوص اقاربكم الذين اختفوا فمن بقي منهم علىقيد الحياة ستجدوه هائماً على وجهه في البراري ..
__________________الحلقة :
21
================================================== ==
انهتالعجوز كلامها مكرره تحذيرها لهم وعادوا الى الشام ورووا لبقية العائلة ما قالتهالعجوز.
وسخر سالم ومن معه مما قالته العجوز وقال لهم :هيا يا رجال الدهرياضيئوا الشموع في بيوتكم خوفا من امرأة وانتظروا حتى تكبر ابنتها ابنه الحراموزوجوها من احد ابنائكم لتحتفل عائلة الدهري بزواج ابنها من عاهرة وانا اقولها لكممن سيضيء شمعة واحدة في بيته من اجل جورجيت فساتبرأ منه والافضل له ان يرحل لانه لنيكون منا ولا نحن منه ..عائلة الدهري لن تركع لامراة حتى لو لم يتبق منااحد.
لم يكمل سالم الدهري كلامه حتى ظهرت جورجيت بطريقة مفاجئة امامالجميع تسير نحوهم بخطى واثقة تنظر اليهم من تحت الخمار نظرات دبت الرعب في قلوبهموقالت : .... العاهرة اللي بتحكوا عنها هي بنتكم واللى نسيتوا يا رجال الدهري ، اذانسيتوا بذكركم ...
ابتسم سالم الدهري ساخرا من كلامها وبرقت في عيونهفكرة شيطانية للقضاء على جورجيت وخاصة ان وجودها بينهم فرصة لا تعوض ...اقترب منهاوفطنت جورجيت لما يخطط له سالم والتفتت اليه وقالت
:- شو يا سالم يا كبير الدهريما تعلمت من المرة الاولى وبعدك عامل حالك زلمة بنصحك لا تنفذ اللي بتفكر فيه اناجيت اودعكم ..ولم يتركها سالم لتكمل كلامها بل انقض عليها ومعه اثنان اخران من رجالالدهري ..امسكا بها بقوة وهي لم تبد ادنى مقاومة بل وقفت صامتة تهز براسها مستهزئةمنهم وعلت ملامح النصر على وجه سالم الدهري من جديد وقال :يا جورجيت الناس بتموتمرة وانت حتموتي مرتين ...
-ضحكت جورجيت وقالت :يا سالم انا حخليك تتمنىتموت مرة واحدة ...بس انت اخر واحد بفكر فيك ومش حتعرف ايمتا الدور راح يجيك ...
ضحك سالم بصوت عال وامسك جورجيت من وجهها بكلتا يديه ولكن سرعان مابدأت يداه ترتجفان واخذ يصرخ من الالم وكانه امسك بجمرة من نار ووقع على الارضيصرخ..اقترب احد اقاربه ليساعده ويرى ما حصل ولكنه تراجع حينما راى لون يدي سالم قدتحولتا الى اللون الرمادي ليغزو جسده وعلى وجهه اثار مرض اشبه بمرض الجدري وكذلكحصل للشابين الاخرين اللذان ساعدا سالم في الامساك بجورجيت ..
وصعقالجميع مما حدث ولم يجرؤ احد على التحرك لمساعدة سالم والشابين او الاقتراب منجورجيت بل فضل الجميع الصمت خوفا من النتائج التي ستترتب على اية خطوة سيقوموا بها ....
رفعت جورجيت اصبعها واشارت اليهم غاضبة وقالت : اسمعوا يا اولاد الدهريانتوا اللي بتزرعوا وانتوا اللي حتحصدوا انا اليوم جيت ابلغكم واودعكم ...جيتابلغكم انه بنتكم عم تكبر وما دامت ما بتشوف النور ولا ذكر من دمكم حيشوف النوروهلأ حودعكم وملعونة بنتي ان رحمتكم...
