أصداف: مواجهة (حقيقية) في فيلم

    • خبر
    • أصداف: مواجهة (حقيقية) في فيلم

      Alwatan كتب:

      وليد الزبيدي:
      أمران مثيران يشدَّان المرء لمشاهدة فيلم (the railway man ) من تمثيل الفنانة العالمية نيكول كيدمان وكولين فيرث ومن إخراج جوناثان تبليتزكي. الأول: إن الفيلم يستند إلى قصة حقيقية تعود إلى الحرب العالمية الثانية، والأمر الثاني: كيف انتقلت العلاقة بين بطلَي الفيلم من عداء وحقد والرغبة الجامحة بالانتقام إلى ما هو خلاف ذلك، وقبل كل شيء، لا بُدَّ من التوقف عند قدرات الكاتب والمخرج الهائلة، حيث تَمكَّنا من إقناع المشاهد بالانتقالات المدروسة في شخصيتين رئيسيتين متناقضتين خلال الفيلم.
      قصة الفيلم حقيقية، وتتحدث عن معاناة البطل الذي عاش فترة قاسية ومريرة جدا في حياته، عندما وقع مع عدد آخر من الجنود والضباط البريطانيين أسرى لدى القوات اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية، يتعرض خلالها إلى أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، ويشرف على إهانته وتعذيبه ضابط ياباني، ويتم استخدام الأسرى في بناء سكك حديد، وهذا يتطلب عملا طويلا ومضنيا، وقررت السلطات اليابانية في حينه استخدام أسرى الحرب في ذلك؛ لأن المواطنين اليابانيين يواجهون صعوبات بالغة في تحمل قسوة ذلك العمل.
      بطل الفيلم مولع بسكك الحديد، ولديه معلومات كثيرة عنها، ليس في اليابان وحدها، بل في الكثير من دول العالم، ولديه قدرات في تجميع أجهزة التقاط البث، حيث يتمكن من تجميع جهاز التقطوا فيه بث إذاعة الـ(بي بي سي)، وعلموا من خلالها حقائق لم يعرفوها عن مجريات الحرب، وأهمها أن بريطانيا لم تسقط بيد القوات الألمانية المتحالفة مع اليابان، وينقل الجنود الأخبار إلى بعضهم البعض. لكن المفاجأة التي لم يتوقعها الجنود أن اليابانيين قد عثروا على الجهاز، وبعد حفلات تعذيب بشعة يضطر للاعتراف بأنه يقف وراء تصنيع الجهاز، وتُوجَّه إليه تهمة إرسال معلومات إلى “العدو” لكنه ورغم أحواله المزرية يقول لهم إنه لا توجد سماعة إرسال، فكيف يمكن له إرسال المعلومات؟ وإن الأمر يقتصر على سماع أخبار الحرب وإن كان بصعوبة بالغة بسبب التشويش في الصوت، وتتواصل عمليات التعذيب والإذلال والإهانات.
      يعيش بطل الفيلم اضطرابات ما بعد الصدمة التي يعيشها الغالبية العظمى من المحاربين، الذين تحتل دولهم بلدانا أخرى وخصوصا تلك التي تبرز فيها مقاومة قوية، كما جرى في العراق منذ العام 2003، ورغم محاولات زوجته نيكول كيدمان في التخفيف عنه، إلا أنه يواصل البحث عن الضابط الياباني الذي مارس بحقه حفلات التعذيب البشع حتى يصل إليه وتكون المواجهة المثيرة.
      الدروس العميقة المستقاة من المواجهة بين الضحية والجلَّاد لا يمكن إدراك تفاصيلها إلا من خلال تتبع الفيلم وصولا إلى مشاهد الذروة فيه.
      من الملاحظ أن العقل البشري وفي جميع قنواته وأدواته لم يتمكن من الوصول إلى علاج يوقف صعود الحقد لدرجة تعذيب الآخر بأبشع الأدوات، وما زالت هذه الممارسات منتشرة على نطاق واسع جدا في السجون والمعتقلات وأقبية الكثير من الأنظمة والحكومات.

      Source: alwatan.com/details/436731