Source: alwatan.com/details/435242Alwatan كتب:
محمد عبد الصادق:
عرف العالم دعم السلع والخدمات منذ عشرينيات القرن الماضي، وبالتحديد عقب نهاية الحرب العالمية الأولى واندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م، ومع ما سببته الحرب من فقر ودمار في كثير من مناطق العالم، ظهر مصطلح الدعم الحكومي وكوبونات الغذاء ومعونات البطالة، ومع استيلاء الشيوعيين على الحكم في روسيا وتأسيس الاتحاد السوفيتي الذي امتد إلى آسيا وشرق أوروبا، أصبحت الحكومة مسؤولة عن توفير مستلزمات الحياة للمواطن الذي اعتبرته ترسا في آلة ما عليه سوى الانخراط في العمل الذي تختاره له، حسب حاجتها وليس بالضرورة وفقا لمؤهلاته فهي أدرى بمصلحته، وظل المواطنون داخل الاتحاد السوفيتي يحصلون على سلعهم وخدماتهم بسعر رخيص يناسب ما يتقاضونه من راتب، وبموجب النظام الاشتراكي كان الجميع يعمل في الحكومة والقطاع العام، حيث تم تأميم المصانع والشركات والحيازات الزراعية، حتى محلات البقالة والحلاقين.
ظل النظام السوفيتي صامدا 70 عاما، حتى سقط وتفكك على يد ميخائيل جورباتشوف الذي تولى الرئاسة وهو يكره الشيوعية ويميل لأميركا والرأسمالية الغربية، وشهدت روسيا سنين عصيبة عقب السقوط المفاجئ للإمبراطورية السوفيتية، وعانى المواطن الروسي من البطالة والغلاء والفقر بسبب إلغاء الدعم وتوقف الحكومة عن التوظيف، وخصخصة الشركات الحكومية، وحتى الآن يخرج آلاف الروس من المتقاعدين وكبار السن للاحتفال بيوم السابع من أكتوبر عيد الثورة، ويتباكون على أيام العز والأمان الاجتماعي الذي كانوا ينعمون به تحت ظلها، رغم الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي قادها الرئيس فلاديمير بوتين طوال العقدين الماضيين، عقب توليه السلطة خلفا لبوريس يلتسين الذي انحدرت في عهده روسيا إلى مصاف الدول الفاشلة.
في أميركا، مهد الرأسمالية واقتصاد السوق، تخصص الحكومة مئات المليارات من الدولارات سنويا للدعم والمساعدات الحكومية، ولكن بصورة مختلفة، فهي تدعم الفلاح الأميركي بشراء فائض المحاصيل التي لم يتم تسويقها وتخصصها الحكومة لبرنامج المعونة الأميركية، وشعاره الغذاء مقابل السلام، وحققت الولايات المتحدة من ورائه نفوذا ومصالح استراتيجية متعددة لحاجة الدول الفقيرة وهي تمثل أكثر من نصف دول العالم التي تعاني نقصا في الغذاء للمعونة الأميركية، وبفضلها استطاعت أميركا إقامة قواعد عسكرية وتسهيلات بحرية وجوية في جميع قارات العالم.
كما تخصص أميركا دعما مجزيا لمعونات البطالة بشروط ولفترة محددة يتم خلالها توفير فرص وظيفية للمتعطلين، ويتم الحرمان من المعونة إذا رفض العاطل استلام الوظيفة، كما تخصص مساعدات غذائية للفقراء بموجب كوبونات تصرف لهم شهريا وفقا لقاعدة بيانات حكومية مربوطة بالتأمينات تبين دخله الشهري، ونفس الشيء في الصحة فهي لا تدعمها بشكل مباشر ولكن هناك نظام تأمين صحي يغطي كافة المواطنين الأميركيين، ويغطي أمراضا محددة مقابل اشتراك شهري أو سنوي يخصم إجباريا من مرتبات الموظفين وهو النظام الذي أطلق عليه” أوباما كير”.
التعليم في أميركا مجاني وإلزامي من سن الخامسة حتى 16 سنة في بعض الولايات و18 في ولايات أخرى، وهناك 10% من الطلاب يلتحقون بالتعليم الخاص الذي يخضع لإشراف حكومة الولايات، أما التعليم الجامعي ففي كل ولاية جامعة حكومية على الأقل تتيح التعليم المجاني بشرط اجتياز الطلاب لاختبارات القبول أو إنهاء سنتين دراسيتين بعد المرحلة الثانوية، وتستوعب هذه الجامعات 80% من الطلاب والـ20% يلتحقون بالجامعات الخاصة والأهلية.
في مصر ظهر نظام الدعم والبطاقات التموينية لأول مرة في العام 1942م نتيجة نقص السلع وارتفاع أسعارها أثناء الحرب العالمية الثانية لتوقف طرق التجارة البحرية والبرية، وتم استحداث وزارة للتموين، وتوزيع سلع مدعمة من الدقيق والسكر والزيت والوقود عن طريق الكوبونات على محدودي الدخل، وبعد قيام ثورة 23 يوليو توسعت الحكومة في دعم كافة السلع والخدمات، وأصبح التعليم والصحة مجانا من الحضانة حتى الجامعة، حتى الكساء الشعبي تم صرفه ببطاقة التموين، ومع تزايد عدد السكان ومحدودية الموارد نتيجة الحروب التي خاضتها مصر في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ارتفع العجز في الموازنة وثقل الدين الخارجي، وأصبح لزاما التخفف من فاتورة الدعم، وظل سعر رغيف الخبز نصف قرش “تعريفة” تحرك في الثمانينيات إلى قرشين وتدرج حتى وصل سعره إلى خمسة قروش، وما زال أكثر من 70% من المصريين يمتلكون بطاقات تموين ويعتمدون على رغيف الخبز المدعم، الذي يقول البعض إن جزءا كبيرا منه يستخدم كعلف للدواجن بسبب رخص سعره، بينما هناك من يحذر من الاقتراب من رغيف الخبز، ويرونه الحصن الأخير للاستقرار والأمن الاجتماعي.
شعوب العالم في حاجة إلى الدعم
- خبر
-
مشاركة