وخرجت جورجيت من الباب ولا احديجرؤ على اللحاق بها او معرفة الى أي اتجاه ستذهب واخذوا ينظرون بوجوه بعضهم البعضوالى سالم الملقى على الارض وقد اصابه مرض جلدي غريب ودب الخلاف في عائلة الدهريواخذ كل واحد يلقي باللوم على الاخرين وعلى سالم وبعضهم اعلنها بصراحة بان لا دخللهم بما حدث مع جورجيت وان الذين اعتدوا عليها هم الذين يجب ان يتحملوا مسؤولية مايحدث واخرون اعلنوا انهم سيرحلوا بعيدا حتى لو اتهموا بالجبن وقالوا انه لا شجاعةامام السحر والسحرة وهكذا تشتت عائلة الدهري ولم يبق حول سالم الدهري الا ابناؤهواخوته والقليل من اقاربه ومرت السنوات وسالم الدهري يتجول من طبيب الى اخر ساعياوراء العلاج من المرض الذي اصابه بعدما لمس جورجيت وازداد حقد ما تبقى من رجالالدهري على كل امرأة وعلى كل من يذكر اسم جورجيت امامهم وبرغم مرور السنين الا انخوف الدهري بقي قائما وكانوا على يقين بان اللعنة ستبقى تطاردهم وتطارد ابناءهموعليه كلما ولد لهم ذكر كانوا على يقين بان يوما ما سيصله الدور وتصيبه اللعنةوخاصة ان كان هذا الذكر من نسل سالم الدهري .....
--------------------------------------------------------------------------------
الـــــحـــلـــقــــة
22
================================
جورجيت وابنتهاوفي المغارة تحت القبور حيث تسكن جورجيت وابنتها التي بلغت الثالثةوالعشرين من العمر ...تقدمت جورجيت تحمل بيدها عباءة وخمارا ووضعتهم امام ابنتهاوقالت لها :
يا ابنتي اليوم جاء دورك وقد بلغت السن الذي يسمح لك بالخروج منالظلام والبحث عن النور... اليوم انت اجمل بنات الدنيا ؛ جمالا حُرم من النور هذاقدري وقدرك لم نسعى اليه بل هو سعى الينا جمالك هذا لن يراه الا زوجك ..ابو بناتكوملعون من يراه غيره يا ابنتي لن يخرجك من عتمة القبور الى النور ، الا من احبكواحببته وقدرك ان لا يكون هذا الا من نسل العائلة الملعونة واما ان يخرجك او تدخليهانت يا ابنتي هذا قدرك واتمنى ان لا يكون قدر ابنتك من بعدك اتمنى ان تنجحي بالعودةالى النور وتخرجي من عتمة القبور يا ابنتي.. ظلمونا ولم نظلمهم وكتب عليك انتطارديهم ما دمت تريدين النور فيجب عليك ان تطارديهم اينما ذهبوا ..لن تستطيعيالعودة الى النور الا اذا اخرجك احدهم او ان لا يبقى ذكر من نسلهم يرى النور عندهافقط تستطيعي الخروج من عتمة القبور الى النور ....
يا ابنتي قبل سنين عاهدتالعجوز "عهد القبور " عهدا.. حولنا الى لعنة واليوم بعد ان كبرت اصبح العهد بيدكاوصيك ان تحافظي عليه وتصونيه ليحافظ عليك ويصونك ، مع العهد لا تخافي لن يظلمك احدولن يؤذيك احد وملعون من تجرأ وفكر ، يا ابنتي العهد يعطيك كل شيء الا النور ولهذالم اسمح لك بالخروج من القبور حتى لا تعتاديه وانتظرت حتى تكبري لاسلمك العهدوتاخذي فرصتك بالعودة الى حياة النور وان نجحت واستطعت العودة الى النور فاياك ياابنتي ان تكشفي ما عرفتيه وشاهدتيه تحت القبور لاي كان فوق القبور...والان يا ابنتياخرجي واكملي طريقي لا تخافي فلن تكوني وحيدة كلنا معك حتى تنجحي ..ان سألوك عناسمك فقولي لهم اسمي لعنة وان نجحت بالخروج الى النورفاستبدليه....
