مع تواصل حملات التطعيم التي تنفذها وزارة الصحة عبر المديريات العامة للخدمات الصحية في محافظات السلطنة، لا تزال الأرقام المسجَّلة عن إصابات فيروس كورونا “كوفيد 19″ مرعبة وصادمة، ولا تزال الموجة الثالثة من انتشار هذا الوباء محافظةً على قوَّتها، إن لم تكن تزداد قوة. ويمكن استنتاج ذلك من حالة الاكتظاظ غير المسبوقة التي تشهدها مستشفيات السلطنة، والنداءات التوعوية والتحذيرية التي تطلقها الجهات الصحية عبر وسائل الإعلام، والتي يطلقها الكثير من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الذروة التي تشهدها السلطنة في أعداد الإصابات تدعو إلى مراجعة عاجلة من قبل الجميع، والتوقف عندها بشيء من التفكر وتقدير الأمور، ومقارنة الأشياء ببعضها، واسترجاع التجارب التي مرَّت بها العديد من الدول التي وصل بها تفشِّي وباء كورونا إلى مرحلة الذروة ووصول مستشفياتها إلى أقصى طاقتها الاستيعابية، بل فاقت طاقتها الاستيعابية، فكان من نتيجة ذلك تسجيل أعداد غير مسبوقة في أعداد الوفيات جرَّاء الوباء.
بدون مبالغة، إننا أمام مرحلة خطرة مع ذروة الموجة الثالثة لمرض فيروس كورونا “كوفيد19″ الذي أخذ يتفوق تقريبًا على كلِّ شيء بفعل سلالاته المتحوِّرة التي تتميَّز عن الفيروس الأُم بأنها أكثر شراسة بأضعاف المرَّات. لذلك تقدير الأمور ووضعها في نصابها الصحيح والموضوعي مطلوب من الجميع لتدارك ما هو أسوأ قادم.
إن وصول حالة الاكتظاظ بأعداد المصابين والمنوَّمين في المستشفيات إلى حدٍّ يفوق طاقتها الاستيعابية له نتائجه الوخيمة على القطاع الصحي أولًا الذي لا يزال يقاوم وصامدًا في مواجهة شراسة الوباء، لكن أيضًا إلى متى هذا القطاع هو قادر على مواصلة ذلك مع تزايد حالات الإصابة والمنوَّمين؟ فهو لديه قدرة معيَّنة ومحدودة، فضلًا عن أن اتجاه القطاع الصحي بأكمله أو أغلبه إلى مواجهة وباء كورونا على حساب بقية الأمراض الأخرى، وعدم تفرُّغ الأطباء والممرضين والعاملين الصحيين للعناية بالحالات المرضية غير حالات فيروس “كوفيد19″، له أيضًا نتائجه الصعبة صحيًّا واجتماعيًّا، وسيدفع فاتورته الباهظة الجميع، فهناك حالات مرضية مزمنة، وأصحاب أمراض مستعصية بحاجة إلى مراجعة دورية، وإذا لم يتمكنوا من ذلك، فإن هذا يعني تفاقم أوضاعهم الصحية.
إن قرارات اللجنة العليا المكلَّفة ببحث آلية التعامل مع التطوُّرات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19″ بإغلاق الأنشطة التجارية ومنع الحركة من الساعة التاسعة مساءً إلى الرابعة صباحًا، وتمديد فترة إغلاق الأنشطة التجارية ومنع الحركة ليلًا في محافظة ظفار لتبدأ من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة الخامسة صباحًا بداية من يوم أمس السبت، هي قرارات ليست كافية ما لم تكن هناك استجابة والتزام ووعي من قبل الجميع تواكب هذه القرارات وتستكمل نجاحها من حيث الالتزام بالتباعد الجسدي، ولبس الكِمامة في المساجد خصوصًا وفي الأماكن العامة على وجه العموم، وعدم إقامة تجمُّعات العزاء والأعراس، وعدم التجمُّعات في أوقات الإفطار وغيرها من التجمُّعات، وعدم ارتياد المحلَّات والمجمَّعات التجارية والأسواق الشعبية في الأوقات المزدحمة، حمايةً للنفس والأسرة والمجتمع من انتشار الوباء.. حفظ الله تعالى الجميع من كلِّ سوء ومكروه.
Source: alwatan.com/details/421793Alwatan كتب:
في آراء 17 أبريل,2021
نسخة للطباعة
