نفثــــاتُ رجــلٍ مختـــلف

    • نفثــــاتُ رجــلٍ مختـــلف

      بسم الله
      ربّ اغفر و ارحم ..... و يسّر و أعن

      تمهيــــد





      "أنت غير"

      كلمةٌ طالما لامست آذانه، و طرقت مسمعه
      حين كان صغيراً لم يكن حقاً يعي معناها، و لا أظنّه عرف سببَ قولها له، ما يعرفُه أنه تمنّى ألا يكون "غير"
      أمّه تحوطُه بعنايةٍ خاصّة، لا ينالها أحدٌ من إخوته، رغم أنه ليس أصغرهم و لا أكبرهم، و تهمس في أذنه مداعبةً "أنت غير"
      إذا خرج يوماً من البيت دون استئذان عوتبَ و عُنّف، و السبب "أنت غير"
      إن لم يستطع إجابةَ سؤالٍ في المدرسة، قال المعلّم و نظرةُ خيبة الأمل تعلو محيّاه، ينبغي لك أن تعرف الإجابة، فـ"أنت غير"


      كبرَ و الكلمةُ لا تزال تطرقُ مسمعَه بين حينٍ و آخر
      إذا دخل مسجداً و لم يوجد إمامٌ يؤمّ الصلاة، توجهت إليه الأبصار للتقدم

      كم تمنّى ألا يكون ذاك "المختلف" أو قل ذاك "المنظور" إليه
      و أصبح إذا دخل مسجداً بقي في أطرافه، و إذا طُلبَ إليه التقدّمُ للصلاة أمتنعَ و اعتذر، حتى ألفَ الناس -على الأقل في مسجد بلده- عدم تقدّمه

      آمنَ في أحيانٍ كثيرةٍ أنه "مختلف"، أليس الجميع يقول ذلك؟!
      تعالى على تفاهات الشباب و طيشه، فهو "مختلف" و لا ينبغي أن يكون كباقي الشباب

      لطالما تفكّر ما سببُ كونه مختلفا؟!

      أهو بسبب قوة حفظه في صغره؟ فقد كان لا يسمع شيئاً إلا حفظه، و لا قرأ درساً إلا وعاه
      لكن إذا كان السبب ذلك فما بالهم ينادون "أنت غير" الآن و قد ذهب حفظُه، و ضعفت ذاكرتُه؟!

      أم تُرى السبب شدّة حيائه، و هدوئه الذي كان يُضربُ به المثل؟
      لكن أيضاً لمَ و قد اصبح جريئاً و بعيداً عن هدوء الصّبا، لا يزال يسمعُ "أنت غير"؟!


      حتى الأجانبُ أسمعوه تلك الكلمة!!
      سمعها أكثر من مرةٍ في سني دراسته بالخارج

      لا يزال يذكر ذلك المشرف على أحد الدورات التدريبية التي حضرها في إحدى البلدان الأوروبية -التي ينتشرُ فيها الكثير من المتطرّفين المعادين للمسلمين- حين كان يرمقُهُ بنظراتٍ تغيّرتْ من امتعاضٍ و تخوّفٍ في أول الأيام إلى إعجابٍ و اندهاشِ في باقي أيام الدورة

      و لا يزال يذكر إمساكَه يديه في آخر يومٍ قبل رجوعه و كلامَه الكثير الذي كان يعتذر فيه عن نظرته إليه في أول الأيام، ثم كلمته الأخيرة أنت "UNIQUE"!

      امممم، متى كانت آخر مرّة سمع فيها "أنت غير"؟!
      كانت بالأمس؛ حين أحضر عاملاً هندياً للقيام ببعض التصليحات في البيت، فحين دخل العامل مكتبته الخاصة التفت إليه قائلاً "أرباب أنت غير"
      لم يتمالك نفسه من إطلاق ضحكةِ مستسلمٍ لقدَره، محدّثاً نفسه لا بدّ أنني "غير" كما يقولُ الكثير، خصوصاً و قد أتت الشهادة من أحد رعايا بلد العجائب!

      صاحبتُ رجلنا "المختلف" و أحسبني أعرف منه و عنه ما يخوّلني الكتابةَ عنه و به!
      ستكون هنا نفثاتٌ أستشفّها من صدره و عقله،
      قد لا ألتزمُ فيها ترتيباً معيّنا، و لا نهجاً مميزاً
      بل أخطّها كيف أتت، و أنّى بدت

      شيئٌ واحدٌ فقط لم أستطع البتّ فيه حتى الآن
      و هو ماذا أسمّيه هنا؟ أأطلق عليه اسماً علما من أمثال زكريا او عبدالله أو يحيى أو غيرها
      أم أطلقُ عليه كنيةً من أمثال أبي الحبور
      أم أعطيه لقباً من أمثال محبٍّ بائن؟

      تم تحرير الموضوع 1 مرة, آخر مرة بواسطة محب بائن ().

    • أنت غير
      كلمة قد ينظر إليها الناظر بأنها بسيطة ولكنها تعني الكثير لخلق الهمة العالية في قلب
      من رأينا فيه علامات تُدل على أنه بالفعل غير ..
      ومن خلال قرائتي رأيت فيها قضية كبيرة جداً
      تُشغل من تمعن في قرائتها وهي أن الكثير من { أنت غير} من لا يعتني فيهم كأعتناء
      أسرة {أنت غير} به ولذلك تضيع الكثير من الهبات الربانية لأطفال منحهم الله هِبة أو
      موهبة منذ النشأ كالحفظ مثلاً وحُب العلم فنجد من لا ينتبه إليهم فلا يصقل موهبتهم
      ولا يُعينهم على الترقي فيها ! وخصوصاً هُنا في بُلداننا العربية قلما نجد تلك اللفتة تجاه
      {أنت غير} فأنت غير ليست كلمة فقط يراد بها المدح ولكنها غرس يُنمي في ذلك الإنسان
      حُب التحدي والإستمرار ليكون في زمنه من الأعلام المعروفة والمشهورة التي ستنهل
      منها الأجيال فائدة عظيمة ، في البلدان الغربية يوجد لديهم ما يُسمى بمؤسسات تكتشف
      المواهب وتختارهم بعناية كلاً في المجال الذي نبغ فيه وأحبه لتجدهم بعد ذلك رموز في
      ذلك المجال الذي أحبوه وأجتهدوا فيهم بتلك العناية التي أخذت بأيديهم نتمنى كذلك أن
      نجد في بلداننا العربية والإسلامية من يفعل ذلك كما في السابق عندما يكتشف عالم من
      العلماء نبوغ أحد تلامذته فيرعاه بنفسه ويعلمه ويصرف عليه ويهتم فيه أيما أهتمام ..
      ليصبح بعد ذلك من العلماء البارزين والمشهورين والمعروفين .. لغتنا العربية وقرآننا
      وديننا الحنيف .. تحتاج لرجال على مر العصور والزمان ..نشأءوا وتربوا عليها ليحملوا
      تلك الأمانة العظيمة ... أعذرني على مداخلتي ولكنني أحببت المشاركة في نفثات رجل مخلتف
      وسؤالي لك أخي محب بائن ..لماذا كانت نفثات لماذا أخترت بالذات نفثات لماذا لا تكون سيرة
      رجل مختلف أو إيحاءات أو حياة ..الخ ...وأما عن التسمية فالرأي أن تُسميه بأكبر أبناءه الذكور..
      كأبو فلان .. هذا مجرد رأي ..

      اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي ، أو مددت إليه يدي ، أو تأملته ببصري ، أو أصغيت إليه بأذني ، أو نطق به لساني ، أو أتلفت فيه ما رزقتني .. ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته علي وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا عليّ بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .. (كم من مستدرج بالإحسان إليه ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه)
    • ّّ أنـــت غيـــرّ ّّ
      يستحق القراءة بالفعل ^^
      الصور
      • 5327.jpg

        23.91 kB, 301×327, تمت مشاهدة الصورة 403 مرة
      LoVe is like a Mountain Hard to Climb but once you get to the Top The View is Beautiful
    • الكريم "ورود المحبة"
      مرورٌ أتشرّف به

      ورود المحبة كتب:

      أنت غير
      كلمة قد ينظر إليها الناظر بأنها بسيطة ولكنها تعني الكثير لخلق الهمة العالية في قلب
      من رأينا فيه علامات تُدل على أنه بالفعل غير ..
      ومن خلال قرائتي رأيت فيها قضية كبيرة جداً
      تُشغل من تمعن في قرائتها وهي أن الكثير من { أنت غير} من لا يعتني فيهم كأعتناء
      أسرة {أنت غير} به ولذلك تضيع الكثير من الهبات الربانية لأطفال منحهم الله هِبة أو
      موهبة منذ النشأ كالحفظ مثلاً وحُب العلم فنجد من لا ينتبه إليهم فلا يصقل موهبتهم
      ولا يُعينهم على الترقي فيها ! وخصوصاً هُنا في بُلداننا العربية قلما نجد تلك اللفتة تجاه
      {أنت غير} فأنت غير ليست كلمة فقط يراد بها المدح ولكنها غرس يُنمي في ذلك الإنسان
      حُب التحدي والإستمرار ليكون في زمنه من الأعلام المعروفة والمشهورة التي ستنهل
      منها الأجيال فائدة عظيمة ، في البلدان الغربية يوجد لديهم ما يُسمى بمؤسسات تكتشف
      المواهب وتختارهم بعناية كلاً في المجال الذي نبغ فيه وأحبه لتجدهم بعد ذلك رموز في
      ذلك المجال الذي أحبوه وأجتهدوا فيهم بتلك العناية التي أخذت بأيديهم نتمنى كذلك أن
      نجد في بلداننا العربية والإسلامية من يفعل ذلك كما في السابق عندما يكتشف عالم من
      العلماء نبوغ أحد تلامذته فيرعاه بنفسه ويعلمه ويصرف عليه ويهتم فيه أيما أهتمام ..
      ليصبح بعد ذلك من العلماء البارزين والمشهورين والمعروفين .. لغتنا العربية وقرآننا
      وديننا الحنيف .. تحتاج لرجال على مر العصور والزمان ..نشأءوا وتربوا عليها ليحملوا
      تلك الأمانة العظيمة ...
      قراءة جميلةٌ و تشخيصٌ موفقٌ لواقعٍ ينبغي أن يُنتبه له
      فقط أضيف أن صاحبي "المختلف" لم يجد تلك الرعاية لذا أصبح الآن رجلاً "عاديا"

      أعذرني على مداخلتي ولكنني أحببت المشاركة في نفثات رجل مخلتف
      مشاركتك تشريفٌ و إثراء أشكرك عليه

      وسؤالي لك أخي محب بائن ..لماذا كانت نفثات لماذا أخترت بالذات نفثات لماذا لا تكون سيرة
      رجل مختلف أو إيحاءات أو حياة ..الخ ...
      الجواب فيما قلته هنا: "ستكون هنا نفثاتٌ أستشفّها من صدره و عقله،
      قد لا ألتزمُ فيها ترتيباً معيّنا، و لا نهجاً مميزاً
      بل أخطّها كيف أتت، و أنّى بدت"
      فلن تكون هنا سيرة أو مذكرات بقدر ما هي خواطر و نبضات أستخلصها من فكره و عاطفته

      وأما عن التسمية فالرأي أن تُسميه بأكبر أبناءه الذكور..
      كأبو فلان .. هذا مجرد رأي ..
      اممممم، هو لا يستحبّ ذلك
      و حين ذكرتُ له هذا الأمر أجابني ضاحكاً لم لا تعيرني لقبك "محب بائن"؟!




      أشكر لك متابعتك و إثراءك "النفثات"
    • **CHOCOLATE LADY** كتب:

      ّّ أنـــت غيـــرّ ّّ
      يستحق القراءة بالفعل ^^




      أرجو أن تكون فعلاً جديرةً بالقراءة
      كوني بالقرب

      لم تبدي رأيك في الإسم الذي أطلقه عليه!

      اممم، هل لي أن أطلب منك طلباً؟
      أرجو عدم إدراج مثل تلك الصورة حين التعليق بمواضيعي

      أشكر لك مرورك الجميل
    • مساء الخير
      /
      إنت غير ...~!@q
      عندما نسمعها بإستمرار ستزرع فينا اننا مختلفون ومميزون
      لذا سنحرص على أن نكون كما رسم الآخرون لنا مختلفون !!
      الإختلاف قد يكون تميز ونجاح ..وقد يكون ع خلاف ذلك
      ففي النهاية عليً ان أثبت لمن حولي أنني مختلف !
      إنت غير ...
      قد تقودني لعكس ما أريد ...!!!
      :::
      متابعين ،،
      ودمتم
      $ شـُــــــكـــراً $$9
    • محب بائن كتب:

      بسم الله
      ربّ اغفر و ارحم ..... و يسّر و أعن

      اللهم آمين..


      بسم الله الرحمن الرحيم..

      يسعدني أنك بدأت بالبسملة.. وإن شاء الله.. تكون قراءة موفقة ..

      أخي محب بائن..

