بوح الخزامى: رسائل هجرية في طريق النور

    • خبر
    • بوح الخزامى: رسائل هجرية في طريق النور

      Alwatan كتب:

      سميحة الحوسنية:
      بدأت اشراقات النور تبدد ليالي الظلام الحالك لتكون إطلالة دينية مهيبة من على شرفات تاريخ الدعوة الإسلامية ورسالتها العظيمة حين أضاء نبراس الاسلام بقاع العالم..
      فكانت الهجرة النبوية حدثًا مهمًا غيّر مجرى التاريخ..
      هجرة من الظلام إلى ديسق الحق، ومن العتمة الى النور، ومن الضيق إلى آفاق رحبة..
      فكان التوكل والثقة بالله عز وجل ليبدأ سيناريو جديد من فصول الدعوة الاسلامية غيّر مجرى حياة البشرية، فكانت الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بأمر إلهي وامتثال نبوي بعد انتظار الأمر من الله بالإذن لنبيه الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم).هذا الإنسان الذي اختاره الله سبحانه وتعالى من بين سائر مخلوقاته لأن يكون خليفة في الأرض وسيدًا في الكون، حتى يلحق بأصحابه بطيبة (المدينة)، لتبدأ عملية تنظيم ورسم خارطة الدعوة بدءًا من موعد الانطلاق والأوقات الزمنية والاتجاهات والاستعداد والتخطيط المنظم من حيث جاهزية المئونة وضمان وسيلة النقل وتحديد الأدوار واختيار الشخصيات المناسبة والاستعانة حتى بغير المسلمين من ذوي الخبرة والثقات..
      وهذا ما وجدناه في اختيار (عبدالله بن أريقط) كدليل للطريق وما أبداه أبو بكر الصديق من وفاء وتضحية في تسخير أهل بيته لخدمتهما وهما في الغار ليكون وعد وثقة الله سراجًا يضئ عتمة الخوف، فها هما السيدتان (عائشة وأسماء) ابنتا أبي بكر الصديق يحملان الزاد والخطر محدق بهما يتلفتان يمنة ويسرة..
      خشية من أن يكون قد لحق بهما أحد خوفًا على
      (الأمين والصديق) ولكن تحفهن العناية الإلهية لنصرة دين الله ونبيه الأمين، والمعجزات الحسية التي ظهرت كنسج العنكبوت بيتها وعش الحمامتين والكثير من السيناريوهات التي تدل على صدق الرسالة وتأييد الله ووعده بالحماية والنصر.
      وبدأت الفصول الأخرى من الدعوة الإسلامية حين خرج النبي الكريم ليلًا مع صاحبه (أبي بكر الصديق) الصادق الصدوق والثقة بالله تسبق خطواتهم وترسم لهم دروب النور التي تبدد عتمة الطريق ووعورته من أجل حمل الرسالة العظيمة وتبليغها بصبر جميل..
      فكانت الهجرة سبيلًا لا مناص منه لنشر الدعوة وقيام دولة الاسلام العظيمة.
      مضوا تاركين خلفهم قصصًا من العذاب والشوك المغروس في قلب الصحراء..
      وسم مدسوس للقضاء على رسالته، حيث كان يعيش وأصحابه البررة وضعًا في غاية الصعوبة تنوعت فيه صنوف العذاب والمضايقات وتعددت أساليب الأذى بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وبأصحابه الكرام ـ رضي الله عنهم ـ مضى ويخلفه في مضجعه ابن عمه (علي بن أبي طالب) ـ كرّم الله وجهه ـ هذا الشجاع الذي لم يكترث للموت ولم ترعبه سيوف الحقد والبغضاء لهذا الدين من فتيان قريش والتي كادت أن تودي بحياته وقد نما إلى علمه أنهم يطوقون المنزل لقتل حبيب الله، فمحبته لرسول وللدين كانت أعمق من التفكير بالموت فكان حصنًا حصينًا..
      يفتدى بروحه من أجل سيد الخلق..
      محمد المصطفى حيث أمره الحبيب بالبقاء في مكة حتى يؤدي الأمانات التي كانت مع النبي لأهل مكة فكانت شهادة المشركين بأمانة النبي ووضعهم أماناتهم عنده دليل على تصدره للأمانة في قريش وتأكيد نبوته وأخلاقه الحسنة فهو الصادق الأمين..
      ويأتيه بجديد الأخبار الصحابي
      (عبدالله بن أبي بكر)..
      الكل يجتهد من اجل تقديم التضحية ونصرة دين الحق فكان اختياره للأشخاص بعناية فائقة كيف لا وقد اجتمعت فيه جميع الصفات النبيلة وتحفه عناية الله دائمًا أينما كان.
      وفي مشهد الاستقبال المهيب للأعظم شخصية عرفتها البشرية والتاريخ حين خرجت(طيبة)
      عن بكرة أبيها رجالًا ونساء وأطفالًا في مشهد لن يتكرر..
      يهتفون والفرحة تغمر قلوبهم بقدوم المصطفى..
      فكانت الطلعة البهيجة والمؤثرة حين ظهر الموكب ليستقبله الانصار والمهاجرين بسعادة عارمة ارتسمت على كل الوجوه فأفعمت لحظات الفرح بالدموع في هذا المكان الطاهر الذي سطع فيه نور الهدى وانطلقت منه هذه الكلمات الجميلة التي أخذ يتردد صداها في بقاع العالم (طلع البدر علينا..
      من ثنيات الوداع..
      وجب الشكر علينا..
      ما دعا لله داع..
      أيها المبعوث فينا..
      جئت بالأمر المطاع..
      جئت شرفت المدينة..
      مرحبًا يا خير داع).حيث سجّل التاريخ الاسلامي أروع وأعظم مراسيم استقبال بشري في تاريخ البشرية لسيد الخلق صاحب الخلق الحسن الذي أضاء نوره الكون وأزيلت في حضرته الحجب ليسطع نوره.
      استقبال لم ولن يتكرر في تاريخ الامة وقد امتلأت القلوب بالفرح والايمان ومضى الجميع مبتهجًا في طريق الاسلام ورسالته ونصرته والتضحية بالنفس والمال من أجل رفع رايته في أعظم تجمع شهدته الأمة الاسلامية.
      * بوحي:
      انسلخ العام الهجري لتستقبل الأمة الاسلامية عامًا هجريًا جديدًا وها هو العالم يحتقل بتلك المناسبة الهجرية الغالية بما تحمله من إرث دينيي وتاريخي له الكثير من الأبعاد..
      وتعتبر الهجرة النبوية حدثًا مفعمًا بالدروس والعبر ورسائل جمة.
      فعلى الأمة الإسلامية أن تعتبر التاريخ الهجري ميقاتًا لها وتتمسك به ويتم من خلاله توثيق وتأريخ جميع معاملاتها وشؤونها، قال سبحانه وتعالى:(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)، فلماذا لا يتم التمسك بهذه الشهور القمرية ولاسيما أنّ جميع العبادات منوطة بها، كالصيام والحج والزكاة وسائر العبادات..
      بدلًا من الشهور الشمسية التي نتعامل بها في مجريات الحياة من شؤون والتي يعول الناس عليها في تاريخهم الحالي..
      نسأل الله العلي العظيم زوال الجائحة ورفع الضر، وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.
      * مراسلة (الوطن) في الخابورة

      Source: alwatan.com/details/433899