أضواء كاشفة: اللقاح هو الحل

    • خبر
    • أضواء كاشفة: اللقاح هو الحل

      Alwatan كتب:

      ناصر بن سالم اليحمدي:
      منذ بواكير نهضتنا المباركة حرصت دولتنا العظيمة على الحفاظ على صحة المواطن، وجعلت توفير الخدمات الصحية والقضاء على الأمراض أولوية أولى، ومبدأ من المبادئ الأساسية ودعامة من دعائم النهضة الشامخة إيمانا منها بأن العقل السليم في الجسم السليم، وأن الصحة هي الوسيلة الفعالة لتحقيق التنمية؛ لأنها تضمن زيادة قدرة الإنسان على العطاء والإنتاج والعمل.
      وما أن ظهرت جائحة (كوفيد19) وانتشرت في العالم لم تكن السلطنة في معزل عنها، وبدأ الفيروس يتفشى بين جنبات الدولة ويسقط في طريقه الضحايا انتفضت الحكومة وفتحت أبواب المستشفيات بالمجان لتلقِّي العلاج، وجهزت أماكن للعزل والحجر الصحي، ووفرت الأكسجين والأدوية اللازمة، وكل ما من شأنه يعين المرضى على تجاوز الأزمة الصحية إلى أن ظهرت اللقاحات، وبدأت الدول تتهافت على شرائها وتطعيم أبنائها ومن ضمنها السلطنة التي لا تألو جهدا من أجل المحافظة على صحة شعبها فأنفقت الملايين في شراء اللقاحات عسى أن يقلل ذلك من أعداد الوفيات، لا سيما بعد أن تمت دراسة سلامة الدواء على نطاق واسع في التجارب السريرية، ووضعت منظمة الصحة العالمية معايير سلامة واضحة وصارمة للموافقة على أي لقاح تنتجه الشركات أيا كانت جنسيتها روسية أو صينية أو إنجليزية أو أميركية وغيرها.
      وبالفعل انخفض معدل الوفيات حول العالم منذ بدء تلقِّي اللقاحات التي أثبتت أنها تخفف من الأعراض المميتة وتقلل تداعيات فيروس كورونا في الجسم بحيث يشعر المريض المصاب بأنه دور إنفلونزا عادي، ووجدت الدراسات أن جرعة واحدة لا تكفي ويجب تلقِّي جرعتين، وأشارت دراسة حديثة إلى أن تلقِّي جرعة ثالثة يعزز من مناعة الإنسان بنسبة 300% وهذا المسار سيقضي على الفيروس بالتدريج ويعيد الحياة لطبيعتها مرة أخرى.
      المشكلة أن وسط هذا الكم من التفاؤل باقتراب انقشاع الغمة نجد أن شائعات غريبة ظهرت على السطح، وتداولها رواد التواصل الاجتماعي تشكك في فاعلية وسلامة اللقاحات، وتنشر القلق والهلع بين المواطنين والتي تتزامن مع حملة تطعيم طلبة المدارس من الفئة العمرية 12 سنة وما فوق في جميع محافظات السلطنة. ورغم أن هناك آلاف الكبار تلقوا اللقاح في البلاد ولم تحدث معهم أي مشاكل صحية منذ بداية التطعيم ديسمبر 2020م، إلا أن الخوف الزائد على فلذات الأكباد كان الماء العكر الذي اصطاد فيه أعداء الوطن لبث الرعب في نفوس الآباء من اللقاح حتى ولو باستخدام أخبار ملفقة وخرافات لا أساس لها من الصحة.
      إن حكومتنا الرشيدة تسير وفق منهج مدروس للوصول إلى المناعة المجتمعية ضد فيروس كورونا والتي من المقرر أن نصل إليها بنهاية أكتوبر المقبل عن طريق تحصين جميع الفئات المستهدفة بجرعتين، وبدلا من تقديم الشكر والثناء والعرفان للقيادة الحكيمة والمسؤولين على ما يبذلونه من مجهودات خارقة لتوفير اللقاحات وتحصين المواطنين نجد أن الإشاعات تنطلق لتشكك في فاعلية اللقاح بالنسبة للأبناء وتنشر أخبارا كاذبة عن وجود آثار جانبية ستؤثر عليهم مستقبلا، سواء في الرئة أو الذاكرة أو الصحة النفسية، وهي معلومات ليس لها أي سند علمي، بل على العكس فإن الشركات المصنِّعة للقاحات أجازتها للمراهقين وتلقَّاها ملايين الأطفال حول العالم ولم يحدث لهم شيء.
      السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا نجد هذا الخوف عند تطعيم الأطفال منذ اليوم الأول لولادتهم ضد شلل الأطفال والالتهاب الكبدي والحصبة الألمانية والجدري المائي؟ والسبب أن مروِّجي الإشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي أخذوا عهدا بتخويف الناس من لقاح كورونا.
      إن صناعة اللقاحات ليست جديدة على البشرية، فهي قديمة وأول ظهورها كان في عام 1798م عندما قام الدكتور إدوارد جينر بتلقيح الناس ضد جدري البقر من أجل منحهم المناعة، ومنذ ذلك اليوم واللقاحات تتطور وتثبت جدارتها في التحصين ضد الأمراض وأصبحت إلزامية في كثير من البلدان.
      لا شك أن تطعيم الأطفال ضد فيروس كورونا له الكثير من الفوائد التي ستعود عليهم وعلى المجتمع ككل؛ لأنه سيقيهم من الأعراض المميتة ويمنع نقل الفيروس للآخرين، لا سيما أن الأطفال في فترة من الفترات كانوا أكثر العوامل الناقلة للفيروس نظرا لأنه الكثير منهم لم تظهر عليهم أي أعراض، وبالتالي كانوا يصابون به وينقلونه دون أن يدري أحد.. إلى جانب أن هذا التطعيم يعد خطوة كبيرة في تحقيق المناعة المجتمعية التي تسعى لها الدولة، بالإضافة إلى أن التلقيح يمنع ظهور تحورات وطفرات جديدة من الفيروس.
      يجب على أولياء الأمور ألا ينساقوا وراء الإشاعات المغرضة والمعلومات المغلوطة، وينبغي أن يتصدوا لها بكل قوة؛ لأنها تعد حجر عثرة أمام تحصين المجتمع ضد المرض.. فاللقاح هو الحل الوحيد والفعال لمواجهة الجائحة، ومع بدء الدراسة ودخول الشتاء لا نريد أن نشهد كوارث جديدة، ونسمع عن إصابات ووفيات بالعشرات يوميا، لذلك على الجميع التكاتف مع الدولة وتشجيع الآخرين على الذهاب لتلقِّي التطعيم متى ما يطلب منهم ذلك.
      حفظ الله بلادنا وشبابنا وأطفالنا من كل مكروه وسوء وأيَّد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه بنصره وأعانه على مواجهة هذه الأزمة العالمية. فجلالته ـ أبقاه الله ـ لا يتوانى عن توفير الرعاية اللازمة في كل المجالات لكل من يعيش فوق الأرض الطيبة، ويسعى جاهدا كي يحقق لنا المستقبل الباهر المشرق الذي يضع اسم السلطنة وسط الكبار، ويحقق التنمية المستدامة الشاملة والرخاء والتقدم والازدهار.

      Source: alwatan.com/details/434581