      عندما يحاول البعض وضع الحواجز حولنا، لكي نصبح مقيدين بأجنحه ملائكية هل يكون هذا خطأ؟

      لا أخفيك، كنت أواجه مثل هذه المشكلة عندما كنت في الابتدائية.. حيث أرادت المدرسة أن تضع فوقي حلة الطالبة الخلوقة..

      وبدأت تعاملني على أنني " مختلفه"، مما جعلني " متخلفه".. أو متأخره .. على الأقل في الحقوق وتحقيق المطالب والفرص.

      فأنا لن أغضب، لن أواجه، لن يتعالى صوتي، أو أخرج من الفصل كلما شعرت بالإجحاف..

      ذلك وغيره، جعلني بالفعل " متأخره".. فأصبحت أيضاً لا أقيس لا أهتم، لا أرغب وغيرها.. وأستطيع أن أشعر بمثل ذلك الشعور..

      ولابد أنه كانت لي لحظه أو لحظات من الطيش لأقول بأنني " لست مختلفه".. ولكن يعود الأمر إلى التعود..

      فأرجع كطالبة هادئة متفهمه تقتنع بالمنطق وتصمت.. واستمرت الحياة.. فهل لو أن تلك المعلمة لم تضع علي هذه الحلة كنت سأكون غير ما أنا عليه؟

      أعني، أليس أنها عاملتني كما أظهرت..؟ وأنني اعتقدت أنها عاملتني كما تريد أن تقتنع؟

      أوليس هذا يعني، أنه أظهر في نفسه عن جيله اختلاف؟ وأنه أراد أن يتم ملاحظة اختلافه، وأنه كان هو من يريد للبقية أن يدعوه " أنت غير"..

      ليس معنى هذا أنه أمر جيد دائماً.. ولكن أحياناً.. ألسنا لا شعورياً نستجيب لأنفسنا.. وننطق بها.. قبل حتى أن يتم اكتشافها..

      أعتقد .. لا أحب عبارة " أنت غير"، ( أنتي مختلفه).. أكرهها..

      تشعرني بأنه يعرفون من أنا رغماً عني، أو أنهم يضعون الصفات التي يعجزون عن تطبيقها فيني لأفعلها بالنيابة عنهم..

      وبالرغم من ذلك.. عندما أتصرف بطبيعتي، أرى خيبة الأمل على محياهم مع ابتسامة باهته، ( هذه أنتي).. كيف يجب أن نكون؟

      التفكير لن يأتي بنتيجة.. فالواقع واحد..


      أرجوا أنني لم أزعجك بمداخلتي.. ونتمنى منك الاستمرار.. لا بأس بأن تطلق عليه كنيه.. فبهذا سيكون أوضح للقارئ..

      عندما تتحدث عنه .. أسهل من أن تضعه تحت اسمك المستعار، فيصبح كأنك تتحدث عن نفسك.. ويكون في الامر التباس.. أعتقد


      أختك

      نصل متأخرين دائماً بعمـــر !!
    • يبدو شخص ناجحاَ من حديثك ... لم أشعر بأن أختلافه عزلة عن العالم المحيط به بل دمجة بتميز ....

      أتسائل... لم تبدو السباحة مع التيار أمراَ جيداَ .. وما أدراك بأنه كان ليرضى ....؟ هل فكر بالامر ؟

      أتفق مع عيون هند ..." ألسنا لا شعورياً نستجيب لأنفسنا.. وننطق بها.. قبل حتى أن يتم اكتشافها"

      متابعة لنفثاته ...لنختر له أسماَ أخي محب بائن .. فلا أظن صاحبنا يرضى " بأنت غير "

      أرق التحايا...
      وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
    • بين التسيير و التخيير


      سألني صاحبي:
      حسبتكَ تكتبُ نفثاً لبعضِ فكرك و عاطفتك، و رسائلَ تبعثها تبتغي لك بها ثواباً و أجرا، و لقارئها متعةً و قكرا، و تتخذني مطيّةً لبلوغ ذلك! فما بالك ابتدأتها بالحديث عنّي، و التأمّل في أحوالي؟!

      أجبته:
      أولسنا قريبين قرب العينين، و لصيقين لصوق الخليلين؟ فما تُنكر من ذلك وأنا أرى فيك ذاتي، و أجدُ فيك نفسي؟

      أجابني، و أطنب في إجابته:
      لا أنكرُ قربَنا و إلفّنا، و لكن أتحسبُ أنّ أحداً سيجد في كتابتك شيئاً عن نفسه، أويحسُّ بأنه يعودُ بتردده هنا إلى بيته؟

      و أردف ضاحكا: ثم إنني مختلفٌ، أليس كذلك؟ و لو شاكلني أحدٌ -و لو كان أنت- لما صحّ أن أكون ذاك المختلف.

      صاحبي
      نتقلّبُ في حياتنا بين حالين
      حالِ تسييرٍ لا نملكُ فيه من أمرنا شيئاً، و ليس لنا إلا التسليمَ له، و الرضى بقضاءِ الله فيه
      و حالِ تخييرٍ نفكّرُ و نقدّر فيه لأنفسنا، فنحمدُ -تارةً- عاقبتَه، و نُقتلُ -تارةً- كيف قدّرنا!!

      و بين التسيير و التخيير، قد يضلّ البصير، و يسئُ الحكمَ و التقدير
      فينسبُ ما كان أمر اختيارٍ إلى الجبر، و ينسبُ ما كان أمرَ تسييرٍ إلى إرادته

      أما رأيتَ معتداً بصورتِه، مختالاً بجمالِ خِلقتِه؟! أليس لو أدرك -حقّ الإدراك- أن ليس له من ذلك الأمر شئ، و لا له فيه رأيٌ أو اختيار، لنزعَ عن غروره، و اكتسى بثوب تواضعٍ و تطامن؟
      ثمّ انظر إلى من سعى لمهلكةٍ بيده، و ألقى بنفسه في غمارها، ثم إذا حوصرَ و رأى ألا مخرج له، تعذّر بقدرِ الله، و تحججّ بحكم القضاء؟

      صاح! أمسك و لا تعجل بالحكم علي بإنكار وقوع كل شئ بقدر الله!! فأنت تعرف مني ما يكفي لطرد ذاك الظنّ أن لو تخايل لك من بعيد.

      لكن انظر -و لك أن تعجب- في سالكٍ طريقَ العطب، و متصاممٍ عن حميد الخطب، و يتبع ما يحسبُ أنه وحي قلبه، و نبضُ حسّه و مشاعرِه،
      و يرمي نداء العقل وراء ظهره، و يأنسُ بواهي الحجج لدحض سؤال الفكر
      ثم يعزو ذلك إلى أمر القلب، وأن ليس لإمرئٍ حكمُ قلبه، و كذا قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-"هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني بما لا أملك"!!

