الدنيـا ساعه فأجعلهــا طـاعه

    • الدنيـا ساعه فأجعلهــا طـاعه

      لأوزاعي و السلطان

      عبد الله بن علي العباسي هو ملك من الملوك أمره عجيب و خبره غريب، عم أبي جعفر المنصور ما كان يبتسم أبدا، حرسه يقارب ثلاثين ألفا، فعندما فتح دمشق، قتل في ساعة واحدة ستة و ثلاثين ألفا من المسلمين و أدخل بغاله و خيوله في المسجد الأموي الجامع الكبير ، ثم جلس للناس و قال للوزراء : هل يعارضني أحد ؟ قالوا : لا قال : هل ترون أحداً سوف يعترض علي ؟ قالوا : إن كان فالأوزاعي - و الأوزاعي
      محدّث فحل أمير المؤمنين في الحديث و كان زاهدا عابدا من رواة البخاري و مسلم - قال : تعالوا به ، فذهب الجنود للأوزاعي فما تحرّك من مكانه ، قالوا : يريدك عبدالله بن علي
      فقال : حسبـــــــــــــــنا اللــــــــــه و نعــــــــم الوكيــــــل
      انتظروني قليلا فذهب فاغتسل و لبس أكفانه تحت ثيابه لأنه يعرف أن المسألة موت أحمر و قتل و دماء ، ثم قال لنفسه( الآن آن لك أن تقول كلمة الحق ، لا تخشى في الله لومة لائم ) فدخل على هذا السلطان الجبّار .
      قال الأوزاعي و هو يصف القصة : فدخلت فإذا أساطين من الجنود صفّان قد سلّوا السيوف فدخلت من تحت السيوف حتى بلغت إليه و قد جلس على سرير و بيده خيزران
      و قد انعقد جبينه عقدة من المغضب ، قال : فلما رأيته كأني أمامي ذباب ...حسبنا الله و نعم الوكيل ... قال : فما تذكرت أحداً لا أهلاً و لا مالاً ولا زوجة و إنما تذكرت عرش الرحمن إذا برز للناس يوم الحساب ، قال : فرفع بصره و به عليّ من الغضب ما الله به عليم ، قال : يا أوزاعي ما تقول في الدماء التي أرقناها و أرهقناها ؟ ، قال الأوزاعي حدّثنا فلان ، قال حدّثنا ابن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : { لا يحل دم أمريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، و النفس بالنفس ، و التارك لدينه المفارق للجماعة } رواه البخاري .فإن كان من قتلتهم من هؤلاء فقد أصبت ، و إن لم يكونوا منهم فدمائهم في عنقك ، قال : فنكث بالخيزران و رفعت عمامتي أنتظر السيف ، و رأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم و يرفعونها عن الدم .
      فقال السلطان : و ما رأيك في الأموال ؟ قال الأوزاعي : إن كانت حلالاً فحساب ، و إن كانت حراماً فعقاب ، قال : خذ هذه البدره _ كيس مملوء من الذهب - قال الأوزاعي : لا أريد المال قال : فغمزني أحد الوزراء ، يعني خذها لأنه يريد أدنى علّه لقتلك
      فأخذ الأوزاعي الكيس و وزّعه على الجنود ، حتى بقي الكيس فارغا ، فرمى به و خرج ، فلما خرج قال : حسبنا الله و نعم الوكيل قلناها يوم دخلنا و قلناها يوم خرجنا فقد قال تعال }: فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم .{ آل عمران الآيه174