وميض : الرحيل

    • خبر
    • وميض : الرحيل

      Alwatan كتب:

      رحلتَ وملأ رحيلك القلوب حزنًا عمّ ربوع الغالية علينا (عمان)، كساها ألمًا وتربع على نفوسنا الفراق الذي أصبح أمرًا لا محالة عنه .. إنها سنة الحياة، وحانت ساعة الرحيل يا والدنا وقائدنا ـ المغفور له بإذن الله تعالى ـ السلطان قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه ـ الذي ملأ حياتنا حبًّا وأمنًا وعدلًا وشعورًا تختلط معه الدموع التي آلت أن تكون بصمتها واضحة في قلوبنا أجمع.
      اليوم وبعد خمسين عامًا من النهضة المباركة التي أرسى قواعدها والدنا وقائدنا المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله مثواه ـ يبقى التاريخ شاهدًا على هذا اليوم، حين تلقينا خبر وفاة فقيدنا الغالي وفقيد الأمة العربية والإسلامية أصبحنا لا مجال لنا غير الرضا والقبول، ويجب علينا التسليم والاستيعاب بما سمعناه، لأنه لا مفر من ذلك، موقنين بقضاء الله وقدره ومدركين قوله تعالى (كلُّ من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
      فالمنجزات والخدمات والقطاعات التعليمية والصحية والموانئ والطرق .. وغيرها لا يمكن إحصاؤها وتدوينها لأنها فاقت التوقعات والتكهنات، وعجزنا ويعجز كل إنسان تربّى على هذه الأرض الطيبة أن يقدّر تلك الإنجازات والمقومات التي ترسخت من أجل أبناء عمان الأوفياء أن يعيشوا حياة هانئة.
      يهفو إلى النفس الشعور الأبوي الحاني الممتد طوال العقود الخمسة الماضية، نلامسه ونعايشه بكل تفاصيله وتجلياته، بذور الود والحب ارتسمت على مخيلتنا بأنكم جزءٌ غالٍ محفورٌ وغائرٌ في جوف نفوسنا ومتربعٌ في شرياننا، نستلهم منكم الحب الصادق والمشاعر الجياشة، نحرص على ترقبكم وإطلالتكم البهية التي أصبحت ذكرى في وجداننا وذاكرتنا نعزي فيها أنفسنا .. تبقى السيرة الطيبة التي سطرتَها بضياء من ذهب تتعاقب عليها الأجيال القادمة، ونرسم صورة جميلة ونتحدث عنها ونتناقلها عن قائد عظيم وعد وأوفى وصدق وأجزى، ونال ثقة شعبه فحبهم وأحبوه، رسم لهم الطريق إلى المستقبل وخطط وأسدى، واهتم ببناء الإنسان قبل البنيان، وأصبح أبناؤه في مصاف المتميزين والمنافسين والحاصدين على جوائز في مشاركات ومسابقات دولية وإقليمية وعالمية في جميع القطاعات والمجالات.
      أي عزاء نسرده يا والدنا وقائدنا المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراكم ـ ونحن اليوم نستودعكم الله فيكم الذي لا تضيع ودائعه ونبتهل إلى الله ـ جلَّ في علاه ـ أن تكون الجنة هي داركم وقراركم .. أنتم حقًّا سعيتم بأن تبقى ثوابت النهضة الحديثة راسخة وثابتة ودعمتم بنيانها وأرسيتم قواعدها، لا تتزعزع، وسخرتم كل ما يحافظ على استمراريتها ليكون درسًا من الدروس التي تظل محفورة في عمق التاريخ.
      سيذكر التاريخ بأنكم خلال الخمسين عامًا الماضية انتشلت الجهل والتخلف والحرمان والنعرات القبلية، وزرعت الخير، ورسمت للمستقبل الإشراقة الجميلة، وأبعدتنا عن الصراعات وفتيل الحروب، فكانت سياستكم خير دليل وبرهان أيقنت العالم بأنكم ضد التصعيد والتهويل، وإنما الحلول بالحوار الهادف البناء تُدار، فأصبح نهجكم أحد المصادر والمراجع التي تشهد عليها الدول والمنظمات واتخذها البعض ليكون ضمن مناهجهم التعليمية.
      إن المتتبع لنقطتي البداية والنهاية يدرك يقينًا بأن ما زرعه المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ـ طيّب الله مثواه ـ يدل على مدى الجهود والمساعي التي تكللت وبذل فيها عمره وأفنى شبابه من أجل سعادتنا وراحتنا، جاب السهول والأودية من أجل أن نعيش في سلام وطمأنينة وراحة بال، فخالص دعائنا بأن يسكنك الله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.

      سليمان بن سعيد الهنائي
      من أسرة تحرير “الوطن”
      suleiman2022@gmail.com

      Source: alwatan.com/details/368423