> نصف قارورة عطر
>
>
> 
> حين وقفت المعلمة أمام الصف
> الخامس في أول يوم تستأنف فيه
> الدراسة، وألقت على مسامع
> التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها،
> نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني
> أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع
> المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت
> تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في
> الصف الأمامي
>
> يدعى تيدي ستودارد
>
> لقد راقبت السيدة تومسون الطفل
> تيدي خلال العام السابق، ولاحظت
> أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن
> ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً
> يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه
> يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ
> الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد
> متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر
> عريض الخط، وتضع عليها علامات
> xبخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة
> "راسب" في أعلى تلك الأوراق
>
> حين وقفت المعلمة أمام الصف
> الخامس في أول يوم تستأنف فيه
> الدراسة، وألقت على مسامع
> التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها،
> نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني
> أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع
> المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت
> تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في
> الصف الأمامي
>
> يدعى تيدي ستودارد
>
> لقد راقبت السيدة تومسون الطفل
> تيدي خلال العام السابق، ولاحظت
> أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن
> ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً
> يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه
> يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ
> الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد
> متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر
> عريض الخط، وتضع عليها علامات
> xبخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة
> "راسب" في أعلى تلك الأوراق
>
> وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها
> السيدة تومسون، كان يطلب منها
> مراجعة السجلات الدراسية السابقة
> لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات
> الخاص بتيدي في النهاية. وبينما
> كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما
>
> لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول
> الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي
> ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله
> بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة،
> كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق
>
> السيدة تومسون، كان يطلب منها
> مراجعة السجلات الدراسية السابقة
> لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات
> الخاص بتيدي في النهاية. وبينما
> كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما
>
> لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول
> الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي
> ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله
> بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة،
> كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق
>
> وكتب عنه معلمه في الصف الثاني:
> "تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى
> زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق
> بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما
> جعل الحياة في المنزل تسودها
> المعاناة والمشقة والتعب
>
> أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب
> عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب
> عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل
> أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده
> لم يكن مهتماً، وإن الحياة في
> منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم
> تتخذ بعض الإجراءات
>
> "تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى
> زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق
> بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما
> جعل الحياة في المنزل تسودها
> المعاناة والمشقة والتعب
>
> أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب
> عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب
> عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل
> أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده
> لم يكن مهتماً، وإن الحياة في
> منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم
> تتخذ بعض الإجراءات
>
> بينما كتب عنه معلمه في الصف
> الرابع: "تيدي تلميذ منطو على
> نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة
> في الدراسة، وليس لديه الكثير من
> الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام
> أثناء الدرس
>
> وهنا أدركت السيدة تومسون
> المشكلة، فشعرت بالخجل
> والاستحياء من نفسها على ما بدر
> منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ
> عندما أحضر لها تلاميذها هدايا
> عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة
> جميلة وورق براق، ما عدا تيدي. فقد
> كانت الهدية التي تقدم بها لها في
> ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم
> انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ
> من كيس من الأكياس التي توضع فيها
> الأغراض من بقالة، وقد تألمت
> السيدة تومسون وهي تفتح هدية
> تيدي، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك
> عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من
> ماسات مزيفة ناقصة الأحجار،
> وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع
> فقط... ولكن سرعان ما كف أولئك
> التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت
> السيدة تومسون عن إعجابها الشديد
> الرابع: "تيدي تلميذ منطو على
> نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة
> في الدراسة، وليس لديه الكثير من
> الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام
> أثناء الدرس
>
> وهنا أدركت السيدة تومسون
> المشكلة، فشعرت بالخجل
> والاستحياء من نفسها على ما بدر
> منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ
> عندما أحضر لها تلاميذها هدايا
> عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة
> جميلة وورق براق، ما عدا تيدي. فقد
> كانت الهدية التي تقدم بها لها في
> ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم
> انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ
> من كيس من الأكياس التي توضع فيها
> الأغراض من بقالة، وقد تألمت
> السيدة تومسون وهي تفتح هدية
> تيدي، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك
> عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من
> ماسات مزيفة ناقصة الأحجار،
> وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع
> فقط... ولكن سرعان ما كف أولئك
> التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت
> السيدة تومسون عن إعجابها الشديد
> بجمال ذلك العقد ثم لبسته على
> عنقها ووضعت قطرات من العطر على
> معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة
> إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر
> قليلاً من الوقت ليقابل السيدة
> تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم
> مثل رائحة والدتي
>
> وعندما غادر التلاميذ المدرسة،
> انفجرت السيدة تومسون في البكاء
> لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي
> أحضر لها زجاجة العطر التي كانت
> والدته تستعملها، ووجد في معلمته
> رائحة أمه الراحلة!، ومنذ ذلك
> اليوم توقفت عن تدريس القراءة،
> والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس
> الأطفال المواد كافة "معلمة
> فصل"، وقد أولت السيدة تومسون
> اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما
> بدأت التركيز عليه بدأ عقله
> يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت
> استجابته أسرع، وبنهاية السنة
> الدراسية، أصبح تيدي من أكثر
> التلاميذ تميزاً في الفصل،
> وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ
> المدللين عندها
>
> وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون
> مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي،
> يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة
> قابلها في حياته
>
> مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي
> مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها
> أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز
> المرتبة الثالثة في فصله، وأنها
> حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل
> معلمة قابلها طيلة حياته
>
> وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك،
> تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه:
> "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه
> مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه
> سوف يتخرج قريباً من الجامعة
> بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها
> كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل
> وأحب معلمة عنده حتى الآن
>
> وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت
> خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة
> أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة
> البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً
> في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى
> أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال
> حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه
> طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور
> إف. ستودارد
>
> لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد
> جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع،
> يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه
> سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها
> بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب
> منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في
> حفل زواجه، وقد وافقت السيدة
> تومسون على ذلك"، والعجيب في
> الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه
> الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ
> سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى
> أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه
> تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي
> ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد
>
> واحتضن كل منهما الآخر، وهمس
> (دكتور ستودارد) في أذن السيدة
> تومسون قائلاً لها، أشكرك على
> ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على
> أن جعلتيني أشعر بأنني مهم،
>
> وأنني يمكن أن أكون مبرزاً
> ومتميزاً
>
> فردت عليه السيدة تومسون والدموع
> تملأ عينيها: أنت مخطئ، لقد كنت
> أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة
> ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم،
> حتى قابلتك
>
> تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير
> الذي لديه جناح باسم مركز
> "ستودارد" لعلاج السرطان في
> مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس
> ولاية أيوا بالولايات المتحدة
> الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز
> العلاج ليس في الولاية نفسها
> وإنما على مستوى الولايات المتحدة
> الأمريكية
>
> إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث
> التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة
> واعتباراً. والعاقل لا ينخدع
> بالقشور عن اللباب، ولا بالمظهر
> عن المخبر، ولا بالشكل عن المضمون.
> يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،
> وأن تسبر غور ما ترى، خاصة إذا كان
> الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة
> الأغوار، موّارة بالعواطف،
> والمشاعر، والأحاسيس، والأهواء،
> والأفكار. أرجو أن تكون هذه القصة
> موقظة لمن يقرؤها من الآباء
> والأمهات، والمعلمين والمعلمات،
> والأصدقاء والصديقات
>
> فهل يوجد أمثال هذه المعلمه الآن
> ؟
>
> عنقها ووضعت قطرات من العطر على
> معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة
> إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر
> قليلاً من الوقت ليقابل السيدة
> تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم
> مثل رائحة والدتي
>
> وعندما غادر التلاميذ المدرسة،
> انفجرت السيدة تومسون في البكاء
> لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي
> أحضر لها زجاجة العطر التي كانت
> والدته تستعملها، ووجد في معلمته
> رائحة أمه الراحلة!، ومنذ ذلك
> اليوم توقفت عن تدريس القراءة،
> والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس
> الأطفال المواد كافة "معلمة
> فصل"، وقد أولت السيدة تومسون
> اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما
> بدأت التركيز عليه بدأ عقله
> يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت
> استجابته أسرع، وبنهاية السنة
> الدراسية، أصبح تيدي من أكثر
> التلاميذ تميزاً في الفصل،
> وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ
> المدللين عندها
>
> وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون
> مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي،
> يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة
> قابلها في حياته
>
> مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي
> مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها
> أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز
> المرتبة الثالثة في فصله، وأنها
> حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل
> معلمة قابلها طيلة حياته
>
> وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك،
> تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه:
> "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه
> مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه
> سوف يتخرج قريباً من الجامعة
> بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها
> كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل
> وأحب معلمة عنده حتى الآن
>
> وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت
> خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة
> أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة
> البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً
> في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى
> أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال
> حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه
> طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور
> إف. ستودارد
>
> لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد
> جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع،
> يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه
> سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها
> بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب
> منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في
> حفل زواجه، وقد وافقت السيدة
> تومسون على ذلك"، والعجيب في
> الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه
> الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ
> سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى
> أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه
> تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي
> ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد
>
> واحتضن كل منهما الآخر، وهمس
> (دكتور ستودارد) في أذن السيدة
> تومسون قائلاً لها، أشكرك على
> ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على
> أن جعلتيني أشعر بأنني مهم،
>
> وأنني يمكن أن أكون مبرزاً
> ومتميزاً
>
> فردت عليه السيدة تومسون والدموع
> تملأ عينيها: أنت مخطئ، لقد كنت
> أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة
> ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم،
> حتى قابلتك
>
> تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير
> الذي لديه جناح باسم مركز
> "ستودارد" لعلاج السرطان في
> مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس
> ولاية أيوا بالولايات المتحدة
> الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز
> العلاج ليس في الولاية نفسها
> وإنما على مستوى الولايات المتحدة
> الأمريكية
>
> إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث
> التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة
> واعتباراً. والعاقل لا ينخدع
> بالقشور عن اللباب، ولا بالمظهر
> عن المخبر، ولا بالشكل عن المضمون.
> يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،
> وأن تسبر غور ما ترى، خاصة إذا كان
> الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة
> الأغوار، موّارة بالعواطف،
> والمشاعر، والأحاسيس، والأهواء،
> والأفكار. أرجو أن تكون هذه القصة
> موقظة لمن يقرؤها من الآباء
> والأمهات، والمعلمين والمعلمات،
> والأصدقاء والصديقات
>
> فهل يوجد أمثال هذه المعلمه الآن
> ؟
>
منقول