نشرت صحيفة وول ستريت الأمريكية تقريرا في ١٧ يوليو/ تموز، سرد تفاصيل فصل جديد من قصة ضابط المخابرات السعودي السابق سعد الجبري.
في مستهل المقال، تتحدث الصحيفة الأمريكية عن مساعي السلطات السعودية إلى محاكمة الجبري بتهمة "إهدار نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة" .
وأضافت الصحيفة أن السعودية أرسلت إلى الجبري صديقا لإقناعه بالعودة قبل أن تصدر مذكرة توقيف بحقه وتبلغ الإنتربول بها وتسجن اثنين من أبنائه في مارس/آذار الماضي.
لماذا تصر السلطات على عودته؟
وتقول الصحيفة إنها "حصلت على معلومات من مصادر أميركية وأوروبية، تفيد بوجود تحقيقات سعودية مع معاوني الجبري لاستخدامهم أموال الدولة لأغراض متنوعة، مثل دفع أموال لرؤساء أجانب مثل الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير".
ولا ينفي مساعدو الجابري، بحسب التحقيقات، تحويل هذه الأموال، لكنهم يقولون إن ذلك تم في إطار أعمال حكومية وبمباركة وزارة الداخلية.
ورفض متحدث باسم الحكومة السعودية التعليق على "التحقيقات القائمة"، بحسب ما جاء في التقرير الصحفي.
كما لم يعلق نجل الجبري الناشط على تويتر على المعلومات التي أوردتها الصحيفة الأمريكية إلى حد كتابة هذه السطور.
وقد سارع مغردون وسياسيون سعوديون للتعليق على تقرير الصحيفة الأمريكية، لتقديم قراءاتهم لما وصفوها بـ"لعبة صراع العروش " في المملكة.
فقد شغل التقرير حيزا واسعا من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر قائمة المواضيع الأكثر بحثا على غوغل في البلاد.
كما انتشر هذا الصباح وسم بعنوان"#فساد_سعد_الجبري" عبر موقع تويتر رأى كثيرون أنه "مدعوم من السلطات السعودية" وممن يسمونهم بـ"الذباب الإلكتروني".
"حرب على الفساد" أم "دوافع سياسية"؟
من جهة أخرى، رحب نشطاء سعوديون بتقرير الصحفية الأمريكية، داعين إلى محاكمة الجبري، ومحاسبة من وصفوهم بـ"لصوص الكسب غير المشروع".
ويقول هؤلاء إن "تقرير الصحيفة الأمريكية أكد على حرص الأمير محمد بن سلمان على محاربة الفساد وترسيخ الشفافية في المجتمع".
تقرير أمني | الجبري - حصان طروادة - عضو جماعة الإخوان المسلمين : كتبت أن بعض السعوديين سيشعر بالغضب والحسرة عن الأموال المنهوبة، وما سأسرده هنا قد يصيب البعض بالصدمة - ليس سرًا - لكنه تأكيدًا عما قلته مسبقًا أن تقرير WSJ ليس إلا تسليطًا بسيطًا بضوء خافت على #فساد_سعد_الجبري
سماح محمد بن نايف لشبكة الفساد التي يديرها الجبري للعمل بالطرق المشبوهة! تؤكد صحة التقارير التي شككت في أهليته للاستمرار في منصب ولي العهد والتي تدعمها التقارير المنشوره في رويترز عن إدمانه والتي صرفته عن متابعة ماكان يدور في وزارة الداخلية خلال تسلمه إياها.#فساد_سعد_الجبريpic.twitter.com/cPrw2TkcUr
بينما يرى آخرون أن الضابط السابق ضحية للصراع بين ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان على الحكم، وفق تعبيرهم.
لذا يفترض سيساسون ومعارضون سعوديين أن ولي العهد الحالي يسعى إلى إجبار الجبري للعودة إلى المملكة لأنه يخشى ترك شخص مثله لديه الكثير من المعلومات السرية في الخارج.