خروج لعنة ابنة جورجيتخرجت لعنةابنة جورجيت للمرة الاولى من عتمة القبور للعالم الذي لم تره او تعرفه منذ طفولتهاوفهمت ما قصدته امها بعالم النور ...اخذت تسير فكل شيء تراه جديدا لم تعهده ولم ترهمن قبل ، تجولت لعنة اياما واياما وكانت مع نهاية كل يوم تعود الى امها جورجيتوتروي لها ما حدث معها ...وبدأت لعنة تتعرف على عائلتها عائلة الدهري من بعيد دونان تقترب منهم او تحدثهم واستمرت على هذه الحال اكثر من عام.
وبدأت لعنة تبحث عنمن يخرجها الى النور الى الابد وعاد كابوس القبور معها ليحل على عائلة الدهري منجديد ومرت سنوات حتى احبت لعنة ابنة جورجيت احد شباب الدهري واحبها هو ووافقت علىالزواج منه بشروطها وتم الزواج وعاش معها تحت القبور لا يخرج ولا يرى نورا وما مرتعدة اشهر حتى حملت لعنة وفرحت لعنة وفرح زوجها ، فان شاءت الاقدار وانجبت لعنة "بنتا " فبعد مولدها باربعين يوما يستطيعون الخروج من تحت القبور الى الابد وتنتهياللعنة وان انجبت ذكرا فيجب ان يبقوا تحت القبور ، حتى تنجب انثى وخلال هذه الفترةلا يسمح لهم برؤية النور وبدأت الايام تسير ولعنة وزوجها بسعادة بالغة وكلهم امل انينجبا بنتا.
زوج لعنة كان اسمه نعيم الدهري بدأ يعتريه الوسواس ويصيبه المللبرغم وجود كل ما يريد وما يحتاج ويسال نفسه ماذا لو لم تنجب لعنة انثى وانجبت ذكرافهذا يعني انه يجب ان يبقى معها لا يرى النور حتى تنجب انثى ليخرج ويخرجها ولكنماذا سيحدث لو لم تنجب لعنة انثى الى الابد فهذا يعني انه سيبقى معها تحت القبوروالى الابد.
الخوف من المستقبل حول حياة نعيم زوج لعنة الى جحيم ودفعه ليأخذقرارا بالخروج دون ان يأبه أنه بهذه الطريقة سيقضي على الأمل بخروج زوجته الى النوروالحياة الطبيعية ، انانية نعيم جعلته لا يطيق ان ينتظر عدة اسابيع حتى تنجب "لعنة" وخرج وتركها وحيدة وحينما علمت لعنة صدمت وحزنت وبكت وعلمت ان قدرها قد كتب لها انتبقى تحت القبور وتذكرت قول امها جورجيت بأن ابناء الدهري كلهم واحد ولن يتغيروا ،مرت اسابيع وانجبت " لعنة" توأم "طفلتين" متشابهتين كأنهما القمر وقد قسما قسمين،حزنت لعنة اكثر على حظهما فلو انتظر زوجها عدة اسابيع لانتهى كل شيء.
ودار الزمنمن جديد وعادت القبور تفتح ورجال الدهري يختفون وكابوس اللعنة يطارد الصغيروالكبير، وكبرت ابنتا "لعنة" وقد سمتهما الاولى ياسمين والثانية وردة وحينما اصبحتافي الثالثة والعشرين جلست معهما امهما لعنة واتفقت معهما على ان تسلم العهد لكلواحدة منهما لمدة ثلاث سنوات تخرج فيها الاولى وان لم تنجح تسلم العهدلاختها.
وهكذا تم الاتفاق وكانت المرة الاولى من نصيب وردة وخرجت ، وانتهتالثلاث سنوات وعادت وسلمت العهد لأختها التوأم ياسمين .
مرت ساعات طويلة ..وفارسما زال يستمع من ياسمين ام الجماجم الى القصة التي رفضت امه ان تحكيها له ، قصةجورجيت ..
