
أثير - سيف المعولي
لم نكن ندرِي أن الاعتذار الذي قدمه سعادة السفير الجورجي المقيم في الرياض للمواطنين العمانيين “سيذهب أدراج الرياح” بعد حوالي 3 أشهر فقط من اجتماعه بمجموعة من الإعلاميين العُمانيين، ولم نكن نتوقع أن الابتسامات التي تم بها استقبال مجموعة من الصحفيين الإعلاميين في مطار تبليسي ستتحول بعد شهر إلى “نظرات حادة” وصراخ على مواطن عُماني هو وعائلته. بل لم تزدنا تناقضات موضوع السفر إلى جورجيا وتبايناته إلا تساؤلات متواصلة: ما هو السبب؟
تناقضات
أن تتفاعل الحكومة الجورجية مع الخبر الأول ( إرجاع 6 عُمانيين) في أبريل الماضي، ويجتمع سفيرها في تركيا بالسفير العماني هناك، ثم يأتي سفيرها من الرياض ويجتمع بالإعلاميين في مسقط ويعتذر، ثم تسيّر وفدًا إعلاميًا عُمانيًا لهو دلالة على أنهم يريدون “تصحيح المسار”. وأن يفتتح “طيران السلام” خطًا مباشرًا منذ منتصف يونيو الماضي ولم يحدث أي شيء يكدر صفو المسافرين لهو دليل على أن “الأمور طيبة”، لكن أن تُعاد الكرّة مرة أخرى ونسمع قصصًا “أشدّ” في المعاملة والإرجاع، فإن الأمر يحتاج إلى “وقفة جادة” من مؤسساتنا الرسمية للحصول على تفسير وتوضيح.
قصة أبو البراء
ولأن القصص خير مثال فقد تواصلنا مع المواطن العُماني الذي تم إرجاعه قبل أيام ونشر مقطعًا صوتيًا تم تداوله بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي. إنه أحمد بن حمود بن حبيب الرواحي -أبو البراء- الذي قصّ ما حدث له قائلا: ” سافرت إلى جورجيا للسياحة أنا وزوجتي وأولادي الخمسة فجر الأحد تاريخ 1 يوليو 2018 م، حيث قمنا بحجز التذاكر ذهابا وإيابا في شهر أبريل 2018م عبر الحجوزات المتاحة للخطوط القطرية للطيران، فمسار الرحلة كان (مسقط-الدوحة-تبليسي)، وفي شهر مايو 2018 م -أي بعد شهر من حجز التذاكر- سمعنا عن بعض مشاكل إرجاع الشباب في الرحلات الشبابية ولم نسمع عن إرجاع العوائل في تلك الفترة أبدا، فجاء رمضان ثم العيد وكانت الأمور هادئة بالطبع لقلة المسافرين.
ويضيف: بعد النظر والسؤال والمشورة رأينا عدم تغيير الوجهة خاصة أن التغيير يتطلب مبلغا إضافيا غير قليل، فبحثنا عن الوثائق التي يطلبونها هناك وجهزنا كل شيء بدقة، التذاكر والتأمين الصحي لجميع أفراد الأسرة وحجز الفندق والبرنامج السياحي لكل المدة -هذا بالتنسيق مع المرشد السياحي- مع وجود الكرت الرسمي للمرشد والمكتب ورقم هاتفهم النشط للتواصل،كل ذلك مطبوع في أوراق مع كشف جديد للحساب البنكي يوضح وجود مبلغ كافٍ لدينا مع المبالغ النقدية التي أخذناها معنا بالدولار.
ويوضح الرواحي: بدأت المعاناة بوصولنا إلى مطار تبليسي حيث تم حجزنا في زاوية للانتظار ثم بعد ذلك أدخلوني غرفة للاستجواب وكان لدي كل الوثائق التي طلبها الضابط المستجوب مني، فسلمته إياها وأخذ يتمعن فيها ثم سألني من أين أتيتم؟ -وهو يعلم الجواب بالطبع- وأين تعمل؟ فأجبته، ثم أمرني بالرجوع لمكان الانتظار ودخل موظف الطائرة إليه وما هي إلا لحظات حتى جاءنا الموظف وأخبرنا أننا سنعود معه إلى مسقط ولم يوضحوا لنا أي سبب أو نقص في الوثائق رغم تكرار سؤالنا لهم إلا أنه عند خروجي قال: اسألهم في قطر! كل ذلك كان بمعاملة سيئة ونظرات حادة ووجوه مخيفة ودون إعطائنا أي فرصة للحديث. كما حجزوا عنا الجوازات وأخبرونا أننا سنتسلّمها في مطار مسقط، ونقلونا -بصحبة رجل أمن مسلح يمشي خلفنا مباشرة- إلى غرفة أخرى للتفتيش الدقيق لجميع أفراد الأسرة مع رفع أصواتهم على البعض منا، فكان أولادي في خوف شديد وكنا نريد أن ينتهي ذلك الوضع بأي طريقة تخرجنا بخير، ثم أدخلونا للممر المؤدي لصعود الطائرة، وهم يرفعون أصواتهم ويتضاحكون، فعدنا أدراجنا بعد تلك الإهانات والجروح والله المستعان.
سألنا الرواحي هل طالب بحقه بعد عودته فأجاب: عند وصولنا لمطار مسقط رأيت أنه ليس من الصواب السكوت وإنما علي عمل إجراء رسمي للمطالبة بحقوقنا، فبحثت وسألت عن أصحاب العلاقة في المطار فلم يدلنا أحد إلى أحد، وكنا مرهقين جدا جدا؛ فقد استغرقنا ما يقرب من الـ 20 ساعة في هذه الرحلة المشؤومة.
الرواحي قام بنشر المقطع الصوتي المنتشر بعد يومين من عودتهم ، ثم تواصل مع وزارة الخارجية فأكدوا له بأنهم بدأوا في السعي لحل مشكلة العُمانيين في جورجيا، كما ينوي الرواحي رفع هذه القضية إلى اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، ومن تجربته يوجه نصائح للمسافرين قائلا لهم: أنصح إخواني الذين تم إرجاعهم ألا يسكتوا عن حقوقهم وأن ينقلوا تجاربهم وأن يرفعوا قضيتهم إلى وزارة الخارجية بشكل رسمي فهم أصحاب العلاقة وبذلك تقوى الحجة لديهم في مخاطباتهم ونصيحتي للذين حجزوا تذاكرهم لزيارة جورجيا ولا يمكنهم تغيير الوجهة بسبب ضيق الوقت أو أي ظرف آخر أن يجهزوا كل ما ذكرته سابقا فذلك من التوكل عليه سبحانه وتعالى، ومن يستطع تغيير الوجهة فليغيرها ولو بإضافة مبلغ آخر وألا يجازف أبدا، ومن كان مضطرا للذهاب بسبب مصالح لديه هناك فليحجز على الطيران العماني أو طيران السلام مباشرة إلى جورجيا لعل في ذلك خير له فيرد الله عنه كيدهم. كما نطمع من الحكومة الرشيدة أن تعجل في تنفيذ الإجراءات العملية لحل هذه الأزمة لأن الكثير من المواطنين -كما تعلمون- قد حجزوا تذاكر سفرهم قبل أشهر عديدة وغلق عليهم خيار التغيير لوجهتهم أو تغييرها يكلفهم الكثير”.
“الأمور طيبة” مع طيران السلام
أخذنا هذه القضية وتفاصيلها وتواصلنا مع الكابتن محمد أحمد الرئيس التنفيذي لطيران السلام الذي أكد في البداية بأنه لم يتم إرجاع أي حد من المسافرين على متن طيران السلام إلى جورجيا، لكن -حسب علمه- فقد تم إرجاع بعض من الجنسيات الأخرى عبر طيرانات أخرى لدواعٍ أمنية.
وأوضح: سنتواصل مع الجهات الرسمية في جورجيا لمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه الإرجاعات ليتم تفاديها في المستقبل، ومن جهة طيران السلام سنقوم بتعويض أي أحد سيتم إرجاعه بالمبلغ الذي دفعه للرحلة كاملًا كي يستفيد منه لأي رحلة أخرى لجهة أخرى.
تفاعل كبير
لقي موضوع إرجاع المواطن العماني من جورجيا تفاعلًا كبيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا بعد تزامنه مع إرجاع مواطنين من دول خليجية.
وما بين ناصحٍ بعدم السفر إلى جورجيا بحجة أن “أرض الله واسعة، بعيدًا عن مزاجيتهم”، وبين مؤكد بأنها حالات فردية لا يتعدى عددها أصابع اليد وقد لا تتكرر إلا نادرًا، يبقى التساؤل التالي حائرًا: هل الأمر مقصود؟ أم مزاجي؟ أم أنها خطة ضغط لإلغاء التأشيرات عن الجورجيين القادمين إلى السلطنة؟
اقرأ أيضا:
السفير الجورجي “يعتذِر” لما حدث للعُمانيين ويقدّم نصيحة للمسافرين
http://www.atheer.om/archives/469705
إرجاع 6 عُمانيين من جورجيا
