تمشي فاطمة بخطوات طفولية ممسكة بيدها بعض الحلوى و بسمة الفرح ارتسمت على شفتيها... نسيم الهواء يمر متخللا شعرها المنسدل على كتفيها ويحرك أطراف ثوبها الوردي ....
توقفت عن المشي بعد أن وصلت إلى مقصدها و مبعث سرورها ...وهي الأرجوحة ...وصلت إليها وقد أنهت ما كان بيدها من الحلوى كانت تحرص على أن تفرغ نفسها من كل الشواغل لتمكث مع حبيبتها التي تعلق قلبها بها منذ نعومة أظافرها...
بدأت فاطمة تتأرجح وتدفع جسدها للأمام بقوة نابعة من حبها المتأصل بالأرجوحة لتدخل في جو المرح الذي أشرق عند مجيئها ...
فكان يسعدها أنها تستطيع أن تحلق عاليا ...فتحس بالهواء يندفع مع اندفاعها ويحرك بداخلها شعور التحدي و الطموح نحو الأعالي .... وتفتخر بالقوة التي جعلتها تتحكم بالأرجوحة وتحريكها بعدما كانت ساكنة...
كبرت فاطمة ولم تتخلى عن حبها الذي ظل باق في قلبها رغم تكعب ثدياها و امتلاء جسدها وتحولها إلى فتاة تغنت عينيها بأنوثة صارخة ....
لازالت مندفعة ولم تكن تعترف بأن هناك شيء سيقف ويعترض طريقها ونظرات التحدي تصدر من روحها التي عشقت القمم ....
بقيت لها خطوتين لتحقق حلمها و تلتحق بالوظيفة بعد إتمامها لدراستها بالكلية ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فقد أصيبت بأزمة نفسية نتيجة كتمانها لأزمات مرت بها أثناء دراستها و أزمات أخرى في المحيط العائلي وكان لهذه الحمم المكنونة أن تخرج بأي طريقة ....فأنفجر بركان الآلام وتصدعت الروح المتحدية للصعاب ليسقط الطير الذي طالما حلق في السماء....
مرت سنوات وسحائب اليأس تظلل فاطمة ....وذات يوم ....انتعلت حذائها و مشت نحو المنتزه المجاور لبيتها وقت الظهيرة حيث خلو المكان من الناس والذي قادها لذلك هو عشقها للأرجوحة..
بدأت تتأرجح كسابق عهدها بالطفولة وبذلك كانت تحي روح التحدي للصعاب التي دفنت في مقبرة الأزمة النفسية ....