Source: alwatan.com/details/435241Alwatan كتب:
نجوى عبداللطيف جناحي:
نقصد بمجالات الوقف الخيري: هي الجهة التي يوقف عليها الواقف، ويطلق عليها في الشريعة الإسلامية الوقف على غير المعيَّن، أو الوقف على الجهة؛ لأن الوقف يقصد بها مجالا معيَّنا كالوقف على التعليم لا شخصا بعَيْنه. ويمكننا أن نقول إن مجالات الوقف هي المجالات التي تخدم المسلم بصورة خاصة والإنسان بصورة عامة وتقدم له الرعاية، باعتبار أن الوقف صدقة جارية على المسلم.
ومجالات الوقف واسعة ومتنوعة ولا حصر لها، ولكن أكثرها شيوعا هي: الوقف على الرعاية الدينية، الوقف على المقابر، والوقف على الرعاية الأسرية، والوقف على الرعاية الصحية، والوقف على التعليم. ويندرج ضمن هذه المجالات العديد من الخدمات التي تقدم للمسلم وللإنسان بصورة عامة.
الوقف على الرعاية الدينية:
ويقصد بالوقف على الرعاية الدينية هو “الوقف على توفير كلفة العبادة المادية”، وقد أثبتت الدراسات أن الوقف على الرعاية الدينية من أكثر الأوقاف شيوعا لإيمان الواقفين أنها أكثر تقربا إلى الله، ومن هذه الأوقاف: وقف المساجد، والوقف على رعاية المساجد كأن يوقف مزرعة ويشترط أن يكون ريعها لصيانة مسجد ما والنفقة على تشغيله كالنفقة على تنظيفه وإنارته ودفع مكافآت للقائمين على المسجد، وغيرها. كما أن توفير نفقات الحج، وتسهيل الخدمات للحجيج تُعد من الأوقاف الشائعة والتي يحرص على دعمها الواقفون، كما يحرص الواقفون على توفير احتياجات الصائمين بتوفير وجبة الإفطار وتسهيل توصيلها لهم، سواء في أماكن عملهم أو خارجها.
الوقف على رعاية المقابر:
ويقصد به توفير كلفة دفن الموتى كوقف الأرض التي تخصص لدفن الموتى، وبناء أسوار لها، ووضع المظلات، وتوفير حمامات متخصصة لغسل الموتى وتجهيزهم، ويوقف البعض على رعاية المقابر كأن يخصص عقار يعود استثماره على تحمُّل تكلفة دفن الموتى مثل: ودفع أجور من يعملون لحفر القبور، وتوفير مواد التحنيط، والأكفان وغيرها.
الوقف على الرعاية الأسرية:
ويقصد بها الوقف على توفير حاجات الفقراء والمساكين كتوفير المأكل والمشرب والملبس والسكن. ومن الملاحظ أن الواقفين يهتمون بتحديد شريحة معيَّنة من الفقراء والمساكين، فلا يترك الكلمة على إطلاقها، فالفقراء موجودون في جميع أنحاء العالم، فيحدد كأن يقول الفقراء من أهل قريتي، أو الفقراء من جيراني، وتختلف طريقة تقديم المساعدة للفقراء، فالبعض يوقف المسكن ليسكنه أحد الفقراء، والبعض يشترط استثمار العقار بتأجيره مثلا وينفق ثمرة استثمار على الفقراء، وهنا يرعى العلماء ألا يقتصر إنفاق الوقف على شخص واحد، فلا بد من الالتزام بصيغة الجمع حيث اشترط الواقف النفقة على الفقراء وليس على فقير واحد، وبالتالي يجب ألا يقل عن ثلاثة فقراء.
الوقف على الرعاية الرعاية الصحية:
ويقصد به هو “أن ينفق ثمرة استثمار العقار على علاج المرضى، سواء القادر منهم على دفع العلاج أو غير القادر”؛ باعتبار أن الرعاية الصحية لصحة المسلم تدخل في باب الضروريات وهي حفظ النفس وإنقاذها من الهلاك، فمن أحيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا، فتجد الواقفين يهتمون بوقف المستشفيات بتوفير المبنى وتجهيزه بالأثاث، وتوفير المعدات الطبية، كما يوقف البعض على تشغيل هذه المستشفيات كأن يخصص ثمرة استثمار عقار معيَّن لتوفير احتياجات المستشفيات من دفع أجور العاملين في المستشفى كالأطباء والممرضين.
الوقف على التعليم:
اهتم الواقفون المسلمون بالوقف على التعليم، فالتعليم له كلفة ماليه عالية فيتعذر على الغالبية تحمُّل كلفتها، كتوفير المباني، وتجهيزها وتوفير الكتب، وتحمُّل كلفة السفر للدراسة في الخارج، ونجد العديد من الجامعات تموَّل من قِبل الوقف الخيري، ويحتاج الطالب للتفرغ للدراسة فينقطع عن العمل، فيحتاج لمن يعيله ويعيل أسرته، ولا يشترط الوقف على التعليم أن يكون للفقراء فقط، بل هو دعم ومساندة للنابعين من طلبة العلم، فصناعة العلماء لها أجر كبير عند الله، ولا يقتصر الوقف على التعليم الديني فقط، بل يمتد إلى تعلم علوم الدنيا كعلوم الطب، والفلك، والهندسة وغيرها. ومن خلال تحليل الوقفيات تبيَّن أن الواقفين لا يكتفون بالنفقة على الطالب فقط، بل على من يعول ليستطيع التفرغ لطلب العلم. ويعلل الباحثون سبب ظهور الحضارة الإسلامية، وكثرة العلماء بها في جميع المجالات للوقف الخيري، حيث يتفرع العلماء للبحث العلمي وإصدار المؤلفات التي أثرت المكتبات الإسلامية وصنعت الحضارات.
وفي عموم الحال، فإن مجالات الوقف ترتبط ارتباطا وثيقا باحتياجات المجتمع واحتياجات الناس بحسب ما تمليه عليهم الظروف. وفي تقديري، أن مجالات الوقف يجب أن تخرج عن الطابع التقليدي وتقديم الخدمات المباشرة. فعلى سبيل المثال، أن تستخدم أموال الوقف لإنشاء مصانع توفر فرص عمل للشباب أو أن توفر لهم أدوات مهنة معيَّنة كأدوات الصيد، أو الآليات الزراعية أو غيرها فتساعد الشباب على كسب الرزق أفضل من مد يد العون لهم، أو أن يتم الوقف على توفير مصادر الطاقة، كتوفير الخلايا الشمسية، أو مصادر للكهرباء. لذا نتمنى من الجهات المعنيَّة بالأوقاف تشكيل لجان تُعنى بالدراسات الاجتماعية لتحديد أولويات حاجة المجتمع لمساعدة الواقفين على معرفة المجالات الأولى بالدعم… ودمتم أبناء قومي سالمين.كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
تويتر: @Najwa.janahi
لجان لتحديد أولويات مجالات الوقف الخيري
- خبر
-
مشاركة