الأمان المنشود

    • خبر
    • الأمان المنشود

      Alwatan كتب:

      خالصة العوفية:
      تتراءى لنا الكثير من المواقف والمشاهد التي تطل علينا، وتظل عالقة في عقولنا نظرًا لأهميتها من حيث ملامستها للجوانب الإنسانية والمعيشية، تقودنا تلك المشاهد للتفكر في مصير الأجيال القادمة ومستقبل الدول والشعوب.
      لقد كانت لي نظرة عميقة من خلال المشاهد السياسية والاجتماعية التي عصفت بالعالم خلال الفترة السابقة والتي ما انفكت الشعوب تسترد عافيتها من هول المعاناة التي لازمتها خلال فترات ليست بالبسيطة حتى عصفت بها مواجع أخرى ليست محسوبة ومجهولة المستقبل، بل ربما معالمها قد تكون واضحة من خلال شتات وهجرة الشعوب من أوطانها، فأمم كانت في نعيم ورخاء واستقرار، فأصبحت في جحيم واضطراب.
      الأمن والأمان مفهومان ارتبطا ببعضهما البعض وذلك من خلال الإجراءات والممارسات المادية وما يؤول إليه من نتائج غير ملموسة تتمثل في الشعور والإحساس بالراحة والطمأنينة، مما يعتبر الدافع الرئيسي في الرخاء والاستقرار والمحرك لجميع مناشط الحياة، والمزود المناسب للقيام بكافة أشكال الأنشطة الحياتية اليومية بمعزل عن الخوف والقلق والتوتر، ويأتي هذا الشعور نتيجة قيام الحكومة والمؤسسات المعنية بالالتزام بكافة سبل الوقاية والحماية التي تضمن تحقيق الأمن وبالتالي الإحساس بالأمان لدى الأفراد، لذا فهو إحدى النعم التي تنشدها الدول والشعوب، والذي لا يقاس بالمال من أجل تحقيقه في سبيل حرية عمل الحكومة وحياة الشعوب الكريمة.
      في مشهد كمثيل له من المشاهد المعهودة، رأيت حجم الشتات والخوف والهلع لدى مجموعة من العائلات الأفغانية التي تطمح أن تعيش في أمان بعد الويلات التي لازمتها من دمار وقتل وتشريد خلال فترة تواجد القوات الأجنبية وما قبلها، نظرة الخوف بادية على وجوههم من المستقبل المبهم، فبالرغم من خروج القوات الأجنبية
      (المحتلة) إلا أن الساحة السياسية أصبحت خاوية وسلطة (طالبان) لا مفر منها، فالواقع ربما ستفرضه السوابق، وقد تكون العشرون سنة الماضية خلال تواجد القوات الأجنبية كفيلة بتغيير الأيدولوجيات سلبًا أم إيجابًا، العديد منهم حاولوا الفرار بحثًا عن ذلك الأمان، والآخر ينشد مستقبلًا ربما قد يستشرف آفاقه ولو بعد حين.
      ربما البعض منا لا يدرك نعمة الأمان التي نعيشه، لأننا نعيش في أمن أصبح رتيبًا، وقد لا يعي البعض الدور الذي تقوم به المؤسسات المعنية بتحقيق الأمن في سبيل تحقيق الرخاء والاستقرار، إلا إننا عندما نشاهد حجم المشاكل التي تعاني منها الكثير من الدول والشعوب ربما ندرك هذه النعمة.
      ثقة المواطن بحكومته تتأتى من خلال تحقيق الأمن المنشود والذي تتداخل أركانه المختلفة لتشكل تمازجًا محمودًا، حيث إن الرخاء والطمأنينة هي الطاقة الكامنة المحركة لعجلة التنمية البشرية، وبالتالي فمن الأولوية أن تكون هناك ثقة متبادلة من خلال الإجراءات الكفيلة بتنظيم الحقوق وتسهيل الخدمات والتخطيط السليم في مختلف المجالات، والشفافية في نواتج ذلك التخطيط، وفي المقابل النظر بروية فيما تقوم به المؤسسات المعنية من أجل بناء دولة يتوفر بها كل المقومات التي تكفل تحقيق الأمان المنشود، فالإصلاح نهج قويم نبتغيه ونستجديه، أما التذمر وتصغير الجهود فهو آفة لا تجدي نفعاً، بل تغرس الاتكالية والنمطية.
      أصبح البعض متذمرًا من كل شيء، فشبكات التواصل الاجتماعي تعج بالمواضيع التي لا ندري إلى ماذا ستؤول، الشحن المفرط والتقليل من الجهود هو السبيل للضغط على الحكومة، وإن كان مجديًا في حالات نظراً للتخطيط غير المحسوب أو عدميته من المؤسسات المعنية، إلا أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن تنسف الجهود المبذولة من المعنيين، وهذا يعني أننا يجب أن نوازن ما بين المطالب والإصلاح وبين التذمر غير المحمود عقباه.
      سيظل هذا البلد آمنًا مستقرًا ما أن تتجدد الثقة بين الحكومة والمجتمع، وما أن يرى المجتمع الدور الرقابي واضحًا في المحاسبة، والذي بدوره قد تتلاشى آفات تنغص أمن واستقرار البلد.

      Source: alwatan.com/details/435860