      قاطعتُ صاحبي قائلا: حسبك! ألفتُك قليل الكلام، تؤثر قول الكثير في قالب القليل، و توجزُ دون إطناب، و تشرحُ دون إسهاب!
      أتراكَ عدلتَ عن عادتك، أو طرأ ما غيّر طبيعتَك؟

      أجابني: لستُ أدري حقا!! و لكن أترى الإطناب منقصةً و مثلبة؟
      غيرُك كان يعزو اختصاري إلى العجز عن رصف الكلام، و الضعف عن نظم لآلئ الأفهام، و لعمري قد صدقوا فيما ظنّوه و حسبوه، فما أنا إلا ضعيفُ علمٍ و فهم، و ربيب كسلٍ و دعة.

      لنترك بعض هذا الآن و أخبرني
      أراك تردّ على البعض، و تترك البعض، فما بالك تفعل ذلك؟

      أجبتُه: أردتُ أن يكون هنا متنفّسٌ لبثّ بعضٍ مما أستلهمُه منك، و أسعد بكلّ من يأتي و يدلي بدلوه
      لكنني قد أختار الردّ و التعقيب، أو قد اوثر القراءة بصمت، و لستُ في الحالتين منتقصاً من قدر أحد، أو مبيّناً عدم اكتراثي برد
      فكلّ ردّ له قيمتُه و مكانته

      و الشكر مني موصولٌ لكل من ردّ و سيردّ، و سأحاول جاهداً التعليق كلما سنح المجال.

      لكن قل لي، ماذا أسميك هنا؟

      "صاحبي" فقط نادني بها
    • انا والحزن كتب:

      مساء الخير
      مساء النور
      /
      إنت غير ...~!@q
      عندما نسمعها بإستمرار ستزرع فينا اننا مختلفون ومميزون
      أظنها ستفعل
      لذا سنحرص على أن نكون كما رسم الآخرون لنا مختلفون !!
      ليس دائما
      الإختلاف قد يكون تميز ونجاح ..وقد يكون ع خلاف ذلك
      هو كذلك
      ففي النهاية عليً ان أثبت لمن حولي أنني مختلف !
      اممم، صاحبي كما أعرفه لن يفرض عليه أحدٌ شيئاً لا يريده
      إنت غير ...
      قد تقودني لعكس ما أريد ...!!!
      قد تفعل ذلك لمن أراد ان يكون مختلفاً لكبرٍ أو غرور
      :::
      متابعين ،،
      ودمتم



      أشكر لك متابعتك و جميل تعليقاتك

      دمتِ بخير
    • عيون هند كتب:

      بسم الله الرحمن الرحيم..

      يسعدني أنك بدأت بالبسملة.. وإن شاء الله.. تكون قراءة موفقة ..
      نبدأ بها امتثالا لأمر نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- و إن تركناها كتابة فلن نتركها تلفظاً إلا سهوا

      أخي محب بائن..

      عندما يحاول البعض وضع الحواجز حولنا، لكي نصبح مقيدين بأجنحه ملائكية هل يكون هذا خطأ؟
      و هل تكون الأجنحة قيودا؟
      عهدي بالأجنحة يحلّق بها صاحبها لسماء أوسعٍ و فضاءٍ أرحب
      ليتنا نملك تركيب أجنحةٍ ملائكيةٍ لجميع البشر، إذاً لظفرنا بالخير!


      لا أخفيك، كنت أواجه مثل هذه المشكلة عندما كنت في الابتدائية.. حيث أرادت المدرسة أن تضع فوقي حلة الطالبة الخلوقة..

      وبدأت تعاملني على أنني " مختلفه"، مما جعلني " متخلفه".. أو متأخره .. على الأقل في الحقوق وتحقيق المطالب والفرص.

      فأنا لن أغضب، لن أواجه، لن يتعالى صوتي، أو أخرج من الفصل كلما شعرت بالإجحاف..

      ذلك وغيره، جعلني بالفعل " متأخره".. فأصبحت أيضاً لا أقيس لا أهتم، لا أرغب وغيرها.. وأستطيع أن أشعر بمثل ذلك الشعور..

      ولابد أنه كانت لي لحظه أو لحظات من الطيش لأقول بأنني " لست مختلفه".. ولكن يعود الأمر إلى التعود..

      فأرجع كطالبة هادئة متفهمه تقتنع بالمنطق وتصمت.. واستمرت الحياة.. فهل لو أن تلك المعلمة لم تضع علي هذه الحلة كنت سأكون غير ما أنا عليه؟

      أعني، أليس أنها عاملتني كما أظهرت..؟ وأنني اعتقدت أنها عاملتني كما تريد أن تقتنع؟
      أنتِ أدرى بنفسك
      و أرى أنها لو لم ترَ فيكِ ما يجعلك "مختلفةً" لما عاملتكِ باختلاف
      قد تكون معاملتها "المختلفة" صائبة النية، خاطئة التطبيق، فأدت إلى أن تكوني "متخلفة" أو "متأخرة" كما وصفتِ.

      استجابة امرئٍ لأمرٍ ما بطريقةٍ معيّنة لا تعني بالضرورة أن جميع من يمرّ بنفس الأمر سيستجيبُ له بذات الطريقة، و لذا كانوا مختلفين متباينين

      أوليس هذا يعني، أنه أظهر في نفسه عن جيله اختلاف؟ وأنه أراد أن يتم ملاحظة اختلافه، وأنه كان هو من يريد للبقية أن يدعوه " أنت غير"..
      امممم، تتكلمين عن صاحبي؟
      لا، و أقولها بلسان القطع، بل العكس، كان يجاهدُ ألا يكون مختلفا


      ليس معنى هذا أنه أمر جيد دائماً.. ولكن أحياناً.. ألسنا لا شعورياً نستجيب لأنفسنا.. وننطق بها.. قبل حتى أن يتم اكتشافها..
      نعم أتفق معك
      ننطق بلسان الحال لا المقال، فاختلافنا بشئ لا بدّ و أن يكون له اثر لا نستطيع إخفاءه و نكرانه


      أعتقد .. لا أحب عبارة " أنت غير"، ( أنتي مختلفه).. أكرهها..

      تشعرني بأنه يعرفون من أنا رغماً عني، أو أنهم يضعون الصفات التي يعجزون عن تطبيقها فيني لأفعلها بالنيابة عنهم..

      وبالرغم من ذلك.. عندما أتصرف بطبيعتي، أرى خيبة الأمل على محياهم مع ابتسامة باهته، ( هذه أنتي).. كيف يجب أن نكون؟

      التفكير لن يأتي بنتيجة.. فالواقع واحد..

      صاحبي "مختلف"


      أرجوا أنني لم أزعجك بمداخلتي.. ونتمنى منك الاستمرار.. لا بأس بأن تطلق عليه كنيه.. فبهذا سيكون أوضح للقارئ..
      مداخلاتُ الأعضاء تسعدني و لا تزعجني
      سأستمرّ بحسب ما يعنّ من أفكارٍ و رؤى أحسبُ أنها تستحقّ أن أسطّرها هنا
      أو أجدُ فيها متنفساً لبعض مكنونات صدره، أو صدري

      عندما تتحدث عنه .. أسهل من أن تضعه تحت اسمك المستعار، فيصبح كأنك تتحدث عن نفسك.. ويكون في الامر التباس.. أعتقد


      أختك

      [/align]


      أشكر لك قراءتك و مداخلتك
    • بنت عنتر كتب:

      يبدو شخص ناجحاَ من حديثك ... لم أشعر بأن أختلافه عزلة عن العالم المحيط به بل دمجة بتميز ....
      النجاح أمرٌ نسبي حاله حال كل شئ في هذه الدنيا، لكن بمقاييس محيطه هو يُعتبر ناجحاً

      أتسائل... لم تبدو السباحة مع التيار أمراَ جيداَ .. وما أدراك بأنه كان ليرضى ....؟ هل فكر بالامر ؟
      الإنسان مدنيٌّ بطبعه، اجتماعيٌّ بفطرته، فلا شكّ أنه سيرى نفسه غريباً لو وجد أنه مختلفٌ عن الجميع و خصوصاً إن كان ذلك و هو صغيرٌ لم يعِ و لم يفهم

      أتفق مع عيون هند ..." ألسنا لا شعورياً نستجيب لأنفسنا.. وننطق بها.. قبل حتى أن يتم اكتشافها"

      متابعة لنفثاته ...لنختر له أسماَ أخي محب بائن .. فلا أظن صاحبنا يرضى " بأنت غير "

      أرق التحايا...



      أشكر لك متابعتك و مداخلتك

      لك أعذب التحايا و أرقّها
    • /
      إنت غير ...
      قد تقودني لعكس ما أريد ...!!!
      ((قد تفعل ذلك لمن أراد ان يكون مختلفاً لكبرٍ أو غرور))
      ردي : لم اكن أقصد هذا المعنى سيدي
      وإنما قصدت أن وصف الآخرين له بأنه مختلف قد يقوده لسلوك دروب بعيدة عن التميز فقط ليثبت لمن حوله انه فعلاً مختلف!!
      ( وهنا أتساءل هل غموض ردي من دفعك لقراءته بشكل مختلف !!!
      أم إنها قراءة مختلفة !!))
      :
      متابعين لصاحبك ،،
      ودمتم
      $ شـُــــــكـــراً $$9
    • انا والحزن كتب:

      /
      إنت غير ...
      قد تقودني لعكس ما أريد ...!!!
      ((قد تفعل ذلك لمن أراد ان يكون مختلفاً لكبرٍ أو غرور))
      ردي : لم اكن أقصد هذا المعنى سيدي
      وإنما قصدت أن وصف الآخرين له بأنه مختلف قد يقوده لسلوك دروب بعيدة عن التميز فقط ليثبت لمن حوله انه فعلاً مختلف!!
      ( وهنا أتساءل هل غموض ردي من دفعك لقراءته بشكل مختلف !!!
      أم إنها قراءة مختلفة !!))
      :
      متابعين لصاحبك ،،
      ودمتم



      و ذاك عينُ ما قصدتُه أختي الكريمة!!
      يبدو أن ركاكة أسلوبي أوحت بخلاف ذلك
    • محب بائن كتب:

      و ذاك عينُ ما قصدتُه أختي الكريمة!!
      يبدو أن ركاكة أسلوبي أوحت بخلاف ذلك

      لا يمكنني نعت إسلوبك بالركيك
      فأنا بذلك أكون خالفت الحقيقة
      فإسلوبك واضح بالنسبة لي ...
      ولكن إسلوبي قد أوحى لك بقراءة الجملة من زاوية مختلفة
      وهذا ليس لعيب في إسلوبك أو إسلوبي وإنما تعدد قراءات
      :
      ودمتم
      $ شـُــــــكـــراً $$9
    • النفـــس

      العمرُ يمضي مسرعاً و في عجلْ
      و النفسُ في لهوٍ و يغريها الأملْ
      يا ويلَها إن أغفلت حُسْنَ العمـلْ
      و فرّطت في جنبِ باريها الأجـلْ

      *****

      النفسُ طبعٌ جامحٌ في أصـــلهِ
      يهوى الملاهي سادراً في غيّهِ
      و غافـــلاً عن عيبِـــهِ و عيّــــهِ
      و سائــراً بدربه نحــو الفشــلْ

      *****

      روّض جماحَ النفــسِ يا ذا الألمـعي
      لا تغفـلنْ عــن عينِها و المسمـــــــعِ
      و الزم طـريق الحـقّ في ذا المجمــعِ
      و احذرْ على غير الهدى يأتي الأجلْ
    • أحببتُــها

      باسم الطهر ..... أحببتها
      و بلون الزهر ..... لوّنتُها

      كانت كالخيال
      و كنتُ لها ..... خير الرجال

      كانت و لمّا تزل
      مبتدا الأمرِ و عنوانَ الخبر

      إن غابَ يوماً و احتجب
      خلف السحابِ القمر

      فبقلبي يبقى ضوءهُ
      مشرقاً لا يحتجب
    • متابعين .. أخي محب بائن .. واصل نفثات رجل مختلف ..
      لنتستشف بعض الدرر والحِكم ونقرأ ما تجود به قريحتك
      ويمتُعنا به قلُمك ..
      اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي ، أو مددت إليه يدي ، أو تأملته ببصري ، أو أصغيت إليه بأذني ، أو نطق به لساني ، أو أتلفت فيه ما رزقتني .. ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك فسترته علي وسألتك الزيادة فلم تحرمني ولا تزال عائدا عليّ بحلمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .. (كم من مستدرج بالإحسان إليه ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه)
    • ورود المحبة كتب:

      متابعين .. أخي محب بائن .. واصل نفثات رجل مختلف ..
      لنتستشف بعض الدرر والحِكم ونقرأ ما تجود به قريحتك
      ويمتُعنا به قلُمك ..


