كان يقطن مدينة الرياض .. يعيش فى ضياع ولا يعرف الله الا
قليلا ، فمنذ سنوات لم يدخل المسجد ، ولم يسجد لله سجدة واحدة ،
ويشاء الله ان تكون توبته على يد ابنته الصغيرة !
يروى القصة فيقول :
كنت اسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء فى لهو ولعب وضياع
تاركا زوجتى المسكينه وهى تعانى من الوحدة والضيق والالم
ما الله به عليم ، لقد عجزت عنى تلك الزوجة الصالحة الوفية
فهى لم تدخر وسعا فى نصحى وارشادى ولكن دون جدوى .
وفى احد الليالى ، جئت من احدى سهراتى العابثة وكانت
الساعة تشير الى الثالثة صباحا ، فوجدت زوجتى وابنتى
الصغيرة وهما تغطان فى سبات عميق ، فأتجهت الى الغرفة
المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل فى مشاهدة بعض
الافلام الساقطة من خلال جهاز الفيديو .... تلك الساعات
التى ينزل فيها ربنا عز وجل فيقول : هل من داع فأستجيب
له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فأعطيه سؤله ؟
وفجأة .... فتح باب الغرفة ، فإذا هى ابنتى الصغيرة التى
لم تتجاوز الخامسة .................
نظرت إلى نظرة تعجب واحتقار ، وبادرتنى قائلة : يا بابا
عيب عليك اتق الله رددتها ثلاث مرات ثم اغلقت الباب وذهبت
اصابنى ذهول شديد فأغلقت جهاز الفيديو وجلست حائرا
وكلماتها لا تزال تتردد فى مسامعى وتكاد تقتلنى ، فخرجت
فى اثرها فوجدتها قد عادت الى فراشها ، اصبحت كالمجنون
لا ادرى ما الذى اصابنى فى ذلك الوقت ، وما هى إلا لحظات
حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب ليمزق سكون
الليل الرهيب ، مناديا لصلاة الفجر ، توضأت وذهبت الى
المسجد ولم تكن لى رغبة فى الصلاة ، وإنما الذى كان
يشغلنى ويقلق بالى كلمات ابنتى الصغيرة .
واقيمت الصلاة .... وكبر الامام وقرأ ما تيسر له من القرآن
وما إن سجد وسجدت خلفه ووضعت جبهتى على الارض
حتى انفجرت ببكاء شديد لا أعلم له سببا ، فهذه أول سجدة
أسجدها لله عز وجل منذ سبع سنين .
وبعد الصلاة جلست فى المسجد قليلا ثم رجعت الى بيتى فلم
اذق طعم النوم حتى ذهبت الى العمل ، فلما دخلت على صاحبى
استغرب حضورى مبكرا ، فقد كنت لا احضر إلا فى ساعة
متأخرة بسبب السهر طوال ساعات الليل ، ولما سألنى عن
السبب اخبرته بما حدث لى البارحه .... فقال : احمد الله ان
سخر لك هذه البنت الصغيرة التى ايقظتك ولم تأتيك منيتك
وانت على تلك الحال .
ولما حان وقت صلاة الظهر كنت مرهقا ، حيث لم انم منذ
وقت طويل ، فطلبت من صاحبى ان يتسلم عملى ، وعدت
الى بيتى لأنال قسطا من الراحه ، وانا فى شوق لرؤية ابنتى
الصغيرة التى كانت سببا فى هدايتى ورجوعى الى الله .
دخلت البيت واستقبلتنى زوجتى وهى تبكى..............
فقلت لها : مالك يا امرأة ! فجاء جوابها كالصاعقة : لقد ماتت
ابنتك .................
لم اتمالك نفسى من هول الصدمة ، وانفجرت بالبكاء ، وبعد
ان هدأت نفسى تذكرت ان ما حدث لى ما هو إلا ابتلاء من الله
ليختبر ايمانى ، فحمدت الله عز وجل ورفعت سماعة الهاتف
واتصلت بصاحبى وطلبت منه الحضور لمساعدتى .
حضر صاحبى ، واخذ الطفلة وغسلها وكفنها وصلينا عليها ،
ثم ذهبنا بها الى المقبرة ، فقال صاحبى : لا يليق ان يدخلها فى
القبر غيرك .... فحملتها والدموع تملأ عينى ، ووضعتها فى
اللحد ... أنا لم أدفن ابنتى ، وإنما دفنت النور الذى أضاء لى
الطريق فى هذه الحياة ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها
سترا لى من النار ، وأن يجزى زوجتى المؤمنة الصابرة
خير الجزاء .
--------------------------------------
من كتاب العائدون الى الله .
ولا تنسونا من دعواتكم ليكون دافعا لنا
معكم عن قصة تائبا اخرى قريبا ان شاء الله .
