تدشين النصب التذكاري لسفينة صحار في الصين

    • تدشين النصب التذكاري لسفينة صحار في الصين



      العمانية – أثير

      احتفل صباح اليوم بمدينة جوانزو الصينية بتدشين النصب التذكاري لسفينة صحار بمناسبة مرور 40 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية الصديقة بحضور معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام وتشو يوي نائبة عمدة مدينة جوانزو وعدد من المسؤولين في الحكومة الصينية والوفد المرافق لمعاليه.

      وقد القى معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام كلمة خلال حفل تدشين نصب السفينة التذكاري رحب فيها بالحضور الرفيع مؤكدا على عمق العلاقات التاريخية التي تربط عمان بالحضارة الصينية القديمة والإرث التاريخي الذي تتشارك فيه الحضارة العمانية مع الحضارة الصينية التي امتدت الى ما قبل الميلاد.. متطرقا معاليه في كلمته الى رحلة السندباد البحري العماني أبو عبيدة عبدالله ابن القاسم إلى هذه المدينة العريقة عبر سفينته الشراعية التي أخذت من الطريق البحري القديم ( طريق الحرير) في القرن الثاني الهجري مسارا لها حاملة معها المحبة والصداقة والسلام إلى الشعب الصيني الصديق.

      وقال معاليه في كلمته إن هذه العلاقة الجيدة التي امتدت عبر آلاف السنين لم تنقطع حيث أمر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم /حفظه الله ورعاه/ في عام 1980م بإعادة ذكرى هذه العلاقة التاريخية من خلال بناء السفينة صحار التي رحلت عبر نفس المسار إلى مدينة جوانزو التي سلكته قديمًا لتصل إلى هذه المدينة التي نحن فيها اليوم.

      وأضاف معاليه في كلمته اليوم نستعيد جميعا ذاكرة الأجداد ونرفع الستار عن النصب التذكاري لسفينة صحار لتكون شاهدا على عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين الصديقين والى المحبة والصداقة التي غرست منذ قرون لتكون شاهدا للأجيال الحاضرة والقادمة على الخصوصية التي تميزت بها هذه العلاقة العريقة.

      ومن الجانب الصيني ألقت تشو يوي نائبة عمدة مدينة جوانزو كلمة قالت فيها إن الصداقة والمحبة بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية ثابتة منذ قديم الزمان حيث يأتي هذا الاحتفال بمناسبة الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين وكذلك بمرور السنة الخامسة لإصدار المبادرة الحزام والطريق.

      وأضافت أن بلادها تدعم هذه الصداقة من أجل دفع علاقات التعاون الثنائية إلى مرحلة جديدة تكون الاتصالات فيها دائما وثيقة وذات قاعدة متينة وفي ذات الوقت مناسبة طيبة وما تدشين النصب التذكاري لسفينة صحار التاريخية إلا شاهد على ما نجتمع عليه صباح هذا اليوم.

      وأكدت نائبة عمدة مدينة جوانزو في كلمتها أن السفينة صحار عندما أبحرت قبل 1300 سنة من مدينة صحار التجارية العمانية إلى مدينة جوانزو لهي دليل على ازدهار التجارة والحضارة بين الدولتين في ذلك الوقت مضيفة أن السفينة صحار تعد رمزا من رموز الصداقة العمانية الصينية.

      وذكرت أن السلطنة شريك مهم وأساسي في بناء الحزام والطريق مؤكدة أن التعاون العماني الصيني سيشهد خلال الفترة القادمة تعاونا أكثر وأوسع وأوفر وأشمل في هيكل مبادرة الحزام والطريق.

      بعد ذلك أزاح معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام بحضور تشو يوي نائبة عمدة مدينة جوانزو وعدد من المسؤولين في الحكومة الصينية والوفد المرافق لمعاليه الستار عن النصب التذكاري لسفينة صحار التي أبحرت يوم 23 نوفمبر 1980م من شواطئ السلطنة لتقطع 6000 ميل بحري وتصل إلى مدينة كانتون (جوانزو) الصينية يوم 10 يوليو 1981م مرورا بموانئ الهند وسريلانكا وأندونيسيا وماليزيا.

      وتضمن الحفل إقامة الفنون العمانية البحرية ومعرضًا للصور يحكي عن الطبيعة والتاريخ وصناعة السفن العمانية والحضارة في عُمان والإنسان العماني والعادات والتقاليد والحياة البرية ومنجزات النهضة المباركة..

      ومعرضًا للمخطوطات العمانية يشتمل على مخطوطات قديمة منذ بداية الإسلام في عمان ووثائق تاريخية بين عمان والصين والتجارة والطب والفقه.

