مركز الأمن البحري والأهمية المستقبلية في البيئة الأمنية المعاصرة

    • خبر
    • مركز الأمن البحري والأهمية المستقبلية في البيئة الأمنية المعاصرة

      Alwatan كتب:

      محمد بن سعيد الفطيسي:
      يشكِّل الأمن البحري أهمية بالغة للغاية في أي عقيدة أمنية وعسكرية، بالإضافة إلى دوره المهم والخطير في البناء الأمني القومي لأي دولة. وترتفع تلك الأهمية للأمن البحري في حال وجود بيئة أمنية محيطة بالدولة تشكل الاضطرابات الأمنية وارتفاع مستوى التهديدات والمخاطر واقعها اليومي، وهو واقع الحال في البيئة الأمنية المحيطة بسلطنة عمان، حيث أبرز وأهم الملفات السياسية والأمنية الدولية الساخنة، كما هو حال الملف اليمني والملف النووي الإيراني، وليس عنها ببعيد ملف القرصنة البحرية وعدم الاستقرار والفوضى المستفحلة في الدول التي تُعد شريان الحياة لهذا الملف.
      على ضوء ذلك برز مركز الأمن البحري العماني خلال الفترة الماضية وما زال يُعد صمام أمان رئيسيا ـ بعد حفظ الله عزَّ وجلَّ ـ للأمن الوطني العماني عموما مع بقية المؤسسات الأمنية الوطنية والأمن البحري على وجْه الخصوص باعتباره الواجهة وجدار الحماية الأول لهذا الوطن من الناحية البحرية. ويُعد هذا الصرح من المفاخر العسكرية الوطنية التي يتأكد دورها الفاعل على المستويين الوطني والدولي كل يوم. تم تأسيسه في عام 2013م بمباركة سامية من لدن المغفور له بإذن الله تعالى جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد “طيَّب الله ثراه”.
      وبحسب موقع المركز فإنه “يعنى بإدارة وقيادة عمليات الأمن البحري في المنطقة البحرية العمانية وتوفير الحماية اللازمة للموانئ من الجهة البحرية والمنشآت والسواحل البحرية، ومكافحة التهديدات الأمنية البحرية كالهجرة غير المشروعة، والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة، والقرصنة البحرية، وتلوث البيئة البحرية، وإعاقة طرق الملاحة الدولية، والإرهاب البحري، والتغير المناخي، والأزمات والنزاعات، والتسلل والتهريب، وحماية وتأمين المصائد السمكية، وعمليات البحث والإنقاذ وتقديم المساعدة للسفن المبحرة في المنطقة البحرية العمانية، إلى جانب جمع وتحليل وتبادل المعلومات بين مراكز العمليات المختلفة في الدول المعنية بالقضايا التي تهدد الأمن البحري”(1)
      والمتتبع للدور الميداني والعملياتي للمركز على أرض الواقع خلال الفترة الماضية يجد العديد من الجهود المبذولة لتحقيق الأمن وسلامة الملاحة البحرية والتي كان آخرها التعامل مع ما تعرضت له الناقلة (ASPHALT PRINCESS) في المياه الدولية، حيث أكد المركز عبر موقعه الإلكتروني أنه “تلقى معلومات حول تعرض ناقلة بحرية تدعى (ASPHALT PRINCESS) وترفع علم دولة بنما لحادثة اختطاف في المياه الدولية ببحر عُمان، على إِثر ذلك قام سلاح الجو السلطاني العماني بتسيير طلعات جوية بالقرب من الموقع، كما سيَّرت البحرية السُّلطانية العمانية عددًا من سفن أسطولها للمساهمة في تأمين المياه الدولية بالمنطقة. ويؤكد مركز الأمن البحري التزامه تجاه المساهمة في تأمين سلامة الملاحة البحرية جنبًا إلى جنب ومع باقي مراكز الأمن البحري في المنطقة”(2)
