يرحل الرجال وتبقى الإنجازات

    • خبر
    • يرحل الرجال وتبقى الإنجازات

      Alwatan كتب:

      محمد بن سعيد الفطيسي

      يرحل الرجال وتبقى الإنجازات، ترحل الأجساد وتبقى الأفكار، تتغير الأزمان وتبقى الأبطال في ذاكرة التاريخ. وكما تنتج الأبطال عصورها، تذكر العصور باسم رجالها الأبطال. “فالأحداث العظيمة تنتج شعوبا عظيمة، والأحداث العظمى في التاريخ لم تنجزها الشعوب، بل إنها هي تنتج شعوبا عظيمة، والأحداث العظمى في التاريخ لم تنجزها الشعوب، بل إنها هي نفسها التي خلقت الشعوب” (1)
      رحل عنا قائد عظيم، قائد ملهم، قائد صنع من العدم وطنا، ومن الوطن إنجازا وحضارة. ولكن بلا شك، ترك خلفه رجالا. شعب يدرك تمام الإدراك أمانة الأب الراحل والقائد الكبير والإنسان الرحيم. شعب يعلم حجم الإنجاز، وأنه جزء لا يتجزأ من وطن عظيم، وطن بناه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ بأجمل أيام شبابه وسني عمره، وإن كان من أمانة تركها لأبنائه من بعده، فهي هذا الوطن المجيد.
      إن القائد الراحل عنا، تركنا بجسده، وهو حاضر بفكره وعطاء يده الكريمة، حاضر في كل مسامة من مسامات هذه الأرض الطيبة بإنجازاته، باقٍ كبقاء اسم هذا الوطن العزيز، خالد خلود الأبطال في ذاكرة الزمن والتاريخ، محفور في القلوب قبل العقول. فقد جمع ـ طيب الله ثراه ـ من الحكمة والفراسة وبعد النظر ما حكم بها بعدل الإنسان التقي الوفي الأمين، وحمل من العزم ما مكنه من الثبات في خضم كل تلك العواصف الإقليمية والدولية، الأمر الذي مكن لعمان الشعب والأرض هذا الأمن والأمان والاستقرار، فما “كان لعصر من العصور ليخرب ويتلف لو قد أتيح له رجل كبير، يجمع بين العقل والتقوى، بين عقل يعرف حاجة العصر، وعزم يمضي به في إبلاغ العصر حاجته”(2).
      نعم.. هذه هي سنة الحياة، ولا اعتراض على قضاء الله، وإن كانت عمان قد فقدت ما لا يعوض من الرجال الأبطال، فالخير كل الخير في من حمل لواء هذا الإنجاز من بعد الأب القائد ـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وإن كان ما يمكن أن تسلى به النفوس الحزينة فهو الأمل بالله أولا، وبقائد اختاره القائد والأب والإنسان، اختاره قابوس الحكمة والعقل والوفاء، اختاره الرجل الذي وثقنا به طيلة خمسة عقود، ونثق بمن اختاره ليكمل المسيرة البناء من بعده.
      وكما عاهدنا قائدنا الراحل ـ طيب الله ثراه ـ نعاهد قائدنا الراهن الذي اختاره لنا، حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المعظم ـ أعزه الله وحفظه لعمان ـ وسدد على طريق الخير خطاه، وجعل له من البطانة الصالحة ما تعينه على أمر دينه ودنياه.
      حفظ الله عمان الأرض والشعب والقيادة، وحرسها بعنايته من كل كائد حاقد حاسد فاسد، وقيض لها من الرجال ما يحفظ لها مكانها بين الدول، وعزها ومجدها بين الأمم.

      1- اسوالد أشبنجلر, تدهور الحضارة الغربية, ترجمة: أحمد الشيباني/ منشورات دار مكتبة الحياة, ج1, بدون ط/ بدون تاريخ, ص 233
      2- توماس كارليل, الأبطال, دار الكتاب العربي, بدون ط/ بدون ت, ص 26

      Source: alwatan.com/details/368596