      اللهمّ اجعلني خيراً مما يظنون، و اغفر لي ما تعلمُ و لا يعلمون

      أخي الكريم "ورود المحبة" أشكر لك متابعتك لخربشاتي التي لا أظنّ أن بها ما يستدعي إضاعة الوقت بين جنباتها
      لكن هو ديدن كل كريم الأخذ بيد أخيه لحمله على المواصلة و الإستمرار

      أشكر لك حضورك المشجّع
    • الميــــــلاد







      هناك في تلك البلدة الصغيرة الوادعة، القابعة في سفح جبلٍ أشم، و كأنها تحتمي به، كان مسقطُ رأسه
      كانت عمانُ يومها بدأت تدبّ فيها الحياة العصرية منذ سنين قليلة، و تسري في أوصالها -التي طالما بقيت على ما تعوّدته قروناً كثيرة- دماءُ المدنية الحديثة، لكنّ تلك البلدة كانت لمّا تزل بعيدةً عن مظاهر هذه الحياة الجديدة، فلا كهرباء و لا هواتف، و لا شوارع و لا سيارات.

      هناك، في بيتِ طينٍ بسيطٍ -كحال جميع البيوت آنذاك- أطلقَ أولى صرخاته، و تنسّم أولى نسماتِه.
      كانت أشجار النخيل اليانعة السامقة تحيط بالبيت، و تظلّل أنحاءه و جوانبه، و يتخلّله جدولٌ يسري خلاله نبع ماءٍ رقراق، حين كان يسيل في أوقاته المحدّدة كان كأنّه يغسلُ تلك النفوس المجهدة من شظف العيش قبل أن يغسلَ أجسادّها، و يبرّدُ شيئا من حرّ كدحِها و مكابدتِها.

      لا زال البيتُ موجوداً الآن، لكنه بقي أطلالاً تحكي بعضاً مما كان، و ترسلُ إشاراتٍ لمن أراد أن يأخذ من عِبَر الزمان.

      رغم ان البيتَ لم يكن بيتَ أهله الذي يعيشون فيه إلا أنه انطبعت بذهنه بعض أحداثٍ كان ذاك البيتُ مسرحَها، و لعلّها كانت سببَ بعضِ ما يتّصفُ به الآن.
      يذكرُ يومَ ميلاد أخيه الذي يصغره بثلاثةِ أعوام، و كانت تلك الغرفة البسيطة -التي يُصعدُ إليها بدرجٍ قوامُه الطين و الحجارة- مأواهم الذي يقيمون فيه،
      و نظرات التحفّز و الترقّبِ على وجه أمّه و خالتِه، و اختفاء خالتهِ و بيدها آلةٌ عرف لاحقاً أنها آلة تُستعملُ لجزّ الحشائش و تُسمّى "المِجَزّ"، ثمّ رجوعُها و محيّاها يحملُ علامة الظفر و الإنتصار، و يدها ترفع المجزّ و منه يتدلى شئ طويلٌ لا زال يتلبّطُ و يتلوّى
      كانت تلك حيّةٌ يبدو أنها كانت تحاولُ الولوج للغرفة، و ما درتِ المسكينةُ أنّ مجزّ خالته كان لها بالمرصاد!

      تُرى هل كانت تلك الحادثةُ سببَ خوفه الذي أصبح يلازمهُ من الزواحف و خصوصاً الأفاعي؟!
      و هل من علامات "اختلافه" تذكّرُهُ أحداثاً جرتْ و عمرُهُ لمّا يجاوز الثالثة؟

      يذكرُ نباحَ الكلاب ليلاً، و صوتَها الذي كان يُفزعُه، فيحتمي بحضن أمّه الذي لطالما احتمى به، و ظلّ يحتمي به كلما احتاج لحمىً يلجأ إليه. و حين كبر على ذاك الحضن الدافئ أن يتكوّم بجسده عليه، أصبح مجرّد قربه منه يُشعرُه بالأمان
      ربّاه! حتى و هو رجلٌ كبيرٌ يحتمي به أبناؤه، ظلّ يجد الراحة بالقرب من نبع الحنان الرؤوم ذاك، كم بحث عنها في أرجاء البيت حين عودته مرهقا من عمله، و ما إن يقعد بجانبها إلا و يحسّ بأنّ ما به من عناءٍ و تعب، و جهدٍ و نصب قد ارتفعَ و انزاح، و كأن بها أشعةً تبعث بها إليه فتتسلّلُ في أعماقه طاردةً كل همّ و تعب.

      كم يشتاقُ إلى أمّه الآن، و لكن أنّى له أن يطفئ الشوق و قد بعدَ المزار، و تبدلّت من على ظهر الأرض لباطنها الدار؟!
    • مساء الهدوء والسكون بأطياف زهر الغصون واحساس مرهف حنون لمن سكن بالعيون :P
      ليتني طفل ما ينجرح، ما يفهم وما يعشق، ليتني طفل يمسح دمعه باللعب يمسح حزنه بالفرح، ليتني طفل يلقى الحضن اللي يضمه من دون البدل
    • المــــرأةُ منـــــه!





      سألتُ صاحبي ذاتَ مرة: ما المرأةُ منك؟

      فأجابني قائلاً:
      المـرأةُ أمٌّ رؤومٌ أرى الأصـلَ فيهــا
      و أخــتٌ حَصـانٌ أرى الفـرعَ فيــها
      و زوجٌ كريمـةٌ أرى الشراكةَ فيــها
      و بنـتٌ أثيــرةٌ أرى الأمــلَ فيـــــها

      ثمّ هي قبلَ ذلك و بعدَه إنسانٌ خلقَه الله لغاية، و ركّبَ فيه من الطباعِ و القدراتِ ما يمكّنُهُ من القيامِ بواجبِهِ من أعباء الخلافة في الأرض
      تماماً مثلما أُعطيَ الرجلُ من الطباعِ و القدراتِ ما يُمكّنُهُ من الإضطلاعِ بنصيبِهِ من أعباء الخلافة.

      فإن تمرّدَ أحدُهما على ما جُبلَ عليه، و طُلبَ إليه، انتكسَ و ارتكس، و حادَ عن الطريق.

      فلا ينبغي -و الحالُ هكذا- أن يعيبَ أحدُهما على الآخر، و ينتقصَ من قيمتِهِ و قدره، بسببِ ما خُلقَ عليه، فإنّ في ذلك عيباً لصنعةِ الله،
      و اعتراضاً على حكمته سبحانه.
      و لا ينبغي لأحدِهما أن يسطوَ على مجالِ الآخر، و يحاولَ أن يتلبّسَ لَبوسَه، و يتطبّعَ بطباعِه
      فأحدُهما مكمّلٌ للآخر، و العلاقةُ بينهما علاقةُ شراكةٍ و تكامل، لا علاقةُ تنافسٍ و تضاد


      و ما انتقاصُ أحدهما للآخر بسبب جنسِه إلا دليل جهلٍ و ضلال، أو مرضٍ نفسيٍّ عُضال!!
      فمن المعلوم أن الإنسانَ إذا أحسّ بضعفِه أمام أمرٍ ما، فإنّه يعمدُ إلى الحطّ من قدرِ ذلك الأمر، و الإنتقاص من قيمته و وزنِه، و تبيين مدى قوّتِه في مواجهتِه، و صلابتِه في مقاومتِه
      و هو بذلك إنما يحاولُ مداراةَ ما بنفسِه من حقيقةِ ضعفِه و تردّده أمامه!

