Source: alwatan.com/details/420621Alwatan كتب:
انتهت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، بفوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، وقبل تثبيت فوزه، كان المرشحان يعرضان وعودهما الانتخابية، ويرسمان سياستها الداخلية والخارجية، ومنها توجهات عامة بخصوص العلاقات مع البلدان العربية، أو بعضها وكذلك المواقف من القضايا العربية المعروفة أو التي كانت مطروحة في البحث مع البيت الأبيض والأجهزة والمؤسسات الأخرى. وحينها بدأت الهواجس تتصدر المشهد السياسي، من منطلق أن كل رئيس له رؤيته وسياسته الخارجية، وتقلبت المواقف العربية، حولها، بين الهمس أو التصريح، انتظارا وتحسبا، حيث إن كل بلد وحاكم له قصته، حتى ولو كان بعيدا عن واشنطن آلاف الكيلومترات، خصوصًا صوّر إعلاميا اختلاف بين عهدي دونالد ترامب وجو بايدن، أو القول بين إدارة جمهورية جربت وانتهت مرحلتها، وإدارة ديمقراطية جديدة فازت ولديها مواقفها المختلفة، حتى ولو بالأسماء والوعود اللفظية، وعبر ذلك لا بد من النظر إلى ما تريده هذه الإدارة الأميركية عموما وما يريده العرب منها، وكل طرف لديه مشاريعه ومخططاته، رغم التباين بينهما، بين ماسك “العصا والجزرة”، ومخططاته وبين من يتلقى منه ويحاصر إذا اختلف معه أو إذا لم تتطابق المصالح أو التوجُّهات. ويظل في حالة تردد أو تموج مع ارتداداتها. ومنهم خصوصا من تعامل مع ترامب وجربه وتكيف مع إدارته وتغريداته، ونسق معه مصالحه وسياسته المحلية والإقليمية أساسا، وراهن عليه ودفع أثمانا لعلاقتهما، بينما سيواجه الآن إدارة أخرى، مع أن أغلب الأسماء فيها، ليست جديدة كاملا، عملت سابقا بشكل أو بآخر، في مناصب أخرى أيضا. وبعد فوز بايدن، وإدارة ديمقراطية فإن ما صدر منها في الأسابيع الأولى لها غير كافٍ للحكم عليها ولكنها تحت الاختبار، كما عبَّر بايدن نفسه.![]()
كاظم الموسوي
ومؤشرات الإدارة الجديدة التي نقلت خلال مؤتمرات صحفية أو شهادات وزراء ومساعدين في إدارة بايدن أمام الكونجرس ولجانه، أعطت إشارات إلى التفكير والعمل على أساس مقاربات ومراجعات وتعديل لبعض ما قامت به إدارة ترامب وتغريداته، ولكن ظلت كما هي عموما ليست بالوضوح الكامل ولا بالتغيير الشامل.
أبرز ما عرف عن الإدارة الجديدة تركيزها على الحلول الدبلوماسية وحقوق الإنسان، وهذان الأمران يواجهان تعقيدات كبيرة في منطقتنا العربية، وربما صداما بينها، ووقائع الأحوال العربية الرسمية. لما تتضمنه الدبلوماسية الكثير من الحوار الصعب، وحقوق الإنسان من انتهاكات صارخة.. الأمر الذي يقلق المراقبين أو يتركهم في ترقب طويل، ليروا ما إذا كان الحوار سيترجم إلى أفعال، والضغوط تثمر وقائع جديدة.
قضايا الأمة العربية معروفة بتفاصيلها وتطوراتها، وأغلبها قديمة عمليا، وحتى المواقف الرسمية تتراوح فيها أو معها، تبدأ من القضية المركزية، فلسطين وحقوق شعبها في الحرية والاستقلال والعودة، ولا تنتهي بمكافحة الإرهاب وجائحة كورونا.. وبينها التنمية والعدالة الاجتماعية وشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ثم العلاقات الدولية الطبيعية واحترام إرادات الشعوب وخياراتها السياسية، وقبلها مصادر الطاقة، النفط والغاز وغيرها من الثروات الطبيعية الأخرى.
