Alwatan كتب:

عيسى بن سلّام اليعقوبي:
نراجع حياتنا وتفاصيلها بين فترة أخرى، علاقاتنا الاجتماعية..أصدقاءنا وإخواننا ومحيطنا الاجتماعي.
يجمعنا القدر أحيانًا بأناسٍ لم نلتقِ بهم إلا فجأة مثلًا في مقاهي القهوة ويحدث أن نبدأ حديثًا معهم لا إراديًا عند الكاشير (المحاسب) حول سعر الكوب الواحد مثلًا: لِمَ هو مرتفع في محافظة مسقط وأقل سعرًا في المحافظات الأخرى؟..
ويبدأ الحوار بهذا الموضوع العادي ثم تواصل الحوار لتجد نفسك متحدثًا عن قضايا أخرى اجتماعية كالزواج وتكاليفه المادية، ومواضيع سياسية كالقضية الفلسطينية وأحقية الشعب بالأرض والسلام الدائم، وفيروس كورونا الشغل الشاغل..وتساءل: هل أخذت اللقاح أم لا؟ وهل سنعود قريبًا لوضعنا الطبيعي؟!.ومن باب المجاملة في اللقاء الأول فإنك تتفق بلطف مع الطرف الآخر في أغلب آرائه وتؤيده محركًا رأسك أعلى وأسفل مرددًا: نعم..نعم..دون أن تسجل أي اعتراض عليه من باب اللباقة، ولكسبه في صفك شعوريًا من خلال هذا اللقاء الذي رُتّب بغير موعدٍ مسبق.
قد يحدث ذلك دون تخطيط مسبق وربما حدث مع بعضكم، فأحيانًا نحب فتح المواضيع مع أناسٍ لا نعرفهم ليقودنا ذلك إلى التعرف عليهم أكثر وربما صداقة حقيقية تستمر طويلًا لمجرد فتح موضوع بسيط جدًّا أو استفسار سريع حول أمرٍ معين..هل يذكرك هذا الأمر بأحد أصدقائك الآن؟ وهل أصبح مقربًا جدًّا لديك؟!.نعم هم أولئك الذين تكتسب صدقاتهم من لقاء عابر عن غير قصد ليكونوا بعد ذلك من نخبة الأصدقاء، لم تجمعكم لا مدرسة ولا جامعة ولا نشاط ولا حدث منسق أو فعالية، إنما ـ قدّر الله ـ أن تلتقي به صدفة أو نقول قدرًا مكتوبًا..فيكون نِعمَ الصديق بعد فترة وجيزة، فيصبح ملاذك الأول متى ما وقعت في ضائقة، ليفتح صدره لك وتعبّر عمّا تشعر به.شخصيًا أرى بأن هذا التعارف يكون إيجابيًا جدًّا في بعض الأحيان، فقد يصل الواحد منا إلى مرحلة يبحث عن متنفس للحديث حول أمرٍ يشغل تفكيره، أو حول مسألة اجتماعية تقلق راحته، ولا يفضل مناقشة هذه المسألة مع قريب، إنما مع (شبه غريب) صديق تعرّف عليه دونما موعد..يسمعه بإنصاف دون مقاطعة حتى ينتهي، وربما لا يجد عنده حل، فقط اكتفى بسماعه والتخفيف عنه بهدوء.
هذه المواقف البسيطة في حياتنا الاجتماعية لها أثر عميق في تغيير سلوكنا للأفضل دون أن نشعر، ونشعر بالامتنان حقًّا للحياة التي تهبنا هذه التفاصيل، وكثيرة هي المواقف التي ساهمت ومازالت تساهم في بناء حياتنا وتطوير شخصياتنا للأفضل، وأصدقاء اللقاء العابر أحد هذه المواقف.
* من أسرة تحرير (الوطن)
Issasallam@gmail.com