الرهاب هو الخوف والإضطرابات التي تعتير الشخص عندما يتعرض لموقف معين قد لا يثير الخوف في الآخرين. ورهاب الساح هو أحد أنواع الرهاب، وهو خوف يصيب الشخص في الأماكن المقتوحة عندما يكون بعيداص عن أمان المنزل
... وعند التنقل بقطارات الانفاق، القطارات، الحافلات العامة، المركبات الكبيرة، السفن أو الطائرات (ولكن ليس بالسيارات الصغيرة)، الخوف من السير على الجسور، الانفاق، صالونات الحلاقة والتجميل، البقاء في المنزل وحيدا أو مغادرته وحيدا. ان هذه المخاوف تحدث ضمن امور أخرى مصاحبة لها وفي فترات زمنية متعددة. وعادة ما تصاحبها مشاكل أخرى مثل نوبات ذعار، اكتئاب، وساوس، شعور الشخص بأنه غير حقيقي.
عادة ما يظهر رهاب الساح في الكبار ما بين الثامنة عشر والخامسة والثلاثين ولاسباب غير معروفة لا يحدث هذا الرهاب في مرحلة الطفولة. في أحيان قليلة نجد ان الأطفال الذين لديهم مخاوف شديدة من الذهاب إلى المدرسة لا تتحسن حالتهم هذه ويظهرون رهاب الساح عندما يصلون مرحلة المراهقة. يشكل النساء حوالي ثلثي المصابين برهاب الساح. ان هذه الإحصائية توضح لنا عكس ما يحدث في حالات القلق والتي تحدث بنفس النسبة لدى الجنسين. لذلك فإننا في المملكة العربية السعودية لا نرى كثيراً من هذا النوع من الرهاب، حيث ان المرأة لدينا بطبيعتها وبحكم الظروف الاجتماعية لا تركب الحافلات العامة، وكذلك لا تذهب بعيداً عن منزلها إلا مع محرم لها لذلك فإن هذا النوع من الرهاب لا نشاهده كثيراً كما يحدث في الدول الغربية في العيادات النفسية في المملكة العربية السعودية، ولكن كما اشرت في بداية هذا المقال بأننا بدأنا نلاحظ تزايد في اعداد الاشخاص الذين أصبحوا يعانون من هذا الرهاب.
المشكلة عندما يكون الشخص الذي يعاني من هذا الرهاب رجل وهناك نسبة لا بأس بها من الرجال يعانون من هذا الاضطراب، عندئذ يصبح هذا الامر مشكلة كبيرة..! خاصةً في مجتمع مثل مجتمعنا، تعتبر هذه الاضطرابات به نوعاً من النقص في الرجولة..!
ان رهاب الساح غالباً ما يعقب وقوع اضطراب ما في حياة الفرد مثل إصابته أو أحد أقاربه بمرض خطير، أو تعرضه لخطر ما أو قلق أو مشقة، الانتقال من المنزل، وفاة شخص عزيز، خطوبة، زواج، حمل، إجهاض، ولادة، أو ربما يبدأ بعد مشاهدة منظر محزن في مكان تسوق أو في شارع عام أو حافلة. ان المصابين برهاب الساح عادة ما يعتقدون ان تلك الاحداث البسيطة هي مصدر اصابتهم بهذا الاضطراب بالرغم من ان نفس هذه الاحداث لم تسبب أية مشاكل لاشخاص اخرين.
بالطبع فإن المشاكل الاخرى بعيداً عن رهاب الساح يمكن ان تبدأ في الظهور بعد وقوع كارثة مؤثرة. الاكتئاب، الفصام وحتى جلطة الشريان التاجي للقلب يمكن ان تحدث نتيجة التغييرات الحياتية الرهيبة في حياة الاشخاص. ان قلة من المصابين برهاب الساح لم يظهر رهابهم هذا بعد اي تغييرات واضحة في محيط ما يعيشون حوله.
ان معظم أنواع رهاب الساح كثيرا ما تتذبذب بدون اي سبب ظاهر. و جل المعاناة التي تصاحب رهاب الساح تكون خفية، حين يقوم المصابون بإخفاء اضطرابهم هذا لفترات زمنية طويلة اذا استطاعوا القيام بأعمالهم. و كثير من الناس تمر بهم فترات قصيرة يشعرون خلالها بأعراض رهاب الساح والتي غالباً ما تختفي بعد عدة اسابيع او شهور دون الحاجة الى علاج خاص. قد تكون البداية مفاجئة- في غضون عدة ساعات- او بصورة تدريجية- بعد عدة اسابيع او بطيئة- خلال عدة سنوات بعد مرحلة اولية يكون فيها القلق غامضاً ومتقطعاً. بعض الاشخاص يبدأون بالاحساس بحالة ذعر قوي حاد يعقبه مخاوف تكون نتيجتها البقاء في المنازل لعدة اسابيع. قسم آخر يبدأ معهم رهاب الساح بالاحساس بقلق مبهم متذبذب والذي يتحول تدريجياً الى رهاب الساح في طبيعته يستمر لعدة سنوات. يشعر بعض المرضى بعدم الطمأنينة في التنقل لوحدهم والتي قد تستمر عدة عقود من الزمان، ولكنهم يستطيعون اخفاء مخاوفهم هذه حتى يزاد قلقهم بسرعة في مواقف جديدة ومن ثم يبحثون عن العلاج لان عائلاتهم لم تعد تستطيع التغلب على هذه المشاكل. كل أنواع الاختلافات ما بين هذين الطرفين هي احتمالات متوقعة.
و يبدأ رهاب الساح، بصورة مثالية، بنوبات متكررة من القلق خارج المنزل، كما في النوع الذي ذكرناه سابقاً، هذا الذعر يمكن ان يكون قوياً لدرجة تجعل المصاب يستمر (يثبت) في مكانه لعدة دقائق حتى يتلاشى القلق ثم يقوم بعد ذلك بالجري الى مكان آمن- منزل صديق او قريب او منزل الشخص نفسه. و كلما كانت مساكن المصايين ياهاب الساح اقرب الى الاسواق، الاصدقاء، والاقارب الذين يمدون لهم يد العون كلما كانت حياتهم اسهل. فقد يحتاجون الى مساعدتهم في اخذ اطفالهم الى مدارسهم وإعادتهم منها او توصيلهم من والى اماكن عملهم. ان المريض قد يستطيع الذهاب الى مكان عمله راجلاً اذا كان قريباً او يستقل الحافلة في رحلته هذه، ولكنه قد يفشل في عمله اذا احتاج الى عبور شوارع مزدحمة او استخدام عدة حافلات حتى يصل الى مقر عمله. وقد يجد انه من السهل عليه ان يؤدي عمله في حجرة هادئة يشاركه فيها قلة من العاملين بدلا من ان يكون جزءاً من سلسلة من العمل او نظام التجميع يعتمد على كل عامل ينجز عملية خاصة يكملها الآخر لانجاز العمل بأكمله.
وعلاج حالات رهاب الساح يكون بتعلم الإسترخاء و المواجهة التدريجية على يد مختص في العلاج النفسي السلوكي. كما تفيد بعض العقاقير المضادة للرهاب.
منقول
د. إبراهيم الخضير
عيادة االرياض ، صحيفة الرياض
: 
: 
: