موسى الفرعي يكتب : برقية شكر عاجلة إلى السعودية

    • موسى الفرعي يكتب : برقية شكر عاجلة إلى السعودية



      أثير – موسى الفرعي

      وأخيرًا لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا إيجابيا بجمالية عالية في أيامنا الأخيرة، إذ أصبحت ساعي بريد الإنسانية إلينا وحملت رسائل المحبة والجوهر الإنساني من المملكة العربية السعودية إلى كل العالم، ضاربة مثالا على انتصار الجوهر الإنساني، مؤكدة على أن السلام والمحبة هما الأصل والفرقة والعداء استثناء.

      وكما هو الحال في كل عام، ها هي جهود الأخوة في المملكة العربية السعودية تنوّر قلوب العالم وأبصارهم بما يُبذل لخدمة ضيوف بيت الله الحرام، الجهود التي تستحق الشكر والامتنان بعيدًا عن الدائرة السياسية وعن أي صراعات باسم الدين وبعيدًا عن صراع القوى والاقتتال من أجل السلطة والنفوذ التي تتناوش العالم كله، لا شيء في المملكة غير انتصار الإنسان للإنسان، وغير ابتسامة رضا من ضيوف الله لما يقوم به خُدام بيت الله، وغير قُبلة شكر منا جميعا على جبين كل واحد في المملكة انتصر لواجبه الإنساني.

      إن ما تقوم به المملكة بإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين، وما يكرس من جهود رسمية وخاصة ومن عامة الشعب السعودي لخدمة الحجيج يشكل الصورة المكتملة الألوان للإنسان الحق، صورةٌ حية بهاؤها الإنسان السعودي، صورة حية متحركة الروح، متجددة الدماء، متطابقة الجمال، فتلك الملايين التي أتت من كل فج عميق تلبيةً لنداء الحق تعالى تتوافد على هذه البقعة الطيبة الطاهرة في كل عام، وفي كل عام تسجل المملكة العربية السعودية نجاحا منقطع النظير في الإدارة العامة لموسم الحج، نجاحا لا نملك في حضرته سوى الإجلال والتقدير، ونجاحا إنسانيا لا نملك في حضرته سوى الإعجاب بقدرتهم على إعلاء الحب المنتصر على كل شيء والسائر بالوقت والألوان والأجناس نحو مصب واحد هو الإنسان.


      مشاهد كثيرة حُفرت في القلوب من بينها، خادم الحرمين الشريفين يطل من خلف الزجاج متابعا تأدية الحجيج لنسكهم، رجل أمن يربط حذاء أحد ضيوف الله، وأخر يحمل حاجة مسنة على ظهره بعد أن نال منها التعب والإرهاق، وآخر يساعد طفلة في رمي الجمرات، وغيره يحمل رجلا مسنا حمل الوالدين، ومشاهد عديدة، أي درس إنساني بعد ذلك كله، فقد كان خادم الحرمين يطل من قلبه لا من خلف الزجاج وكأني بالحجيج قد رُسموا على صفحة عينيه طيلة الوقت، وذاك الذي راح يربط الحذاء كان يعلو ويسمو فوق الجميع وإن جثا على ركبتيه، ومن حمل المسنين كان يحمل شهادة امتياز إنساني مُكسِّرة لبيوت مدامعنا، وأما الذي التقط الطفلة كان يلتقط معها موسم فرح كامل ليرمي الكراهية بالحب، والحزن بالفرح والألم بالأمل.

      هكذا انتصر الإنسان للإنسان، وهكذا ضرب الإنسان السعودي درسا للعالم كله في فن الحب.

      حفظ الله المملكة العربية السعودية إنسانا وأرضا وقيادة.