لم يستطع فارس ان يخفي تأثره من قصة جورجيت ولم يكن باستطاعته ان يوقفدمعة تسقط من عينيه بين الفينة والاخرى فهو لم يكن يتوقع ان تكون قصة جورجيت بهذهالمأساوية وان على وجه الارض اناس بهذه القسوة والبشاعة ولا سيما اذ كان هؤلاء اهلهوعائلته...انهت ياسمين قصتها لفارس وقالت له: انها واختها التوأم وردة لم تخرجا منحيث تسكنان تحت القبور الا بعد بلوغهما سن الثالثة والعشرين وتسلمت اختها وردةالعهد وخرجت وبعد ذلك عادت وقامت امها لعنة بتسليم العهد "لياسمين" ...صمتت ياسمينقليلا ونظرت الى فارس لترى اثار الدموع في عينيه وقالت له: شو يا فارس بتبكي علىحالك وعلى اللي حيصير فيك ولا بتبكي علينا وعلى قدرنا؟ .
رد فارس: كل اللي صارمعي ولا شيء مقارنة مع اللي صار معكم وهلأ يا ياسمين كيف ممكن اساعدكم؟..
فقالتياسمين: ساعد حالك احنا مش محتاجين حد يساعدنا ..!!
فقال: كيف يا ياسمينكيف؟؟؟فقالت: انت عارف كيف يا فارس...!!
فرد: كيف يا ياسمين تفتحي لي قبروادخل فيه وانا طيب ..؟!
فقالت: طبعا لا انا ما بدي افتحلك قبر ...عارف ليش؟لانك فتحت بدل القبر قبور ، روح اختار واحد وادخل فيه وان شاء الله تظلكبعقلك.
فرد: انا مش خايف من القبور ..انا بحبك ويهمني ننهي هاللعنة وتطلعي تعيشيبالنورردت ياسمين:انت يا فارس دهري... وامي وستي علمونا انو الدهري ما بحب الاحاله.
فقال: انا ما دخلني بعيله الدهري انا ما تربيت عندهم ومالي ذنب في الليعملوه مع ستك وامك ...وانا ما عرفت اني من هالعيلة الا منك انت يا ياسمين... اناضحية مثلك وليش نحمل ذنب شيء صار قبل ما نيجي على الدنيا.
فردت ياسمين: اللعنةيا فارس بتظل لعنة كلنا ورطنا بلعنة القبور وهلأ ما في حل ..انا ترجيتك ما تحاولتشوف وجهي وقلت لك انو ما حد بشوف وجه بنات جورجيت الا وبشوف عتمة القبور وانت ماصبرت وما صدقت!!
فقال فارس:ياسمين انا ما كنت اعرف انو وراك كل هالقصة وهلأ لازمنلاقي حل ان كان الحل انو ادخل قبر واسكن فيه لسبع ايام انا جاهز وما يهمني شوحيصير فيّ...وان كان الحل انو اتجوزك واسكن معك تحت القبور تتخلفي بنت انا جاهز منهلأ بس هاللعنة تنتهي وتطلعي انت للنور.
ضحكت ياسمين وقالت: هذا الكلام قالواابوي لأمي ...واكثر من هيك كمان ، بس ما صبر وهرب وحكم علينا ننولد في العتمة ونعيشفي عتمة القبور ...ما فيّ حل يا فارس "لعنة القبور ما في منها هروب.
ما في شيءما الو حل يا ياسمين كل شيء الو نهاية .
فردت ياسمين:الا لعنة القبور ما الهانهاية...
فتنهد فارس ورد باستياء :ما الها نهاية لانه انتن ما بدكنتنتهي.
فقالت ياسمين:هذا اللي كتبوه علينا عيلة الدهري...
طيب يا ياسمين عيلةالدهري السبب ، عيلة الدهري عذبت ستك جورجيت ودفنتها طيبة وبسببها عشت انت وامكواختك تحت القبور بس مية سنة مروا .... مية سنة وانتوا بتقتلوا برجال الدهري الليالو ذنب ولّي ما الو ذنب ...كل هذا الانتقام ما بكفيغضبت ياسمين وقالت:احنا ماقتلنا وما اذينا حد...رجال الدهري فتحوا القبور وسكنوها بخاطرهم وما حدااجبرهم...!!!
يا ياسمين في حد بحفر قبره بيده وبيدفن حالو فيه وبخاطروا ...فيمجنون في الدنيا بيعمل هيك؟؟!!
