جوردن بثون – قصة نجاح في عالم إدارة الأعمال لتحويل شركة خاسرة لناجحة

    • خبر
    • جوردن بثون – قصة نجاح في عالم إدارة الأعمال لتحويل شركة خاسرة لناجحة

      Shababek كتب:

      جوردن بثون – قصة نجاح في عالم إدارة الأعمال لتحويل شركة خاسرة لناجحة

      اليوم سأحكي لكم عن Gordon Bethune جوردن بثون – المدير التنفيذي (CEO) الذي وافق على أن يتولى إدارة شركة فاشلة…

      إلا أن صفة ’فاشلة‘ هذه لا تفي حق وصف حال شركة الطيران الأمريكية كونتيننتال Continental في حقبة الثمانينات من القرن الماضي التي حصلت على لقب أسوأ شركة طيران في الولايات المتحدة، حيث أعلنت إفلاسها وفق القانون الأميركي مرتين…

      خلال 18 شهرا نجح جوردن بثون في تحويل كونتيننتال من أسوأ إلى أول شركة طيران في أمريكا (From worst to first) (وهي الجملة التي كررها جوردن كثيرا) واختارتها مجلة فورتشن الأمريكية ضمن أفضل 100 شركة أمريكية للعمل فيها…

      في أول يوم عمل له في الشركة، كان سعر سهم شركة طيران كونتيننتال في البورصة الأمريكية أقل من 2 دولار. حين تقاعد وتركها، كان سعر السهم 50 دولار.

      من هو جوردن بثون

      أمريكي المولد، جاء ميلاده في صيف عام 1941 في ولاية تكساس، منذ نعومة أظافره وهو يساعد والده الطيار الذي عمل على طائرة شراعية لرش المحاصيل الزراعية، بسبب شغبه ومشاكله وفشله لم يكمل تعليمه المدرسي، فالتحق بالبحرية الأمريكية وهو ابن 17 ربيعا، في وظيفة فني إلكترونيات الطيران، وهناك حيث برع ونبغ الأمر الذي ساعده على ترقى الرتب العسكرية سريعا حتى تقاعد بعدما قضى 20 عاما في البحرية.

      اشتهر جوردن بثون خلال خدمته بأن الطائرات التي يقدم لها الصيانة لا تخرب أبدا ولا تتعطل عن العمل. (لأنه يحرص على صيانتها جيدا ويتابع حالة طائراته عن قرب بنفسه)

      كذلك وأثناء خدمته في البحرية، حصل جوردن بثون على رخصة الطيران وقيادة الطائرات النفاثة.

      بعد التقاعد، عرض عليه صديق قديم من البحرية العمل كمدير صيانة في شركة طيران تجاري، ومرة أخرى بفضل مهارته وتفانيه في العمل، ترقى المناصب وانتقل من شركة طيران لأخرى، محققا نجاحات في كل شركة عمل فيها (من ضمنها شركة بوينج الأمريكية).

      في عام 1984، أكمل جوردن بثون تعليمه الجامعي وحصل على شهادته الجامعية وهو ابن 43 سنة.

      خلال عمله في صيانة الطائرات، اشتهر جوردن بثون بأنه يقضي جل وقته مع أولئك الذين يديرون المفكات والبراغي والمسامير، الفنيين والميكانيكيين الذين يصلحون الماكينات ويجعلونها تدور وتعمل.

      في عام 1994، وقع الاختيار على جوردن بثون ليكون المدير التنفيذي لشركة طيران غارقة حتى أذنيها في المشاكل وقاربت على إعلان إفلاسها حتى أن مديرها استقال بعدما فشلت محاولاته لتغيير هذا الوضع …

      من هو جوردن بثون؟ ميكانيكي نجح في إنقاذ شركة طيران من الإفلاس وجعلها أفضل شركة طيران تحت قيادته

      جوردن بثون ، ميكانيكي نجح في إنقاذ شركة طيران من الإفلاس وجعلها أفضل شركة طيران تحت قيادته

      ما صفات أسوأ شركة طيران؟

      في بداية عمله، اكتشف جوردن بثون حقيقة وضع الشركة: تأخر رحلات الطيران عن مواعديها بشكل يومي، ضياع حقائب المسافرين، إلغاء رحلات الطيران لأسباب عديدة، عدم توفير قطع الغيار والفنيين في الوجهات التي تسافر إليها طائرات الشركة، فإذا حدث وتعطلت طائرة ما خارج المقر الرئيس للشركة، كان إصلاحها يحتاج لساعات / أيام / أسابيع طويلة، خلالها توجب العثور للمسافرين على وسيلة سفر بديلة وأماكن بيات على حساب الشركة، مما ضاعف من نزيف الخسائر.

      فوق ذلك، وبسبب الخسائر التي تحققها الشركة، كان مستوى النظافة والأناقة داخل كل طائرة من طائرات الشركة في أدنى مستوياته…

      لأن الشركة كانت نتاج اندماج 5 شركات طيران معا، لكل منها أسرابها المختلفة من الطائرات، لذا كان حين يخرب مقعد ما ويتوجب تغييره، كان الفنيون يأخذون مقاعد بديلة من طائرات مختلفة لشركات مختلفة، ما جعل المقاعد تحمل ألوانا مختلفة في الطائرة الواحدة.

      بسبب كل ذلك، كانت الروح المعنوية عند العاملين من أسوأ ما يكون، وفوق كل ذلك، كان فريق العمل ينظر بعين التحدي والازدراء لكل مدير تنفيذي جديد يأتي ليحل مشاكل الشركة المتأصلة… ليجدها مستعصية على الحل ويكتشف عدم قدرته على تغيير الوضع، فيفضل النجاة بنفسه ويترك منصبه، آخذا معه ملايين متراكمة من الدولارات من الأرباح المتفق عليها معه قبل أن يبدأ العمل في الشركة، ملايين كان يمكن صرفها لحل مشاكل الشركة أو تحسين رواتب العاملين…

      إذا قللتم الخسائر، سأدفعها لكم

      قام جوردن بثون بحساب إجمالي التكاليف والخسائر التي تتحملها الشركة نتيجة كل هذه المشاكل والأعطال والتأخير، ووجد الرقم 5 مليون دولار. عندها أعلن جوردن عن خطته لجميع الموظفين: إذا حلت الشركة ضمن أفضل 3 شركات طيران، سيقوم بتوزيع نصف هذه الملايين الخمسة على كل العاملين غير التنفيذيين وغير المدراء (إجمالا 40 ألف موظف) – أو ما يعني 65 دولار زيادة على الراتب الشهري كل موظف.

      في الشهر التالي لهذا الإعلان، حلت الشركة في المركز الرابع.

      في الشهر الثاني والثالث، حلت في المركز الأول.

      خلال العام الأول، دفع جوردن المال الذي وعد به 6 مرات.

      لتوزيع المال على العاملين، كان جوردن يوقع كل شيك إضافي بنفسه، ويسافر ليوزع هذه الشيكات على كل مستحق لها بنفسه.

      (لتوضيح فكرة المكافأة للعاملين، أصر جوردن على أن المبلغ الإضافي يتم صرفه عن طريق شيك إضافي وليس عن طريق زيادته على الراتب الشهري لكل عامل)

      ذلك التوزيع كان له الأثر البالغ العميق على العاملين، خاصة وأنهم سبق وحصلوا على وعود سابقة من مدراء سابقين، وعود لم تتحقق ولم تنفذ، ما جعلهم يشكون في أي وعود مماثلة من الإدارة.

      هذه الزيادة في الدخل غيرت طريقة تفكير العاملين، وفقا لمثال لطالما أحب جوردن الاستشهاد به، ذلك أنه حدث ذات يوم أن عدد الوجبات التي سلمها المتعهد للطائرة كان أقل بعشر وجبات من عدد ركاب الطائرة.

      قبل توزيع هذا المال الإضافي، كانت المضيفة ستطلب من المتعهد إحضار الوجبات الناقصة، وكانت الطائرة ستتأخر ربما 40 دقيقة حتى يحدث ذلك.

      بعد بدء التوزيع، قامت المضيفة بتوبيخ المتعهد وزجرته ألا يكررها، ثم بعدما أقلعت الطائرة، عرضت على ركاب درجة الأعمال ’ مشروبات ‘ إضافية عوضا عن الوجبات الناقصة.

      بذلك التزمت الطائرة بالإقلاع في موعدها، واستخدمت المضيفة ذكاءها لحل المشكلة بطريقة مرضية للجميع، وزارد رضا المسافرين عن الخدمة المقدمة لهم.

      مثال آخر. في ذروة الازدحام، كان موظفو الاستقبال ينتقلون لمساعدة الركاب على الصعود لطائراتهم والجلوس في مقاعدهم بسرعة لضمان قيام الطائرة في موعدها.

      هل البونص فقط يحل مشاكل الشركات؟

      لعلك الآن ستظن أن هذه الأموال الإضافية هي ما دفعت الشركة للنجاح، وهذا ظن غير دقيق.

      الأموال جعلت فريق العمل كله يغير طريقة تفكيره. لماذا؟

      الآن هناك مدير للشركة يلتزم بتنفيذ ما وعد به.

      الآن هناك مردود ملموس للاهتمام بالعمل.

      الآن هناك بذرة روح عمل جماعي إيجابي.

      الآن بدأت روح الفريق تتحقق.

      هذه كانت الخطوة الأولى التي ساعدت على تنفيذ بقية خطوات جوردن.

      وجد جوردن خبيرا إداريا يقدم خدماته الاستشارية للشركة منذ عام، ورأى أن أفكاره واعدة ذات نتائج إيجابية. قام جوردن بضمه لفريق العمل في منصب مدير العمليات التنفيذي.

      معا وضعا خطة إدارية لزيادة الأرباح وتقليل الخسائر، أولها عمل تقييم لرحلات الشركة التي تجلب الأرباح، وتلك التي تجلب الخسائر، من أجل زيادة الأولى ووقف الأخرى.

      ثم قررا إنشاء مراكز عمليات وورش صيانة في العديد من الجهات التي تسافر إليها طائرات الشركة، لتقليل الزمن اللازم لإصلاح أي عطل.

      أين الكمبيوتر الخاص بي؟

      تقول القصة أن مديرا ماليا ما التحق بالشركة في عام 1995 وفي أول يوم عمل له سأل: أين جهاز الكمبيوتر الخاص بي؟ فجاءته الإجابة: نحن لا نستخدم الكمبيوترات في الشركة!

      لتغيير ذلك، قرر الثنائي إدخال الأجهزة الحديثة (= الكمبيوتر) في مكاتب الشركة، والعمل على مواكبة التكنولوجيا.

      هذا المدير المالي الجديد (وأقرانه) كان المطلوب منه الحصول على قروض مالية بشروط أفضل، إعادة جدولة ديون الشركة، ضمان التدفق المالي الإيجابي، اكتشاف الخسائر، تعظيم الأرباح، قراءة مدونة شبايك!!!

      قرر جوردن التخلص من أسطول طائرات الشركة التي كانت تتعطل كثيرا، واستبدلها بطائرات حديثة قليلة الأعطال.

      القرار التالي كان وضع آلية لضمان التزام رحلات الشركة بمواعيدها وعدم التأخر، وكذلك ضمان عدم ضياع حقائب المسافرين وخفض هذه المعدلات إلى أدناها.

      كانت أشرطة الأسماء التي يتم ربطها بكل حقيبة مسافرة مصنوعة من الورق التقليدي، وبالتالي كانت في الأغلب تتمزق وتضيع.

      قرر جوردن استبدال تلك الورقية بأخرى مصنوعة من الألياف البلاستيكية، والتي قاومت القطع والتمزق واستمرت في مكانها حتى يستلمها صاحبها.

      العمل معا

      القرار الأخير كان وضع خطوات نافذة لكسب ثقة العاملين في الشركة، في مبادرة أطلقوا عليها اسم: العمل معا – Working Together.

      هذه المبادرة عملت على منع حدوث أي تعارض بين إدارات الشركة، ومنع / تقليل حدوث أي احتكاك بين العالمين في مختلف المهام والوظائف.

