بعد تصريح العوفي : مختص يوضح عن واقع الغاز في السلطنة

    • بعد تصريح العوفي : مختص يوضح عن واقع الغاز في السلطنة



      أثير – المختار الهنائي

      تناولت وسائل التواصل الاجتماعي حديثًا طويلًا بعد تصريح سعادة سالم العوفي وكيل وزارة النفط والغاز على أن السلطنة بحاجة إلى اكتشافات جديدة للغاز خلال خمسة عشر عامًا قادمًا، واختلفت ردود الفعل باختلاف الآراء التي تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي.

      “أثير” تواصلت مع أحد المختصين للحديث حول هذا الموضوع –طلب عدم ذكر اسمه- حتى يتحدث “بأريحية” حسب تعبيره، في البداية طرحنا عليه سؤالًا حول مستقبل الطاقة في السلطنة فقال: “أصبحت اليوم دراسات استشراف المستقبل جزءا لا يتجزأ من منظومة أي عمل، بل ومطلبا أساسيا في وضع الخطط بعيدة المدى لكثير من الدول والشركات العالمية لما يواجه هذه الخطط من سيناريوهات متعددة التوجهات والأبعاد والآثار، وما كانت ورش العمل وندوات استشراف المستقبل التي تبناها فريق رؤية عمان 2040 إلا تأكيدا لدور هذه السياسات الجوهري في رؤية عمان 2040، والتي يتطلع الجميع بكل شوق لقراءة مخرجاتها”.

      وقال: “كما أنه لن يكون هناك استشراف السلطنة للمستقبل مكتملا ما لم يكن أحد أقوى سيناريوهات ذلك المستقبل هو انخفاض حاد في سعر ودور النفط وما يصاحبه من انخفاض لسعر وإنتاج الغاز الذي هو بلا شك عصب الطاقة والصناعة في السلطنة”.

      وفي سؤال لـ “أثير” حول رأيه فيما صرح به وكيل وزارة النفط أجاب: “تصريح العوفي ليس إلا احتمالية وجود عجز حقيقي في المواءمة بين إنتاج الغاز والطلب (أو الالتزام التعاقدي) المحلي في غضون من 10-15 عاما وهو استشراف لأحد سيناريوهات ذلك المستقبل الذي تحدثنا عنه، وإننا ندعو الله أن يوفق أعمال التنقيب والاستكشاف لمزيد من الاكتشافات، خاصة في مجال الغاز، إلا أن هاجس عدم وجود الكميات المطلوبة من الغاز حقيقي يتطلب على صانعي قرار اليوم وضع الخطط المناسبة للتعامل معه”.

      “أثير” طرحت سؤالًا آخر حول السيناريو المتوقع خلال المرحلة المقبلة من اكتشاف الغاز والحاجة الملحة له في مختلف القطاعات، فأجاب: “للنظر بواقعية إلى هذا السيناريو ولنتعرف أكثر على تبعاته الاقتصادية والاجتماعية حتى نكون أكثر إلمامًا بما يحتويه وما يمكن فعله لتخفيف وقعه، وتشير إحصائيات استهلاك الغاز في السلطنة إلى أن ما يقارب 25-30%؜ يذهب لإنتاج الكهرباء وأن الطلب على الكهرباء يزداد سنويا بما يقارب 5-10%؜، أي إنه بعد 10 سنوات قد يصل استهلاك الكهرباء إلى ما يقارب 40-60% من إجمالي الإنتاج الحالي، وبالتالي يجب على صناع القرار الإسراع في برامج إنتاج الكهرباء من المصادر البديلة كالشمس والرياح والبحر والحرارة الجوفية للتخفيف من ذلك الاعتماد على الغاز في أحد أهم شريان للحياة والاقتصاد”.

      وأضاف: “تشير أيضًا الإحصائيات إلى أن ما يقارب 25% من الغاز يذهب للصناعة، وخاصة الصناعات العملاقة في كل من صحار وصور وصلالة، وأن هذه الصناعات توفر مصدرًا اقتصاديًا مهمًا، ناهيك عن عدد الوظائف التي توفرها للعمانيين، وإذا تابعنا برامج “تنفيذ” وما يتم تداوله حول منطقة الدقم الاقتصادية فليس من الصعب التكهن أنه في خلال 10 سنوات قادمة سيتضاعف الطلب على الغاز لضمان استمرارية الصناعات القائمة وإمداد المشاريع المستقبلية بما تحتاجه من الغاز لدعم الاقتصاد المحلي وإيجاد فرص أكبر من الوظائف، ونتمنى لهذه المشاريع كل النجاح إلا أنه من غير المنصف لأجيال المستقبل أن يكون التركيز على مشاريع تعتمد كليًا على مصدر قابل للنضوب في وقت قصير مقارنة بالعمر الافتراضي لتلك المشاريع”.

      وحول المشاريع الصناعية المحلية التي تستهلك الغاز قال:” إن افترضنا أن منطقة صحار الصناعية والمشاريع الأخرى القائمة أصبحت واقعًا يفرض نفسه إلا أن القلم لا يزال بيد صناع القرار فيما يتعلق بمنطقة الدقم الاقتصادية ويجب ألا يكون شريان الحياة في تلك المنطقة الواعدة هو الغاز، كما أن الإحصائيات تشير أيضا إلى أن ما يقارب 40%؜ من إنتاج الغاز الحالي يذهب لشركة الغاز المسال في صور والتي بلا شك تعد ثاني أكبر مصادر للدخل بعد النفط والصناعة الأساسية وربما الوحيدة في الشرقية عامة وصور خاصة وما توفره من وظائف مباشرة وغير مباشرة لعدد كبير من المواطنين”.

      وطرح المختص سؤالًا يراه في غاية الأهمية وهو: ماذا سيكون مصير تلك الصناعة إذا أصبح العجز في الإنتاج واقعا يجب التعامل معه؟!، وقد يقول البعض، كفانا تصديرا لثروات البلد، لكن القريب من تلك الصناعة يؤكد أن دورها الاقتصادي والاجتماعي كبير جدًا ولا يمكن إلا في أقسى الظروف التخلي عن تلك الصناعة.

      وفي ختام حديثه أوضح المصدر قائلا : في رأيي ربما كان تصريح وكيل النفط والغاز قاسيًا بعض الشيء ويفتقر لدبلوماسية التخدير التي تعودنا عليها، ولكن هي رسالة صريحة لرؤية عمان 2040، ومنطقة الدقم الصناعية و للمجلس الأعلى للتخطيط، وكم نحن اليوم بحاجة ماسة أن تكون العلاقة بين صناع القرار في الدولة والمواطن مبنية على الشفافية والصراحة وإن كانت قاسية بعض الشيء عوضًا عن التخدير والمسكنات التي نتفاجأ يوما بعد آخر حقيقتها المغايرة والمريرة، وهنا يكمن الإحباط الحقيقي، لذا يجب أخذ هذه الأمور وما شابهها مأخذ الجد والعمل بما يستطيع ليكون مستقبل عمان وشعبها زاهرًا ومشرقًا بنفط وغاز أو من غيرها.