رفعت ياسمين حاجبيها ورمقت فارس بنظرة غريبةمليئة بالغموض والثقة وقالت:آه يا فارس فيّ ناس كثير وخاصة اذا كانوا من ذكورالدهري بفتحوا القبور وبسكنوها بخاطرهم وبدون ما حد يجبرهم...ما انت يا فارس كمانفتحت قبور وما حدا جبرك وحتسكن القبر بخاطرك مثلك مثل كل رجال الدهري.
فقال: صحيح كلامك بس انت اللي دفعتيني اعمل هيك ...وانت اللي سحرتيني........
فردت: شويا فارس ارجعنا للكلام الفاضي ..سحرتيني وسحرتك مليح اذا صرت بتأمن بالسحر وبالكلامالفاضي على اخر ايامك...
فقال بصراحة: فيّ اشياء احسن للانسان ما يفهمها واذاانا بدي افهم قصة ستك جورجيت وامك واختك واهلي وكيف بفتحو القبور وكيف بيسكنوها وشوهالقوة الغريبة اللي عندكن ما بعرف ..اصدق ولا ما اصدق بكفيني اللي شفتوا والليعرفتوا ...وما بدي افهم الا كيف هالقصة بدها تنتهي..وما بدي افهم ولا شيءثاني؟؟؟فقالت ياسمين: انا ما عندي مشكلة اذا بدك تفهم أي شيء انا جاهزة افهمك ..انا اصلا ما في شيء وراي غيرك.
فقال فارس: شغلة وحدة اللي بدي افهمها وبس ...اللي كانوا بدخلوا القبور من رجال الدهري كانوا بموتوا ولا شو اللي كان بصيرفيهم؟؟!!
فقالت ياسمين ساخرة:هلأ قلت انك ما بدك تفهم اشي ..شو غيرت رأيك...؟على العموم اللي كان بيطلع منهم بعقله كان يتعلم انو عمرو ما يئذي حدا وعمروه مايتباهى انو من عيلة الدهري واغلبية رجال الدهري كانوا بطلعوا مجانين لانه اصلهممجانين.
فقال فارس مازحا: طيب هو ما ظل حدا من عيلة الدهري غيري!
فقالت: لاظل أكم واحد هون وهون بس انا تاركتهم لاختي وردة تتسلى فيهم.
اقترب فارس منياسمين وامسك بيدها دون ممانعة من طرفها وقال لها: بحبك ...بحبك وما بدي الاهالكابوس ينتهي..
رفعت ياسمين رأسها وقالت بلهجة حزينة: لو هالموضوع بأيدي كنتتركتك بحالك وما بدي كل هاللعبة .
فقال فارس: طيب شو راح تعملي هلأ ..؟!
بكتياسمين وقالت: مش عارفة؟؟!!
انا تعبت وانا لازم ارجع لامي واختي واسلم العهدلاختي من جديد بلكي هي عرفت تعمل اشي..
وسحبت ياسمين يدها من يد فارس وتركتهوسارت بين الاشجار ..لحق بها فارس وحاول ان يستوقفها..فنظرت اليه وسارت من جديد ..لم يستطع اللحاق بها وكأن هناك قوة ما تمنعه من فعل ذلك...جلس فارس على صخرة واخذيفكر ويفكر ومن ثم قاد سيارته وعاد الى منزله في الناصرة.
اما ياسمين التي لمتستطع ان تخفي حبها لفارس ...فقد سارت عبر طرقها السرية الغامضة حتى وصلت الى احدىالمقابر وجلست على حافة احد القبور القديمة شاردة الذهن تبكي لا تأبه بشيء ومن ثممسحت دموعها واستعدت وكأنها تتهيأ لمقابلة احد... ارادت ان لا يشعر بأنها تبكي ...ازاحت حجرا من طرف القبر ليفتح من خلاله باب صغير يكشف عن درج قديم نزلت منه الىسرداب طويل يضيئه نور خافت منبعث من فتحات صغيرة تظهر بالكاد من جوانب .....