Source: alwatan.com/details/421209Alwatan كتب:
على وقع حرب تفجير الناقلات المشتعلة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، تمضي المحادثات في العاصمة النمساوية فيينا بين طهران والمجموعة الدولية المعروفة بـ”5+1” بشأن الاتفاق النووي الإيراني. ويعكس هذان الحدثان جملة من المعطيات:![]()
خميس التوبي
أولًا: التنسيق العميق والترابط الوثيق والتحالف الاستراتيجي القائم بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إقدام واشنطن على خطوات تتعلَّق بملف الاتفاق النووي دون تنسيق مسبق وانسجام بين الحليفين الاستراتيجيين، ذلك أن منطلق إجراء محادثات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والقوى الغربية المتمثلة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تحديدًا، فيما يتعلَّق بالبرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي والقوة العسكرية الإيرانية المتعاظمة، مرجعه السياسات الاستراتيجية القائمة على تأمين كيان الاحتلال الإسرائيلي، ومنع أي تهديدات حالية أو مستقبلية؛ فهذه القوى مجتمعة تنظر إلى الاتفاق على أنه وسيلة لإبطاء طهران في برنامجها النووي، وكذلك لإمكان مراقبتها، ووسيلة للتغلغل في الداخل الإيراني، حيث تمثِّل الزيارات التي ستنظمها تلك القوى إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية فرصة لاستكشاف هذه الدولة الصاعدة والطامحة في بناء قوة إقليمية فاعلة ومؤثرة من جميع النواحي، الأمر الذي سيسمح بعمليات التجسس والترصد، وبناء قوى معارضة في الداخل الإيراني، أو الوصول إلى مكوِّنات النسيج الاجتماعي، واستقطابها، كما هو حاصل في العديد من دول العالم، بما فيها الدول العربية، حيث ظهور أطراف في صورة معارضة، ولكنها موالية للغرب ولأجهزة استخباراته؛ أي أن الوصول إلى العمق الإيراني هو أفضل وسيلة لنخرها، وتقويض تماسكها، خصوصًا وأن في الداخل الإيراني هناك مكوِّنات تتطلع إلى الحداثة الغربية، وممارسة أساليب العيش، وغيرها.
ثانيًا: إبقاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين حالة لا حرب ولا سلم مع استمرار بعض العقوبات غير المتعلِّقة بملف البرنامج النووي، من شأنه مواصلة استنزافها، واستمرار الرهق الاقتصادي، مع بث الشعور باليأس والإحباط والرفض والامتعاض بين مكوِّنات الشعب الإيراني؛ بهدف إثارته ضد الحكومة الإيرانية، وهز الثقة وزعزعة الاستقرار، بالإضافة إلى عمليات الاستهداف التي يقوم بها كيان الاحتلال الإسرائيلي للسفن والناقلات الإيرانية، والشحن الإعلامي والعسكري، ورد الفعل الإيراني.
ثالثًا: صحيح أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدرك أن الاتفاق النووي هو بمثابة تنويمها في العسل لمدة عشر سنوات، وهو ما سيعطلها كثيرًا عن الحصول على ما تريده من برنامجها النووي، سواء في الاستخدام السلمي في الزراعة وإنتاج الكهرباء أو في الاستخدام العسكري، إلا أنها ترى في الاتفاق فرصة لالتقاط الأنفاس واستجماع طاقتها وقواها اقتصاديًّا وتكنولوجيًّا وترتيب أولوياتها.
رابعًا: تنظر كل من الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى العودة إلى العمل بالاتفاق النووي على أنها حاجة ملحَّة لكلتيهما، ولكل منهما أسبابه الخاصة التي تدفعه إلى إحياء العمل بالاتفاق. لذلك تصر طهران على رفع كل العقوبات عنها أولًا والتي فرضت عليها منذ العام 2017م، بينما واشنطن ترفض رفع العقوبات كلها، وترغب في رفع العقوبات غير المتسقة بالبرنامج النووي، الأمر الآخر الذي يمثِّل عقبة ويمنع خروج دخان أبيض في محادثات الأطراف في العاصمة فيينا يتمثَّل في من يمتثل أولًا، حيث ترى طهران أن واشنطن هي التي خرقت الاتفاق وانسحبت منه، لذا عليها إذا ما أرادت العودة إليه أن ترفع أولًا كل العقوبات التي فرضتها، ودون إعادة التفاوض حول بنود الاتفاق، وهنا تسجل طهران نقطة على واشنطن التي تستشعر هذا المغزى ويظهرها على أنها عادت صاغرة إلى الاتفاق، وبخُفَّي حنين، في الوقت الذي قد أنجزت فيه إيران خطوات على صعيد تطوير برنامجها، لا سيما في مفاعل نطنز النووي.
وفي خضم هذا العراك القائم، لا بُدَّ من الإشارة إلى أن إيران انتقلت خطوات أكبر في المواجهة بتوقيعها اتفاق التعاون مع الصين في جميع المجالات، وهو ما يعطيها ثقة وقوة أكبر في التفاوض، ويشعر الأطراف الأوروبية بسحب بكين البساط من تحت أقدامها، الأمر الذي يمثِّل ضغطًا على المجموعة الدولية (5+1)، لكن ما يهم هو أن الإقليم بحاجة إلى الاستقرار والتنمية والأمن، ويُعدُّ الاتفاق النووي إحدى وسائل تحقيق ذلك.
شراع : هل يعود العمل بالاتفاق النووي؟
- خبر
-
مشاركة