شكرا .. كوكب اليابان

    • خبر
    • شكرا .. كوكب اليابان

      Alwatan كتب:

      محمد عبدالصادق:
      أسدل الستار على الدورة الأولمبية الثانية والثلاثين ـ طوكيو 2020، والتي نظمتها اليابان بعد تأجيلها سنة، جراء جائحة كورونا التي تربصت بالحدث الرياضي الأهم، وأحاطته بهواجس من الشك والريبة والخشية من تفشي الوباء الذي حير العالم، في بلد أغلب سكانه من كبار السن وهي الفئة الأكثر عرضة لتداعيات كورونا، وخرجت استطلاعات الرأي طوال العام الفائت تؤكد رفض أغلبية اليابانيين إقامة الأولمبياد على أراضيهم.
      رغم الضغوط الصحية والشعبية وتصاعد أرقام إصابات ووفيات كورونا، أصرت عمدة طوكيو واللجنة المنظمة على انطلاق الأولمبياد في ميعادها، مع تطبيق حزمة من الإجراءات والتدابير الاحترازية الصارمة؛ منها تقليص عدد الوفود والبعثات المشاركة، وإقامة المباريات وراء أبواب موصدة بدون جمهور سواء من داخل أو خارج اليابان، وتطبيق نظام الفقاعة الطبية على المشاركين، بحيث يتم اصطحاب الوفود المشاركة من سلم الطائرة بعد قياس درجة حرارتهم إلى فندق الإقامة، حيث يجرون فحوصات كورونا قبل تسكينهم في غرفهم وتخصيص غرف معزولة لإيجابيي كورونا وأخرى للمخالطين لمدة سبعة أيام يتم في نهايتها عمل مسحة ثانية قبل السماح لهم بالمشاركة، كما تم فرض حجر صحي على جميع العاملين بالفنادق المخصصة للبطولة في كافة المدن اليابانية المشاركة في التنظيم، بعد التأكد من خلوهم من كورونا عن طريق فحوصات الـ(بي سي آر)، ومنعهم من مغادرة أسوار الفنادق أو مخالطة الأغراب، وتم بالفعل ترحيل بعض اللاعبين والإداريين الذين خرقوا الفقاعة وخرجوا للتنزه أو التسوق خارج مقر إقامتهم، وربما العدد القليل لحالات الإصابة بكورونا طوال أيام الأولمبياد التي استمرت قرابة أسبوعين، يؤكد نجاح نظام الفقاعة الطبية الذي انتهجته اليابان.
      كانت اليابان في الموعد وعلى قدر التحديات، وحشدت إمكاناتها البشرية والمادية والتقنية لإخراج دورة استثنائية، ارتفع عدد الرياضات المشاركة فيها إلى 33 رياضة تحتوي على 339 مسابقة، استضافها 42 ملعبا ومنشأة رياضية موزعة في جميع أرجاء اليابان، وشاهدنا خمس رياضات جديدة تشارك لأول مرة في الأولمبياد هي التسلق الرياضي، والكاراتيه والتزلج بجميع أنواعه، وركوب الأمواج والبيسبول، بجانب إدخال تعديلات على ألعاب القوى وتنس الطاولة والسباحة والدراجات الهوائية بحيث يتكون فريق التتابع من رجال ونساء واختلاط الجنسين في منافسات كرة السلة المصغرة 3×3 وفي الجودو والقوس والنشاب والترياثلون.
      تكلفت اليابان 15.4 مليار دولار لتنظيم الأولمبياد، وهو رقم منخفض إذا ما قيس بالـ44 مليار دولار التي أنفقتها ريودي جانيرو على تنظيم الأولمبياد السابقة، بسبب توافر بنية أساسية مدنية ورياضية في اليابان، التي لم تنشئ سوى الاستاد الأولمبي في طوكيو الذي استضاف الافتتاح وباقي المنشآت الرياضية تم تأهيلها فقط لتكون جاهزة للاستضافة، وشاهدنا التجهيزات الفنية والكاميرات الذكية متواجدة في كافة الملاعب والصالات، ولم نسمع عن عطل أصاب أجهزة “الفار” التي اكتشفنا اللجوء إليها في معظم الرياضات، كما ظهر إنترنت الأشياء والروبوتات في ضبط عملية الانطلاق والوصول إلى خط النهاية في ألعاب القوى والسباحة بتثبيت حساسات وكاميرات فائقة الدقة بأجهزة الانطلاق متصلة بحواسيب آلية تمنع الخطأ البشري.
      تكبدت اليابان خسائر مادية فادحة جراء تنظيم البطولة، حيث لم تتجاوز عوائد الرعاية وحقوق البث التليفزيوني الـ5 مليارات دولار، وخسرت مليارات الدولارات كانت متوقعة من السياحة الخارجية وبيع تذاكر المباريات، بجانب التكاليف الصحية وإجراء آلاف الفحوص والمسحات الطبية، وتكاليف الأمن، حيث مئات الآلاف من رجال الأمن في تأمين الدورة وتطبيق إجراءات مكافحة كورونا داخل وخارج الملاعب والقرية الأولمبية.
      ولكنها نالت احترام وإعجاب سكان العالم الذين استمتعوا طوال أيام الدورة بهذا المستوى المذهل من التنظيم والدقة والإبهار والأداء الرياضي الراقي في جميع الألعاب، الأمر الذي أثبت أن الرياضيين الجادين الذين يسعون وراء الأرقام القياسية لم تمنعهم كورونا أو الإغلاقات عن التدريب المستمر والاستعداد بكل قوة للأولمبياد، لذلك شاهدنا عشرات الأرقام القياسية في ألعاب القوى والسباحة ورفع الأثقال تتهاوى ويتم تحطيمها.

      Source: alwatan.com/details/433582