ويقول هؤلاء إن عمل الجبري السابق في وزارة الداخلية جعل منه كنزا من الأسرار، ويدعمون كلامهم بتقارير صحفية واستخباراتية غربية حول الجبري.
من الآخر وعلى بلاطه .. موضوع .. الدكتور اللواء سعد الجبري .. له مرحلتين .. اولى .. وثانيه .. الاولى محاولة اتهام سعد الجبري .. بالفساد لذلك يحاولون يستدرجونه او يقبضون عليه الثانيه .. في حال تأكيد التهم على الجبري معناه تأكيد التهم على بن نايف .. بصفته وزيرا" للداخليه آنذاك وضحت
لم يكن الجبري منتقدا علنيا لبن سلمان، لكنه كان اليد اليمنى لمنافسه ولي العهد السابق محمد بن نايف.
لذلك يعتقد مسؤولون سابقون في أجهزة استخبارات غربية أن محمد بن سلمان لا يزال يرى فيه تهديدا لشرعيته.
"حصان طروادة"
عمل الجبري، الحائز على شهادة دكتوراة في هندسة الكومبيوتر والذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة باسكتلندا، في وزارة الداخلية السعودية نحو أربعة عقود حتى حصل على رتبة لواء.
وفي حديث سابق مع بي بي سي، يقول مسؤول استخبارات غربي إن "الجبري طور جهود مكافحة الإرهاب السعودي، بتحويلها من نظام تقليدي يعتمد على طريقة انتزاع الاعتراف بالعنف، إلى نظام حديث يعتمد على تقنيات الكمبيوتر لجمع البيانات".
ولعب الجبري أدوارا رئيسية في العديد من الملفات الأمنية الحساسة، أهمها الحرب ضد تنظيم القاعدة.
كما كشفت البرقيات الدبلوماسية التي نشرتها ويكيليكس عن أنه اضطلع أيضاً بدور بارز في ملفات خارجية كالحرب في العراق واليمن.
وفي تصريح صحفي، يقول جيرالد مايكل فيرستين، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والذي تعامل مع الجابري أثناء عمله سفيرًا للولايات المتحدة في اليمن، إن الجبري "كان مطلعا على عديد من القضايا الحساسة، حتى أنه يكاد يعرف المكان الذي دفنت فيه الجثث".
ومنذ عام 2017 توارى الجبري عن الأنظار في كندا والتزم الصمت، إلا أنه كسر عزلته مؤخرا ليتحدث لوسائل الإعلام عن اعتقال ابنه وابنته.
ويقول نجله الدكتور خالد، الذي يعيش أيضا في كندا، إن "والده يعيش في خوف ويخشى على حياته"، مضيفا بأنه "يتعرض لضغوط متزايدة من قبل السلطات السعودية".
مثل هذا اليوم قبل ٤ أشهر، استُدعي عمر وسارة (الممنوعان من السفر منذ ٢٠١٧) من قبل ضابط رفيع في رئاسة أمن الدولة.
في مكتبه، ضُغط عليهما لإقناع بقية الأسرة "بالعودة إلى المملكة فوراً!”
خرجت سارة مفجوعة وخائفة.
بعدها بأسبوع اختفيا.
اللهم رد كل غائب إلى أهله، وكل مغترب إلى وطنه.
— Dr. Khalid Aljabri | خالد الجبري (@JabriMD) ٩ يوليو ٢٠٢٠
نهاية تويتر الرسالة التي بعث بها @JabriMD
وكانت السلطات السعودية قد احتجزت عددا كبيرا من الأمراء والوزراء وكبار رجال الأعمال في عام 2017 ، في إطار ما وصفت بـ"حملة مكافحة الفساد"، وعقدت صفقات تلاها إطلاق سراحهم قدرت بمئات المليارات من الدولارات.
وقد وصف ولي العهد السعودي تلك الحملة بأنها "علاج بالصدمة" لإصلاح الاقتصاد، إلا أن منتقديه يقولون إن الحملة بمثابة استعراض للقوة ومحاولة للتخلص للمنافسين السياسيين للأمير الشاب.