الأرقام التي تسجلها دول العالم، بما فيها السلطنة، حول ضحايا فيروس كورونا “كوفيد 19” مؤشر خطير على أن هذه الفترة تشهد مرحلة الذروة لانتشار الوباء، الأمر الذي يتطلب معه التزامًا تامًّا وتقيدًا أمينًا بالإجراءات الاحترازية، والتعليمات والإرشادات الصحية، المتعارف عليها، والمعلومة لدى الجميع، والتي أصبحت جزءًا من الثقافة اليومية، والسلوك الشخصي.
لا أحد يختلف على أن وباء كورونا أصبح عبئًا، وبات ضيفًا ثقيلًا، وأخذت تبعات بقائه تتضاعف وتزداد يوميًّا، وتتفاقم حمولته، وأضحت أثمانه الباهظة ترهق الكاهل، وتكسر الظهر، ومع تطوُّر سلالاته المتحوِّرة أخذ ينتشر كالنار في الهشيم، حيث قدراته وإمكاناته لا تزال ثابتة وقوية تساعده على مواصلة معركته ضد البشر في هذا الكوكب.
وأمام هذه المعركة غير المتكافئة التي فرضها هذا الفيروس غير المرئي بالعين المجردة، يبدو الجميع بعيدين عن حالة الانتصار رغم وجود اللقاحات المكتشفة، وما يطيل الزمن حتى بلوغ حالة الانتصار هو القصور في تصنيع اللقاحات، والقصور في عمليات التوريد، فضلًا عن إعطاء حكومات الدول التي تتبعها الشركات المُصنِّعة للقاحات الأولوية لمواطنيها، الأمر الذي يستغرق وقتًا طويلًا حتى تتمكن بقية الدول في هذا العالم، والباحثة عن وسائل متعددة، من الحصول على اللقاحات، وهو ما يعني أيضًا أن الأرقام ستتصاعد، وأعداد المصابين والمتوفين بالفيروس سترتفع، وعليه لن تقف الإحصائيات عند مستوى معيَّن خلال هذا العام، وربما ما يليه من الأعوام، إذا ما ظلَّت وتيرة التصنيع والتوريد للقاحات بهذه الصورة البطيئة، وغياب عدالة التوزيع لها، رغم أن الدول الأخرى من هذا العالم غير المُصنِّعة للقاحات تدفع مقابل الحصول عليها أموالًا طائلة.
وفي هذا الصدد، تبذل السلطنة ممثلة في وزارة الصحة جهودًا عظيمة، ومقدرة من أجل توفير المزيد من اللقاحات، انطلاقًا من حرص السلطنة قيادتها الحكيمة على تحقيق هدف إنساني نبيل وهو حماية حياة المواطنين والمقيمين، والحفاظ على صحتهم، وتجنيبهم ويلات الوباء، حيث تستهدف هذه المساعي الطيِّبة توريد مليونين و٨٢٩ ألفًا و٩٣٩ جرعة من اللقاحات المُضادة لفيروس كورونا “كوفيد١٩” والتي ستكون على مراحل قبل نهاية شهر أغسطس ٢٠٢١م، على أن يتم استكمال توريد باقي الجرعات على دفعات قبل نهاية العام الحالي.
وحسب وزارة الصحة فقد أعدَّت استراتيجيتها الوطنية للتحصين ضد “كوفيد ١٩” لتحصين ٣ ملايين و٢٠٠ ألف شخص؛ أي ما يعادل ٧٠ بالمئة من إجمالي عدد السكَّان بالطعوم لمنع انتشار المرض إذا ما تم استثناء من هم دون عمر ١٨ عامًا والبالغ عددهم مليون شخص؛ أي ما يعادل ٣٠ بالمئة من إجمالي عدد السكان. ويُقدَّر العدد الكلِّي لجرعات الطعوم بخمسة ملايين وأربعمئة ألف جرعة، بحيث يتم إعطاء جرعة واحدة لمن سبق له الإصابة بالمرض؛ فإنهم لا يحتاجون إلى أكثر من جرعة واحدة للوصول إلى مستوى مناعي كافٍ للوقاية من المرض. على أن تحديد احتياجات السلطنة من الطعوم جاء وفق أسس علمية، أهمُّها ضرورة الحدِّ من انتشار المرض بين أفراد المجتمع والتي تحتِّم تحصين ما نسبته ٧٠ بالمئة من السكَّان، وتحديد الفئات التي أصيبت بالمرض عن طريق المسوحات المصلية الاستقصائية والتي أُجريت في نهاية العام الماضي، واختيار الطعوم الآمنة والفاعلة، إضافة إلى تحديد الفئات الأكثر عُرضة للمضاعفات والتي قد تؤدي بها إلى الترقيد في المستشفيات، خصوصًا في أقسام العناية المركَّزة.
وحتى حين تتمكن السلطنة من الحصول على اللقاحات الكافية، فإن موضوع الالتزام بالإجراءات الاحترازية يجب أن يكون ثقافة عامة، وشرطًا أساسيًّا للحفاظ على الصحة والحياة، وسببًا لتجنُّب الويلات وزف الأحزان والآلام، ووسيلة لتجاوز المحنة والآثار القاسية على الجميع.
Source: alwatan.com/details/421221Alwatan كتب:
في آراء 11 أبريل,2021
نسخة للطباعة
