إدارة الرئيس (جو بايدن) وإيران

    • خبر
    • إدارة الرئيس (جو بايدن) وإيران

      Alwatan كتب:

      علي بدوان:
      التطورات في الملف الإيراني الأميركي تؤكد أن إدارة الرئيس الأميركي (جو بايدن) قد خطت خطوات متقدمة للأمام في معالجة الموضوع النووي الإيراني، واتفاق (5+1) الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبطريقة مغايرة تمامًا لمواقف الرئيس الأميركي السابق.
      التطور يشي بشكلٍ واضح، بأن إدارة الرئيس الجديد (جو بايدن) تتعامل الآن بشكلٍ مُختلف مع الملف النووي الإيراني، في أفضلية واضحة لديها باتباع الحل السياسي والعمل الدبلوماسي بدلًا من التصعيد العسكري أو حتى السياسي مع إيران، خصوصًا مع الحمل الثقيل الذي ألقته الإدارة الأميركية السابقة بوجه إدارة الرئيس (جو بايدن)، وهو حِمل لا يتعلق بالموضوع الإيراني فقط، بل وبمجموعة من الملفات الصعبة التي تبدأ بالعلاقات الأميركية مع دول الاتحاد الأوروبي، وصولًا لروسيا الاتحادية، وجمهورية الصين الشعبية.
      إذًا، نحن الآن أمام استكمال معالجات ملف (5+1) على ضوء الاستدارة الأميركية في الموقف من الملف إياه، حيث تتجه الأمور نحو طريق إيجابي، قد يفضي على الأرجح، بالتوصل لتفاهمات، بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن إيران، حيث تبدو دول الاتحاد حريصة على التمسك باتفاق (5+1) لما يحمله من مصالح لتلك الدول الأوربية مجتمعة مع إيران: اقتصاديًّا، ونفطيًّا، وصناعيًّا، وعلى صعيد الاستثمارات التي يُمكن أن توظفها دول الاتحاد الأوروبي في إيران “حيث يسيل لعابها”. عدا عن المواقف الروسية والصينية المتقاطعة مع الموقف الأوروبي، واعتماد الصين على النفط الإيراني. فالصين الشعبية ـ على سبيل المثال ـ تستورد نحو 40% من النفط ومعه “الغاز المسيّل” المستهلك لديها من إيران، كذا الحال الهند التي تُعد من الدول المستوردة والمستهلكة للنفط والغاز.
      في هذا السياق، علينا أن نُدرك و”بالعين الفاحصة” أن الدبلوماسية الإيرانية نجحت في إدارة علاقاتها السياسية مع الدول الكبرى، ومنها دول الاتحاد الأوروبي بشأن الملف (5+1)، فقد استطاعت أن تنتقل للعمل السياسي بدلًا من التصعيد حتى الكلامي مع الآخرين، وهي الطرف المعروف عنه بأنه يضم “دهاقنة السياسة” في أي مفاوضات تجري مع أي طرفٍ أممي وتجاه أي موضوع يخص طهران. لذلك علينا أن نُدرك بأن المناخ الإيجابي بات موجودًا بشأن إمكانية التوافق والتفاهم بين طهران وواشنطن بشأن الملف (5+1)، وعودة واشنطن للاتفاق إياه الذي انقلب عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خدمة لمصالح “إسرائيل”، ولحكومة نتنياهو التي كانت تتهيأ لانتخابات تشريعية مُعادة، ولنتنياهو شخصيًّا الذي نال ما ناله من عطاءات قدمتها له الإدارة الأميركية السابقة، ومنها الخروج الأميركي من ملف (5+1) من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، ورفع عقيرة أصوات التحريض ضد إيران والملف (5+1).
      إن العديد من الدول المؤثرة في الخريطة السياسية الدولية في المنطقة والعالم عمومًا (خصوصًا الصين الشعبية، والهند، والاتحاد الأوروبي، …)، ترى أهمية تطبيق اتفاق (5+1) نظرًا للفوائد التي يُمكن أن يجلبها للجميع، خصوصًا في الجانب الاقتصادي والاستثماري. ونقل النفط والغاز واستهلاكهما من قبل الدول التي ليس لديها ثروات نفطية، وتعتمد على المستورد منها.
      أخيرًا، إن إيران دولة من دول المنطقة، وتجاهلها لا يفيد إطلاقًا، أو استخدامها في الصراعات الإقليمية، بل على الدول العربية، وخصوصًا منها الخليجية، تقع أهمية محاولة (جسر) المشاكل العالقة مع إيران. كذلك يترتب الأمر نفسه على الإيرانيين؛ فإيران ليست صديقًا، بل جار جغرافي وتاريخي، لا يُمكن القفز عنه، بل يتوجب حل المعضلات العالقة وبناء علاقات طبيعية مع الدول العربية المجاورة، بالرغم من الالتواءات والانكسارات التي وقعت بين أكثر من دولة عربية مع طهران.

      Source: alwatan.com/details/422106