Source: alwatan.com/details/433577Alwatan كتب:
د.أحمد بن علي المعشني:
يظن أغلب سكان محافظة ظفار بأنها منطقة جميلة وهبة إلهية بخريفها الذي يحول الأرض الجرداء إلى جبال وتلال خضراء، وبالتالي يضعون مرئياتهم في كل موسم سياحي لتقديم بعض الخدمات التي يستفيد منها أصحاب البيوت والبقالات وباعة الأكشاك، ويكتفون بذلك تلبية لحاجات بعض السياح الهاربين من وطأة لهيب الحر المستعر في بقية مناطق السلطنة والخليج.
ويهملون بغير قصد طبعًا الفرص السياحية التي تتجاوز سياحة الخريف، والمتمثلة في تنوع الطبيعة بين أربعة مستويات: ساحلية وجبلية، ونجدية وصحراوية.
أرض ذات سهول واسعة وجبال شاهقة وكهوف متنوعة الأشكال والمساحات ووديان تزركشها التلال والشعاب وتكسوها الأشجار النادرة والطبيعة الخلابة التي تجتذب أنواع غير محدودة من الأحياء والنباتات، فهي جنة على أرض جميلة حباها الله ببحر بديع وسواحل فضية تلمع نهارًا وتضيء ليلًا، ووديان تجري خلالها العيون والأنهار من ضربة علي في ضلكوت حتى حضبرم وناطف وصيناج في حاسك، فضلُا عن البطون النجدية التي تكشف عن بريق جمال باهر في الشتاء وفي موسم الربيع.
جميع هذه المقومات الطبيعية المتعددة يمكنها بما فيها من معالم وحكايات وأساطير أن تشكل متاحف طبيعية عملاقة ومزارات سياحية وفعاليات ومهرجانات كالتي اعتاد سكان محافظة ظفار أن يحتفلوا ويبتهجوا بها عبر تاريخهم.
فلكل موسم طقوسه وفعالياته واحتفالاته، فموسم الربيع (الصرب) تصاحبه فعالياته وفنون وأهازيج ولموسم صيد السردين (الضواغي) جاذبيته لدى عشاق ركوب البحر، كما أن للمزارات الدينية المتناثرة في جميع مناطق ظفار شرقها وغربها بما تحفل به من حكايات وأساطير تحكي موروثًا غنيًا بالطاقات الروحية وتتحدث عن حميمية عميقة بين الإنسان والأرض، كذلك تبهرنا الطبيعة الساكنة الوادعة التي توفّر مناخًا لسياحة ممارسة التأمل والصمت، والتي يمكنها اجتذاب المؤتمرات والمهرجانات من مختلف الثقافات.
ولا يغيب عن ذاكرتنا موسم سياحة خطيل الإبل، هذا المخلوق التاريخي المعجز الذي يستوطن السهل والجبل والبادية ويمثل جمالًا طبيعيًا ورائعًا بما له من جمال معجز ذكره القرآن الكريم، وعدد له لكل من يشاهده يعبر الشارع بين السهل والساحل، حيث يتوقف السياح ويلتقطون الصور ويداعبها الأطفال وهي تعبر الشارع غير عابئة بما يجري من حولها، تعلم الناس الصبر والهدوء والأنفة والشجاعة والاستمرار، مخلوق عجيب تحاضره الحفريات وكتل الاسمنت وتصخب سمعه الأصوات الغريبة, ويمكننا أن نجعله مصدرًا رائعًا للثراء والجذب السياحي، فضلًا عن القيمة الغذائية لحليبه.
أتذكر تلك الألوان الزاهية لخيام رعاة الإبل (اديغوف) تقيهم من المطر وتتيح لهم الاستمتاع بزخاته الخفيفة الناعمة عندما ترتطم بظهور تلك الخيام المنصوبة بطرق فنية تظهر براعة النساء وجمال ذوقهن، كانت تنصب بطرق فنية جميلة تظهر الخيمة على شكل هلال أبيض يغلق من جهة المطر ويفتح باتجاه الجبل والسهول الخضراء، يتساقط رذاذ المطر على ظهره المقوس، يتساقط المطر على شكل حبات متقطعة تعزف إيقاعًا رائعًا يزيد الهدوء والسكينة للناس بعد عناء التجوال والرعي، ثم تأتي نسمات الهواء من أطراف تلك الخيام الجميلة.
كل المقومات التي ذكرت نماذج منها يمكنها أن تقدم معطيات لتفكير سياحي ابداعي يطور السياحة وينهض بها مع توفير الفرص والمجالات الآمنة والإيجابية للإنسان والطبيعة ومقوماتها المتنوعة.* رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية ـ مؤسس العلاج بالاستنارة (الطاقة الروحية والنفسية)
رحاب: آفاق السياحة الثقافية والتراثية في ظفار
- خبر
-
مشاركة