      كانت الحصيلة النهائية 4 مبادرات، أخذ جوردن على عاتقه شرحها لكل العاملين في الشركة (وحتى المتدربين الذين سيبدؤوا بالعمل في الشركة)، في اجتماعات دورية له مع كل موظفي ومنسوبي الشركة.

      اشتهر عن جوردن أنه كان متحمسا جدا لشرح مبادراته هذه في اجتماعاته، والتأكيد على أنها تصب في مصلحة العاملين والشركة والعملاء، حماسة نجح في نقلها للعاملين معه، خاصة وأنه كان يتعامل معهم على أنه الأخ الأكبر، لا المدير المتغطرس.

      الأخ الأكبر، لا المدير المتغطرس

      حرص جوردن على حضور حفلات تخريج المتدربين للعمل كمضيفين على طائرات الشركة، وكان يلقي عليهم خطبا حماسية تثير حماستهم.

      في كل شهر، كان يدعو لاجتماع مفتوح (Open house) في مكتبه، حيث كان يمكن لأي موظف كان دخول مكتبه للشكوى وتفريغ الشحنات السلبية في نفسه وإخراج كل مكنونات صدره.

      كان جوردن يسجل رسالة صوتية مدتها 3 دقائق تشرح حالة الشركة وموقفها الحالي في كل يوم جمعة (=نهاية الأسبوع)، يمكن لأي موظف سماعها بالاتصال على رقم مجاني (800).

      ما رأيك في مديرك؟

      كان يرسل رسائل استقصاء لكل العاملين، يسألهم فيها عن مدى رضاهم عن تعاون مدرائهم معهم: هل يستمعون لمشاكلهم، هل يعاملوهم باحترام، هل ينقلون رسائل الإدارة لهم بلغة سهلة واضحة؟

      المدير الذي يحصل على نتائج متدنية، كان جوردن يخصم من المال الإضافي الذي يحصل عليه هذا المدير حتى يرضى عنه العاملون معه!

      كان جوردن الحكم على جمال كل زي مرعب يرتديه العاملون في موسم الهالووين، وكان يوزع الحلوى بنفسه في موسم الكريسماس، حتى أنه سافر في رحلة منتصف الليل ليشارك في حضور حفلة ذكرى ميلاد موظف يعمل في قسم الحجوزات بالمطار.

      بمرور الوقت، وكما قال أحد عمال حمل الحقائب، كان أي موظف يعمل في الشركة قادرا على التعرف عل جوردن حين يراه، وكان العاملون يلوحون له وينادونه باسمه حين يرونه.

      قبل أن يطلب جوردن من موظفينه العمل في الأعياد والإجازات الرسمية، كان هو يعمل خلالها بنفسه وبين موظفيه، والذين كانوا ساعتها يعملون طواعية مثله لتقديم خدمة عملاء راقية.

      مشكلة الثقة

      فرانك لورنزو ( المدير التنفيذي السابق لبطلنا جوردون بيثن ) كان يسمح فقط لعدد قليل من كبار الموظفين بدخول الدور الذي يقع فيه مكتبه، مختبئا خلف عصبة من رجال الأمن مفتولي العضلات.

      كان فرانك إذا سافر على متن طائرات شركته، لا يشرب أي مشروب مقدم له ما لم يتم فتحه أمام عينيه.

      كان المدير التنفيذي، أعلى سلطة في الشركة، لا يثق في الموظفين، وبدورهم كان الموظفون لا يثقون فيه.

      عدم الثقة المتبادل كان السم القاتل الذي ينتشر في جسم الشركة.

      أنت لا تكذب على طبيبك المعالج، ولا على المحامي الذي يترافع عنك، ولا على موظفيك. -جوردن بثون

      من أول يوم له، عمل جوردن على تغيير حالة انعدام الثقة هذه، إذ كان يقف في الصفوف الأمامية مع العمال والفنيين، ويواجه المسافرين ويسمع لهم، ويشارك العاملين احتفالاتهم ومشاكلهم.

      كان جوردن يحمل بنفسه أمتعة المسافرين ويضعها على السير – سواء لتصل إلى باطن الطائرة، أو لكي يستلمها أصحابها.