      من جانبه أكد سعادة السفير الدكتور عبدالله بن صالح السعدي سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية الصين الشعبية الصديقة على أن العلاقات العمانية الصينية علاقات قديمة جدا تعود جذورها إلى آلاف السنين وبلغت ذروتها في عهد أسرتي منج وسونج الملكيتين حيث كان التجار العرب والعمانيون يأتون إلى الصين عبر منفذي جوانزو وسوانجو أو كما كانت تسمى سابقا مدينة الزيتون.

      ووضح سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العمانية على هامش الاحتفال بتدشين النصب التذكاري لسفينة صحار في مدينة جوانزو أن هذه العلاقات التجارية الضاربة في القدم كان لها دور فيما وصلت إليه العلاقات العمانية الصينية من قوة ومتانة في الوقت الحاضر.

      وقال إنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25 مايو من العام ١٩٧٨ والعلاقات بين البلدين على كافة الأصعدة قد بلغت ذروتها وتوجت أخيرا بتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية في مايو من هذا العام الذي تزامن مع الاحتفال بمرور 40 عاما على العلاقات الدبلوماسية مضيفا أن منذ ما يربو على 5 سنوات والعلاقات الاقتصادية تنمو نموا كبيرا بفضل تشجيع ودعم مباشر من القيادتين الحكيمتين في كلا البلدين.

      وأشار سعادته إلى أن الدائرة الاقتصادية في مجلس الدولة الصيني تثمن المقومات الاستثنائية التي تتمتع بها السلطنة في منطقة الخليج لذا أعطت الضوء الأخضر للشركات الصينية المملوكة للحكومة للتوجه للاستثمار المباشر في السلطنة موضحا أن هذه الخطوة تدل على متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين.

      وفي مجال العلاقات الثقافية تحدث سعادة السفير الدكتور عبدالله بن صالح السعدي عن زخم هذه العلاقات مشيرا إلى كرسي جلالة السلطان المعظم في جامعة بكين الذي خرج آلافا من الطلبة الصينيين.. كما أشار سعادته إلى أن السلطنة ساهمت في متاحف مهمة في الصين كمتحف تشوانجو ومتحف تسجوان ومتحف مقاطعة انشوان مضيفا أن هذه المتاحف تقوم بدور مهم في سرد التاريخ العماني الطويل مع الصين وتعريف الصينيين بالحضارة العمانية العريقة.

      كما تحدث سعادته عن الأعداد المتزايدة من الطلاب العمانيين الذين تخرجوا من الجامعات الصينية مشيرا في الوقت نفسه الى أن هناك توجيها من القيادة الصينية للجامعات لزيادة استقبال الطلاب العمانيين.

      وفيما يتعلق بالاستثمارات قال سعادته:هناك شركات صينية كبرى قد توجهت بالفعل للاستثمار في مدينة الدقم بمشاريع تربو على 10 مليارات دولار عبر توجيه مباشر من قبل مجلس الدولة الصيني موضحًا أن هناك استثمارات صينية في قطاعات أخرى سترى النور قريبا خاصة في مجال الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية.

      وحول مستقبل العلاقات بين البلدين قال سعادة السفير الدكتور عبدالله بن صالح السعدي إن مستقبل العلاقات العمانية الصينية واعد جدا إثر الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والدخول في ما يعرف بطريق الحرير.

      كما اشار سعادته الى أن السلطنة كانت أحد أهم المساهمين في إنشاء البنك الآسيوي للبنى الاساسية وقد استطاعت أن تستفيد من مساهماتها في هذا البنك عبر الحصول على تمويل لمشروع القطار الذي سيربط الدقم بميناء صلالة والذي سيكون مخصصا لنقل الحاويات.. كما أن هناك استثمارات أخرى ستمول عن طريق هذا البنك في المستقبل .

      وقال سعادته إن السلطنة تنوي التعاون مع صندوق الحرير الذي رصدت الحكومة الصينية مبلغ 300 مليار دولار له مشيرا الى ان هناك تعاونا كبيرا حاليا بين الصندوق الاحتياطي العام للدولة وهذا الصندوق .

      وأشار سعادته في معرض حديثه عن الاقتصاد الصيني إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لها دور كبير في الاقتصاد الصيني باعتبارها الأساس الذي قامت عليه قوة الصين الاقتصادية وقال هناك مراكز متخصصة في عدة مدن في الصين لمساعدة رجال الأعمال المبتدئين وتطوير أعمالهم التجارية .

      ودعا سعادة السفير رجال الأعمال العمانيين إلى القدوم إلى الصين للقاء نظرائهم الصينيين لتبادل الخبرات معهم موضحا ان السفارة العمانية في الصين على استعداد تام لتقديم كافة التسهيلات لرجال الأعمال ورواد القطاع الخاص العمانيين للقاء نظرائهم والاستفادة القصوى من السوق الصيني.