ولنا كلمة: لتر البنزين بعد الكهرباء

    • خبر
    • ولنا كلمة: لتر البنزين بعد الكهرباء

      Alwatan كتب:

      طالب بن سيف الضباري:
      مادة البنزين تمثل أحد أهم الاحتياجات الضرورية التي يستخدمها أفراد المجتمع ويحتاجون إليها بشكل دائم ومستمر، ولقد ظلت طوال العقود الخمسة الماضية في متناول الجميع من حيث الكلفة أو التسعيرة التي تتناسب مع مستوى دخل الفرد الشهري نظراً لوجود الدعم الحكومي، إلا أن التغيير الذي حدث مع تغير السياسات الاقتصادية، والبحث عن منافذ لدعم الموازنة العامة للدولة لم يجد الاقتصاديون المعنيون بُداً من اللجوء إلى رفع الدعم ورفع قيمة اللتر، وجعلوا حركته صعوداً مرتبطة بارتفاع سعر البرميل فكلما ارتفع سعر الأخير ارتفعت قيمة الليتر على المستهلك دون أن يكون هناك سقف يقف عنده، وبالتالي شعر المواطن بانه لابد أن يشارك الحكومة في الايرادات عبر مساهمته من الدخل الذي يحصل عليه من راتبه أو أي عمل آخر، فبعد أن اعتاد على أن يكون سعر اللتر لسنوات بما لا يتجاوز 120 بيسة أصبح الآن أكثر من الضعف، فالخمسة ريالات أصبحت 11 و 10 تجاوزت 22 ريالاً عمانياً وهذا بطبيعة الحال أحدث خللاً في موازنة ودخل عشرات الآلاف من المواطنين، خاصة أولئك الذين يقطعون بسياراتهم مسافات طويلة بشكل يومي للوصول إلى أعمالهم، في الوقت الذي لا توجد فيه بوادر مشجعة لتحديد تسعيرة ثابتة غير مرتبطة بسعر البرميل صعوداً أو هبوطاً تخفف عن كاهل المواطن مما يعانيه من وضع صعب في الجانب الاجتماعي والمعيشي.
      نعم الحكومة راهنت على تقبل المجتمع لهذا الوضع والتعايش معه مع مرور الوقت، إلا أن ذلك كان قبل أن يدخل في قائمة الفواتير التي يجب أن يدفعها لكي يستفيد من مجموعة من الخدمات الأخرى والتي معظمها مرتبطة باحتياجات معيشته اليومية، فتأزم عنده الوضع وصار أكثر جرأة وارتفعت عنده درجة المطالبة والمناشدة، بعد أن أدرك أن هناك خللاً في إدارة الملفات الخدمية والاقتصادية من قبل بعض الأجهزة، وأن القائمين عليها يبحثون عن السهل الممتنع لتحقيق انجاز يسهم في رفد الموازنة العامة للدولة ألا وهو جيوب أفراد المجتمع، بدلاً من البحث عن مصادر أخرى من خلال الممكنات التي بين أيديهم سواء بالاستثمار أو التأجير أو العمل على تقديم المزيد من التسهيلات التي تساعد في الحصول على المزيد من الدخل، لذا لابد من الإسراع في اعادة تسعيرة لتر البنزين قياساً بالوضع المعيشي للمجتمع، وأن تراقب محطات تعبئة الوقود بشكل مستمر لكي لا تعمل على استغلال أصحاب المركبات بأساليب وطرق مبتكرة هدفها الكسب المادي على حساب الكمية والجودة، وأن يتم دراسة الشكاوى التي تقدم من قبل المستهلكين بدقة وعناية واهتمام وصولاً إلى درجة الرضا التي ينشدها المجتمع من حكومته عبر نهضته المتجددة.
      إن مراجعة ملف كلفة لتر البنزين أصبحت حاجة ضرورية وملحة وهي في اعتقاد الكثير من المتابعين لا تقل أهمية عن ملف فواتير استهلاك الكهرباء، وبالتالي فإن ثبات واستقرار الوقود وعدم ربطه بسعر البرميل فيه استقرار للوضع الاجتماعي للمجتمع وعلى الحكومة أن تبحث عن بدائل أخرى بدلاً من جيب المواطن الذي أصبح لا يقوى احتمالاً للمضي في هذا المسار، فإذا كان الميسورون من الناس مستائين من هذا الاجراء فإن استياء من هم أقل مادياً لاشك أكبر، والسؤال المطروح في حقيقة الأمر هل الإيراد المحصل من بيع البنزين على المواطن أهم من استقراره الاجتماعي والأمني؟ في الوقت الذي ينتظر من حكومته بعد سنين عجاف أن يلامس ما ينتظره من زيادة في الارتقاء بمستواه المعيشي وزيادة دخله السنوي، لذا نحن بحاجة إلى جهاز إداري وخدمي واقتصادي يعمل ليكون الاقتصاد في خدمة المواطن واسعاده وليس العكس، فالإرادة السامية لقائد هذا الوطن تريد ممن حملته ثقتها لخدمة المواطن أن يكيف خططه وبرامجه وأدواره ليسعد شعبه، ويعزز فيهم قيم الولاء والانتماء للوطن والسلطان، ولتكن إعادة النظر في تسعيرة لتر البنزين البشارة الثانية من الحكومة بعد فاتورة الكهرباء لكي يستعيد المجتمع ثقته فيما أنتم مقدمون عليه لتنفيذ منطلقات رؤية عمان 2040.

      امين سر جمعية الصحفيين العمانية
      dhabari88@hotmail.com

      Source: alwatan.com/details/434062