      ليحافظ على صلاحية رخصة الطيران خاصته، كان جوردن يقود طائرات الشركة المسافرة بنفسه، جالسا في قمرة القيادة مع الطيارين مسامرا إياهم، وكان يترك زمام الطائرة للطيار الآلي ليخدم بنفسه المسافرين ويستمع لتعليقاتهم.

      كان جوردن لا يمتعض من ممارسة أي عمل يقوم به أي موظف آخر في الشركة، وكان يكرر ذلك حتى اعتاد العاملون معه على ذلك.

      إحياء روح الفريق

      أدرك جوردن أن نجاحه في تحويل الشركة من خاسرة لناجحة، يعتمد على بث روح الفريق الواحد في جموع العاملين.

      هذا الفريق يريد الفوز، منهم من سيطلب المال، ومنهم من سيطلب السمعة الحسنة للشركة ورضا العملاء والجوائز التقديرية نتيجة جودة الخدمة المقدمة…

      كل ما كان على جوردن عمله هو تذكير هذا الفريق أنهم قادرون على الفوز، فقط إذا أرادوا هم ذلك…

      تخليص الجسم من الأورام

      بعدها، كان على جوردن إجراء عمليات جراحية لإخلاء الجسم من الأورام، تلك الجماعات التي ترفض العمل بروح الفريق الواحد، ولا تصدق أنهم بمقدورهم الفوز، وتعمد لبث روح التشاؤم والتخاذل.

      كان حتما صرف مدراء وموظفين من العمل، لضمان انتعاش روح الفريق الواحد… واستمرارها ونموها.

      كان على الموظفين العمل من أجل الفوز لأنفسهم، ليس من أجل المستثمرين أو جوردن أو العملاء، الفوز من أجلهم هم.

      لم يقل جوردن للمضيفين أن نظافة الطائرة التي يعملون عليها أمر حيوي لضمان رضا المسافرين…

      … بل قال لهم أن الطائرة هم البيئة التي يعملون فيها ويقضون فيها جل وقتهم.

      هذه البيئة لو كانت نظيفة جميلة مريحة، حتما سينعكس ذلك على العاملين فيها فيقضون وقتا سعيدا طيبا ممتعا أثناء عملهم.

      قبل منع التدخين على كل رحلات الطيران في العالم بداية من أمريكا وغيرها، كانت التدخين مسموحا به على الرحلات الدولية.

      حين سافر جوردن على متن رحلة شركته إلى كوستا ريكا، وذهب إلى مؤخرة الطائرة، وجد طاقم الضيافة جالسا في سحابة صغيرة من دخان المدخنين.

      عندها قرر جوردن منع التدخين على كل رحلات الطيران… الدولية والمحلية.

      رغم أن مدير المبيعات دخل مكتبه وأخذ يشكو وينتحب من مخاطر منع التدخين وهو الأمر الذي كان حتما سيؤدي لخسائر بسبب عزوف المدخنين عن السفر على رحلات طيران لا تسمح لهم بممارسة عادتهم السيئة المقيتة تلك…

      ما حدث بعدها وكما يرويه جوردن، هو أن رحلات الشركة شهدت حجوزات أكثر، ذلك أن المسافرين الكارهين للتدخين لغوا حجوزاتهم على شركات الطيران التي تسمح بالتدخين، واختاروا كونتيننتال…

      حصول العاملون على طائرات جديدة، ومعدات حديثة، وبرامج تواكب العصر، ومدير قريب منهم يستمع لهم، وبث روح الفريق الواحد، وانعكاس ذلك في تحسن مستوى الخدمة ورضا المسافرين وتقدم تقييم الشركة على المنافسين…

      كل هذا كان له نتيجة واحدة: زيادة الأرباح، وتحسن سمعة وشهرة الشركة، وزيادة رضا العاملين والموظفين.

      السعادة في محل العمل تؤدي للسعادة في المنزل

      أحد العاملين كان له تعليق يلخص هذا التغير الدرامي: لقد أصبح العمل ممتعا أكثر من قبل. أنا راض عن نفسي، سعيد في عملي، حتى أن زوجتي أصبحت تشعر بسعادة أكبر، وكذلك أبنائي الصغار.

      وأما أهم دليل فعلي واضح على نجاح جوردن، فكان أن بقية شركات الطيران بدأت تقلده، بداية من إلزام المدراء بمقابل كل الموظفين والاستماع لمشاكلهم، إلى دفع مكافآت مالية لفرق العمل التي تضمن قيام الرحلات المسافرة في مواعيدها وعدم ضياع حقائب وأمتعة المسافرين.

      في عام 2004 تقاعد جوردن. (إقرأ ذيل القصة في الأسفل لمزيد من التفاصيل عما حدث بعدها)

      لعل السؤال الذي يراودك الآن: ما أهمية قصة مثل هذه؟ وكيف يمكن أن تستفيد منها؟

      الإجابة هي: النجاح لا يدوم. لا نجاح الأفراد أو الشركات.

      الشركة الناجحة الصغيرة قد تخسر وتفشل مع توسعها وزيادة عدد العاملين فيها.

      الشركات الكبيرة قد تتعثر وتخسر بسبب نجاحها.

      الاهتمام بكل العاملين، والاقتراب منهم والاستماع لهم، وتوفير ما يحتاجونه لكي يكونوا سعدا، سينعكس بشكل إيجابي على العملاء والزبائن.

      [إقرأ أيضا: إدارة الأعمال من الخطوط الأمامية]

      الموظفون ليسوا عبيدا

      لعل السبب أن العرب كانت تعمل في تجارة العبيد في زمن ليس ببعيد، أو لعل البيئة الصحراوية وقسوتها، أو لعله المحتل الغاشم، لكنك ستجد الكثير من المدراء العرب يعاملون الموظفين أسوأ من معاملة العبيد في العهد البعيد.

      قد تجده يضحك في اجتماعه بالموظفين، ثم يلعن جدودهم في خلوته.

      قد تجده يبرر العمل لساعات طويل بعد أوقات العمل، وربما كال المديح العميق لمن يعمل من قبل الفجر وحتى منتصف الليل دون مقابل إضافي ودون راحة.

      كل هذه الأمور لا تؤدي سوى لبيئة عمل تقطر غما وهما ومرضا.

      حين يكره المدير من يعمل معه – سواء أدرك ذلك أم لم يدركه، ماذا ستكون ردة فعل المنبوذين المكروهين؟ المثل بالمثل.

      سلسلة الكره والتعالي والبغض والذل والاحتقار والاستعباد، كلها ستنتقل للعميل في نهاية المطاف، والعميل اليوم أكثر ذكاء، إذا لم يجد من يدلل ويدلع، سيتركه لمن يقدم الخدمة الأفضل والوجه المنبسط والموظف السعيد.

      نحن الآن في زمن يزاحمنا فيه الذكاء الاصطناعي في أعمالنا وأشغالنا، وستجد الآلات تتصل بالعملاء تدللهم وتدلعهم وتحقق لهم مرادهم، وسيكون البقاء في سوق العمل لمن يقدم خدمة عملاء أفضل – بالفعل وليس بالزعم في وسائل الإعلام والاجتماعات.

      إذا كنت لتخرج بشيء وحيد من هذه المقالة الطويلة، فهي أن الموظفون السعداء ينتجون عملاء سعداء.

      العميل السعيد هو خلاصة كل شهادات التسويق وإدارة الأعمال والاتصالات والعلاقات العاملة وغيرها.

      ابدأ من داخل شركتك!

      في 1998 نشر جوردن كتابا بعنوان من الأسوأ إلى الأفضل، شرح فيه الخطوات التي قام بها لتغيير حال شركة طيران كونتيننتال. From Worst to First: Behind the Scenes of Continental’s Remarkable Comeback

      في 2004 اندمجت شركة كونتيننتال مع شركة طيران يونايتد وحملت اسم الأخيرة. بعد الاندماج، عادت المشاكل ذاتها للظهور، زادت شكاوى المسافرين، مشاكل مع اتحاد عمال الشركة، تعطل أنظمة الحجز وإصدار التذاكر.

      Source: shabayek.com/blog/2018/05/30/%…%d9%86%d8%aa%d8%a7%d9%84/