Source: alwatan.com/details/435861Alwatan كتب:
أ.د. محمد الدعمي:
أطلق أول من لاحظ “التحويلة” في التاريخ، (أرسطو) عنوانًا معبرًا، هو “عالم التحول” The World of Becoming، وذلك في سياق دراسته العبقرية لــ(الشعر)، أو “المسرحية” التي كانت تسمى شعرًا Poetry حقبة ذاك. وقد طبق هذا الفيلسوف الإغريقي العظيم قانونها على المسرحية، ملاحظًا التحولية في ثلاث محطات، هي: “البداية” و”الوسط” و”النهاية”.
ولم يكتفِ هذا العقل العبقري بتطبيق قانون التحولية الكوني على المسرحية في بلاد الإغريق، ملاحظًا أن جميع الكينونات الحية والجامدة ومنها الإنسان لا بد أن تخضع لقانون التحولية عبر إناء الزمن الذي نسبح به جميعًا (كينونات) بلا استثناء!
والحق يقال، فإني شخصيًّا أشعر بسنة الأزل أعلاه، كلما استرجعت ما شهدته من أحداث ومتغيرات عبر العالم العربي طوال سني حياتي: من مرحلة “وحدة ما يغلبها غلاب”، و”الوحدة مطلبنا الأصلي هي والحرية والنصر” عبر عقدي الستينيات والسبعينيات، حتى مرحلتنا الجارية التي يعد من يذكر “الوحدة والحرية والاشتراكية” فيها ساذجًا أو فالتًا من دوران عجلة العصر. بل إنه يمكن أن يودع في الزنازين أو المشافي العقلية بسبب ذكره لفظ “الوحدة” (أي الوحدة العربية) بحد ذاته، خصوصًا وأن مثل هذا المواطن، وإن كان عربي الدم والنسب، لم يستجب لقانون التحولية المتواصلة منذ لحظة انتهاء “مؤتمر قمة الخرطوم” (الأكثر شهرة بعنوان: قمة اللاءات الثلاث!).
وإذا كان عالمنا العربي (بالمناسبة، كان تعبير “العالم العربي” غير محبذ على عهد البعث في العراق، لأنه كان ينكر مبدأ الوحدة، فاستخدموا تعبير “الوطن العربي” بديلًا).
هذا، وقد تدهور مشروع الوحدة القومية عبر “الوطن العربي” مذاك على نحو سريع للغاية، درجة استهجان ذكره من قبل الأغلبية من سكان هذا “العالم”، باعتبار أنه مشروع “يفطن على نوح”، كما نصف القديم وغير المقبول هنا في العراق الآن. وقد بقيت آثار له في المحافل الدبلوماسية العربية، من نوع جامعة الدول العربية وما شابه.
هذا الوعي بقوة التحولية الكاسحة هو من فضائل تجاوز سني المراهقة والشباب نحو أعوام التجربة والحكمة وبُعد النظر التي (للأسف) لا يدخلها الفرد إلا في عمر النضوج، في سنوات خريف العمر التي لا تسمح بأدوار اجتماعية أو سياسية فاعلة ومؤثرة. لذا، ينبغي أن نشكر من تجاوز عمره المراحل المبكرة أعلاه إن حاول نقل دروس التحولية المستديمة لمن سيبتلون بها من الشبان وذلك للإفادة ولتعميمها.
(التحويلة): سُنّة الأزل
- خبر
-
مشاركة