نفتالي بينيت وواشنطن… وطهران

    • خبر
    • نفتالي بينيت وواشنطن… وطهران

      Alwatan كتب:

      علي بدوان:
      تُشير الوقائع على الأرض إلى أن حكومة (نفتالي بينيت) “الإسرائيلية” حكومة ائتلافية هشَّة، ومهتزة، ويُمكن انفراط عقدها بسهولة (وهو أمر متوقع على كل حال) نتيجة مكوِّناتها الحزبية المصطفة بغالبياتها إلى جانب قوى اليمين واليمين المتطرف وبالتالي لا تختلف في تركيبتها وسياساتها عن حكومات نتنياهو التي قام الأخير بتشكيلها خلال السنوات المنصرمة.
      التركيبة الحكومية (نفتالي بينيت + يائير لبيد) والتي تضم قوى متطرفة، وباستثناء حزبي العمل (الماباي) وميرتس، إضافة لجناح فلسطيني من القائمة العربية (جناح منصور عباس)، تركيبة هشة، وكلها تُشكل ائتلاف حكومة (نفتالي بينيت + يائير لبيد). فيما كانت الرغبة الأميركية لإدارة (جو بايدن) فور صعودها، بالتخلص من رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو لعدَّة أسباب، عدا عن الموجة الداخلية في حزب الليكود التي تطالب منذ فترة بإحالة نتنياهو على التقاعد السياسي، بل وتحويله إلى القضاء بسبب التهم التي تلاحقه والمتعلقة بالرشاوي والفساد وقبول الهدايا إلى جانب زوجته…إلخ. فالإدارة الأميركية الجديدة، كما التي سبقتها، تعمل على الخط الداخلي “الإسرائيلي”.
      بالفعل، والوقائع، لم تكن قمة (نفتالي بينيت + جو بايدن) مؤخرًا (آب/أغسطس 2021 في وشنطن)، كما أراد رئيس وزراء “إسرائيل” بتكريس تفاهمات بعيدة المدى، احتل فيها ملف المفاوضات الفلسطينية مع الطرف “الإسرائيلي” مكانةً هامشيةً في اللقاء، وخصوصًا رفض “حل الدولتين”، ومنها ما له علاقة بمدينة القدس، والدعم الأميركي المالي الذي عادت واشنطن لضخه لوكالة الأونروا بعد أن كانت الرئاسة الأميركية السابقة (رئاسة دونالد ترامب) قد أوقفته.
      وهنا نقول إن (نفتالي بينيت) كان أول رئيس وزراء “إسرائيلي” من اليمين المتطرف، وزعيم استيطاني سابق، قد استبق قبل توجهه مؤخرًا لواشنطن بإعلانه رفضه القاطع قيام دولة فلسطينية، أو تجميد أعمال الاستيطان في الضفة الغربية، رغم تأكيد التزامه بعدم ضمِّ أي أجزاء من الضفة الغربية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها..؟ لأن مثل هذه الخطوة لا تحظى بإجماعٍ داخل حكومته الائتلافية الضيقة والمعقدة التركيب. فيما توعد بإمكانية شنِّ عدوانٍ جديد على القطاع.
      وعليه، ومع وضوح زيارة (نفتالي بينيت) لواشنطن، فإن الملف الفلسطيني ليس من أولويات تل أبيب وواشنطن، بل إن الحكومة “الإسرائيلية” تعمل على تهميش القضية الفلسطينية بشكلٍ يتماشى مع التغيير والتبدُّل لأولويات واشنطن في هذه المرحلة، والتي تركّز أكثر على إيران، والتعامل مع التعقيدات التي تواجهها الولايات المتحدة من الصين وروسيا.
      بمعنى أن الإدارة الأميركية الجديدة (إدارة جو بايدن) سايرت وتفاهمت مع الموقف “الإسرائيلي” حول عناوين مُحدَّدة، لكنها احتفظت لنفسها بمواقف وإجراءات بعيدة نسبيًّا عن الموقف “الإسرائيلي” بالرغم من التهليل لنتائج الزيارة من الطرف “الإسرائيلي” وكأن التفاهم التام قد سادها، وبالتالي فهو “تهليل” مُصطنع، خصوصًا بالنسبة للملف النووي الإيراني، والمساعدات العسكرية الأميركية لـ”إسرائيل”، رغم الكرم الأميركي لـ”إسرائيل” بالعتاد العسكري ودعم القبة الحديدة وتكاليفها الباهظة…إلخ.
      إن “إسرائيل” وبشكلٍ عام، ترى أن رفع العقوبات عن طهران أو تخفيفها سيمكّن إيران من تسريع برنامج التخصيب والاقتراب من صنع قنبلة نووية. فيما الولايات المتحدة لها طريقتها بمعالجة الملف النووي الإيراني بطريقة تختلف عن التسعير “الإسرائيلي” بشأن الملف إياه. فيما أوضح وأفصح نفتالي بينيت أن هدف زيارته الرئيس جو بايدن الأخيرة في واشنطن، ولقائهما (27/8/2021) بهدف إقناع للرئيس الأميركي بالتخلي عن محاولات إحياء المفاوضات لتحسين أو تعديل اتفاق (5+1) النووي مع إيران، والاستمرار في فرض العقوبات عليها، والتي كانت الإدارة الأميركية السابقة، أعادت فرضها عام 2018. وكان رد الرئيس الأميركي جو بايدن على رئيس الوزراء “الإسرائيلي” في المؤتمر المشترك مع بينيت في واشنطن، بأن “الولايات المتحدة تلتزم بعدم السماح لإيران بتطوير سلاح نووي، ولكننا نضع الدبلوماسية”. (لاحظوا عبارة جو بايدن: نضع الدبلوماسية…؟) وفي هذا الشأن تمايز الموقف الأميركي عن الموقف “الإسرائيلي”. هذا هو ديدن الموقف الأميركي الراهن بمعالجة الملف النووي الإيراني وليس الذهاب إلى حرب مدمرة إيرانية أميركية، كما تطالب “إسرائيل” مع إهمال القضية الفلسطينية وتقزيمها.
      إن نفتالي بينيت يريد إعادة إنتاج الحديث عن ما يُسمى بـ”صفقة القرن” التي انتهت تمامًا بفعل صمود الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين، ورفض الدول العربية المتضررة منها كمصر والأردن. فصفقة القرن تريد اقتطاع أجزاء من سيناء لتوسع مساحات القطاع، وتريد في الوقت نفسه رفع يد الأردن عن رعاية الأقصى وضم منطقة الأغوار. فهل سينجح نفتالي بينيت..؟ أعتقد لا.

      Source: alwatan.com/details/436552