اعلم أن الله سبحانه يسأله من في السماوات والأرض. يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء. وإبليس مع أنه أبغض خلقه إليه إلا أنه لما سأله حاجة أعطاه إياها ومتعه بها ولكن لما لم تكن عوناً له على مرضاته كانت زيادة له في شقوته وبعده عن الله وطرده عنه.
وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته.
ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له، فيمنعه حماية له وصيانة وحفظا لا بخلاً.
وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه.
ويراه يقضي حوائج غيره فيسئ الظن بربه.
فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئاً معيناً عاقبته مغيبة عنك. وإذا لم تجد من شؤاله بد فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخير، وقدم بين يدي سؤالك استخارة من لا علم له بمصالحه ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً؛ بل إن وكل لنفسه هلك كل الهلاك وانفرط عليه أمره.
وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال: تسأله أن يجعله عوناً لك على طاعته وبلاغاً إلى مرضاته.
ولا تظن أن الله عطاءه كل ما أعطى: لكرامة عبده عليه. ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه. ولكن عطاؤه ومنعه بلاء وامتحان يمتحن بهما عباده. قال تعالى (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن... كلا)
أي ليس كل من أعطيته وخولته ونعمته فقد أكرمته، وما ذاك لكرامته عليّ ولكنه ابتلاء مني وامتحان له: أيشكرني فأعطيه فوق ذلك، أم يكفرني فأسلبه إياه وأخوّل فيه غيره.
وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه من هوانه عليّ، ولكنه ابتلاء وامتحان مني له: أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق. أم يتسخط فيكون حظه السخط.
إنما يكرم الله من يكرمه: بمعرفته ومحبته وطاعته. ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته. فله الحمد على هذا وعلى هذا وهو الغني الحميد.
من كلام شيخ الإسلام: ابن القيم
__________________
أخرج أبو نعيم بسنده: أن ناراً خرجت على عهد عمر رضى الله عنه فجاء عمر إلى تميم الداري رضي الله عنه فقال: قم إلى هذه النار، فقال: يا أمير المؤمنين من أنا وما أنا. فلم يزل به حتى قام معه ... فجعل يحوشها بيده هكذا حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها وجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم يرَ. وفي رواية أن عمر قال:
(لمثــل هذا كــنا نحبك يا أبا رقـية)
وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته.
ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه. ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له، فيمنعه حماية له وصيانة وحفظا لا بخلاً.
وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله بلطفه، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه.
ويراه يقضي حوائج غيره فيسئ الظن بربه.
فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئاً معيناً عاقبته مغيبة عنك. وإذا لم تجد من شؤاله بد فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخير، وقدم بين يدي سؤالك استخارة من لا علم له بمصالحه ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً؛ بل إن وكل لنفسه هلك كل الهلاك وانفرط عليه أمره.
وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال: تسأله أن يجعله عوناً لك على طاعته وبلاغاً إلى مرضاته.
ولا تظن أن الله عطاءه كل ما أعطى: لكرامة عبده عليه. ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه. ولكن عطاؤه ومنعه بلاء وامتحان يمتحن بهما عباده. قال تعالى (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن... كلا)
أي ليس كل من أعطيته وخولته ونعمته فقد أكرمته، وما ذاك لكرامته عليّ ولكنه ابتلاء مني وامتحان له: أيشكرني فأعطيه فوق ذلك، أم يكفرني فأسلبه إياه وأخوّل فيه غيره.
وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه من هوانه عليّ، ولكنه ابتلاء وامتحان مني له: أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق. أم يتسخط فيكون حظه السخط.
إنما يكرم الله من يكرمه: بمعرفته ومحبته وطاعته. ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته. فله الحمد على هذا وعلى هذا وهو الغني الحميد.
من كلام شيخ الإسلام: ابن القيم
__________________
أخرج أبو نعيم بسنده: أن ناراً خرجت على عهد عمر رضى الله عنه فجاء عمر إلى تميم الداري رضي الله عنه فقال: قم إلى هذه النار، فقال: يا أمير المؤمنين من أنا وما أنا. فلم يزل به حتى قام معه ... فجعل يحوشها بيده هكذا حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها وجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم يرَ. وفي رواية أن عمر قال:
(لمثــل هذا كــنا نحبك يا أبا رقـية)