بقلم: فوزية علي الفهدية
(انه بيدق آخر في رقعة الشطرنج أحركه كيفما أريد) لكن..إرّا ليس غاضبا، (بل هو غاضب جدا الى درجة انه لم يميز بين المذنب الخاطئ وبين البريء، أحاط الجميع بغضبه).
نحن امام جريمة قتل وقاتل متسلسل، يصورها لنا كاتب الرواية: محمد قرط الجزمي فيصفها على نحو عجائبي: (مات جراء قبضة خفية اعتصرت رقبته من الداخل)
لنكتشف ان هذا القاتل ماهو الا طاقة الغضب، لتبوح لنا الرواية بسر خفي نفاه التمدن ليعود العلم مجددا لإثباته، فلكل شيء طاقة.
لتأخذنا الرواية بلغزها العجائبي الى تلك العلاقة الجدلية بين طاقة الغضب وقدر النهاية، في أحداث تجري في اتساق ايقاعي متناغم، الى أن يثور غضب (فهد) بطل القصة فتكون هناك جريمة قتل تستلزم التحقيق والشك.
لنتابع بعدها أحداث الرواية واقدامنا في الارض، وأبصارنا معلقة في السماء، ليقارن لنا الكاتب ويجلب لنا من العمق الفرق بين الفلسفة والحكمة فيقول: (هنا يظهر الفرق بين الفلسفة والحكمة، الفلسفة ان ترى نفسك تناطح القمم، والحكمة تخبرك أن القمم منازل لا يسكنها الكثيرون، ستكون هناك في ضيق صدر وحيدا، وأن الناس في الأسفل..)
وليحكي لنا الكاتب بعدها عن نسبية الخير والشر فيقول: (ميزان الخير والشر في قلبك استشره، ولا تستشر ما يظهر لك في الخارج).
وينقلنا بعدها الكاتب من عجائبية الواقع ليرفد من خوارق الأمور فيحكي لنا عن ( الثليباثي، وأولئك ممن يقرؤون الافكار ويحركون الأشياء عن بعد).
وليسرّ لنا بسر خلق البشرية (اننا نملك في أجسامنا أسلحة فتاكة ونحن لا نعلم يارجل).
ليبقى السؤال عالقا مؤرجحا في أذهاننا (مامدى قوة البشر؟) فينتشلنا بعدها الكاتب من الغرق في الحيرة فيقول (الجهل أكثر رحمة وعطفا من الرحمة).
كما جاءت هذه النصيحة (نحن في عصر لكي تقول حكمة عليها ان تكون مبتكرة، عليك ان تدهشنا بها، والا فصمت).
ليصل بنا الكاتب الى آفاق بعيدة من الدهشة من مطلع الرواية والى ما بعد قراءتها، لتترك فينا ذلك الأثر والفضول لمعرفة حقيقة الأمر بدلا من ان تكون كالذي (عقله يطير بجناحين عن يمين وشمال) ولكي لا نكون اسارى للخيالات (فتبا للخيالات كيف تضع ظلالا سوداء لماديات ربما ليس لها وجود).
ويواصل الكاتب في الاستحواذ على جل انتباهنا وبخاصة عندما حكى: (هل جربت ان يعود لك ميت الى الحياة من جديد؟)
لتأسرك الأحداث فتحاول جاهدا فك شيفرات القصة، لتنتهي الحكاية نهاية مشابهه لتلك النهايات الكونية المحصورة ما بين الموت وميلاد الآخر، لتظل متوارثة في منظومتها لا يحد استمراريتها نقطة على سطر احدهم.
Source: alwatan.com/details/422013Alwatan كتب:
في ثقافة وفنون 19 أبريل,2021
نسخة للطباعة
