الانتخابات الفلسطينية ومحاولات تعطيلها

    • خبر
    • الانتخابات الفلسطينية ومحاولات تعطيلها

      Alwatan كتب:

      علي بدوان:
      المعركة الدائرة والمُفتعلة بشأن إنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية والقطاع، ليست بريئة، بغضِّ النظر عن مواقف القوى الفلسطينية من إنجازها. فهناك شبه إجماع على السير بها من قبل كل القوى، ويحترم في هذا المجال موقف حركة الجهاد بهذا الشأن التي شاركت في لقاءات القاهرة، وقالت بأنها “لن تشارك بالانتخابات انطلاقًا من قناعاتها السياسية ورفضها العمل تحت سقف أوسلو، لكنها لن تعطّل مسار إنجازها” على حد تعبير موقفها المعروف والمعلن، والذي أعلنه أكثر من مرة رئيس الحركة زياد نخالة، وآخرها في مؤتمر القدس بدمشق في كلمة له.
      المعركة المُفتعلة ضد الانتخابات التشريعية والرئاسية في فلسطين ليست من طرفٍ فلسطيني، بل من أطراف إقليمية للأسف وأدواتها، باتت ترى في نفسها لاعبًا أساسيًّا في المنطقة، وشؤونها وسياساتها، وخصوصًا في البيت الفلسطيني، البيت المُستباح لكل “من هب ودب” بعد التفكك في الحالة العربية وانعكاسات ذلك على الحالة الفلسطينية المتأثرة بما يجري في المنطقة العربية. فالفلسطينيون ليسوا في جزيرة (روبنسون كروزو) بل في قلب المنطقة المُضطربة، وفي بحرها، وهي تموج عليهم قبل غيرهم برياحها العاتية.
      إن التحدي الكبير أمام الفلسطينيين يكمن الآن في إنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية، باعتبارها وسيلة، وليست ترفًا، أو هدفًا بحدِّ ذاته. بل الطريق الأنجع لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية المفقودة منذ سنوات، وإعادة بنا العقد الوطني التاريخي، عقد الوحدة الوطنية، وتوحيد أدوات الفعل والمقاومة الممكنة وبكل الأشكال في الحالة الوطنية الفلسطينية الجامعة.
      إن وجود تعدد في القوائم، وكثرتها، ليست بالمظهر السلبي، فلنترك القوائم تتنافس تنافسًا إيجابيًّا مع بعضها البعض، والشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967 يختار ما يريد من أعضاء المجلس التشريعي وموقع الرئاسة، عبر صندوق الاقتراع، وبانتخابات نزيهة وشفافة وتحت إشراف دولي مُحايد تمامًا كما جرت الأمور في انتخابات العام 1996 وانتخابات العام 2006.
      إن العبور باتجاه إنجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ترفضها دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويدفع نحوها ونحو إنجازها مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، مهمة وطنية فلسطينية، مع احترام وتقدير مواقف حركة الجهاد التي تتحفظ أو ترفض الانتخابات بواقعها الراهن. فانتخابات تُعيد بناء الأطر القيادية الفلسطينية بمشاركة الجميع في إطار الائتلاف الوطني العريض، وعلى مستويات مختلفة إنجاز مهم لو تم، ويفتح الطريق أمام إعادة بناء عضوية المجلس الوطني الفلسطيني، وبالتالي منظمة التحرير الفلسطينية وهيئتها القيادية والكادرية المختلفة، باعتبارها تُمثِّل كل الشعب العربي الفلسطيني في الداخل والشتات.
      إن بعض التصريحات الساخنة (والمرفوضة)، والتي صدرت هنا وهناك، وعلى لسان هذا القيادي أو ذاك في فلسطين، لا تخدم الحالة الوطنية، ولا تخدم إنجاز العملية الانتخابية، وخصوصًا منها ما أدلى به رئيس إحدى القوائم إلى مطبوعة فرنسية، وفيه اتهامات لبعض القوى الأساسية في فلسطين. فالمطلوب أن تسود الروح التنافسية الخلاقة، التي تجعل من الشعب الفلسطيني يُحدد خياراته السياسية عبر صندوق الاقتراع، وليس عبر التحريض من قبل قياديي بعض القوائم على الآخرين من المنافسين لهم. فقد آن الأوان لنتعظ من تجربتنا الوطنية، التي كلَّفتنا الأثمان الباهظة، وأن نسير باتجاه الطريق الحضاري الذي يسمح للشعب الفلسطيني أن يُعبِّر عن رأيه بطريقة ديمقراطية ومحترمة بعيدًا عن لغة الاحتراب والردح السياسي.
      إن العقبات ما زالت قائمة أمام إنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية في فلسطين، فدولة الاحتلال الإسرائيلي “تُكشِّر عن أنيابها” وتُعلن أن القدس الشرقية خارج إطار الانتخابات خلافًا للقانون الدولي الذي يعتبرها أراضي فلسطينية محتلة. وبذا فهي تسعى لوضع “العصي في عجلة الانتخابات”، وترغب بذلك بإدامة الانقسام الفلسطيني الداخلي. وهنا تأتي أهمية ارتقاء الوعي والإرادة الفلسطينية في الإصرار على إنجاز العملية الانتخابية التشريعية والرئاسية وبدعم الحلفاء والأصدقاء، وخصوصًا دول الاتحاد الأوروبي التي تؤيد وبقوة إنجاز الانتخابات الفلسطينية.

      كاتب فلسطيني دمشق ـ اليرموك

      Source: alwatan.com/details/421045