حدوته


    • تسألني :
      أحببتها ؟
      فأقول :
      ما كنت أقدر علي غير ذلك.
      كانت تسكنني.... كنت أسكنها
      ما مر يوم إلا وكنت معها
      وكانت دائما معي ......
      مازلت أذكر يوم عرفتها
      كان السبب تأخري عن موعد المدرسة
      دخلت الفصل عنّفني مدرس الرياضيات
      وعاقبني بالجلوس في صف الفتيات
      وقبل أن أتذمر وأحتج
      وقع بصري علي صفهن
      وإذا بالمكان الشاغر الوحيد جوارها
      أسرعت مطيعا لأوامر مدرسي
      وأنا أحاول تمثيل دور الغاضب من القرار
      حتي لا يرجع عنه .


      جلست جوارها
      كانت أجملهن علي الإطلاق
      أو هكذا أراها ....
      كانت أرقهن
      أو هكذا أحسها .
      عرفتني وعرفتها منذ ذلك الحين
      اقتربنا أكثر...
      أحببنا أكثر ....
      تمسكنا أكثر ....
      طالت أعواد أجسامنا
      كبرت ملامح وجوهنا
      كثرت ذكرياتنا سويا
      تجاوزنا مراحل عمريه كثيرة
      ويسعدني أننا مازلنا معا
      فيضان مشاعري لا يتوقف
      أحاسيسي أقوي وأعظم من أن يتحملها جسدي

      اعتدنا أن يظلنا ظل شجره عتيقة
      في نهاية الحي الذي نسكنه
      أنتظرها الآن تحتها
      قلبي يدق مع مرور كل ثانيه
      متى تأتي
      انتظرت كثيرا .....
      تصاعد قلقي
      ذادت حدته
      ألانتظار أفقدني صوابي
      أسرعت إلي بيتها أترقب من بعيد
      علها إذا لمحتني تتذكر موعدنا
      وجدت البيت صامتا........ بلا حراك
      تشجعت أو لنقل ...... فقدت عقلي
      ودنوت أكثر...... وأكثر
      أصبحت أمامه الآن.
      وقفت أنظر للبيت الصامت كالقبور


      : هل تنتظر شئ
      قالها جارا لهم في البيت المقابل
      خفق قلبي بعنف من وقع المفاجأة
      استدرت بحده لأجد نفسي أقول:
      أين هي؟
      فقال :
      من ؟
      قلت :
      أقصد.......... أصحاب البيت
      قال :
      لقد حزموا مع الصباح أمتعتهم ..... ورحلوا
      وملكوا البيت لمالك جديد .
      قلت:
      ألا تعرف أين ذهبوا؟
      قال:
      لا أعرف .... هل من خدمه أسديها إليك ؟


      وجدتني شارد الذهن ولم أرد عليه
      أو أوجه له كلمة شكر علي الأقل
      تركته وذهبت .
      أحسست بقلبي ينشطر
      شلال من الدموع الدافئة ينهمر
      كلي يذوب ...
      ما كنت أتخيل ذلك السجن الذي أحيا بين جدرانه الآن
      لا أصدق ....
      عدت لحياتي دونها
      ما عدت أتمني سوي أمنيتين
      ألموت...... أو رؤيتها مره أخري
      أصبحت دائم السير شاردا وحيدا
      أقطع مسافات علي أقدامي يوميا بحثا عنها .
      في الميادين .....
      في الشوارع ....
      شرفات المساكن .
      تنتهي رحلتي يوميا إلي شجرتنا العتيقة
      علها تذهب دون اتفاق علي أمل رؤيتي
      تمر السنين ولا تقوي علي تغيير ما بداخلي
      يمر العمر وطيفها لا يفارق عيني
      كلما قسي الزمن كلما اتقد الأمل في قلبي
      أمر ألان تحت شرفات لا أعرفها
      في شارع لا أتذكر اسمه .
      يوم من أيامي
      الشاردة
      الضائعة
      الحزينة.
      يتناهي لمسامعي صوتا يأتي من احدي الشوارع الجانبية
      قادني سمعي بتعاون من أقدامي
      للوصول إلي مصدر الصوت
      ليلة عرس... بهجة.... فرحة
      وقعت عيني علي العروسين
      فرأيتها ....
      نعم...... هي

      يبدو أن ضعفها كأنثى حال دون إقناعهم برفضها لفكرة الزواج ... أنا متأكد من ذلك .
      وأكاد أن....................
      لقد رأتني ...
      لقد لمحتني بين جموع الحاضرين
      تركت مكانها وأسرعت نحوى
      اختبأت منها وسط الجمع
      ما كنت أريد أن أسبب لها المتاعب
      دارت عيناها في كل مكان بحثا عني
      تجذبها أيادي كثيرة لتعود
      تزداد حدة عصبيتها
      تهتف باسمي
      أنا متأكد أنها تهتف به
      لم يسمعها سواي
      تركض مبتعدة
      تبكي ....
      وتردد إسمى بصوت عالي وتعبر الشارع الرئيسي مسرعه

      ثم ............
      كل شئ حدث في دقائق
      وجدت حبيبتي ...
      وفقدتها إلي الأبد....
      لم يتغير لون زيها
      بل مازال الأبيض يطغي علي جميع ملابسها .
      في حين عصف الأسود بالألوان المحيطة بالموقف
      الكل يشارك لإكمال عناصر اللوحة الكئيبة
      إما بدموعه
      وإما بصراخه
      أما أنا فأشارك بصمتي .
      وقلبي يتمزق .
      تابعت الموقف حتي إسدال التراب علي المشهد الأخير
      الناس ترحل
      لم يعد هناك غيري
      كل ما أفعله
      أنظر إلي القبر و أبكي
      ساعات .... وساعات من البكاء
      سمعتها تحدثني .... ووجدتني أحدثها
      الشمس قاربت علي إعلان وجودها
      مازلنا نتبادل الأحاديث
      أخبرتها كيف عشت دونها
      أخبرتني كيف كانت الحياة بدوني
      استرحت لنهايتي .
      تلك النهاية العظيمة التي أتاحت لي أن أرقد في أمان بجانب من أحب ..... ولو بروحي
      ليسجل التاريخ ....
      اسم أول حبيب... يدفن بجانب حبيبته.

      تم تحرير الموضوع 2 مرة, آخر مرة بواسطة scorpion zam: لم يكن الخط واضح ().