Source: alwatan.com/details/423244Alwatan كتب:
علي بدوان:
قمة المناخ الأخيرة، التي عُقدت قبل أيامٍ خلت، هدفت إلى حل المشكلة المستعصية أمام العالم بأسره، والمتمثلة بتلوث المناخ الأرضي، وهو ما يُعرف بـ(الاحترار في المناخ الأرضي)، وبهدف التوصل لحزمة من الاستراتيجيات والتشريعات، مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة وتخفيض نسب الانبعاثات الكربونية، وزرع الأشجار (نحو 50 مليار شجرة) على امتداد المعمورة. فالتحدي الكبير يتمثل الآن بالتغيّر المناخي، الحاصل على سطح الأرض وارتفاع متوسط درجات الحرارة إلى درجتين كل عام، نتيجة الاستهلاك الهائل للوقود الأحفوري وانطلاق غاز (أول وثاني أوكسيد الكربون CO2 + CO). كما أن ظاهرة التغيُّر المناخي التي تُهدد الحياة على كوكب الأرض، لا تقف عند حدود البر على سطح الأرض، بل تتعدى ذلك نحو الثروة البحرية، وخصوصًا الشُّعب المرجانية التي تُعد حاضنة للثروات السمكية.
لكن المشكلة الكبرى، أن هناك صراعات قوية بشأن تحميل المسؤوليات بشأن (احترار الغلاف الجوي الأرضي)، بين الدول المستهلة والدول المنتجة. وعمليًّا لم يتغيَّر شيء في الخطابات والمواقف المُعلنة من قبل الدول التي شاركت في قمم المناخ المُتتالية منذ انطلاق مفاوضات المناخ رسميًّا في قمة باريس الأولى عام 1992، حيث الانقسامات الأساسية بين الدول الغنية التي تتحمل المسؤولية الأساسية والكبرى عن مراكمة الانبعاثات منذ ثورتها الصناعية باعتبارها المستهلك الأول للطاقة الأحفورية والغاز الطبيعي، والتي لا تزال تتهرب من تمويل عملية الانتقال إلى الطاقات المُتجددة والتكيُّف مع تغيُّر المناخ والتعويض عن الأضرار التي ستنجم عبر الاشتراط على البلدان النامية باتخاذ إجراءات تخفيفية، ومطالب هذه الأخيرة بالتعويضات والتمويل وعدم إلزامها بما لا تستطيع ومنحها المزيد من الفرص في استخدام الوقود الأرخص من أجل الوصول إلى درجات النمو التي وصلت إليها الدول المتقدمة.
إن محاربة تغيُّر المناخ باتت منعدمة في المرحلة الحالية وحتى في أفق المرحلة القادمة، خصوصًا أن مع معظم التقارير الدولية ذات الصلة التي تؤكد أن لوقف زيادة درجة حرارة الأرض والغلاف الجوي (الاحترار) عن معدل درجتين فقط، علينا أن نبقي 80% من مخزون النفط (الطاقة الأحفورية) والغاز (غاز الميثان) تحت الأرض من دون سحبه، ودون تنقيب عنه في المرحلة المقبلة، وهذا ما ترفضه الدول التي تستهلك النفط بكميات كبيرة للنمو الصناعي والاقتصادي كالصين الشعبية والولايات المتحدة والهند وتركيا…إلخ.. التي تضع مهمة مقاومة احترار المناخ الأرضي على عاتق الدول المنتجة للنفط والغاز تحت مُسمَّى (ضريبة الكربون) لمكافحة حالة احترار الجو الأرضي، والتملص من واجباتها المفترضة ماليًّا في مقاومة حالة (الاحترار).
إن مفهوم “ضريبة الكربون” من القضايا المفصلية لمحاربة تغيُّر المناخ، والتي يُفترض أن تتحملها الدول المستهلكة الأولى في العالم للطاقة أولًا وقبل غيرها، وقد بدأ الحديث عنها فعليًّا أثناء صياغة (بروتوكول كيوتو) عام 1997، تطبيقًا للاتفاقية الإطارية لتغيُّر المناخ والتي أبرمت عام 1992، والتي كانت مُلزمة للبلدان المتقدمة صناعيًّا. على أن تكون تصاعدية لناحية الوقت والقيمة لحين إيجاد البدائل. لتبدأ من 7 يورو على الطن من الوقود عام 2014 إلى 44 يورو عام 2018، وكان مُقترحًا أن تصل إلى مئة يورو عام 2022. ولا يزال الخلاف على طرق احتساب هذه الضريبة مدار جدل، بالإضافة إلى الخلاف على توظيف عائداتها. فهل هي من أجل الحدِّ من تلوث الجو واحتراره، أم غير ذلك؟ مع العلم أن ليس هناك سوى 46 دولة في العالم تحاول أن تُطبق ضريبة الكربون، وبطرق يبدو بأنها غير متساوية. أما المشكلة التي استجدت في فرنسا على سبيل المثال قبل عدة سنوات، والتي تم الكشف عنها، أن 46% من عائدات هذه الضريبة فذهبت إلى الإصلاحات في البيئة، و44% منها ذهبت لتمويل الخزينة العامة للدولة، ما أسهم في زيادة دوافع الاعتراض عليها، وفي تعطيل المساعي للتوصل إلى فرض ضريبة عادلة يسهم الجميع بها، خصوصًا الدولة الأكثر استهلاكًا للطاقة، ومنها فرنسا بالذات. لكن وفي الواقع ضاع (بروتوكول كيوتو) وتعثرت اتفاقيات المناخ، وغاصت “ضريبة الكربون” بين الجدل الدائر وحسابات المصالح بين الدول المستهلة والمنتجة للطاقة الأحفورية وغاز الميثان.كاتب فلسطيني ـ مخيم اليرموك
قمة المناخ وضياع (بروتوكول كيوتو)
- خبر
- 
						
						
						مشاركة
 
											
 :
:  :
:  :
: