شارك عواطفك.. فالجميع من حولك

    • خبر
    • شارك عواطفك.. فالجميع من حولك

      Alwatan كتب:

      د. يوسف بن علي المُلَّا:
      نسمع في بعض الأحيان أن الأفراد يبتعدون عن الأشخاص غير السعداء أو أولئك الذين لديهم مشاعر صعبة أو مؤلمة. ولعلَّه أكثر من ذلك، فنحن كبشر عندما نحب بصدق أولئك الذين يعانون، بكل تأكيد، لا نريد تجنب إحباطهم أو قلقهم. وواقعيًّا، نريد المساعدة ولا بأس بذلك… يمكننا مساعدة من نحبهم وذلك بقبول مشاعرهم مثلًا.
      ومع ذلك ـ إذا كان بإمكاني القول ـ فقد وجد منذ فترة طويلة أن العواطف تقفز بين الناس من خلال عدد من الآليات، كالمحادثة التي ننقل فيها مشاعر الآخرين ونأخذها من خلال تعابير الوجه ونبرة الصوت. بل إنه من المثير للاهتمام أنك ربما تجد فردًا يتفاعل مع أشخاص معيَّنين، ويضحك أكثر من المعتاد، لكن مع الآخرين، تراه يشتكي كثيرًا ودائمًا. والمعنى أنك، لست مضطرًّا للعيش مع شخص ما؛ لأن مزاجه السيئ يداعبك. وهذا يقودنا إلى التمعُّن في حال أفراد كثر خصوصًا في مكان عملهم ـ على سبيل المثال ـ وما تحمله بعض تلك البيئات من سلبية سامة ومناخ يعمه السواد ـ إن صحَّ لي القول ـ وغالبًا ما يرجع ذلك إلى قيام شخص واحد أو عدد قليل من الأشخاص بإخراج الثقافة الإيجابية بأكملها عن مسارها. فإذا كنت قد عملت مثلًا عن بعد في العام الماضي (نتيجة لظروف جائحة كورونا مثلًا) وأصبحت أكثر سعادة ولا تتطلع إلى العودة إلى المكتب، فقد يكون ذلك لأن الحجر الصحي الخاص بك قد أخرجك من مكتب غير سعيد، طغت عليه السلبية المستمرة.
      ومن ثمَّ، فإن زميلًا غير سعيد في عملك قد يُسقط مكتبًا بالكامل، بينما، للأسف، يمكن لشخص سلبي للغاية ولديه عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي ـ إذا جاز لي القول ـ أن ينشر مشاعره السلبية إلى الآلاف.
      بلا شك، نحن نتفهم أن مساعدة الآخرين لا يمكن أن تجعلك سعيدًا كما لو كنت ـ عندما تكون بائسًا. لذلك إن تخيَّلت معي ستجد أنه من الطبيعي أن تبدأ بوضع قناع الأكسجين الخاص بك أولًا على متن الطائرة في حالة الطوارئ قبل مساعدة من بجانبك. وعلى هذا النحو، الأجدى أن تبدأ كل يوم من خلال الاهتمام بسعادتك حتى تخلق مخزونًا حقيقيًّا من السعادة لرفع مستوى شخص آخر.
      إضافة إلى ذلك، علينا أن نتذكر دائمًا أن مساعدة شخص آخر ليكون سعيدًا ليس بالأمر السهل، ولعلَّها ليست بتلك الصعوبة المطلقة إذا ما وجدت الإرادة الصادقة للمساعدة. وهنا من الجيِّد أن تجعل الشخص الحزين والقلق، ينخرط في نشاط تعرف أنه يحبه، خصوصًا لمعرفتنا بأنَ الانخراط في نشاط ممتع يحسن الحالة المزاجية أكثر من عدم القيام بأي شيء، ناهيك أن تخيُّل الفرد لتلك الأوقات الجيدة يجعله يخرج من تلك الغرف النفسية التي يعيشها.
      وهذا يقودنا إلى نقطة جوهرية، ألا وهي أنه يجب على الفرد أن يدرك، في مرحلة ما، أن الأشخاص الذين يحبونه لا يريدونه حقيقة أن يعاني. لذلك، لا ينبغي له أن يعزل نفسه أو يتظاهر بالسعادة لمجرد جعل الآخرين أكثر راحة، لأن هذا جزما لن يساعد أي شخص في النهاية!
      ختاما، يمكن أن تكون التعاسة من حولنا معدية بالفعل، لكن لا يتعيَّن علينا التعامل معها مثل جائحة كورونا والتي عانينا منها لفترة طويلة. وصحيح قد تكون التعاسة جزءًا لا مفرَّ منه من الحياة على الرغم من أنها غير مرحب بها، إلا أنها فرصة للناس لكي يعيشوا وينعموا، بل ويزرعوا معاني الحب والإخاء فيما بينهم.

      Source: alwatan.com/details/434407