علي بن جميل النعماني:
في اللغة التآلف تأتي بمعنى الانسجام والتكامل بين أعضاء مجموعة أو الترتيب المنشود لعناصر مكونٍ ما، وعادة ما يُشار إلى المُّكَون المتَّناغم على اتساقٍ متناهي بالتكاملية التامة، ولو تمعنا النظر في مجريات الحياة ـ التي تعصف بنا ظروفها ونواحيها ـ نجد في الغالب إشارات الكامل والدلال تتمثل في بعض الشخوص المتفردة بصفات تدل بأكثر الظن عن الكمال – حسب رؤية الكثيرين منهم ــ والكمال أولًا وأخيرًا للخالق البارئ وحده.
ولا ريب أننا نستلهم من مدرسة الحياة ومن دروسها ومواقفها اليومية العديدة، العِبر والعظات وتلهمنا التدبر المتأني في طبائع البشر وصنوف تعاملهم مع بعضهم البعض، وعلى إثر تلك الخبرة الحياتية والانغماس في عوارض عديدة ومتتالية، تكونت لدينا الحكمة والنظرة العقلية بأن لا نحكم على شخص ما من خلال سلوك معين، فقد يكون ذاك السلوك استثنائيًا لسبب عارض، ولربما لا يُعبر تمامًا عن شخصية صاحب السلوك نفسه، إذا الحكم المحض في موقف ما يعود ربما لسبب معين وقد يكون السبب في ذلك المصلحة، ربما هنا وصلنا لمربط الفرس الذي يدور حوله موضوعنا، (المصلحة) .. هذه الكلمة التي لا يحبذها البعض، ونقصد بالبعض هنا الذين يقومون بالسعي لأجلها ويبررون ما يقومون به لأجل المصلحة ولكن بإضافة كلمة (العامة)، من أجل إبعاد الشبهات عن الشخصنة حتمًا، ولسعيهم الدائم من أجل تحقيق تلك (المصالح) يبذل هؤلاء الغالي والنفيس ويحاولون جهد أيمانهم بأن يبلغوا ما يصبون إليه بأي طريقة كانت، لا ضير لديهم في أن يخسروا صداقات أو تفوت عليهم فرص اجتماعية، المهم لديهم ما سيكون حسب نظرتهم بتحقيق المراد ونيله بكل جدارة، وربما يتنازلون هؤلاء عن مآرب سطحية بغية الأعلى منها، حذرين .. مخططين ومراوغين في أغلب الأحيان، تعرفهم بلحن قولهم واستماتة سعيهم وتناقض آرائهم في السر والعلن، يدأبون للعُلا على أكتاف المجتهدين النبلاء، ويلمعون واجهاتهم لصنوف المطالب والرغبات، فهم عبارة عن تناقضات تامة وعن تآلف غير موجود أصلًا.
العودة إلى جادة الصواب مطلب مهم من أجل تحقيق عمل متكامل خالٍ من الشوائب ومن أجل نفوس متسامحة راضية وسعي بنّاء لخدمة هذا الوطن الغالي.
Source: alwatan.com/details/421946Alwatan كتب:
في آراء 18 أبريل,2021
نسخة للطباعة