Source: alwatan.com/details/420113Alwatan كتب:
هل هناك من لا يريد أن يتوافر الشعور بالاطمئنان لدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أو أنهم استكثروا عليه تصريحاته المشبعة بالتفاؤل خلال إطلالته قبل ثلاثة أشهر مصطحبًا حضوره الإعلامي بابتسامة نادرة عن احتمالات قوية للتضامن بدأت تتأسس مع التسلح بالقوة الحريرية الشفافة، وليست المبطنة بالنكايات والتهديد.
عادل سعد
أزعم أنني من المتابعين لحرص جوتيريش على أن يدلو بدلوه في القضايا الساخنة منها، والمبردة أيضًا بإطلالة معلم يشعر بالجزع من حماقات طلابه. ولي هنا أن أشير إلى بعض الشبه بين تعاطي جوتيريش الإعلامي وتعاطي وزير خارجية الاتحاد السوفيتي جروميكو الذي دفع في أحد الأيام وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر إلى توقع انفراج في السياسة السوفيتية بانيًا توقعه على ابتسامة طارئة ارتسمت على محيا جروميكو.
على أي حال، وبالعودة إلى جوتيريش الشحيح بابتساماته فإن تفاقم جزعه الحالي يعود إلى حزمة منغصات أخذت تطفو على سطح العالم تحت طائلة التوصيف الميثولوجي المتمثل بأن الأسماك المشاغبة تتعمد خبط المياه.
بتفصيل أوسع، أمامنا الآن متلازمة تجارية بشعة محكومة بأولويات الربح استثمارًا للمصائب، أما العيِّنة فهي الصراع التجاري على اللقاحات لمواجهة وباء كورونا، هناك حرب تشكيك عن معدلات قدرتها على توفير المناعة.
لقد دخلت على خط المواجهة مختبرات بحث وتجار جملة ومفرد وسياسيون وإعلاميون، ولكن بفزع من خطورة تتربص بالجميع على قياس أن كل اللقاحات لم تكتسب بعد درجة التثبت المطلق في قدرتها الحاسمة، ولذلك تذيّل عادةً بعبارة الاستخدام الطارئ توصيفًا للأمانة العلمية.
التفصيل الآخر، يتعلق بشبح المجاعات في إشارة تقرير موثق إلى احتمال انتشار المجاعات هذه المرة في أربعة بلدان عربية هي سوريا ولبنان واليمن والسودان إن لم تسارع الجهات الدولية إلى تأمين إغاثات عاجلة لها. ويبدو أن الاستغاثة التي أصدرتها الأمم المتحدة في هذا الشأن لم تجد حتى الآن الصدى الإيجابي السريع رغم وجود هوامش ميدانية واضحة للكارثة، وحسب المعطيات، من السابق لأوانه أن تتصدر طاولة المعاينة السريرية الدولية الراجحة في ظل تفاقم الجوع عالميًّا، وتراجع أسهم (الكفالة) الأخلاقية، وإذا كان من تحركات منتظرة فستكون إجراءات ترقيعية ليس إلا، بينما تكمن المعالجة الجذرية بإيقاف نزيف الصراعات الدامية في هذه البلدان على أساس نوعياتها الأمنية والسياسية وانكماش اقتصاداتها.
التفصيل الثالث، التقاذف بالعقوبات بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وانضمام الاتحاد الأوروبي إلى القائمة، في مماحكة واضحة ضد بكين وموسكو. ويبدو من القراءة اللوجستية لهذه العقوبات المتبادلة أنها صدى عناد واضح لاشتباك ملغوم يراد به خلط الأوراق، ثم الدخول في عمليات استدراج متبادل واعتذارات سرية بدون مصافحات أوقفها “كوفيد 19″، وكرَّسته سلالاته الجديدة، وعندها قد يوصف زلة لسان النعت القاتل الذي أطلقه الرئيس الأميركي جو بايدن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الحال أن ثمة شللًا يضرب الآن محطات نفوذ شرق آسيا، وفي حواري طريق الحزام وحرير وصولًا إلى الشرق الأوسط نقطة الارتكاز والتبادل في مقاربات البطء والتسارع في المرونة إزاء العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والدول الخمسة زائد واحد.
بالحساب الواقعي، هناك لعبة جر حبل، والجميع محكومون بحاجاتهم إلى خصومهم، لكن المشكلة تكمن في عامل الوقت.
جوتيريش الذي يرى حتمًا (أن تكون حكيمًا في الوقت المناسب فذلك تسعة أعشار الحكمة)، بينما ساعة الأمم المتحدة رنَّت قلقًا منذ وقت مبكر مع يقين ميثاقها العتيد بأن (اللطف في الحياة الدولية لا تصنعه القوة)، وإنما المنافع المتبادلة، وتقاسم ما في الإناء… عندها تكون فرصة استيقاظ الشياطين مبكرًا بدون جدوى.
الشياطين يستيقظون مبكرا
- خبر
- 
						
						
						مشاركة
 
											 :
:  :
:  :
: