يحدث في بر مصر (2)

    • خبر
    • يحدث في بر مصر (2)

      Alwatan كتب:

      محمد عبد الصادق:
      غادرت السلطنة وأعداد كورونا شرعت في الانحسار بعد معاناة في محاولات كبح صعود منحنى الوباء، وفي الوقت الذي كانت مصر تودع الموجة الثالثة من كورونا، حيث تراجعت أعداد الإصابات إلى ما دون المائة ووفيات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وبالفعل لم أجد أثرا للجائحة، عندما وطأت قدماي أرض مطار القاهرة، الحياة تسير بشكل طبيعي؛ لاتباعد ولا كمامات وعادت معظم الأنشطة لسابق عهدها، ومنيت نفسي بإجازة مريحة بعد عامين من العزلة والاكتئاب، وبينما أستعد للتوجه لأحد مصايف الساحل الشمالي للبحر الأبيض المتوسط، بصحبة أسرة من أقاربي، حيث أبناؤهم في نفس عمر أولادي، وكما يقولون: “لا تحلو الرحلة إلا باللمة”، ولكن لسوء الحظ كانت كورونا لنا بالمرصاد وأفسدت كل خططنا للتصييف، فقد أصيب معظم أفراد الأسرة بالفيروس، وقررنا إرجاء المصيف حتى يتعافوا ويتخلصوا من هذا الدور السخيف، خصوصا وأن الدور أصاب الشباب والعواجيز، ويبدو أن الموجة الرابعة في طريقها للمنطقة، وأن الهدوء الذي لاحظناه الأسابيع الفائتة لم يكن إلا استراحة محارب، فلم يزل كورونا عفيا وقادرا على التحور والمناورة، والدليل أن معظم المصابين حصلوا على جرعة أو جرعتين من لقاحات كورونا، ربما تكون سببا في تعافيهم سريعا من المرض وتجنب التطورات التي لا يحمد عقباها، ولكن كثرة أعداد الإصابة بين المطعمين يدفعني للاعتقاد أن لقاح كورونا الحقيقي لم يكتشف بعد، وأن كل هذه اللقاحات التي تلقاها مليارات البشر ما هي إلا لقاحات تجريبية في سبيل الوصول لمخرج من هذا الوباء الخطير، ولما كانت الحلول منعدمة وليس هناك دواء ناجع للقضاء على كورونا حتى الآن، فمعظم العقاقير التي تستخدم في العلاج تم اختراعها لعلاج أمراض أخرى، فليس أمامنا سوى القبول بما أتاحه العلم من لقاحات فلا نملك رفاهية الرفض، وإذا كانت اللقاحات التي ظهرت لا تقي من كورونا بنسبة مائة في المائة فعلى الأقل – كما يقول الأطباء – فإنها تمنع تطور الحالات.
      ـ انعكست أزمة كورونا بشكل واضح على الناس في مصر من الناحية الاقتصادية فالجميع يشكو ضيق الحال الغني والفقير ومتوسط الحال، الكل يعاني من ارتفاع تكاليف الحياة وتضاعف قيمة فواتير الكهرباء خصوصا هذا الصيف شديد الحرارة والرطوبة ولا تستطيع الأسر التي تمتلك مكيفات منع نفسها عن تشغيله معظم ساعات اليوم، حتى نسيم العصاري الذي كانت تنكسر فيه درجات الحرارة في مصر لم يعد متاحا رغم اقتراب الصيف من نهايته، فلم تظهر بعد مقدمات الخريف.
      انعكس الوضع الاقتصادي على منظر المقاهي والمطاعم في شوارع وسط البلد بالقاهرة فهي شبه فارغة ولا أدري السبب، هل كما يردد البعض أن السبب حظر الشيشة في مقاهي ومطاعم العاصمة أم انخفاض القدرة الشرائية أم ارتفاع درجات الحرارة وتوجه كثير من المصريين إلى المصايف؟
      هناك حركة وتطوير ملموس للطرق والمحاور المرورية الرئيسية في العاصمة وخصوصا في شرق القاهرة؛ بداية من حي مدينة نصر مرورا بمناطق الرحاب والتجمع الخامس وطريق السويس المؤدي للعاصمة الإدارية الجديدة التي تنوي الحكومة المصرية الانتقال إليها قريبا، ومن أجلها حشدت جهود شركات التشييد والإنشاءات للانتهاء من افتتاحها نهاية العام، فهذه المنطقة تحولت لورشة عمل ضخمة يستمر العمل فيها على مدار الساعة
      ـ سكان بقية مناطق القاهرة يشكون من إهمال الأحياء وتقصيرها في أعمال الرصف والنظافة وينتظرون أن يصلهم قطار التطوير ليلحقوا بقطار الشرق الذي اتجه صوب العاصمة الجديدة.
      ـ للقضاء على مخالفات البناء أصدرت الحكومة المصرية قرارا بحظر البناء في القاهرة وعواصم المحافظات، حتى يتم توفيق أوضاع المساكن القائمة وتنظيم عملية البناء وفق تراخص بناء تلتزم بارتفاعات محددة وشروط بناء حضارية تراعي التخطيط العمراني، وهذا القرار ألقى بظلاله على صغار المقاولين وأصحاب المهن المرتبطة بالعقارات والعمالة اليومية وصغار المستثمرين العقاريين، كما أدى لارتفاع أسعار العقارات في القاهرة القديمة، واستثنى قرار الحظر شركات التطوير العقاري وسمح بالبناء في المدن الجديدة.
      -القاهرة من المدن القليلة حول العالم التي لا تعرف كسادا للعقار ، فمطلوب سنويا مليون وحدة سكنية جديدة لتلبية الطلب على العقارات ، سواء للأزواج الجدد أو راغبي الترقي بمسكنهم والانتقال لمناطق أرقى، كما اتجه كثير من المصريين لشراء العقار باعتباره وعاء ادخاريا.

      Source: alwatan.com/details/436053