بسم الله
ربّ اغفر و ارحم ..... و يسّر و أعن
تمهيــــد
ربّ اغفر و ارحم ..... و يسّر و أعن
تمهيــــد
"أنت غير"
كلمةٌ طالما لامست آذانه، و طرقت مسمعه
حين كان صغيراً لم يكن حقاً يعي معناها، و لا أظنّه عرف سببَ قولها له، ما يعرفُه أنه تمنّى ألا يكون "غير"
أمّه تحوطُه بعنايةٍ خاصّة، لا ينالها أحدٌ من إخوته، رغم أنه ليس أصغرهم و لا أكبرهم، و تهمس في أذنه مداعبةً "أنت غير"
إذا خرج يوماً من البيت دون استئذان عوتبَ و عُنّف، و السبب "أنت غير"
إن لم يستطع إجابةَ سؤالٍ في المدرسة، قال المعلّم و نظرةُ خيبة الأمل تعلو محيّاه، ينبغي لك أن تعرف الإجابة، فـ"أنت غير"
كبرَ و الكلمةُ لا تزال تطرقُ مسمعَه بين حينٍ و آخر
إذا دخل مسجداً و لم يوجد إمامٌ يؤمّ الصلاة، توجهت إليه الأبصار للتقدم
كم تمنّى ألا يكون ذاك "المختلف" أو قل ذاك "المنظور" إليه
و أصبح إذا دخل مسجداً بقي في أطرافه، و إذا طُلبَ إليه التقدّمُ للصلاة أمتنعَ و اعتذر، حتى ألفَ الناس -على الأقل في مسجد بلده- عدم تقدّمه
آمنَ في أحيانٍ كثيرةٍ أنه "مختلف"، أليس الجميع يقول ذلك؟!
تعالى على تفاهات الشباب و طيشه، فهو "مختلف" و لا ينبغي أن يكون كباقي الشباب
لطالما تفكّر ما سببُ كونه مختلفا؟!
أهو بسبب قوة حفظه في صغره؟ فقد كان لا يسمع شيئاً إلا حفظه، و لا قرأ درساً إلا وعاه
لكن إذا كان السبب ذلك فما بالهم ينادون "أنت غير" الآن و قد ذهب حفظُه، و ضعفت ذاكرتُه؟!
أم تُرى السبب شدّة حيائه، و هدوئه الذي كان يُضربُ به المثل؟
لكن أيضاً لمَ و قد اصبح جريئاً و بعيداً عن هدوء الصّبا، لا يزال يسمعُ "أنت غير"؟!
حتى الأجانبُ أسمعوه تلك الكلمة!!
سمعها أكثر من مرةٍ في سني دراسته بالخارج
لا يزال يذكر ذلك المشرف على أحد الدورات التدريبية التي حضرها في إحدى البلدان الأوروبية -التي ينتشرُ فيها الكثير من المتطرّفين المعادين للمسلمين- حين كان يرمقُهُ بنظراتٍ تغيّرتْ من امتعاضٍ و تخوّفٍ في أول الأيام إلى إعجابٍ و اندهاشِ في باقي أيام الدورة
و لا يزال يذكر إمساكَه يديه في آخر يومٍ قبل رجوعه و كلامَه الكثير الذي كان يعتذر فيه عن نظرته إليه في أول الأيام، ثم كلمته الأخيرة أنت "UNIQUE"!
امممم، متى كانت آخر مرّة سمع فيها "أنت غير"؟!
كانت بالأمس؛ حين أحضر عاملاً هندياً للقيام ببعض التصليحات في البيت، فحين دخل العامل مكتبته الخاصة التفت إليه قائلاً "أرباب أنت غير"
لم يتمالك نفسه من إطلاق ضحكةِ مستسلمٍ لقدَره، محدّثاً نفسه لا بدّ أنني "غير" كما يقولُ الكثير، خصوصاً و قد أتت الشهادة من أحد رعايا بلد العجائب!
صاحبتُ رجلنا "المختلف" و أحسبني أعرف منه و عنه ما يخوّلني الكتابةَ عنه و به!
ستكون هنا نفثاتٌ أستشفّها من صدره و عقله،
قد لا ألتزمُ فيها ترتيباً معيّنا، و لا نهجاً مميزاً
بل أخطّها كيف أتت، و أنّى بدت
شيئٌ واحدٌ فقط لم أستطع البتّ فيه حتى الآن
و هو ماذا أسمّيه هنا؟ أأطلق عليه اسماً علما من أمثال زكريا او عبدالله أو يحيى أو غيرها
أم أطلقُ عليه كنيةً من أمثال أبي الحبور
أم أعطيه لقباً من أمثال محبٍّ بائن؟
تم تحرير الموضوع 1 مرة, آخر مرة بواسطة محب بائن ().

