رحيل عام هجري. .عبرة لأولي الألباب

    • خبر
    • رحيل عام هجري. .عبرة لأولي الألباب

      Alwatan كتب:

      د. خلفان بن محمد المبسلي:

      رحل العام الهجري بأسره، طاويًا خلفه صفحات من الزمن ـ سيدونها التاريخ ـ بما تضمنه من خير وشر أصاب العالم بأسره، رحل تاركًا خلفه عديد الدروس والعبر التي بقيت سيذكرها العالم ما حيينا، قصص وسيناريوهات ومتاهات متعددة لم يتصورها العقل البشري أنها ستحدث يومًا ما، ولنعتبر ذلك (ظاهرة زمن) أبرزها إغلاق الحرم المكي خلال العام الهجري وغلق المساجد، واقتصار الصلاة في المساجد الكبرى على فئة معينة وغلق المنافذ البرية بين الدول، كذلك كثرة الأموات التي تكدست في المستشفيات في أغلب انحاء العالم، واحتجاز البشر في بيوتهم ومنعهم من الخروج في حظر كلي في مواسم الأعياد والاحتفالات الرسمية، وغلق جزئي في باقي الأيام، وأكثر من مائتي مليون مصاب بـ(كوفيد ـ 19) حول العالم. رقم قياسي لم نسمع عنه رغم الحروب والجوائح والمجاعات التي حصلت في مختلف أنحاء العالم، وانهيار المنظومات الصحية في كثير من بقع العالم لدرجة أننا نشاهد بكاء ملائكة الرحمة (الأطباء) وهم عاجزون عن إنقاذ الأرواح، أو تقديم العلاج لمرضى (كوفيد ـ 19)
      ومنهم من قضى نحبه أمام مرأى الأطباء دون حول لهم ولا قوة، ومن الأطباء والممرضين من أصابته العدوى، فبقي طريح الفراش ومنهم من فارق الحياة.
      فهل نجد أقسى درس مما حدث خلال عام هجري مرَّ علينا سريعًا بأيامه، حيث كانت دروس العام المنصرم عظة وعبرة تنبؤنا بأهمية تعديل السلوك، واستغلال الفرص بأمثل استغلال، والعمل بجد واجتهاد والسعي خلف الأرزاق والتنافس الشريف وعدم التهاون في العبادات، وحفظ الحقوق وترك المنكرات، غير أننا نتهاون ونسوّف باننا غدا سنكون في أفضل حال في سلوكنا، حتى ينتهي العام وتفتك بنا الآفات والأوجاع وتلك الأيام نداولها بين الناس.
      عام هجري رحل، ونعيش اليوم في كنف أيام عام هجري جديد، فمن المصائب التي وقعت في العام المنصرم ومن المآسي التي طالتنا ومن الاشكاليات والأمراض والأسقام.
      .وغيرها من مسببات الجوع والفقر والركود الاقتصادي حول العالم وغيره من مجريات الحياة التي مرَّت كواد سحيق تجوب اقطار العالم وهي تلقي بشرورها بين البشرية ولا يكاد بيت في العالم إلا ونكدت عليه سكينته، وأقضت مضجعه، تلك هي المصائب لا تأتي فرادى، ولا ريب أن أيام العام الهجري المنصرم خيرها وشرها من الله تعالى..فهل يتعظ الانسان بما حلَّ به من كوراث ومصائب..وهل يُعدُّ الانسان جزءًا كبيرًا في أسباب ما يحدث من حوله..؟.على كلٍّ، من يتأمل الهدف السامي من الهجرة النبوية الشريفة التي فرضها الله تعالى على نبيه يجد بأنها أعظم حدث غير التاريخ البشري، وغيَّر مسار البشرية في سلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم فأضحت منهج حياة بنظمها وقوانينها ونعني بذلك الانتقال المعنوي أو السلوكي أو المكاني من حال إلى حال مختلف تمامًا من ضعف إلى قوة.
      .وهل يتأتى ذلك سوى بالاتحاد ونبذ الخلاف والتفرقة وهو على حياء في مسيرة البشرية ومن فقر إلى غنى؟!..وهل يتأتى ذلك سوى من مساعدة الغني للفقير ودفع الزكاة والصدقات..وغيرها؟! وهو ما ينجلي اليوم من إشكال بعثر السلوك وشتت الذهن فطغى الغني على الفقير فازداد الفقر وظهرت العداوات والسرقات والكبائر وغيرها حتى ابتلينا بالأمراض والآفات.على كل حال، نطمح في العام الهجري الجديد أن نعمل جميعنا على تعديل مسار سلوكياتنا في الحياة، وأن نؤلف بين قلوبنا، ونعمل بمقتضى العلم الذي تعلمناه، ونبني أوطاننا خير بناء وإعمار، متكلين على الله تعالى فالتوكل أمرًا ضروريًا مع الأخذ بالأسباب، وأن يعم العدل والسلام بين أرجاء العالم أجمع وان يكون العام الجديد نهاية للأحزان وآخر الأوجاع والآلام وأن يكتب الله لنا صفحة بيضاء نقية نعيش فيها ببسمة تسعدنا وفرحة تغمرنا وندعوه سبحانه أن يرسّخ مشاعر الحب في قلوبنا كما رسخ مشاعر الحب فآخى بين المهاجرين والأنصار، ولنعي أن نشر الحب والسلام والعدل بين البشرية أمرًا مهمًا في حياة الانسان.
      .وكل عام والجميع بخير، وفي ذلك فليتأمل المتأملون..أنّ رحيل الأيام والأعوام عبرة لأولي البصائر والألباب.
      dr.khalfanm@gmail.com*

      dr.khalfanm@gmail.com

      Source: alwatan.com/details/433722