      والمتابع المتخصص للمتغيرات الحاصلة على مستوى البيئة الأمنية الدولية عموما، والبيئة الأمنية البحرية على وجه الخصوص، يلحظ العديد من جوانب التغيير في الاتجاهات الأمنية المتعلقة بالتهديدات والمخاطر البحرية المعاصرة، حيث يجد وبشكل واضح تصاعدا في تلك التهديدات والمخاطر البحرية، خصوصا تلك المخاطر المنبثقة عن التسلل والتهريب بمختلف أشكاله والقرصنة البحرية والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة، وإعاقة طرق الملاحة الدولية، والإرهاب البحري.
      ولن ندخل في التاريخ البحري العماني الموغل في القدم والشاهد على أهمية الأمن البحري ودوره في تشكيل البناء الأمني الحضاري والوطني للسلطنة، فيكفي الحاضر للدلالة على هذه الأهمية الاستراتيجية سيطرة سلطنة عُمان على أقدم وأهم الطرق التجارية البحرية في العالم، وهو الطريق البحري بين الخليج والمحيط الهندي، يضاف إلى ذلك إشرافها على مضيق من أهم المضائق البحرية الدولية وهو مضيق هرمز والذي أكد على أهميته ودور السلطنة الرقابي عليه المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد “طيَّب الله ثراه” في لقاء صحفي معه في العام 1973م حيث قال “نحن نعتبر أن مضيق هرمز ممر مائي دولي، ولا نقبل بأي وجود أجنبي فيه”(3)
      وإن كان من كلمة أخيرة تقال في سياق هذا الموضوع فهي التوصية برفع مستوى الاهتمام بالأمن البحري الوطني على وجْه التحديد في الفترة القادمة، هذا بالإضافة إلى أهمية تحليل ودراسة المخاطر البحرية المستقبلية والتي ستؤثر على البيئة الأمنية الدولية عموما والبيئة الأمنية العمانية على اعتبار أنها جزء من كل، مع التأكيد على زيادة المخاطر والتهديدات البحرية القادمة من القارة الإفريقية،
      أبرزها تلك المتعلقة بالقرصنة والإرهاب البحري نظرا لتغير مراكز ثقل نشاطات التنظيمات الإرهابية “تحديدا دول الساحل الإفريقي مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو والكاميرون وموزمبيق وجمهورية الكونغو وإثيوبيا، أو في الحدود الإفريقية المليئة بالثغرات كما يطلق عليها مثل الحدود بين تنزانيا وموزمبيق، هذا إذا ما أضفنا إلى ذلك دولا مثل السودان والصومال اللتين شهدتا ارتفاعا ملاحظا في أعداد الضحايا والهجمات الإرهابية خلال الفترة من يناير حتى أبريل 2021م”(4)
      ـــــــــــــــــــــــ
      1- مركز الأمن البحري العماني، (المهام) تاريخ الدخول 6 أغسطس 2021م، على الرابط:
      https://www.mod.gov.om/ar-OM/MSC/Pages/aboutus.aspx
      2- مركز الأمن البحري، مركز الأمن البحري يواصل متابعته والتعامل مع ما تعرضت له الناقلة (ASPHALT PRINCESS) في المياه الدولية، تاريخ النشر 3/ 8/ 2021، تاريخ الدخول 6/ 8/ 2021م على الرابط:
      https://www.mod.gov.om/ar-OM/MSC/Pages/2021/4-8-1.aspx
      3- محمد بن سعيد الفطيسي، مضيق هرمز في العقيدة الأمنية العمانية، صحيفة الوطن العمانية، تاريخ النشر 12/ ديسمبر/ 2016، تاريخ الدخول 7/ 8/ 2021م على الرابط: https://alwatan.com/details/158875
      4- محمد بن سعيد الفطيسي، الاتجاهات المستقبلية للإرهاب (التحول في مراكز الثقل)، صحيفة الوطن العمانية، تاريخ النشر 2 مايو 2021م، تاريخ الدخول 7 / 8/ 2021م على الرابط: https://alwatan.com/details/423365

      Source: alwatan.com/details/433461