وإذا دخلنا في الموضوع وبدانا بالقضية المركزية، فما صدر من إدارة بايدن منذ الانتخابات وحتى دخولها البيت الأبيض، لم تأتِ بعد بما يميزها عن فترة سابقتها، في الإصرار على استمرار الوضع كما طرحه الرئيس السابق دونالد ترامب وصهره جيرارد كوشنر فيما سموه بصفقة القرن، وخطواتها التي نفذت منها، خصوصا ما يتعلق بالقدس واعتبارها بما لا يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وكذلك الجولان والحقوق الأخرى، بل واستمرت في تشجيع الممارسات الإسرائيلية في الاستيطان وعقد معاهدات وتحالفات تآمرية واستمرار الضغط في الاتجاهات السابقة والانحياز ربما لا يقل أهمية عن سابقيه. وهذه خيبة أمل أولى ومبتكرة عن سياسات الإدارة الجديدة وصفعة أخرى. في هذا الشأن، ولكن أقرت إدارة بايدن بإعادة التعامل مع السلطة الفلسطينية ماليا ودبلوماسيا فقط؛ أي أن القضية الفلسطينية بكل حمولتها لم تحظ بما يناسبها من الإدارة الجديدة، لحد الآن.
رغم ما نقل عن وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن بإعادة النظر في قضايا مطروحة وبعض الالتزامات التي تنطوي عليها، وقائمة اهتمامات الإدارة الجديدة طويلة، وهي كما نقل “تتراوح من صفقات الأسلحة إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على المنطقة المتنازع عليها في الصحراء الغربية. وتحوي أيضا الأعمال غير المنتهية والأزمات التي لا تنتهي في العراق وسوريا ودول الخليج والتحديات الجديدة في لبنان، والتهديد الدائم للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فالقائمة طويلة بالنسبة لإدارة لديها ما يكفي من حرائق في الداخل”. ولهذا تم تعيين ممثل للإدارة لهذه الشؤون والمنطقة، بدرجة وكيل وزير، كما أن هناك العديد من الأولويات المشتركة، مثل إنهاء الحرب الكارثية في اليمن، وتعيين ممثل خاص بها. ومعلوم تعقيدها، وما يدور في ملفها، من أدوار دول أخرى وأوضاع إنسانية تتباكى عليها تقارير الأمم المتحدة ومنظماتها التي تحمل صفة “إنسانية”، وكذلك الوضع في ليبيا وأمثالها.
أضاف تحليل لمحطة السي أن أن، أمام الإدارة الجديدة ضرورة النظر في أزمات متفاقمة أخرى بالمنطقة. فالناس فيها مُثقلون بضغوط الأزمات الاقتصادية وبطالة الشباب وزيادة عمق عدم الثقة في قياداتهم، وكلها تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا. ووجد استطلاع رأي الشباب العربي أن غالبية منهم في الدول التي مزقتها الأزمات يؤيدون الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وأن ما يقرب من نصف الشباب العربي يفكرون في مغادرة بلدانهم.
وأكد التحليل الأميركي: القيادة الفاسدة وسوء الإدارة الحكومية جزء رئيسي من المشكلة، وكذلك السياسة الخارجية للولايات المتحدة في شكل تدخلها العدواني في بلدان مثل العراق، ودعم الحكومات الفاسدة والقمعية. وخلاصة التحليل تضيف مهمات أخرى على الإدارة الجديدة بما يخص القضايا العربية، وإذا عرفنا طبيعة المصالح والعلاقات الأميركية العربية، فنصل إلى تعقيدات وتراكمات تحتاج إلى وقت طويل وقدرات كافية لمعالجتها وحل عقدها وملفاتها المتراكمة.
من هنا يبدو أن الإدارة الجديدة هي الأخرى مثقلة بأزمات تتطلب منها مواقف صعبة، وإذا كانت بوادرها مقبولة فإنه مع مرور الأيام هبطت تقديراتها وزاد القلق حولها. وقد تكون أصعب مع وضع الرئيس بايدن الصحي ومتغيرات قدراته القيادية. ومعلوم أن المؤسسات الحاكمة تستمر في تسيير أعمال الإدارة الأميركية آخذة بنظر الاعتبار المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة أساسا، بغض النظر عن هذه التطورات. ولكن تبقى القضايا العربية وملحقاتها على الطاولة والقرار في مختلف الأجهزة والمؤسسات الأميركية، للعلاقات والصلات والروابط والرهانات عليها. متوزعة بين الاستراتيجية والرئيسية، وبين الفرعية والهامشية التي لا تؤثر كثيرا على جدول أعمال الإدارة والتزاماتها.
الإدارة الأميركية الجديدة وقضايا العرب القديمة
- خبر
-
مشاركة