Source: alwatan.com/details/432875Alwatan كتب:
أحمد صبري:
لا يختلف اثنان على أهمية الحفاظ على الصروح العلمية بكافة أنشطتها لأي دولة تنزع للمعرفة والتطور والبناء والتنمية، واعتبار هذه المهمة من أولوياتها.
وروَّاد المعرفة من علماء العراق ونخبه وكفاءاته الذين واجهوا التخلف بإرادة التحدي والتطوير والتحديث في شتَّى الميادين لإبعاد العراق عن شروره والحفاظ على كيانه وتحصين أبنائه من التخلف والأمية والظلام.
وهكذا مهمة ليست مستحيلة إذا توافرت الإرادة والرغبة في مواجهة محددات الجهل والتخلف وانحطاط مستوى التعليم والتأهيل والبحث العلمي، وتراجع فرصه إلى أدنى مستوياتها كما هو الآن اليوم مقارنة بحصول العراق على المرتبة الأولى لخلوه من الأمية بشهادة منظمة اليونسكو في سبعينيات القرن الماضي.
وعلى الرغم من أن أعداء العراق يحاولون التعتيم على تجربة وحقبة مضيئة من تاريخ العراق الحديث الهدف منها تغييب حقائقها وتشويه وطمس معالمها، عبر حملة التضليل والإساءة لتجربة فريدة ما زالت ومضاتها تشع في سماء العراق رغم الظلام الذي يخيم عليه.
إن الجهود الجبارة لروَّاد العلم والمعرفة من النخب والكفاءات العراقية بشتَّى اختصاصاتها واجهوا الحصار وحرب الاستنزاف بإرادة التحدي ولم يتخلوا عن مهمتهم وواجبهم الوطني لإزالة آثار الحروب ومحددات الحصار؛ لأن المخططين لتدمير العراق ووقف نهضته كانوا يتوقعون انهياره بعد الصفحة العسكرية الأولى عام 1991 وما تلاها الحصار جرَّاء التدمير الشامل الذي طال مؤسسات الدولة وركائزها في شتَّى الميادين. غير أن هذا الرهان فشل أمام إرادة وتصميم نخب العراق وكفاءاته الذين حاولوا بشتَّى الوسائل درء الأخطار عن بلادهم؛ لمواجهة من أرادوا أن يبقوه ضعيفا ويعود إلى عصور الظلام والتخلف مرة أخرى.
ومن هذا الإحساس بأهمية الحفاظ على ثروة العراق من علمائه ونخبه وكفاءاته ينبغي الحفاظ عليهم؛ كونها مهمة وطنية لحشد طاقات وخبرات ذخيرة العراق وتكريسها لخدمة وتطوير المجتمع وتطويره.
ورغم صعوبة المهمة فإن محاولات جادة تبذل للحفاظ على هذه الثروة الوطنية؛ باعتبارها ذخرا للأجيال وأن التفريط بها له انعكاسات خطيرة على مجمل الأوضاع التي يشهدها العراق. وما يعزز نجاح ديمومة هذا الهدف وجود آلاف النخب والكفاءات العراقية في الشتات ينبغي الحفاظ عليهم عبر خيمة وطنية جامعة تسعى لإبراز دورهم الوطني، لا سيما في عمليات الإعمار والبناء في المدن التي استُبيحت ودُمرت خلال العمليات العسكرية التي شهدها العراق في حربه ضد داعش.
وطبقا لهذه المعطيات، فإن الحفاظ على نخب العراق ومشاركتها في ميادين العمل والبناء والتطوير بعيدا عن محددات السياسة ينبغي أن تكون في صدارة الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع العراقي.
لقد آن الأوان للالتفات إلى هذه الذخيرة التي أرست قاعدة النهضة التي شهدها العراق من خلال توفير المناخ الملائم للاضطلاع بدورها الوطني ومساهمتها الجادة لتعويض العراق عن سنوات التخلف والتراجع التي شهدتها جميع مرافق الحياة بعد الاحتلال، ما يتطلب جهدا وطنيا شاملا لإصلاح ما تم تدميره لإخراج العراق من الخانق الذي يتخبط به.
رواد المعرفة: ومضات مضيئة في تاريخ العراق
- خبر
-
مشاركة