      و تراهُ لا يرى إلا ذلك الأمرِِ شاخصاً أمامَه، في حلّه و ترحالِه، و يقظتِه و نومِه، و فرحِه و حزنِه
      و من شاء حقيقةَ ذلك فليسأل أهل علم النفس، وأرباب العقلِ و الحسّ.

      و لك أن تسأل ما العصيّ على الأفهام، و العسير على الأحلام، ليشغلَ أحدٌ من الجنسين نفسًَه بالحديثِ عن الجنسِ الآخر صباحَ مساء
      و يبذل في ذلك مدادَ الفكر و نزفَ الأقلام؟
      أليسَ في ذلك دليلُ عقدةٍ نفسيّة، أو رغبةٍ غيرِ سويّة؟!

      و هل اختلطت الحقائقُ على المؤمنِ ليهيمَ في وادي البحث عن حقيقةِ الجنسِ الآخر، و محاولةِ فكّ ما يرى أنها طلاسمُ مستعصية، و ألغازُ مستبهمة؟
      و في كتابِ ربّه العظيم، و سنة رسوله الكريم، ما فيه تبيان كل خاف، و مُظهر كل مستبهَم؟
    • الميلاد على أرضية المنزل..

      لا يبدوا لي مختلف، وإن كان يعيدني إلى قضية الانتماء..

      هل هناك فاصل بين ما يعاصر من الولادة المعقمه على أيادي ممرضات في غرف مخصصة..

      عندما أستعيد الماضي، والذي تقدمه بعض أقلام المؤلفين، حيث يصر الأب أن يولد ابنه ابنته، على نفس أرضه

      في بيت أبيه، أتعجب..

      ماهي علاقة الانتماء بالميلاد..؟ هل هناك حقاً من يتعرف على الأرض؟

      أسألة عقيمة.. .... خصصت لها الرعاية الطبيه سنوات مما نطلق عليه ( التنوير) .. حتى نقمع حالة الجهل القديمة..

      ولقد بلغنا من التنوير مبلغاً... أن الرجل أصبح يأتي بابتسامة عريضة.. زوجتي لا يستطيع توليدها إلاّ الدكتور فلان الفلاني

      هو مشهور في مجاله، وهي تعاني من ( ضآلة الحوض).. يالله.. كم تبدلت الأزمان منذ ذاك..


      وهنا الملائكة ترى وتسمع وتكتب وتطيع الله.. لو أذن لها الكلام .. لأفترض أنها قالت: رفقاً بنفسك يا أيها الانسان..


      مازلت متابعة أخي.. موفق..
      نصل متأخرين دائماً بعمـــر !!
    • عيون هند كتب:



      ماهي علاقة الانتماء بالميلاد..؟ هل هناك حقاً من يتعرف على الأرض؟


      مازلت متابعة أخي.. موفق..


      أهلا بك أختي "عيون هند"

      شدني حقاً سؤالك هنا، و نبّهني إلى أمرٍ لطالما تفكّرتُ فيه، و أمعنتُ فيه النظر
      كنا صغاراً نلهو بين مزارع النخيل و على جداول الأفلاج، و نتسلّق جبالاً و نخوض وديانا، و نشأنا نعشق هذه الأرض و نحس أنفسنا جزءاً منها

      أسأل ترى من نشأ على ألعاب "بلي ستيشن" و "الفيديو جيم" هل سيحس بالإنتماء الذي أحسسنا به؟ هل سيجدُ نفسه امتداداً لتلك الأرض التي لم يخالط ترابَها، و يتلطّخ بطينها، و يتسلّق نخيلها و جبالها، و يسبح في أفلاجها و وديانها؟

      ثم أسأل ما بال نساء اليوم و رجالها؟ أحمل اليوم و ولادته غير حملِ الأمس و ولادته؟
      ما زلتُ أذكر أن النساء كانت حتى لحظة ولادتها تقوم بأعمالها الشاقة اليومية دون كللٍ أوتبرّم، و ما تلبث أن تضع وليدها حتى تعودَ لما كانت عليه.
      و ما بال الرجلِ اصبح لا يحملُ من الغيرةِ على محارمِه ما كان يحملُه أسلافه؟

      أشكر لك متابعتك و دعاءك
    • شِــــرعــــةُ الحـــــبّ

      تُرى....
      أيملكُ مخلوقٌ نبضَ قلبِه، ليختارَ رتمَه بعقلِه، فينظمهُ هادءاً مطمئناً، و لحناً شجياً نديا؟
      أم يملكُ دفقَ مشاعرِه، ليختارَ جدولَه الذي يسري فيه؟ و فيضَه الذي يجري عليه؟

      أليسَ عجيباً ألا يملكَ المرءُ اختيارَ سببِ و موعدِ خفقانِ قلبِه؟!
      أم تراهُ يملكُ ذلك؟ لكن يُضيعُ مفتاحَه و خطامَه؟ أو يختارُ إرخاء زمامِه؟

      أيلومُ المرء قلبّه إن اضطربَ لطارقٍ أمّ بابَه، و اتخذَه عرشاً يملكُ حكمَهُ و نصابَه؟
      أم يلومُ ذاك الغازي بسلاحٍ لم يكن للقلبِ إلا أن يفتحَ له أبوابه؟ و يُسلمَ له أمرَهُ و قيادَه؟

      عجيبٌ أمرك أنت يا من سخرتَ من أحوالِ المحبّين، و سفّهتَ دهراً أحلامَهم و عقولَهم
      أترى أصابتك لعنتُهم، أم سدّدَ القدرُ سهمَه ليُصليَك سعيرَهم؟ و يذيقكَ صنوفاً من ألوانِ جنونِهم و هيامهم؟

      ذقْ أيّها القادحُ في شِرعةِ الحبّ، و تجرّع حلوَه و مرّه، و علقمَه و صابَه
      ثم اطلب لك منه انعتاقاً و خلاصا، أو فراراً و فكاكا

      أتراك تسطيع ذلك؟!
      إذن فامنح منه جرعاتٍ لكلّ المحبين، تشفي به قلوبَهمُ الحرّى، و عقولَهمُ الحيرى
    • ابتســــامـــةٌ ذابلـــــــــــــة




      وجدتُ صاحبي ليلةً و ابتسامتُه ذابلةٌ على غير عادتها، فقد عهدتُه صاحبَ ابتسامةٍ لا تفارقُ محيّاه حتى ليكاد يظنّ رائيه أنه لا يعرف الحزن أو الغضب
      و رغمَ أنه صاحبُ دمعةٍ حاضرة، و مشاعرَ مرهفة، إلا أنها مكتومةٌ مخبوءة، لا يطّلعُ عليها إلا كل قريبٍ أثير، و خدينٍ خبير
      و لطالما سُئلَ عن سرّ تلك الإبتسامة الملازمة، و الإشراقة الحاضرة، و كم من مرّةٍ استرعت ابتسامتُه الإنتباه و الفضول

      يذكرُ يومَ كان بأحدِ المختبراتِ منهمكاً بتجربةٍ علمية، منغمساً فيها، و ما انتبَه إلا على صوتِ المشرفة الشابة -التي كانت تشرفُ عليه و زملاءه أثناء قيامهم بتجاربهم- تناديه، و حين أجابها
      سألته: لاحظتك مبتسماً طوال الوقت، فما سرّ ابتسامتك؟!

      يومَها أجابَ -على غير عادته- بشئ من السخرية- هي ليست ابتسامة و لكنّ أسناني من النوع البارز، فمن رآها حسبني مبتسماً، و تركها بحيرتها!!
      ربّما رأى أن سؤالها تدخّلٌ بخصوصيته، أو ربما طريقة طرحها لسؤالها كان فيه نوعٌ من الإستهزاء، أو ربما كان حانقاً عليها لقطعها تركيزَه في التجربة، أو ربما ظنّ أنها كانت تراقبُه فقط لأنه كان عربياً مسلماً بوسطِهم
      لستُ أدري حقاً، لكن كانت تلك من المرات القلائل التي يسخر فيها من أحدٍ هكذا.

      حين رآني بادرني بصوتٍ صاحبَتهُ نبرةُ حزنٍ و ندم:
      ليتني لم أسمح لك ان تكتبَ عني و بي، و ما كان يجدرُ بي أن أطلق لك العنانَ في "نفثاتي"؟! أهي حقاً نفثاتي أم نفثاتك أنت؟!

      لا أخفيكم أنني أُخِذتُ بحالتِه و كلامِه على حين غرّة، و ظللتُ لفترةٍ -بدت لي طويلة- أقلّبُ الفكر كيف أهدّئ من روعه و أتسلّل لداخلِه لأتبيّن ما به.
      اقتربتُ منه -و أنا بالحقيقة منه قريب- و هينمتُ أسائله: قل لي صاحبي، ما حملّك على ما قلت؟

      تنهّدَ بعمق، و كأنّه يبغي بتلك النسمات التي ملأ بها رئتيه إطفاء حرّ لهيبٍ اضطرمَ أوارُهُ بداخلِه
      ثم استرسلَ في حديثه قائلا:

      وعدتني أن تنفثَ المفيد، و أن تكتبَ عني دون تهويلٍ و مزيد
      و أراك قد أوشكتَ أن توقعني فيما كنتُ عنه أحيد، و تجعلَ للشيطان إليّ مدخلاً و لطالما جاهدتُ أن أبقيَه خارجَ الوصيد


      صاحبي
      أراكَ تكتبُ عني و ترفعني منزلةً فوق منزلتي، و توهمُ قارئك أنني ملاكٌ بصورة إنسان، و أني حويتُ من الفضائل ما يبعدني عن كل ذمٍّ و عيب، أو ختلٍ و ريب
      ما بالكَ لا تكتبُ عن مساوئي و ذنوبي؟ و جهلي و قلّة علمي؟ و صفاتي المستقبحة، و أموري المستنكرة؟!

      أأردتَ أن يتسلّلَ الغرور لقلبي، و الكبْرُ لصدري؟
      أم أردتَ أن أصدّقَ أنني مَن تكتبُ عنه بحقّ؟

      صاحبي
      بلغني أن البعضَ اغترّ بما تكتبُه، و رأى فيّ إنساناً غيرَ ما أنا عليه حقيقة
      و الآخرُ فهمَ بعض نفثاتِك أنها تعريضٌ به، و قدحٌ في ذاته و فكره

      فـ.........

      قاطعتُ صاحبي قبلَ أن يُكملَ حديثه، و خاطبتُه قائلا:
      عزيزي و أين رفعتُك فوق منزلتِك و أنا ما كتبتُ إلا وصفاً لما أعلمُه و أراه؟
      و ما لي أراك -على غير عادتك- تستعجلُ الأمرَ قبلَ أوانه، و أنا لم أكتب إلا النزرَ القليل عنك، أتحسبُ أني سأخفي عيوبَك أو أحاولُ ان أجمّلَها؟
      إن جاءَ موضعُها ذكرتُها دونَ خوفٍ منك، فقد عوّدتُكَ أن أكون لك مرآةً ترى فيّ عيوبك

      ثمّ هؤلاء الذين اغترّوا بك -كما تدّعي- ألا يعلمون أنّك بشر؟!
      و ألا يقرأون بوعيٍ ليفهموا أنك لستَ مختلفاً بمعنى الرفعةِ و السموّ عن البقية، و إنما بمعنى التميّز، و التميّز قد يكون بما يشين، أو قد يكون بشئٍ ليس ذا بال.

      عزيزي
      أرأيتَ أن لو كنتَ ماشياً في طريقٍ مزدحم، ثمّ ناديت "أيها السارق" لالتفتَ إليك الكثير، و توقّف البعض عن المسير، فيما لم يكترث الآخرون و واصلوا دون أن يكون لصيحتك عليهم أيّ تأثير


      أترى من التفتَ و توقّف؟ هم لا يخلون من أن يكونوا سارقين بحق، و ظنّوا أن الصيحةَ عليهم
      أو غير ذي ثقةٍ بأنفسهم، فيحسبون كلّ صيحةٍ عليهم
      أو مغرورون يحسبون أن ليس هناك من له قدرٌ و قيمةٌ ليُنادى و يُخاطبَ غيرُهم

      لكنّ أولئكَ الذي مرَوا و كأن لم يسمعوا الصيحة، هم أناسٌ وثقوا من أنفسِهم و علموا أنهم ليسوا المقصودين، فصدق فيهم المثلُ القائل "واثقُ الخطوةِ يمشي ملكا"

      ثمَ ما عليكَ انت عزيزي؟ فأنا الكاتبُ و ليسَ أنت!

      أجابني:
      صرتُ لا أعرفُ حقاً أهناك أنا و أنت؟!

      و مضى في حالِ سبيلِه