“ذئب بشري” حاول إغواء طفل…وبعد قبضه اُكتُشِف بأنه مُصاب بـ (الإيدز)

    • “ذئب بشري” حاول إغواء طفل…وبعد قبضه اُكتُشِف بأنه مُصاب بـ (الإيدز)



      أثير – المختار الهنائي

      مخطئ من يظن أن كل “الذئاب” تعيش في الغابات، وتقطن بين الجبال والصحاري، ومخطئ أيضًا من يعتقد بأن كل البشر يمكن أن يُصنّفوا بأفعالهم ضمن دائرة الإنسانية، ومخطئ للمرة الثالثة من يثق بالجار والقريب كل الثقة، فهناك ذئاب تعيش بيننا، تلبس ما نلبس وتأكل ما نأكل بل ويفوق مظهرها “الجاذب” باطنها “الكاذب”.

      في المقابل “مُصيبٌ” هو من يجعل “الثقة” بينه وبين أبنائه الوسيلة الأولى للعلاقة الأبوية، والتي يُمكن من خلالها أن يصاحب الأب أبناءه ليصل معهم لمرحلة “المصارحة” التي في الغالب هي المنقذ الأول من الذئاب البشرية التي تكشفها الحكمة الإلهية قبل محكمة الدنيا ليأخذوا شر أفعالهم.

      ربما ما نذكره في السطور القادمة عبارة عن قصة قصيرة نهايتها سجن سمائل المركزي، المفتوحة أبوابه لأحضان هذه الذئاب ليذوقوا ويلات شرورهم، لكن بكل تأكيد هناك قصص أخرى بحاجة قبل كل شيء إلى علاقة “الثقة” بين الأباء وأبنائهم ، وبحاجة إلى وعي يُسقى به فلذات الأكباد منذ الصغر حتى تبتر أيادي كل من يحاول أن تجره “شهوته” لأن يصبح ذئبًا بشريًا .

      تفاصيل قصتنا في هذا الموضوع رصدتها “أثير” من مجلة “المجتمع والقانون” التي يصدرها الادعاء العام، ولعلها تخرج بعبرتين: الأولى للآباء بأن “حافظوا على أبنائكم”، والثانية لكل مجرم “بأن الدور سيأتيك يومًا ما”.

      تتلخص القضية في أن أحد الأطفال لاحظ قيام المتهم (الذئب البشري) وهو يقطن في نفس الحي بمُلاحقته منذ أيام، ليتفاجأ به ذات يوم في محل حلاقة وطلب منه رقم هاتفه، ولعلم الطفل بأن المتهم غير محمود السيرة في الحي، وأنه خرج حديثًا من السجن، رفض إعطاءه الرقم تجنبًا للمشاكل، ليتفاجأ بأن المتهم يتواصل معه عبر برنامج (واتساب) في اليوم التالي طالبًا منه لقاءه في أحد الأماكن ليلًا.

      حاول الطفل الاستيضاح عن الغرض من ذلك، فأفاده بأنه سيخبره أثناء اللقاء ، ومع عدم اقتناع الطفل أخذ يلح عليه للقاء ويحاول استدراجه محاولًا إقناعه تارة بذريعة أنه يريد الحديث معه في موضوع خاص، وتارة أخرى بمحاولة إغوائه بذريعة أنه يرتاح حينما يراه، الأمر الذي توجس منه الطفل ودفعه لتحذير المتهم بأنه سيطلع والده عن ذلك.

      هنا كشف المتهم عن وجهه الحقيقي ومآربه الدنيئة، وبدأ يهدد الطفل بأنه إذا لم يرضخ لطلبه ويخرج معه أو أخبر أهله، سيشيع عنه في مجموعات الواتساب بأنه يمارس الفاحشة مع أشخاص وسيدعم ذلك بالصور، في محاولة للضغط والتأثير عليه ليستجيب لطلبه الدنيء، مستغلًا حداثة سنه، ورغم ذلك كله كان جواب الطفل جواب الواثق بنفسه، مؤكدًا للمتهم أنه لم يقم بأي فعل شائن مع أحد ولا توجد له أي صور مخلة، إلا أن خبث المتهم وسعيه إلى تحقيق هدفه الإجرامي والإيقاع بالطفل، دفعه لإرسال صور خلاعية لشخصين يرتكبان الفاحشة، لا تظهر ملامحهما، متوعدًا الطفل أنه سينشرهما ويخبر الجميع بأنها تعود له -أي للطفل-، وأن الناس سيعايرونه بعد هذه الصور، محاولًا الإيقاع به ومستغلًا صغر سنه.

      ومع كل هذه الضغوطات التي مارسها المتهم على الطفل، إلا أن الطفل حذره بأنه سيقوم بالإبلاغ عنه، ومع ذلك استكبر المتهم، متوعدًا إياه بأنه سيندم على ذلك، وفعلاً بادر الطفل بإبلاغ والده، الذي بدوره أبلغ إدارة الادعاء العام المختصة.

      بعد القبض على المتهم تبين أنه من أصحاب السوابق الجرمية الجسيمة، كما تبين أنه مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وبمباشرة إجراءات التحقيق أكدت التقارير الفنية ثبوت مراسلة المتهم للطفل المجني عليه عبر برنامج الواتساب لاستدراجه واستغلاله تحت طائلة تهديده بنشر صور خلاعية سيزعم أنها له في حال لم يمتثل لطلباته، وبمواجهة المتهم بالأدلة الدامغة التي جمعتها جهة التحقيق، اعترف بما هو منسوب له.

      على ضوء ذلك أحال الادعاء العام المتهم للمحكمة المختصة بجناية (استخدام وسائل تقنية المعلومات في التهديد بإسناد أمور مخلة بالشرف ) والمؤثمة بنص المادة (18) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وجناية (نشر مصنف مرئي يخاطب غريزة الطفل ) المؤثمة بنص المادة (76) بدلالة (56/ه) من قانون الطفل، وجنحة (استخدام وسائل تقنية المعلومات في نشر مواد إباحية موجهة إلى حدث) المؤثمة بنص المادة (14) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

      وبعد تداول المحكمة للدعوى التي عدلت إلى وصف جناية (نشر مصنف مرئي يخاطب غريزة الطفل) إلى جناية (حيازة وتداول مصنف مرئي يخاطب الغريزة الطفل الدنيا)، واستبعاد الجنحة للتعدّد المعنوي، وقضت بإدانة المتهم بجناية (حيازة وتداول مصنف مرئي يخاطب غريزة الطفل الدنيا) ،وجناية (استخدام وسائل تقنية المعلومات في التهديد بإسناد أمور مخلة بالشرف)، وقضت بسجنه عن الجناية الأولى لمدة عشر سنوات والغرامة خمسة آلاف ريال، وسجنه عن الجناية الثانية لمدة ثلاث سنوات والغرامة ثلاثة آلاف ريال، على أن تُجمع العقوبات قبله ويصادر الهاتف والشريحة التابعين للمتهم.

      هذه قصة تعاملت معها الجهات المختصة بكل حزم في رسالة للجميع أن القانون يحمي من المجرمين، ونرفع من خلالها الاحترام لكل أب وأم أحسنوا توعية أبنائهم وجعلوا الثقة بينهم هي الحاضرة.